إن من الأهم الأشياء التي تحتاج إليها أمتنا العربية والإسلامية اليوم هو تنشئة وتربية الرجال حتى يكون لدينا جيل من الرجال يستطيع أن يقيم ويشارك في بناء مجد لهذه الأمة، ويجب أن نعتبر أن تربية الأبناء مشروع لأنه من الوارد أن ينجح أو أن يفشل، ولأنه ليس كل المربين يعرفون كيف يربون أبناءهم لكي يكونوا رجالًا، فسنحاول سويًا شرح كيف نربي أبناءنا ليصبحوا رجالًا من خلال بعض النقاط والمواقف والصفات التي يكون لها دلالات واضحة في تربية الأبناء من الذكور حتى نغرس فيهم صفات الرجولة الحقيقية وسيكون حديثنا هنا مشتركًا للوالد والوالدة بحيث يكون لكل منهما دور في صناعة ذلك الرجل ونصيب في نجاح المشروع.
يجب أن يعلم الابن أن هناك في هذا الكون بشرًا غيره وأنه يجب عليه مراعاة شعورهم وأن طلباته ليست أوامر، فعندما يطلب من الأم شيئًا لا تغلبها العاطفة إلى سرعة التنفيذ حتى يتعلم أن هناك أناسًا يعيش معهم يجب أن يشعر بهم وربما يكون لديهم ظروف أصعب من ظروفة وانشغال أكثر منه فيجب أن يعتمد على نفسه وأن يصبر على تنفيذ طلباته.
يجب أن يتعلم أن يحفظ وعده وأن يقدر كلمته فكلمته عقد يجب احترامه ولا يصلح التنصل من كلامه مهما كلفه الأمر فيصير رجلًا يقّدر قيمة الكلمة وينفّذ الوعد، ويكون ذلك بمواقف عملية كاحترام وعوده لأصدقائه وزملاء الدراسة حتى وإن لم تكن الوعود على هوى الأسرة لكن يجب أن نغرس قيمة أنه رجل يحفظ كلمته، ويعلم أن حفظ الوعد من أخلاق النبيين، قال تعالى في سورة مريم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ) صدق الله العظيم.
الدفاع عن النفس، ويكون بتعلم رياضة معينة فلا يصح أن يكون رجلًا ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، وهنا أنا لا أرغب في تعليمه العدوان على الآخرين بل يجب أن يكون جاهزًا لرد أي عدوان يتعرض له فكيف يكون رجلًا وهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وهنا لا ننسى قيمة أن يكون رياضيًا بالأساس فبجانب تعلم السباحة ورياضة ترفيهية أخرى يجب أن يتعلم إحدى رياضات الدفاع عن النفس.
يجب أن تزيد مسؤولياته بزيادة عمره، فكلما زاد عمره زادت مسؤولياته، وليكن شريكًا في أمور إدارة المنزل ويؤخذ رأيه في بعض المواضيع التي تناسب عمره، فيجب أن يعيش حياة الرجال بكل معانيها فلا يمكن أن يكون رجلًا كل حياته النوم والدراسة واللعب، فحياة الرجال تكون دائمًا مليئة بالأحداث والمسؤوليات التي تخرج لنا قائدًا قويًا يستطيع التصرف بحكمة وقت المشاكل ويحسن إدارة الأمور وقت الأزمات.
يجب أن يصحب الوالد ولده في معظم مجالسه ويجعله يختلط بالرجال ويتعامل معه على أنه واحد منهم وأن يسند إليه بعض الأعمال ويصبر عليه حتى يتقنها ولا يتعجل النتائج فخبرات الابن لا زالت تحتاج الى وقت لكن دائمًا يجب أن يكون رجلًا في نظرك وأن تتعامل على هذا الأساس، فعلى سبيل المثال يفضل أن يعطى المصروف بشكل أسبوعي ويطلب منه أن يدير أموره المالية خلال الأسبوع حتى يتعلم حسن التدبير وقيمة النقود وصرفها في أوجهها الصحيحة.
على الوالدين أن يغرسوا في رجلهم أنه توجد مواقف ومهن للرجال في المنزل يجب أن يبادر إليها من نفسه، فعند زيارة أحد العمال أو السباكين وغيرهم يجب عليه هو أن يقف معهم وكذلك عند طرق الباب يجب أن يبادر هو لفتح الباب، فمنها يتعلم الرجولة وكذلك الحفاظ على أهل بيته، كما أنه يجب أن يتعلم معنى الرجولة الحقيقية فإذا تأخرت أخته خارج المنزل فليس تصرف الرجال هو الاتصال والصراخ وغلق الهاتف لأنها ارتكبت خطئًا ولكن يجب أن يتعلم أن الشهامة والرجولة هي أن يذهب ليحضر أخته حماية لها وخوفًا عليها فتلك هي الرجولة الحقيقية وتلك هي مهن الرجال في المنزل، فالسيطرة والصراخ ليست من الرجولة في شيء.
أن يتعلم الرحمة والحياء وعدم التشبه بالنساء حتى لو كان الأمر هزليًا، وكذلك من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بها هي حفظ أسرار البيوت فعندما يدخل بيتًا أو يزور صديقًا لا يجب أن يعود ويحكي ما رآه فالرجال تحترم حرمة البيوت التي تدخلها، كذلك لا بد أن يتعلم معنى العطاء فيجب أن يعرف أنه مثلما يُمنح الهدايا والحب يجب أن يفكر في من حوله ويهتم بهم حتى يكون العطاء جزءًا من شخصيته، وربما يكون ذلك في مشاركته في بعض الأعمال التطوعية أثناء الإجازات فإلى جانب تعلمه العطاء سيتعلم الكثير من تعامله مع الناس واختلاطه بهم وسيكتسب خبرات كثيرة في وقت مبكر.
احترام مشاعر الآخرين والإحساس بهم هي من أهم صفات الرجولة وتبدأ من أن يشعر بوالده عند العودة الى المنزل مُتعبًا بعد يوم عمل طويل فيبادره بحمل الأغراض عنه والسؤال عنه بكلمات لطيفة والدعاء له، وكذلك الإحساس بوالدته والسؤال عنها وعن صحتها، كذلك غض البصر والأمانة والصدق والكثير من الصفات التي تخرج لنا رجالًا يستطيعون أن يبنوا حلم وطن ومستقبل أمة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست