المرأة ذلك الكائن الرابض بداخله أنثى خلقها الله مميزة في أشياء عدة، لو سعت لاستخدامها بالشكل الصائب، لكونت من المجتمعات حول العالم مثالية مفرطة، فابتداء من دورها في الأسرة كفتاة صغيرة تشغيل حيزًا من تفكير إيجابي أو سلبي عند الأبوين، وهذا يعود لتفكير الأسرة ذاته، أو كونها مراهقة أو زوجة أو أم، ففي كل دور هي محرك أساسي في المجتمع.
ولكن انشغلت المرأة كثيرًا مؤخرًا بربط علاقة ما بين خروجها للعمل وإثبات كيانها كامراة لها دور في المجتمع، وتناست شيئًا مهما لابد أن تجعله محط اهتمامها، هو أولوية كونها أنثى، فأصبحت تجاهد من أجل إثبات دورها في العمل والهيئات والمؤسسات، وتناحر وتجري وتسرع وتهرول إلى كل ما يصعد بها إلى سُلم الكيان النسائي وترسيخ وجوده في المجتمع، لتثبت نظرية أن الرجل متساو مع المرأة، نعم هما كائن بشري ولكن مختلف في أشياء كثيرة، وهذه حقيقة وتدركها المرأة جيدًا، ولكن تسعى جاهدة لكي تنكرها.
فأصبحت تلتفت لأنوثتها من الخارج ولا تلقي لها بالاً من الداخل، أصبحت تتجمل ولكنها تسعى لتفقد أنثويتها التي خُلقت عليها، فتهمل واجباتها كأنثى تتميز بحياء الطلة في مراهقتها، أو رقتها في بلوغها، أو كونها ملكة في بيتها تتحكم في مقدراته، تراعي الزوج وتربي الأبناء، فقد أصبحت البيوت خاوية من بهجة وجود الأنثى الزوجة ورعايتها واحتوائها وحديثها ودفئها، والأم وتنشئتها السليمة ورعايتها ورقابتها وتحكمها، فأصبح جهد العمل يطغى على اهتمام الأسرة، وبعضهن لا تفيق إلا على ضياع أسرتها وفقدان أنوثتها.
ولست هنا ضد عمل المرأة ولكن حفاظها على الموازنة بين البيت والعمل، وإذا كان أعباء المادة هو عامل أساسي لعملها، فلتختر عملاً لا يأخذ كل مجهودها وطاقتها، فأهم من جني المال لتوفري لأطفالك حياة مرفهة فيها كل الكماليات أن تتأكدي أن حياتهم الكريمة في رعايتك لهم، فوجودك ومشاعرك وجهدك أهم لديهم من الماديات، ولكن إن عودتهم أنت على ذلك من البداية.
ومن هنا ستوقظين الأنثى التي بداخلك بدورها الكامل، فطموحك بإثبات وجودك في مجتمعك لن يموت، بل ستصبحين أنثى التفتت إلى دورها الأساسي، وجاهدت من أجله في عالم قلت فيه العلاقات الأسرية وتشتت، حينها لن تدخلي في منازلة مع الرجل للمساوة معه، فلكل دوره في الحياة كما قال الله تعالى: «وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ« إذن هناك ميزات فضَّل الله فيها الرجل على المرأة وذلك لمصلحة الرجل والمرأة ولكي تستقيم الحياة ويعيشان بسعادة، ولكي يقوم الرجل على المرأة يرعاها ويوفر لها الحماية والأمان والمعيشة الكريمة، لابد أن يتمتع ببعض الميزات ليتمكن من القيام بذلك، وهكذا يجب أن نفهم التفضيل هنا؛ فالله خلق لكل منهم ميزات وصفات يتميز بها كل على حدة، فإذا أدركناها جيدًا، أنشأنا مجتمعًا قائمًا على حرص كل منهما على وظيفته في الدنيا «فكل خُلق لما هو ميسر له»، حينها تنشئ مجتمعًا قيمًا جميلاً وُجد ليعمر الأرض بحق.
ولن نغفل دور الرجل في حفاظه على دور المرأة الأساسي، فبعضهم يطالبها بالعمل، أو يتزوجها لأنها تعمل لتساهم معه في المعيشة، أو يعاملها بالسوء إن قصرت معه في ماديات الحياة، وكن مدركًا هنا أنك قبل أن تغفل دورها كامرأة، أنت تدمر صورتك كرجل بداخلها، فتعيش هي داخل بيتك كآلة بلا أي احترام أو مراعاة أو ود أو مشاعر لك، وسينعكس ذلك على بقية الأسرة، فالأنثى كائن يحتمل كثيرًا وهذا ما قالته الأبحاث مؤخرًا عندما قارنوا بين دماغ المرأة والرجل في بحث للدكتور «لاري كاهيل العالم الأمريكي» قال فيه:
«إن تصميم دماغ المرأة جاء مناسبًا لتحمل الألم والإجهادات «مثل آلام الولادة» أكثر من الرجل حيث إن دماغ الرجل لا يوجد فيه مثل هذه الميزة، وأيضًا المرأة لديها فرصة مضاعفة للإصابة بالكآبة أكثر من الرجل، وهي تحزن أكثر 8 مرات من الرجل، وذلك يثبت أنها كائن حساس تتأثر بأقل الأشياء العكسية تجاهها».
لذلك قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «رفقـًا بالقوارير».
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
المرأة