عندما أعلنت المملكة العربية السعودية، معركة “عاصفة الحزم” كما يطلقون عليها من أجل عودة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى حكم اليمن المقسم بين فصيلين هما اتحاد الرئيس السابق عبد الله صالح وقوات الجيش والحرس الجمهوري الموالية له، وجماعة الحوثيين “وأنصار الله” والدعم الإيراني من جهة، وبين أنصار الرئيس اليمني المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي، وعدد من القبائل السنية في محافظات مأرب وشبوة وعدن ومحافظات الجنوب وأنصار تنظيم القاعدة، وأنصار الشريعة وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والمملكة العربية السعودية وتحالف “عاصفة الحزم” من جهه أخرى.
دخلت اليمن ومنطقة الخليج في أزمة حقيقية، يبدو أن الوضع بها يخرج إلى أربعة سيناريوهات، خاصة بعدما رفض البرلمان الباكستاني، دخول قوات الجيش إلى جوار تحالف قوات الخليج من أجل دحر قوات صالح والحوثيين، ووقوفها في منطقة الوسط، وعدم الدخول في عداء مع دولة إيران المجاورة لها، وخوفها من قلاقل ومشكلات الطائفة الشيعية، والتي تمثل مايقارب 20% من سكانها، عدم مجازفة تركيا بدخول قوات لها إلى اليمن، لرعبها من تسبب الطائفة العلوية والشيعة، المجاورين لها بحدود تمتد إلى مئات الكيلومترات مع إيران ذات المرجعية الشيعية، ولم يبق لدى السعودية غير الجيش المصري، لكي يشاركها في الحرب البرية، والبحرية لدحر قوات صالح والحوثيين، ومع عدم وجود برلمان مصري يحاسب الرئيس وقادة الجيش والحكومة.
وبعد قرار الحكومة المشاركة في حرب اليمن، والتي يرفضها قطاع عريض من النخبة السياسية والشعب المصري، بسبب الخلفية السابقة في الستينات من القرن الماضي، والتي شاركت مصر مع فريق ضد فريق آخر، مما تسبب في موت وإصابة عشرات الآلاف من جنود الجيش المصري، والتي لم تجد القيادة السياسية في مصر في ذلك الوقت، غير الدخول في حرب مع إسرائيل العدو المجاور لمصر، والمحتل لدولة فلسطين منذ عام 1948، وهو ما تسبب في حدوث نكسة 1967، وهو ما نتج عنه في انسحاب الجيش المصري من حرب اليمن.
ومع تطورات الحرب في اليمن وطول مدتها، وقيام وزير الدفاع المصري بحركة تغييرات مفاجئة لقادة بارزين في الجيش المصري في هذا التوقيت الذي تتسارع فيه الأحداث الداخلية والخارجية، وقيام الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة، بالتصديق على تعيين اللواء بحري، أسامة منير ربيع، قائدا للقوات البحرية خلفا للفريق أسامة الجندي، وتعيين اللواء أركان حرب محمد فرج الشحات، مديرا للمخابرات الحربية والاستطلاع، وتعيين اللواء أركان حرب ناصر، فنجد أنة تم تغيير القادة الرافضين لدخول قوات الجيش في حرب اليمن، هو إعلان دخول الجيش المصري بقوات برية إلى اليمن.
السيناريو الأول:
هو انتصار قوات التحالف والقضاء على الحوثيين، وانشقاق قوات الجيش الموالية لصالح، وإعلانهم دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي وإعلان نهاية النفوذ الإيراني إلى الأبد في اليمن وبالتالي شعور الملك سلمان ملك السعودية والسيسي بنشوة الانتصار، وقيام السعودية ودول تحالف الخليج في حرب ضد بشار الأسد في سوريا للقضاء عليه وإنهاء نفوذ إيران وحلفائها إلى المنطقة بالكامل، وتحول المملكة العربية السعودية إلى إمبراطورية في المنطقة.
وقيام المملكة العربية السعودية بعمل مصالحات بين جماعة الإخوان، وبين النظام المصري لإنهاء الانقسامات في المنطقة.
السيناريو الثاني:
هو انتصار قوات الحوثيين وعلي عبدالله صالح، بعد دعم إيران وروسيا لهم بالسلاح والمال والمؤن، وهزيمة قوات التحالف، وقيام ثورات مسلحة للطوائف الشيعية بالمملكة العربية السعودية، والمقدر عددهم بخمسة ملايين نسمة تقريبا، يؤدى الأمر إلى حدوث قلاقل داخل حكم المملكة ويتسبب في حدوث صراعات، تتسبب في انهيار الحكم، وتحول المنطقة بالكامل لأداة للصراع واستحواذ إيران على حكم دول الخليج، وإرجاع الإمبراطورية الفارسية إلى سابق عهدها، قبل تكوين الدولة الإسلامية في القرن السابع الميلادي والعقد الخامس الهجري، وانتهاء الجيش المصري وتفككه بعد هزيمته، وتحول سياسة مصر من داعمة للمملكة العربية السعودية إلى داعمة لإيران وتابعة لها.
السيناريو الثالث:
وهو دخول المنطقة في حالة من الفوضى الخلاقة، لا منتصر بها ولا مغلوب، تمتد خلالها الحرب إلى سنوات تقضي خلالها على الأخضر واليابس، تنتهي بالقضاء على جميع الجيوش العربية وإنهاكها تماما، وبقاء إسرائيل قوية، تقوم خلالها بمساعدة الولايات الأمريكية بتقسيم المنطقة العربية كاملة إلى دويلات، حسب المذاهب والأعراق والجغرافيا، لتفتيتها وإضعافها، وتكون جميع البلاد العربية، تحت الإرادة الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية.
السيناريو الرابع:
هو شعور جميع المتحاربين في اليمن بعد امتداد الحرب لفترات طويلة، أنه لا فائز ولا مهزوم، وتحول اليمن إلى أنقاض، وتدمير كل مابه من بنية تحتية، إلى التفكير في الجلوس على مائدة المفاوضات، وحدوث اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران، ينهي الحرب في اليمن بعملية سياسية، يتم إدخال جميع اليمنيين بها، ويتم خلالها الاحتكام للشعب اليمني، بعيدًا عن الأيدولوجيات السياسية والدينية، يتم خلالها إنهاء معالجة الجروح اليمنية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست