لا أعلم ما سبب هذا التناقض في الشخصية الذكورية العربية؟

 فهو حين يلتقي بامرأة ما خارج محيطه ينفتح أشد الانفتاح وتجده مثقفًا واعيًا، يتفهم الأمور بل ويشيد بدور النساء وأعمالهن وخاصة إذا كن أجنبيات، فكثير من المعاناة تعانيها المرأة العربية داخل مجتمعاتنا.

فهي تعاني من التحرش خارج منزلها أو في عملها حتى من رؤسائها في العمل وتعاني الكبت والحرمان في أسرتها.

هي كانت جميلة كفراشة تمتص رحيق الأزهار وتنثر غبار الحب المتطاير من جناحيها في طفولتها تلعب وتمرح لا حرج ولا شيء يوقفها، أحبت الحياة والحياة أحبتها تمسكت بهذه الروح المرحة وجل أملها أن تبقى ترفرف بجناحيها لتكتشف العالم حين أصبحت فوق الثامنة بقليل بدأت مرحلة جديدة في هذه الحياة، لا تخرجي لا تمرحي لا تلبسي هذا ممنوع يجب أن تحذري.

نعم كل شيء محذور لا يوجد مباح سوى داخل العائلة وحتى داخل العائلة لم يكن لها الحق بالتكلم إلا بعد أن يفرغ الجميع من الحديث وخاصة الذكور حتى وإن كانوا أصغر منها سنًا.
في الطرف الآخر من العالم طفلة بنفس عمرها تلعب وتمرح وتكتشف الدنيا تلمس الأشياء لتحسها دون خوف لأنها تريد أن تتعلم لأنها تريد أن يكون لها كيان والكل يساعدها على الاكتشاف الأسرة والمدرسة الجميع بلا استثناء يمدون يد العون والمعرفة لتغذية عقلها.
كبرت بنتنا العربية وصلت إلى مرحلة المراهقة علت الأصوات من حولها زوجوها لتستتر فالزواج يعففها وكأن التي لم تتزوج ستسلك طريق الرذيلة.
تركت مدرستها تزوجت وصارت أمًا وبدأ مشوار الأعمال البيتية، قتل ما بداخلها من طموح لأن النشأة الذكورية التي تربينا عليها تحتم علينا أن نعامل نساءنا هكذا  «المرأة من بيتها إلى قبرها» فهي عورة عندنا، جوهرة عند الغرب.

فنحن كثيرًا ما نردد شعارات «المرأة نصف المجتمع» ونطالب بحقوق المرأة ولكنها شعارات لا تطبق على أرض الواقع، أكثر ما يكون عندنا حالات تعنيف النساء والولاية عليهن وكأنهن جاريات عندنا فبعض الرجال وليس الكل لأكون منصفًا في طرحي، بعضهم حين يتزوج تبقى لديه تلك الفكرة التي تقول إنها أصبحت ملكك بموجب العقد وكأنها سلعة تمتلكها أو جارية اشتريتها من سوق النخاسة.

أنا لا أتكلم عن كل نساء العرب ولا عن كل المجتمعات العربية ولكن هي حالة عامة وموجوده بكثرة، نعم يوجد لدينا اليوم نساء رائدات في مجال أعمالهن فمنهن الطبيبة والباحثة والمهندسة والإعلامية والكاتبة والممثلة، ولكن مقارنة بنساء الغرب تجد النسبة قليلة جدًا.

 فحين أقارن بين النساء العربيات والنساء الغربيات ليس لأني ضد مبدأ العفاف والتعفف بل لأن المرأة الغربية لديها فضاء أوسع للتحرك والمنافسة بينها وبين الرجال.

ستعلو الأصوات من حولي بأننا مجتمع إسلامي وتعاليمنا وتقاليدنا تحكم بأن يجب على المرأة أن تتعفف، وكأن التي تعمل وتجتهد سقط عنها العفاف، أنا باعتقادي الشخصي أننا نخاف من أن تكون المرأة ندًا للرجل وتأخذ أغلب مجالات الحياة لأنها غير كسولة ولا ملولة، والدليل على كلامي هذا عملها داخل المنزل فهي لا تكل ولا تمل وتعمل باستمرار داخل منزلها.

وهل نساء العرب قديمًا غير عفيفات؟

 كن حقًا مدعاة فخر واعتزاز بل كان فيهن من هي بألف رجل، النساء العربيات عبر التاريخ لهن دور بارز سواء في نصرة الإسلام أو مناصرة أهلهن أو عشيرتهن أو حتى رفد المجتمع.

أمثال خديجة الكبرى زوجة الرسول محمد، الخنساء، خولة بنت الأزور، بنت المستكفي، شجرة الدر، زنوبيا وغيرهن الكثير من النساء عبر التاريخ وقد تكلم الكثير من الكتاب والأدباء عن النساء العربيات ودورهن الرائد في مجتمعاتهن آنذاك، حتى لا أبخس حق المرأة العربية في تاريخنا المعاصر  وما لها من دور بارز في المجتمع وما قدمته سواء في الطب والعلوم الأخرى أو حتى في ساحات القتال، ولأني لا أستطيع أن أحصيهن جميعًا سأذكر أنموذجًا من بعض النساء.

سناء محيدلي: عروس الجنوب هي أول فتاة فدائية قامت بعملية استشهادية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.

فاطمة الفهري: تعرف عالميًا بمؤسسة أول جامعة في العالم عام 859، جامعة القرويين في المغرب.

راوية عطية: سياسية مصرية مشهورة كانت أول امرأة عربية تكسب عضوية البرلمان في بلادها، وهي أول امرأة تعمل ضابطة في الجيش المصري.

حياة سندي: أول امرأة تنضم إلى مجلس الشورى السعودي. الدكتورة حياة سليمان سندي هي عالمة وباحثة سعودية صاحبة مشروع «التشخيص للجميع»، وهو عبارة عن تقنية حديثة تم تطويرها في معمل «جورج وايتسايد» بجامعة هارفارد.

زينب صليبي: كاتبة، وصانعة أفلام وناشطة في مجال حقوق الإنسان ومؤسسة جمعية (نساء لأجل النساء العالمية). هذه المرأة العراقية اختيرت امرأةَ العام في أمريكا.

 وغيرهن الكثير مثل البروفيسور مها عاشور عبد الله، البروفيسور سميرة إسلام، الدكتورة الأردنية رنا الدجاني،         الدكتورة المصرية غادة محمد عامر وغيرهن الكثير.

أخيرًا هو رأي وتصور لدي لا أشمل به جميع الرجال ولا المجتمعات العربية كلها هي حالة عامة نعيشها ونلمسها موجودة في مجتمعاتنا العربية.

ألف قبلة على جبين تلك الأم التي ربت وسهرت عانت وتألمت لتوصل الرجال إلى قمم مجدهم، نعم هي التي نعنفها ونغتصب حقها ونصادر حريتها هي نفسها التي ربتنا وسهرت على راحتنا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد