تتشابه ظروف وأحوال المرأة العربية في معظم مجتمعاتنا العربية بين عدة أشياء مشتركة ابتداءً من الصعوبة في أبسط حق من حقوقها، وهو اختيار شريك حياتها، مهما اختلف عنها في الجنسية، أو اللون، أو العرق، أو القبيلة، أو المذهب والمعتقد، وحقها الأهم في منح زوجها وأبنائها الجنسية بالمساواة مع حق الرجل في منح زوجته وأبنائه حق الجنسية.

لكن ما لا يفهم، أو بمعنى أصح لا زال ضبابيًا، بأنه لا يوجد قوانين تعطي المرأة حق تجنيس زوجها وأبنائها مناصفة بالرجل، وكأن قرار الرجل باختيار شريكة حياته وتجنيسها وتجنيس أبنائه بيده، أما قرار اختيار المرأة في شريك حياتها إذا كان غير جنسيتها في طي المجهول تتحمل عواقبه وحدها، ويتشرد أبناؤها بين بصيص أمل في حصولهم على جنسية والدتهم والاستمتاع بحقوقهم والمزايا كاملة، أو حصولهم على جنسية والدهم دون أي حقوق أو مزايا جنسية والدتهم، وذلك أخف الضرر، ويفقدون حقوق المواطنة في اكتساب جنسية والدتهم، أو الخيار الأخير في حال تخلى عنهم والدهم، ولا يريد تسجيلهم فيكون مصيرهم إلى جحيم عديمي الجنسية أو ما يقال (البدون)!

 كيف يقال على إنسان يعيش في بلد لا يعرف غيره (بدون)، ويصور هذا المسمى على أنه يوجد بلد في العالم اسمه (بدون)، بهذا المسمى يجردون الشخص من أنه إنسان للأسف، أما المرأة المواطنة التي تختار خيار الزواج من شخص غير مواطن يتخلى عنها الجميع بما في ذلك حق التجنيس الذي يعد مشروعًا وحقًا من حقوقها المشروعة في منح زوجها وأبنائها الجنسية بالتساوي مع الرجل، وأصبح الهاجس الأكبر والعقدة الأهم في حياة المرأة العربية التي لم تفك عقدتها حتى اللحظة بقانون يعدل الموازنة وينصفها وتعتبر النقطة التي وُضعت نهاية السطر ولا زالت في طي النسيان.

مع العلم بأنه تقرير حياة ومصير إنسانة مواطنة تريد أن تعيش حياتها بحرية اختيارها ورغبتها واحترام قرارها وتسهيل أبسط حق من حقوقها للتوافق مع من تختاره، وليس من تُجبر أو تُكره عليه خوفًا أو تجنبًا من أن أهم حق من حقوقها وهو حق تجنيس زوجها وأبنائها سيكون ليس بيدها، ولن تستطيع أن تحرك ساكنًا، وتبدأ قصة أخرى في حياتها بعد أن تختار شريكها غير المواطن وأبناءها إن أشرقت شمسهم يصبحون مهمشين من حقوق المواطنة، ويصبح لديهم حلم وأمنية وأمل يعيشون من أجله ربما يأتي بقانون أو ينسى بقانون.

ربما لا أحد سينظر إليهم أو يسمع صوتهم أو يرى ظلهم الذي يصبح منكسرًا ومتألمًا من نظرة المجتمع إليهم مع واقع كانوا يجهلونه وولدوا في مكان قد أشرقت نور شمسه ضياء براءتهم، وتغرب شمس ضيائهم بشيء من ظلام واقع مرير سيكون أمامهم إلى أن يأتي قانون طالما انتظرته وتتأمله كل امرأة، وهو حق من حقوق كل امرأة أن يكون لها حق وحرية اختيار شريكها دون أن يتم دراسة طلبها والموافقة عليه أو رفضه من قبل لجنة يكون جميع أعضائها ذكورًا لا يبالون ولا يشعرون بما تشعر به هذه المواطنة التي أرادت أن تعيش حياتها كيفما تشاء ومع من تشاء، ويكون قرار الموافقة أو رفضه على زواجها بيدهم وتعتبر وصاية وتعدي على حق من حقوقها.

وإذا وافقت اللجنة على زواجها يضعون عراقيل وشروطًا تعجيزيه إحداها بأن يكون عمرها فوق 35 عام، وإذا اختارت أن تتجاوز اللجنة، وتتزوج شخص غير مواطن دون موافقة اللجنة وإن كان زواجها رسميًا وموثقًا من دولة أخرى، ستعتبر اللجنة زواجها باطلًا وأبنائها رسميًا يدخلون في جحيم مسمى عديمي الجنسية (البدون) ويلومها المجتمع من عائلتها وأصدقائها وحتى زملائها بأنها فعلت شيئًا خارجًا عن القانون، وهو في واقع الأمر حق من أبسط حقوقها المشروعة، لذلك فكل امرأة عربية تريد وتحلم بأن تمارس حقها المشروع في اختيار شريكها وحقها في تجنيس زوجها وأبنائها دون أي عوائق، لذلك لابد عن سن قانون يساوي المرأة بالرجل وإعطاءها حق التجنيس ومنح زوجها وأبنائها الجنسية في حال تزوجت غير مواطن،

لكي تكون حرة في اختيار شريكها دون أي قلق، أو إكراه، أو أن تجبر بأن تتزوج مواطنًا من نفس جنسيتها، رغمًا عنها بسبب الصعوبات التي تواجهها إذا اختارت شريك (غير مواطن)، وبينما المواطن إذا تزوج من غير مواطنة يحق له تجنيس أبناءه وزوجته، فكيف للمرأة المواطنة بأن لا تستطيع تجنيس زوجها وأبنائها مناصفة مع الرجل.

الحقوق واحدة، والبشر سواء، لا فرق بين المرأة والرجل، كما للرجل رغبة في اختيار غير مواطنة وإعطائه حق تجنيس زوجته وأبنائه، أيضًا يحق للمرأة إعطاءها حق تجنيس زوجها وأبنائها، واحترام رغبتها لكي يكون مكانها الوحيد وطنها، وبهذا لن تتخذ الخيار الأصعب، وهو أن تهاجر من وطنها بحثًا عن الاستمتاع بحق مشروع من حقوقها، وبذلك إذا تم إعطاؤها حق التجنيس واحترام رغبتها ستقدم كل ما لديها من مساهمة وخبراتها ومهاراتها ومواهبها في سبيل تحقيق كل أحلامها في وطنها والمساهمة في بناء وطنها، وتشعر براحة وسعادة بين تراب أرضها وبين عائلتها، دون أن تُجبر على أن تهاجر بسبب عدم مساواتها مع الرجل وشعورها بالنقص.

ومنعها من أبسط حق من حقوقها، وهو حق التجنيس، ناهيك عن حق الورث الذي أيضًا ينبغي أن يكون مناصفة بالرجل، والذي يجعل من المرأة في حيرة من أمرها بين خيار الهجرة، أو أن تتزوج مواطن (إذا لم تكن ترغب بذلك)، ويكون خيارها الوحيد حتى إن كان لا يحترمها أو لا يحترم حقوقها ستكون مُكرهة بسبب عدم إعطائها حق التجنيس، كل امرأة لها الحق في مساواتها مع الرجل كما للرجل من حقوق يكون للمرأة من حقوق وحتى في الرواتب أيضًا ينبغي مساواتها بالرجل.

 المساواة كاملة بين الرجل والمرأة هو الحل الأمثل والأفضل والأكمل الذي سيجعل الوطن معطاء وسيكون تنافس إيجابي في بيئة متساوية بين الرجل والمرأة، ولا يعتدي الرجل على المرأة كما هو الحال، أو يتفاخر بميزة التجنيس له دون غيره، وكأن ميزة تجنيس الرجل للمرأة وأبنائه تجعله أكثر ميزة من المرأة وهذا شي غير صحيح وغير متساو على الإطلاق.

 لا بد أن يكون للمرأة نفس حقوق الرجل كاملة دون أي تمييز أو نقصان، النساء هم ثروة لكل الأوطان ونجاحهم عظيم في كل زمان، وينبغي أن تكون الحقوق متساوية للرجل والمرأة في حق التجنيس، وحق الورث، وحق العمل، وحق الرواتب، وحق الاعتقاد، وحق الزي، وينبغي أيضًا للمرأة حق مهم وهو إجازات الأمومة والإنجاب، كل ذلك إذا توفر ستكون بيئة إيجابية ومليئة بالمنافسة العادلة التي تنصف المرأة مع الرجل على حد سواء دون أي تمييز، وبذلك سنرى بيئة متساوية تستحق أن تكون نموذجًا رائعًا، وتحقق الكثير من الإنجازات والنهضة والرخاء والنماء والاستقرار بين الجنسين دون تمييز اذا أُنصفت المرأة سيكون الوطن هو الرابح الأكبر.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

المرأة, تجنيس, حق
عرض التعليقات
تحميل المزيد