تعد قضية المرأة من أكثر القضايا التي اختلفت فيها وجهات النظر، وتعددت فيها التشريعات واحتدم فيها الجدل، واختلفت مكانتها من مجتمع لمجتمع، ومن دين لآخر، وكما أن منزلة المرأة وحقوقها عبر المجتمعات والأديان مرت بتطورات عديدة… وكما دعت العديد من الأصوات إلى أن الأديان قد ظلمت المرأة ودعت لتحرر المرأة من قيود الأديان, لذا دعونا نتعرف إلى مكانة وحقوق المرأة في الأديان الإبراهيمية
المرأة في الديانة اليهودية
تعد الديانة اليهودية أن حواء هي صاحبة الخطيئة الأولى، وأن هي من وسوست لآدم أن يأكل من الشجرة؛ لذلك يرون أن الطمث والحمل والولادة هو عقاب المرأة على ذنب حواء, وكما يرون أن من الخير إنجاب الذكور ومن الشر إنجاب الاناث، وأن نجاسة ولادة الأنثى، ضِعف نجاسة ولادة الذكر، وفي بعض الطوائف الأرثوذكسية يتلو اليهود في صلاتهم «نحمد الله اننا لم نخلق إناثا».
وكما تعتبر المرأة الحائض مدنسة، وأنها تدنس أي شيء من حولها لذا فإن النساء الحائضات تنفى الى بيت يسمى «بيت الدناسة»، وكما لا يجب الحديث معها أو مشاركتها في الاكل أو جماعها، بل عزلها فترة الحيض، أي يجب أن تبقى مبعدة.
أما من ناحية المساواة والحقوق فالمرأة في الشريعة اليهودية ليست مستضعفة، تأتي بعد الذكور، بل هي مدنسة تجلب الإثم للمتدينين، فالنساء في الديانة اليهودية لا تستطيع أن تطلب الطلاق، ولا يُحسبن ضمن نصاب الصلاة حتى لو تجاوز عددهن المئة , ولا يحق لهن عند طوائف حريدية كثيرة تعلم التوراة والتلمود، ولا يُعترف بشهادتهن في المحكمة الحاخامية الدينية، وفي بعضها تعتبر شهادة مئة امرأة تعادل شهادة رجل واحد، ولا يُسمح لهن بلبس شال الصلاة (الذي يقول اليهود الأرثوذوكس إن الرجال هم فقط الذين يحق لهم أن يرتدوه) لكن مؤخرًا قامت العديد من الحركات الإصلاحية منها، سمحت للنساء بدراسة وقراءة التوراة والتلمود، وإقامة صلوات خاصة بهن، وكذلك السماح لبعض النساء أن يكن مرشدات دينيات كما ابتدعت مناسبات واحتفالات خاصة بالنساء، دلالةً على تحقيق هويتهن واستقلاليتهن، فأصبحت أحداث مثل الولادة، والبلوغ، والزواج، والحمل، والشهر الجديد مناسبات تحتفل بها نساء إسرائيل.
المرأة في اليهوديّة تكون تحت سلطان والدها أو زوجها تباع وتشترى، «وإذا باع رجل ابنته أمة، لا تخرج كما يخرج العبيد». (الخروج 21: 7)
وفي الميراث، فيرث الابن دون البنت وإذا لم يكن للميت ابن أو أحفاد ذكور، هنا ترث البنت أباها، كما لا يحق للزوجة أن ترث زوجها، لكن لها الحقّ في أن تعيش من تركة زوجها، وكذلك لا يحق للأم أن ترث ابنها.
وكما ليس للمرأة حق في شراكة زوجها أو أن ترثه، ولكنه يكون الوريث الأول لها بعد وفاتها، وكما أن المرأة التي يموت زوجها تعد جزءًا من ميراث أخي الزوج، فيتزوجها وإن كانت كارهة.
«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا، وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِير امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى الخَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل» (سفر التثنية 5:25)
المرأة في الديانة المسيحية
يعتقدون أن حواء هي من أخطأت أولًا ثم أغوت آدم وانقاد معها وأخطأ.«أعتقد أن حَوَّاء هي التي أخطأت أوّلًا، ثم أغوت آدم فانقاد وراءها وأخطأ ثانيًا» (تيموثاوس الأولى 2: 12–14). وكما تقر المسيحية خلق حواء من الرجل وتحديدًا من أحد أضلاعه، وتحتوي العديد من آيات الإنجيل على وصايا وتعاليم تبين أفضلية الرجل على المرأة منها؛«ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل. ورأس المسيح هو الله»، تشترك المسيحية مع اليهودية في العديد من الأصول المشتركة خاصةً فيما يخص حقوق ومكانة المرأة رغم محاولات السيد المسيح للتخلص منها وإعلاء شأن المرأة (مرت الأنظمة المسيحية عبر العصور بعدة تطورات).
ففى المسيحية، تحرم المرأة الحائض من سر «الأفخارستيا» أو التناول وهو أحد أسرار الكنيسة السبع، فلا يجوز للمرأة الحائض أن تتناول القربان أو الخمر حتى تطهر من حيضها. وكما تعارض المسيحية سفاح المحارم، وتعدد الزوجات والخيانات الزوجية وتقوم بمساواة الخطيئة بين الرجل والمرأة.
الإنجيل جاء ليعالج المسائل الروحية والأخلاقية التي سادت اليهود؛ لذا سارت في العديد من الأنظمة على نهج الكتب اليهودية منها نظام الميراث قبل أن تضع الكنائس نظام الأحوال الشخصية الخاص بها، والذي هو يختلف ويشترك من كنيسة لأخرى في العديد من القضايا منها قضية الإرث، وهو مساواة الرجل مع المرأة في الميراث، وكذلك الطلاق بعد فسخ الزواج؛ إذ يشترك الأب والأم في النفقات وتقاسم الثروات المدخرة بالتساوي عدا بعض الحالات الخاصة، كما أن شهادة المرأة تعادل شهادة الرجل.
وأن حق الولاية في الزواج للزوج في أغلب الطوائف المسيحية (وهناك بعض الطوائف تعتبر الولاية متساوية) وعليه إعالة زوجته وأولاده باعتباره رأس العائلة, كما على الزوجة إعالة زوجها إذا كانت ميسورة وزوجها معسر. يعد الزواج علاقة مقدسة تربط المرأة بالرجل؛ لذا يعد الطلاق في الديانة المسيحية صعبًا ومحددًا بشرط واحد؛ وهو إثبات خطيئة الزنى من أحد الزوجين، وكما أنه يحرم الزواج من المطلقة، وأنّ ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان» (مرقس 10: 9)
المرأة في الديانة الاسلامية
يحمل القرآن آدم عليه السلام مسؤولية وزر الخطيئة الأولى، وقد شاركته حواء المعصية بالأكل من الشجرة، والإسلام يقر حقيقة خلق المرأة من ضلع الرجل، واعتبر الإسلام النساء شقائق الرجال «إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجَالِ» وأوصى بحسن معاملة المرأة، وينظر للمرأة والرجل أنهما يكملان بعضهما بعضًا، وأن لكل شخص منهما حقوق وواجبات. تعتبر النساء ناقصات دين وعقل في الإسلام (يعتبره العديد أنه تعبير مجازي عن قلة صلاة المرأة بسبب انقطاعها أيام الحيض، ونقص العقل يعود لكونها عاطفية أكثر من الرجل)
ويحق للمرأة الحائض في الإسلام عمل أي شيء ما عدا الجماع، وكما يسقط عنها الصلاة والصيام أيام فترة الحيض.
ويقر الإسلام قوامة الرجل على المرأة، وكما يجب على الرجل الإعالة المادية لزوجته، وأطفاله حتى وإن كانت زوجته غنية، وكما لزم الرجل دفع مهر للزوجة، وكما أن للمرأة ملكية خاصة، ولا يجب لأي رجل الاستيلاء عليه أو حرمانها منه، وكما دعا الإسلام جميع النساء إلى التعليم والتعلم وجعله فرضًا.
ويحق للمرأة طلب الطلاق من زوجها، ومع إعطائها حقوقها كاملة، كما يحق لها أن تتزوج مرة أخرى، كما أن شهادة امرأتين فقط تعدل شهادة رجل واحد.
أباح الإسلام تعدد الزوجات، واشترط فيه القدرة والعدالة بين الزوجات؛ أما الميراث في الإسلام فللذكر ضعف حصة الأنثى، وكما للزوجة والأم حصة في الميراث، وكما أوصى الاسلام ببر الوالدين، وشدد على العناية بالأم وبرها أكثر من الأب.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست