لا يختلف اثنان أن كل المنتخبات المشاركة في مونديال روسيا 2018 هذه الأيام تسعى للفوز بالبطولة أو على الأقل الذهاب إلى أبعد نقطة في المنافسة، لكن القلّة القليلة من هذه المنتخبات التي تلعب هذا المونديال وعينها على المونديال القادم الذي ستحتضنه قطر في نسخة 2022، حيث إن بعض الفرق أو بالأحرى القائمين على شؤون الرياضة في بلدان هذه المنتخبات تنظر للمدى البعيد وتسعى لتكوين نخبة من اللاّعبين القادرين على اللّعب لسنوات طويلة في مثل هذه المحافل العالمية وحتى القارية والإقليمية.
ولعّل المنتخب الإنجليزي هو أحد هذه المنتخبات التي قد تكون لها الكلمة في هذه الدورة – دورة روسيا 2018 – والمؤكّد أنّها ستقول الكلمة الأكبر في مونديال قطر 2022 لو يمنح مسؤولو الاتحادية الإنجليزية المدرب غاريث ساوثغيت الوقت الكافي للعمل مع هذه المجموعة التي اختارها لتمثيل إنجلترا في هذا المونديال، وخير دليل هو عامل السّن لأغلب اللاّعبين القادرين على المنافسة لسنوات طويلة وتحقيق اللّحمة بينهم والانسجام في اللعب بأرضية الميدان، فأغلب لاعبي منتخب الأسود الثلاث لا تتجاوز أعمارهم 25 أو 26 سنة.
فمثلًا مدافع المنتخب ونادي ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد يشارك في المونديال وهو من مواليد أكتوبر 1998، وهو الذي شارك الموسم الماضي مع ناديه ليفربول الإنجليزي في 34 مباراة على حساب المتألق ماكلاين وسجّل ثلاثة أهداف وصنع ثلاثة أخرى، وكذلك رفيقه في الدفاع لاعب نادي ليستر سيتي الإنجليزي هاري ماغواير لم يتجاوز سن 25 سنة، ونفس الحال لنجم المنتخب وهدّافه وأغلى لاعب حاليًا في السوق هاري كاين الذي لم يتجاوز هو الأخر سن 25، كما ضمّ المنتخب أيضًا دايلي إلي صاحب 22 سنة، وإيريك داير صاحب 24 سنة، اللذين ينشطان في صفوف نادي نادي توتنهام الإنجليزي، وكذلك اللاّعبين الثلاثة لنادي مانشستر يونايتد المهاجم الصاعد ماركوس راشفورد بعمر 21 سنة فقط، والمدافع جون ستونز بعمر 24 سنة، والمدافع الأخر فيليب جونز بسن 26 سنة، وكذلك حارس المنتخب ونادي إيفرتون جوردن بيكفورد صاحب 24 سنة، وكذلك مهاجم نادي مانشستر سيتي رحيم ستيرلينغ الذي يشارك هو الآخر بعمر 24 سنة… إلخ.
فكلّ هذه الأسماء وفي هذا السنّ قادرة على لعب مونديال قطر 2022، بل بعضها قادر على المشاركة حتى في مونديال أمريكا الشمالية 2026، والجميل فيها أنّها كلّها تلعب في بطولتهم المحلّية – البريمرليغ – التي تعتبر الأفضل والأسرع في العالم؛ ما قد يساعدهم على اكتساب طريقة لعب واحدة وواضحة.
ويعتبر منتخب الديكة الفرنسي هو الآخر من المنتخبات التي تخطّط للمدى الطويل لتكوّن منتخبًا قادرًا على السيادة أوروبيًا وحتى عالميًا من خلال اللعب بتشكيلة ثرية من الشبّان مع تدعيمها ببعض لاعبي وجوه الخبرة على غرار أنطوان غريزمان والمهاجم أوليفيه جيرو والحارس ستيفن ماندندا وقائد المجموعة وصاحب الخبرة الكبيرة الحارس هوغو لوريس.
حيث ضمّت تشكيلة فرنسا المهاجم الواعد وأحد أسرع المهاجمين في العالم حاليا كيليان مبابي مهاجم نادي باريس سان جيرمان الذي يشارك في سن 19 سنة وبضعة أشهر، وكان قد شارك الموسم الماضي مع ناديه في 46 مباراة سجل فيها 21 هدفًا وصنع 16، ويشارك المهاجم الواعد الأخر عصمان ديمبيلي في هذا المونديال لأول مرّة بعمر 21 سنة، والذي يلعب في صفوف برشلونة الإسباني، كما ضمّت قائمة الديكة مدافع باريس سان جيرمان بريسنل كيميمي 22 سنة، ووسط ميدان دفاع أتليتيكو مدريد لوكاس هيرنانديز الذي يشارك 22 سنة، والظهير الأيمن لنادي شتوتغارت الألماني بنجمين بافارد 22 سنة، وتوماس ليمار وسط ميدان موناكو والمنتقل هذه الأيام لنادي أتليتيكو مدريد بعمر 22 سنة وبضعة أشهر، ومدافع ريال مدريد رافايل فاران 25 سنة، ورفيقه في الدفاع صامويل أومتيتي لاعب برشلونة 24 سنة، ونفس السن للظهير الأيسر لنادي مانشستر سيتي بنجامين ميندي، ولوسط ميدان دفاع بايرن ميونيخ كورنتين توليسو، وبول بوغبا وسط ميدان جوفنتوس الإيطالي سابقًا ومانشستر يونايتد حاليًا 25 سنة، والمهاجم نبيل فقير صاحب الأصول الجزائرية 25 سنة الذي يلعب في نادي ليون، وفلورين توفين الذي يلعب في مرسيليا بعمر 25 سنة، والحارس الثاني ألفونس أريولا بعمر 25 سنة والذي يلعب في صفوف باريس سان جيرمان.
ونفس الحال بمنتخب ألمانيا الذي يملك في صفوفه لاعبين شّبان قادرين على اللعب طويلا في صفوف المنتخب وهو ما أبان عنه المانشافت حينما فاز في عام 2017 بكأس القارات بتشكيلة جديدة من الشبّان والتي اعتبرتها انذاك الصحافة الألمانية وحتى بعض المحللين والخبراء بالبلاد مغامرة ومجازفة، ولكن النتائج كانت مبشّرة لبناء مجموعة من اللاّعبين الواعدين لمستقبل الكرة الألمانية، وهذا على غرار الظهير الأيمن لبايرن ميونيخ جوشوا كيميش أفضل لاعب في ألمانيا سنة 2017 صاحب 23 سنة، وتيمو فيرنر مهاجم لايبزيغ 22سنة،وصانع ألعاب بايرن ليفركوزن جوليان براندت صاحب 22 سنة هو الأخر، وصانع ألعاب شالك 04 والمنتقل هذه الصائفة لصفوف العملاق البافاري ليون غوريتسكا بعمر 23سنة، والمدافع نيكولاس سولي مدافع البايرن الذي يشارك بعمر لم يتجاوز 23 سنة، وكذا ماتياس غينتر في سن 24 سنة والذي يلعب في نادي فرايبورغ، وجوليان دراكسلر وسط ميدان وهجوم باريس سان جيرمان بأقل من 25 سنة.ونفس السن يشارك بها مدافع تشيلسي أنطونيو روديغير.
وعلى مستوى القارة السمراء فإن الأمر ليس بالجديد على نيجيريا التي دائمًا ما تعمل على تشبيب منتخباتها، والتي عوّدتنا على المشاركة في مختلف المحافل القارية والعالمية بالشبان، فقائمة المنتخب ضمّت العديد من اللاعبين ذوي الأعمار الصغيرة على غرار فرانسيس أوزوهو حارس مرمى المنتخب وفريق ديبورتيفو لاكرونيا الإسباني الذي يبلغ من العمر 19 عامًا، ومدافع ليستر سيتي ويلفريد نديدي الذي يبلغ من العمر 21 سنة فقط، وزميله في النادي المهاجم كيليشي لياناتشو صاحب 21 سنة، ومهاجم أرسنال الإنجليزي إيتوبو وهو في سن 22 سنة وبضعة أشهر، ومدافع بورصا سبور التركي وصاحب 24 سنة ويليام تروست إكونغ، ومدافع تشيلسي الإنجليزي كينيت أومريو بعمر 24 سنة، ووسط ميدان هجوم نادي سيسكا موسكو الروسي أحمد موسى صاحب 25 سنة وستة أشهر… إلخ.
وكل هذه الأسماء النيجيرية الشابة والواعدة تشارك رفقة اللاعب المخضرم وجناح نادي البلوز التشيلسي فيكتور موزيس في سن 28 سنة، والقائد صاحب الخبرة الكبيرة جون أوبي ميكال لاعب نادي تشيلسي سابقًا صاحب 31 سنة، وهي تشكيلة سيكون بمقدورها المنافسة في نسختين قادمتين من المونديال.
وخلاصة القول إنه في نهاية مونديال روسيا ستبدأ الكثير من المنتخبات في تجديد منتخباتها لعامل السنّ من جهة ولسوء النتائج من جهة، في حين أن المنتخبات التي تشارك بتشكيلة شابة، فإنها ستختزل الكثير من الوقت لصالحها عندما تعمل على استقرار المجموعة وتركها تستمر في التكوين مهما كانت نتائجها في هذه الدورة من أجل بناء منتخب قادر على تشريف ألوان راياتها أحسن تمثيل في مختلف المنافسات الكروية كمنتخب إنجلترا وفرنسا وألمانيا، وحتى نيجيريا وبعض المنتخبات الأخرى التي تملك لاعبين شباب هو بمثابة الركائز في المنتخب من الآن.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست