تعد القضية اليمنية القضية الغائبة إعلاميًّا، والتي لم تحظ بقصد أو بدون قصد ببروباجاندا إعلامية شبيهة بالقضايا الأخرى، رغم التشابه من حيث الفظاعة، أو ربما تصل إلى مستوى أعلى من حيث الاستحقاق، تغيب القضية اليمنية برغم تشعباتها والتدخل الإقليمي والدولي عن مسارح المحافل الدولية وقنواتها الإخبارية، ولم تحظ بما تستحق من حيث التغطية الإعلامية للمعاناة في الداخل والخارج، لا شك أن اليمن بشكل عام قد وُضع بين سندان الحوثي ومطرقة التحالف؛ فالأول غيب المعاناة وتفنن في الإعلام الحربي والمناسبات الدينية، والأخير نظر بالعين التي يحب أن يرى بها، فقص ولصق وأخرج كما يريد، أضف إلى ماسبق غياب المكاتب الإعلامية في اليمن، أعطى نوعً من التعتيم الإعلامي، لكن ذلك ليس مبررًا؛ فالقضية السورية شبيهة إلى حد ما، ورغم ذلك ولد الإعلام من تحت الركام والأنقاض، نستطيع إجمالًا أن نقول إن الحكومة الشرعية إعلاميًّا ودبلوماسيًّا تعد الصف الأول الذي كان بالإمكان أن يكون الصوت المعبر عن المعاناة ونقلها إلى الخارج عن طريق دبلوماسيتها.
يمكن من خلال الملاحظة البسيطة أن ندرك الانفتاح المتأخر للشعب اليمني على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات «يوتيوب» في الفترة الأخيرة، يعزى التأخر إلى غياب شبكة الإنترنت وثقافة الإعلام، لكنها برغم ذلك أدت دورًا عجزت عنه الحكومة الشرعية في نقل جزء بسيط عن المعاناة للخارج.
تحتاج القضية اليمنية إلى فزعة إعلامية، التغيب الذي يجري فقط يزيدها ألمًا، تعاطف العالم لن ينفع، لكن للعالم حقًّا أن يعلم ما الذي يجري، الكثير من المآسي التي لا تعد مرت دون أن يعلم بها حتى الذين بالداخل لغياب الإعلام الداخلي والحكومي، على الحكومة الشرعية على الاقل أن تنجح إعلاميًّا، ذلك أبسط ما يمكن أن تقدمه. كما أن الحرب تدور على الأرض، أصبحت الحرب الإعلامية أداة فعالة في تحريك الرأي العام، على الإعلام وأخص الإعلام العربي أن يفرد مساحة للقضية اليمنية، وعلى الإعلام اليمني الحكومي أو الخاص أن ينقل المعاناة باحترافية حتى يعلم من لا يدري ما الذي يجري. كما يقال يولد الإبداع من رحم المعاناة، وما عجزت عنه الحكومة المكلفة قانونًا بتمثيل صوت الشعب والتحدث باسمه، أعتقد سيبني الشعب إعلامه وحيدًا كما يتحمل المعاناة، والقتل والتهجير والجوع، والفيضانات والأمراض وحيدًا. هي إذا كانت تراكمات من العهد القديم الذي غيب اليمن إعلاميًّا ونقل صورة مغايرة عنه، نقل عنه الإرهاب والتخلف. يجب تغيير الصورة النمطية المطبوعة ونقل الواقع بما له وما عليه، وعلى العالم أن يقف بجانب القضية، موقف الإنصاف لشعب ووطن، ظلم على قيد الحياة.
لا شك أن الإعلام في الوقت الراهن الذي إن صح التعبير المروج الوحيد للقضايا وسفير يستطيع الوصول إلى كل مكان، وأن استغلاله يعد نقطة الفرق التي تستطيع أن تشطح ببعض القضايا وإن صغرت، حتى تصبح قضية رأي عام، وإهمال بعض القضاياة الجوهرية يستطيع أن يوئدها وإن ولدت، لذا فإن توقف حركة الإعلام حول قضية ما ترحل إلى سلة المهملات والنسيان. على سبيل التذكير يوجد وزارة إعلام وخارجية وعلاقات دبلوماسية وسفارات في أرجاء العالم، وجاليات يمنية، واتحادات طلابية، الكل يتحمل المسؤولية في التخاطب مع الآخرين ونقل رسالة الإعلام لتصل الحقيقة للجميع.
عندها يأتي الدور على الإعلام الخارجي في التعامل مع القضية اليمنية من منطلق الرسالة الإعلامية التي يحملها ومن منطلق الإنسانية في إيصال صوت الشعب اليمني إلى صناع القرار، لعل هذا الحراك الإعلامي يساعد في تحريك المياه الراكدة وتعجيل حل القضية بالضغط إعلاميًّا على أطراف النزاع، حتى يعتق هذا الشعب.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد