بانتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتي هيمنت الولايات المتحدة على النظام العالمي، وأصبحت صانعة القرار الوحيدة، ولكن التغيرات في الآونة الأخيرة تشير إلى بروز نجم روسيا وريث الاتحاد السوفيتي الشرعي، وعادت لتلعب دورها على الساحة الدولية، وخاصةً دورها العسكري.

مؤخرًا يتم توجيه اتهامات لروسيا في عملية قرصنة للانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب، تلك الاتهامات التي رفضتها روسيا في ظل إصرار أجهزة الاستخبارات الأمريكية على تورط «روسيا بوتين» بالأمر، كما وأشيع عن امتلاك روسيا معلومات محرجة تخص الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الجميع بات يتساءل الآن هل أصبحت يد روسيا طائلةً إلى هذا الحد، لتضرب العمق الأمني لأكبر دولة في العالم؟!

 

روسيا اليوم تفرض نفوذها وهيمنتها في سوريا، ولعل مباحثات الهدنة الأخيرة في الأستانة مع تركيا وإيران دون وجود الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى الكثير من الدلالات على قدرة روسية على إدارة الصراع في الشرق الأوسط، وفرض نفسها كقطب صاعد من جديد.

عام 2013، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وزارة الدفاع التركيز على بناء بنية تحتية، ومراكز عسكرية في القطب الشمالي، مؤكدًا أن هذه المنطقة هي مفتاح المصالح الوطنية والإستراتيجية الروسية. كذلك أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين، أن توسيع الوجود في منطقة القطب الشمالي هو مسألة أمن قومي بالنسبة إلى روسيا، نظرًا إلى أن مسؤولين غربيين بحثوا منذ عام 2009 أو 2010 في واشنطن وبروكسل وأوتاوا، وغيرها من العواصم، خطط زيادة النشاط العسكري في منطقة القطب الشمالي، وذلك تحت غطاء الطموحات الاقتصادية.
حاليًا، تؤمن منطقة القطب 11% تقريبًا من الدخل القومي الروسي.

وتسعى موسكو إلى تأكيد سيطرة عسكرية لها صدى سياسي، تُعدّ أحد أوجه الحرب الباردة الجديدة، وضمانةً للأمن القومي. وبحسب قائد سلاح البحرية الروسي، الأميرال فيكتور تشيركوف، فإن «لمسرح العمليات الحربية في منطقة القطب الشمالي أهمية جغرافية، وعسكرية إستراتيجية، إذ تلعب قوات وسفن الأسطول الشمالي والهادي، وقوات الدفاع الجوي دورًا رئيسيًّا في ضمان الأمن العسكري لروسيا».
من الممكن فهم حجم المصالح الروسية، من تقويم حاجتها إلى تطوير مصادر الطاقة، إضافة إلى إحياء طريق ملاحي عبر الجليد.

 

مؤخرًا طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من بوتين التدخل لمنع نقل السفارة الإسرائيلية من القدس إلى تل أبيب، في إشارة واضحة لتنامي نفوذ الروس وسطوة كلمتهم على المستوى الدولي، ويبذل الفلسطينيون جهودًا جبارة مع عدة أطراف دولية بينها روسيا لمنع ترامب من القيام بتلك الخطوة في يوم تنصبه رئيسًا للولايات المتحدة في 20 يناير القادم.

كما وتستضيف موسكو يوم غد الأحد الفصائل الفلسطينية في ندوة لبحث الأوضاع الفلسطينية، بما فيها ملف المصالحة، وإنهاء حالة الانقسام الداخلي.

وبدأ ممثلو 10 فصائل فلسطينية مشاركة في الندوة التي دعا لها معهد الاستشراق الروسي التابع لوزارة الخارجية الروسية في الوصول إلى موسكو، وحيث إن هناك تطورات مهمة حدثت منها قرار مجلس الأمن الدولي 2334 الأخير، الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى المؤتمر الدولي المقرر عقده يوم غد الأحد في باريس.

الفصائل الفلسطينية ستطالب روسيا أيضًا باعتبارها دولة مشاركة في المؤتمر الدولي العمل على إنجاحه، ووضع آليات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وإلزام إسرائيل بتنفيذها.

وعلى الصعيد الرياضي فروسيا أيضًا حاضرة باستضافتها لأحداث كأس العالم لكرة القدم لعام 2018، في ظل المعطيات السابقة: هل نحن على موعدٍ مع استيقاظ الدب الروسي من جديد؟

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

أمريكا, روسيا
عرض التعليقات
تحميل المزيد