نعم، لقد انتهيت من هذا الكابوس المظلم، انتهيت من مرحلة الثانوية وحان وقت دخول الجامعة، ولكن هل هذا الكابوس حقيقة أم مجرد وهم؟

لتَعلم أنَّهُ ليس حقيقيًا، هذا الكابوس أنت من أوهمت نفسك به، وإذا لم تُغير طريقتك في كل مراحلك القادمة ستبقى كما أنت، بائسًا من تلك المشاكل.

في هذا المقال سأناقش بعض الأمور التي أعتبرها مهمة وبعض الصعوبات التي ستواجهك بعد التحاقك بالجامعة، ستختلف بعض الأمور من جامعة إلى جامعة أخرى، ومن دولة إلى دولة، ولكن الأمر متقارب في الدول العربية، والحديث بالأخص سيكون عن دولة مِصر.

لا أريدك أن تأخذ ما سأكتبه بشكل سلبي، فلا داع لذلك لأنَّه لن يُفيدك، ولأنَّك إذا جمعت قواك في تحمل الصعاب وعبورها، سيكون ذلك أزكى بكثير من التذمر وعدم القيام بحل المشاكل.

حدد مُعظم أهدافك وأولوياتك

من الأمور المهمة جدًا أن تكون شخصًا ذا أولويات، بذلك تعرف ما الذي عليك فعله وما الأشياء التي يجب تجنُبها، في الجامعة إذا لم تحدد أهدافك وأولوياتك ستبقى هذه السنوات ضائعًا وكأنَّك في غيبوبة، ولكن كيف تفعل هذا؟

تحديد الأولويات في الجامعة بأن تسأل نفسك لماذا أنا في الجامعة؟ لماذا أتعلَّم؟

فمثلًا هناك من سيجد بأنَّه دخل ليتخصص في مجالٍ معين ليُكمل حياته في هذا المجال بعد تخرجه لأنَّه شغوف بفعل هذا، هناك من يدخل ليحصل على شهادة جامعية فقط، فهو غير قادر على مواجهة ثقافة المجتمع وسيأخذ الشهادة ولا يعرف ما الذي سيفعله بعد ذلك، وآخر تجده يريد الحصول على وظيفة معينة لأنَّها ستمنحه مكانًا مرموقًا، وهناك أمثلة كثيرة وأسباب مختلفةٌ حولَ التحاقك بالجامعة.

بعيدًا عن إذا كان سبب تَعلُّمك في الجامعة صحيح أم خاطئ، عندما تسأل نفسك وتقارن سؤالك بظروف حياتك ستعرف لماذا ستبقى سنوات متواصلة تفعل هذا، وما الذي عليك فعله لتستفيد بوقتك في تلك الفترة، بدلًا عن التقليد الأعمى الذي يجعلك مرتبكًا، ويجعلك متذبذبًا فتكون كفاءتك أثناء التعلُّم سيئة جدًا.

ولا تكتفِ بتحديد أولوياتك فقط، بل ابدأ بتخطيط كل شيء مثل وقتك وأعمالك، كل شيء خططه وضع خطة زمنية لتُتابع عملك في فترات متكررة، لتُعدِّل الخطة وتحاسب نفسك بشكل صحيح.

يمكنك قراءة هذا المقال أيضًا سيساعدك على التفكير في أسباب التعلّم.

 

ماذا أتَعلَّم؟

هذا الأمر ستحدده طبقًا لأهدافك وأولوياتك التي قمت باختيارها، أقصد بالسؤال هل أنَّك ستدخل لتتعلم وتهتم بكل المواد في الكلية أم نصفها أم نسبة معينة منها، فمثلًا إذا كنت التحقت بمجال اتخذته طريقًا لك فعليك أن تتعلم كل شيء يقابلك وتبذل أقصى جهدك لتكون مبدعًا فيه، أمّا إذا كنت تريد الحصول على شهادة فقط، فعليك أن تملأ وقتك بشيء مفيد تفعله وعليك أن تهتم أيضًا بالمواد التي ستفيدك بالمجال الآخر الذي قمت باختياره بدلًا من دراستك الجامعية، فلا تُضع وقتك بانتظار الشهادة ولا تترك ما تجده مفيدًا بالجامعة، وازن بين الأمور كلها، عليك بالاجتهاد وإتقان ما تفعل فالجامعة لن تفيدك ولن تضرك، أنت من تختار الفائدة والضرر.

الطرق كثيرة جدًا لتُحقق عملًا صالحًا في حياتك، أنت الآن تختار الطريق المناسب لك لتكون حياتك صحيحة، لا تقلد أحدًا في اختيارك ولكن اختر أنت بنفسك ولا تدع أحدًا يختار لك، عليك أن تُدرك أيضًا أنَّه في بعض الأوقات الحرجة جدًا ستضطر إلى تغيير المجال الذي اخترته إلى مجالٍ آخر، فكُلّما درست حالك بشكل أفصل كلما قلَّلت تلك المخاطرة، حتى وإن حصل تغيير في مجالك بعد قيامك بدراسة صحيحة لحالك سيكون أقل اضطرابًا من الذي سيحدث نتيجة حياتك العشوائية.

هل العلم يُقدَّر بالجامعة؟

لا تتوقع أنك مُقبلٌ على مجتمع مثالي، لأنَّك ستجد القليل من البشر بداخل الجامعة يُقدِّرون العلم، سواء كانوا طلابًا أو أساتذة جامعة أو حتى شخص يعمل بالشؤون الإدارية، فمثلًا ستجد طلابًا يُحَقِّرون من المواد ومن الأساتذة ولا يكتفون عن التذمر المُستمر، وستجد أيضًا أساتذة جامعية قد مَلّوا من الحياة الأكاديمية، ويشرح مادته بأسلوب ممل وأصبح التدريس كوظيفة يريد الانتهاء منها وليس عملًا قيمًا يُقدمه وهو أيضًا لا يكتفي من مضايقة الطلاب بأية طريقة يريدها، لا تكترث لكل هؤلاء لأنَّهم لا يُقدمون ولا يُؤخرون شيئًا، فلا تحمل تلك الأمور على قلبك فتضعف عزيمتك، ولا تكن أنت مثلهم فتخسر وتضيع معهم في عالَمهم المزيف، عليك أن تُقدِّر العلم كما يجب أن يُقدَّر، العلم حتى وإن لم تفهمه وإن لم يُعجبك فهو عظيم الشأن ولن تستطيع أن تُحطمه بجهلك.

 

كيف تُذاكر المواد؟

هذا الأمر يحتاج إلى حلول سريعة، ويحتاج إلى البحث وسؤال أهل الخبرة، إذا دخلت الجامعة ولا تعرف كيف تُذاكر لتُثَبِّت كلَّ شيء تعلَّمته في المحاضرة، لن تتعلم شيئًا ولن تُفلح في الاختبارات.

عندما دخلت الجامعة توقعت أنَّ هذا الأمر سيكون ممهدًا من قبل الجامعة وأنَّهم لن يتركوا شيئًا مثلَ هذا بدون اهتمام، ولكن ما وجدته كان عكس ذلك، قمت بشراء كتب كل دكتور في كل مادة، وعندما بدأت المذاكرة منها وجدتها أسوأ كتب رأيتها في حياتي، فطريقة الكتابة والعرض سيئة ومليئة بالأخطاء والطباعة سيئة جدًا، والكثير من الصفح غير موجودة، فضاعت منّي فترة في بداية الترم أكافح بلا جدوى.

في كل مادة ستجد طرقًا مختلفة للمذاكرة، مثلًا ستجد طريقة مذاكرة من مرجع علمي معروف، أو من ورق ستشتريه من المكتبة، أو من المحاضرة التي تكتبها خلف الدكتور، أو حتى من كتاب الدكتور إذا كان كتابًا قيمًا وبجودة جيدة، اسأل من سبقك في هذا الأمر أثناء تجولك في كليتك، لذلك أنت ستختار الطريقة التي تناسبك وتناسب هذه المادة والمصادر المتاحة إليك، ولا تمكث كثيرًا في حل هذه المشكلة حتى لا تتراكم عليك الأمور.

 

علمٌ غير كافٍ

ليست الجامعة طريق العلم الوحيد، وليست الأمثل أيضًا، لأن أنظمة التعليم تآكلت وتدهورت بشكل كبير، لذلك العلم الذي ستحصل عليه من الجامعة لن تحصل عليه بكفاءة عالية وسيفوتك منه الكثير، فلا تكتفِ بهذا القدر، وعليك أن تُكمِل التعلُّم في أي وقت تجده مناسبًا لذلك، ولا تعتقد أنَّ انتهاءك من الجامعة يعني انتهاءك من التعلُّم، وفي أغلب الأوقات ستجد نتيجة التعلُّم بعد الجامعة أفضل بكثير، ولا تحجز نفسك في مجالات العلم، تعلَّم كل ما تستطيع تعلُّمَه لأنَّك ستحتاجه في يوم من الأيام.

الجامعة ليست سهلة وليست صعبة، قدراتك هي التي تَحكم عليك بصعوبة الأمر وسهولته، وقدراتك يجب أن تكون في تطور مستمر فلا تُعطِّلها، حياتك في هذه الفترة من عمرك هي التي تُحدد مستقبلك، وهي أفضل فترة في حياتك، حتى وإن لم تختر طريقة الدراسة الروتينية التي يسلكها الكل، ذكِّر نفسك دائمًا بما عليك فعله ولا تتخاذل، ولا تكترث لأصحاب السلبيات وابدأ بحل مشاكلك وتعويض كل ما ينقصك نتيجة هذه المشاكل والسلبيات المتكررة، وأنت من ستحاسب نفسك ونتيجة أعمالك ستحصدها لا محالة، فانظر إلى حصادك لتعرف ماذا تقولُ أعمالِك.

 

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد