هل الاقتصاد علم ذكوري؟ وهل لا تحفل جائزة نوبل في الاقتصاد بالنساء في هذا العلم. نحاول أن نستعرض سويًّا لماذا لا تمنح النساء جائزة نوبل في الاقتصاد رغم أنها فازت بتلك الجائزة في كل المجالات الأخرى مرات عدة.

رسميًا تعد جائزة نوبل التي تمنح في العلوم الاقتصادية جائزة مستحدثة ولم تكن ضمن المجالات الأساسية التي تم منح الجوائز فيها بداية من عام 1901 والتي قام نوبل بذكرها في وصيته عام 1895. واسم الجائزة رسميًّا هو جائزة سفيرغس ريسبانك في العلوم الاقتصادية على ذكرى نوبل وتم منحها لأول مرة عام 1969.

«حتى عام 2015، مُنِحَت الجائزة إلى 822 رجلًا و48 امرأة و26 منظمة. فازت 16 امرأة بجائزة نوبل للسلام، و14 في مجال الأدب، و12 في مجال الطب أو علم وظائف الأعضاء، و4 في مجال الكيمياء، واثنتان في مجال الفيزياء، وفازت واحدة وهي إلينور أوستروم بجائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية. وكانت ماري كوري هي أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وحصلت عليها في مجال الفيزياء عام 1903 مشاركة مع زوجها بيار كوري وهنري بيكريل. وتعتبر ماري أيضًا المرأة الوحيدة التي تفوز بالجائزة مرتين، حيث فازت أيضًا بجائزة نوبل للكيمياء عام 1911. أما عن أكثر عامٍ شهد فوز النساء بجوائز نوبل فكان عام 2009، حينها توجت خمس نساء بالجوائز. وأحدث النساء فوزًا بالجوائز هما تويويو وسفيتلانا أليكسيفيتش«.

فازت سيدتان هذا العام 2015 بجائزتين إحداهما في الطب والأخرى في الأدب، أولاهما من الصين والآخرة من بيلاروسيا في فرع الأدب.

من يتتبع السيدات اللواتي حصلن على جائزة نوبل نجد فقط سيدة واحدة وهي إلينور أوستروم حصلت على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية. وقد فازت بها في عام 2009 مشاركة مع أوليفر وليامسون.

جائزة نوبل في الاقتصاد

إلينور أوستروم

اختارت اللجنة إلينور بعد أبحاثها المنشورة حول الإدارة الاقتصادية وخصوصًا إدارة المشاركة أو «المشاع»، وقد توفيت إلينور في عام 2012 لتصبح الجائزة لم تمنح لأي سيدة حية أخرى حتى الآن.

هل السبب هو حداثة عمر جائزة نوبل في الاقتصاد ؟

قد تكون قلة عدد السيدات الحاصلات على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لكونها جائزة حديثة العمر مقارنة بجوائز نوبل في العلوم الأخرى. فقد فاز بها حتى الآن عدد كبير من الرجال (45 جائزة حتى عام 2014) خصوصًا من الولايات المتحدة التي تسيطر بنسبة تقترب من 90% ممن فازوا من الرجال بالجائزة التي منحت لأول مرة عام 1969.

إضافة إلى أن الاقتصاد من العلوم النظرية التي لا تخضع لمنهج بعينه أو إنتاج أشياء ملموسة كالعلوم الأخرى التي يمكن قياسها وتجريب نتائج ما توصلوا إليه كالفيزياء والكيمياء والطب.

كذلك تم منح العديد من النساء جوائز عدة في الأدب وهذا إما نتاجًا لأعمالهن الكاملة، أو بسبب تبنيهن ودفاعهن عن مواقف بعينها نظرت إليها اللجنة المانحة للجائزة على أنها مواقف يستحققن جائزة نوبل في الأدب أو في السلام لأجل تلك المواقف النبيلة.

أما اللجنة التي تختار المرشحين النهائيين لجائزة العلوم الاقتصادية فهي تتوسع كل عام عن الأخرى، فأحيانًا تضم غير الاقتصاديين لنيل الجائزة مثلما حدث من قبل ونالها دكتور في العلوم السياسية، وأحيانًا تضم الجائزة مرشحين من علوم اجتماعية أخرى. كل ذلك يتم وفقًا لترشيحات المؤسسات والجامعات والأكاديميات التي ترسل ترشيحاتها التي تخلو من النساء عادة – أو ترسل أسماء سيدات بنسبة قليلة وإلا كان فاز بالجائزة أكثر من سيدة واحدة – قبل الأول من فبراير من كل عام.

قد يبدو للبعض وللغالبية من النساء أن الاقتصاد علم كئيب – وهو ليس كذلك على الإطلاق – يتضمن بداخله عدة علوم متشابكة ليست معقدة مثل الفيزياء والكيمياء ولكنها ليست واضحة للكل أيضًا – فبداخل الاقتصاد – عليك أن تعرف شيئًا من الإحصاء والرياضيات والتفاضل كل تلك الدروس والنظريات التي عليك أن تتعلمها في داخل أروقة علم الاقتصاد تصيب البعض بالكآبة وبالتشتت.

جائزة نوبل في الاقتصاد

جائزة نوبل في الاقتصاد

وغالبية النساء لا تفضل العمل في حقول معينة – وفقًا لبعض الدراسات التي سنشير إليها في مصادر هذا التقرير – كالتمويل وتكنولوجيا المعلومات – علمًا بأن مؤخرًا بدأت النساء تغزو علوم البرمجة والشبكات بشكل ملحوظ – إلا أنه حتى الآن وحتى عند إعلان جوائز عام 2015 لم تترشح سيدة أو تفُز سيدة بتلك الجائزة منذ أن فازت بها الاقتصادية إلينور عام 2009.

جائزة نوبل في الاقتصاد

جائزة نوبل في الاقتصاد

وقد يشهد العام القادم وتشهد حفلات توزيع جوائز نوبل المقبلة إعطاء دور أكبر للسيدات في هذا المجال. كل ما نود أن نشير إليه في نهاية هذا التقرير أنه ليس هناك علم ذكوري أو علم أنثوي؛ فكل العلوم قد تبدو جهمة وجافة وفي أحيان كثيرة، وكما أشارت دراسة لإحدى الباحثات في جامعة هارفارد، أن نسبة كبيرة من النساء اللواتي يحصلن على معدل غير مرتفع في الاقتصاد يحولن نمط دراستهن خوفًا من فقدانهن درجات أكثر في المستقبل. وعلى العكس من ذلك يستمر الرجال الذين حصلوا على معدلات أقل من المتوسط في موادهم الاقتصادية التمهيدية في الاستمرار في دراستهم للاقتصاد، مما يجعلهم أصحاب سطوة ونفوذ في ذلك العلم وأروقته مستقبلًا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد