لماذا يمارس البشر الجنس؟ الإجابة البسيطة عن هذا السؤال التي قد تأتي على ذهن أغلب الناس قد تكون: الاستمتاع، نحن نمارس الجنس لأنه شيء ممتع. لكن إذا جعلنا صيغة السؤال: ما الغاية من ممارسة الجنس عند البشر؟ فربما تتغير طريقة التفكير هنا، وتصبح الإجابة أكثر عمقًا: لأن الجنس هو وسيلة التكاثر، وبالتالي هو السبيل الوحيد للحفاظ على الجنس البشري من الانقراض.
تبدو الإجابة منطقية. لكن لنكن واقعيين، كم نسبة البشر التي تهتم بانقراض الجنس البشري عندما يتعلق الأمر برغبتها في ممارسة الجنس؟ بالتأكيد لا يمارس البشر الجنس في كل مرة لأنهم يرغبون في الحصول على أطفال؟ يمكن النظر إلى شخصين متزوجين لمدة 30 عامًا على سبيل المثال ويملكان ثلاثة أطفال. وإذا افترضنا أنهم يمارسون الجنس مرة واحدة أسبوعيًّا، فمعنى هذا أن ثلاث مرات فقط من إجمالي 1560 ممارسة جنسية كانت بغرض التكاثر.
البشر مبرمجون على ممارسة الجنس..
«الجنس» هي إحدى تلك الكلمات التي يستخدمها الجميع لكن يفهمها القليلون، فالجنس هو أكبر بكثير من الفعل الجسدي وعملية التكاثر. يخدم الجنس العديد من الأغراض الأساسية للحياة، من المتعة، وتخفيف التوتر، وتشكيل هويتنا، إلى علاقتنا الحميمة والتكاثر بالطبع. تشير «مراجعة الجنس والثقافة» لعام 2010 لدراسات الدافع الجنسي، إلى أن الناس يقدمون «أسبابًا أكثر بكثير لاختيار ممارسة النشاط الجنسي أكثر من السابق».
هذا يمثل تناقضًا صارخًا مع الافتراضات التاريخية، التي استشهدت بثلاثة دوافع جنسية فقط؛ تكوين الأطفال (التكاثر)، والشعور بالرضا، أو لأنك في حالة حب. يقول خبراء علم النفس والعلوم السلوكية إننا كبشر مبرمجون للقيام بذلك. السؤال عن سبب ممارسة الناس للجنس يشبه التساؤل عن سبب تناولنا الطعام. أدمغتنا مصممة لتحفيزنا تجاه هذا السلوك.
إن فكرة كون البشر مرتبطين بالجنس تعكس منظورًا تطوريًّا، وفقًا لما يقوله العلماء. يشير المنظرون التطوريون إلى أن الرغبة في العلاقات الجنسية مرتبطة بشكل وثيق بتعزيز بقاء الأنواع. ويميل المنظرون الثقافيون إلى التركيز على الأسباب الثقافية والشخصية التي تجعل الناس يمارسون الجنس. وتختلف الثقافات اختلافًا ملحوظًا فيما يعد أسبابًا مناسبة لممارسة الجنس.
(ممارسة الجنس مدمجة في جينات البشر)
ربما حتى مصطلح «أسباب» ليس دقيقًا هنا. ربما نستخدم «وظائف» الجنس. إذ إن ممارسة الجنس لا ترتبط بسبب، بل بدوافع متعددة داخل البشر بينها ما هو نفسي، وما هو حسي، وما هو اجتماعي. لذلك تمثل هذه الدوافع وظائف تقدمها ممارسة الجنس للإنسان والتي تقدم له وسيلة لإشباع حاجة ما. فما هذه الوظائف؟
دوافع ممارسة الجنس
هناك العديد من الأسباب التي تجعل البشر راغبين في ممارسة الجنس. يرتبط النشاط الجنسي الأكثر تواترًا بالفوائد الجسدية مثل انخفاض ضغط الدم، والامتيازات العاطفية مثل انخفاض التوتر، وفوائد العلاقة مثل زيادة العلاقة الحميمة وانخفاض معدل الطلاق.
– وظائف نفسية وعاطفية لممارسة العلاقة الحميمة
هناك العديد من الفوائد العاطفية والنفسية. بعضها يشمل:
1- السعادة.. العلاقة الحميمية تمنحك شعورًا بالرضا والسعادة
وفقًا لدراسة أجريت عام 2015 في الصين، فإن زيادة الجنس وممارسة الجنس الجيد يزيدان من السعادة، بينما تتسبب قلة ممارسة الجنس أو الجنس غير المُرضي، بالشعور بالحزن.
2- تخفيف التوتر.. ممارسة الجنس تخفض من هرمونات الإجهاد
تعامل العديد من الأشخاص مع الإجهاد المزمن يعد أمرًا مذكورًا، وقد جرى الاستشهاد به سببًا لممارسة البالغين الجنس بشكل أقل. لكن قد يكون هذا الأمر بوجهين، إذ يمكن عد الجنس تقنية لإدارة الإجهاد بشكل فعال. تفرز أجسامنا الكورتيزول والأدرينالين جزءًا من الاستجابة للإجهاد. هذه الهرمونات (التي تتحكم في استجابة القتال أو الطيران)، يمكن أن تؤدي إلى التعب، وارتفاع ضغط الدم، وأكثر من ذلك بكثير. يمكن أن يقلل الجنس من مستوى هذه الهرمونات، مع تأثيرات يمكن أن تستمر لفترة طويلة في اليوم التالي.
3- تحسين المزاج.. الممارسة الجنسة تُطلق هرمونات الرضا والاسترخاء
هناك عدد من المواد الكيميائية التي تطلقها أجسامنا أثناء ممارسة الجنس، والتي يمكن أن تؤثر في شعورنا. أثناء ممارسة الجنس، تطلق أدمغتنا الإندورفين، وهي مواد كيميائية تتحكم في شعورنا بالرضا، والتي يمكن أن تقلل من التهيج ومشاعر الاكتئاب. كما يفرز هرمون الأوكسيتوسين الذي يخلق شعورًا بالهدوء والرضا. وأخيرًا، تؤدي النشوة إلى إطلاق هرمون آخر، البرولاكتين، الذي يمكن أن يساعد على النوم.
4- تحسين الصورة الذاتية
الجنس يمكن أن يعزز احترام الذات، ويقلل من مشاعر عدم الأمان، مما يؤدي إلى موقف أكثر إيجابية.
– وظائف جسدية وصحية للنشاط الجنسي
من البديهي أن يحسن الجنس الصحة العاطفية، لكن هناك عددًا من الفوائد الجسدية أيضًا والتي تشمل:
1- تحسين اللياقة البدنية
الجنس هو شكل من أشكال النشاط البدني، وهناك عدد من الدراسات التي تربط بين ممارسة التمارين والصحة الأفضل. وفقًا لبيان صادر عن جمعية القلب الأمريكية، فإن النشاط الجنسي يعادل النشاط البدني المعتدل، مثل المشي السريع أو تسلق السلالم. يمكن للحركات المرتبطة بالجنس أن تشد عضلات البطن والحوض. بالنسبة للنساء، تترجم حركة العضلات المحسنة هذه إلى تحكم أفضل في عمل المثانة. فخلال الممارسة الحميمة، يحرق الجسم 200 سعرة حرارية في 30 دقيقة.
2- مناعة أفضل
النشاط الجنسي له أيضًا آثار إيجابية في وظيفة المناعة. وهذا يترجم إلى انخفاض احتمال الإصابة بالزكام أو الإنفلونزا.
3- انخفاض الألم
يعمل الإندورفين على أمور أكثر من مجرد الشعور بالراحة والهدوء؛ إذ يبدو أنه يقلل الألم مثل الصداع النصفي وآلام الظهر أيضًا.
4- تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب
يرتبط النشاط الجنسي بانخفاض ضغط الدم الانقباضي، وبالتالي يقل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وغيرها. يُعتقد أن النشاط الجنسي يساعد على تمدد الأوعية الدموية، مما يزيد من وصول الأكسجين والمواد المغذية إلى خلايا الجسم مع تقليل ضغط الدم.
5- يحسن من وظائف المخ ويقوي الذاكرة
في الماضي، وجدت الدراسات التي أجريت على الفئران أن الاتصال الجنسي الأكثر تواترًا مرتبط بكل من الوظيفة المعرفية الأفضل ونمو خلايا المخ الجديدة. يتعلم الباحثون الآن أن الشيء نفسه قد يكون صحيحًا في البشر. وجدت دراسة أجريت عام 2018 على أكثر من 6 آلاف شخص بالغ أن ممارسة الجنس في كثير من الأحيان كان مرتبطًا بأداء أفضل للذاكرة لدى البالغين من سن 50 وما فوق.
6- تخفيف الآلام الشهرية عند النساء
أن تكون أكثر نشاطًا جنسيًّا يزيد من الرغبة الجنسية ويزيد من تزييت المهبل عند النساء. يرتبط هذا في كثير من الأحيان بفترات حيض أخف وتشنجات أقل في هذه الفترة المزعجة.
7- آثار جسدية أخرى
ارتبط عدد من الآثار الجسدية الأخرى للنشاط الجنسي بالشعور بالرائحة المُحسنة، والأسنان الأكثر صحة، وتحسين الهضم، وتوهج البشرة الصحي.
– وظائف اجتماعية تعززها ممارسة العلاقة الحميمية
ممارسة الجنس في كثير من الأحيان يمكن أن تفيدك أنت وشريكك بشكل فردي، ولكن يمكن أن تساعد علاقتك أيضًا بعدة طرق. إذ يمكن لممارسة الجنس بانتظام بين الزوجين من زيادة مستوى الالتزام والمساعدة على الاتصال العاطفي. ومن المرجح أن يبقى الأزواج سويًّا عندما يتمكنون من التعبير عن حبهم بهذه الطريقة، بينما يرتفع معدل الطلاق بين الأزواج الذين لا يفعلون ذلك.
هذه الفوائد الجنسية لممارسة العلاقة الحميمية ترتبط بإطلاق المواد الكيميائية التي تصنعها أجسامنا، مثل الأوكسيتوسين، الذي بالإضافة إلى كونه مهدئًا، يمكن أن يسهم في الترابط وزيادة العلاقة العاطفية. ومن بين هذه الوظائف الاجتماعية أيضًا اختبار مدى قوة شريكك، وزيادة الشعور بالحب والترابط وتحسين الحالة الاجتماعية للزوجين.
الجنس مقابل التكاثر اللاجنسي.. نظرة تطورية
الطيور، والنحل، والكلاب، والشمبانزي، والبشر، كل هذه الكائنات وغيرها تمارس العملية الجنسية. لكن قلة من الناس تدرك أن التكاثر الجنسي قد تطور بالفعل في مخلوقات مختلفة تمامًا عن أنفسنا. فلطالما كانت عملية التكاثر الجنسي لغزًا للعلماء. اليوم 99% من المخلوقات المتعددة الخلايا – الكائنات الكبيرة التي يمكننا رؤيتها – تتكاثر عن طريق الاتصال الجنسي. جميعها لها آلياتها الفريدة، ولكن السبب وراء تطور هذه العملية هو في الواقع لغز كبير.
حتى بالنسبة لداروين، والد نظرية التطور، كان الجنس مربكًا. فقد كتب عام 1862: «نحن لا نعرف على الأقل السبب النهائي للنشاط الجنسي؛ لماذا يجب إنتاج كائنات جديدة عن طريق الاتحاد الجنسي للعنصرين. الموضوع بالكامل مخفي في الظلام».
العديد من أنواع الكائنات الحية منشغلة تمامًا بالجنس، وتبذل قصارى جهدها للحصول على رفيق. فالذكور من فصيل طيور التعريشة تبني أعشاشًا متقنة لإقناع الإناث، وبعض الإناث من الطيور تتوهج ذيولها لجذب الذكور. حتى العطور التي تنتجها الزهرة هي مجرد خدعة ذكية لجذب الحشرات التي ستلتقط حبوب اللقاح ثم تصنع خطًّا مباشرًا للنباتات المجاورة لتخصيبها في هذه العملية.
حتى مع كل هذا التنوع في الوسائل؛ تتبع جميع الكائنات التي تتكاثر جنسيًّا المسار الأساسي نفسه لتكوين ذرية جديدة. فيجمع عضوان من النوع نفسه بين الحمض النووي الخاص بهما لإنتاج جينوم جديد يتحول إلى جنين. قبل تطور الجنس، كانت عملية التكاثر تحدث بطريقة غير جنسية، وهذا يعني في الأساس انقسام الخلايا، كائن حي ينقسم حرفيًّا إلى نصفين ليشكل كائنين. إنها آلية بسيطة لتكوين نسخ جديدة والتي تفعلها جميع البكتيريا ومعظم النباتات، وحتى بعض الحيوانات، على الأقل في بعض الأوقات.
تبدو آلية التكاثر اللاجنسي أكثر فاعلية وأقل فوضى من التكاثر الجنسي. إذ ليس من الضروري أن يضيع الكائن طاقة في البحث عن شريك وإثارة إعجابه، والتي أحيانًا ما تتسم بخطورة نتيجة التنافس. ثم هناك تكاليف أخرى واضحة للجنس، مثل الحاجة إلى تخصيب البويضة، وهي عملية ليست سهلة أحيانًا. لماذا إذًا يجب أن تأخذ العديد من الأنواع المسار الطويل والمتعرج للإنجاب الجنسي، عندما يتوفر مسار مباشر؟
مزايا الجنس.. يسرع وتيرة التطور
يقدم الجنس بعض المزايا التطورية التي تفوق العيوب الواضحة في هذه العملية. عام 1886، اقترح عالم الأحياء التطوري الألماني أوجست فايسمان واحدة من هذه الميزات المهمة. فقد قال إن التكاثر الجنسي يعيد تشكيل الجينات لخلق «اختلافات فردية» يقوم عليها الانتقاء الطبيعي. في الأساس، يمثل الجنس فرصة لكائنين من النوع نفسه، لتجميع مواردهما.
هذا يعني أن الذرية ستحمل مزيجًا مفيدًا من الجينات الصالحة من كلا الوالدين، مما يعني أنهم سيستجيبون بشكل أفضل للضغوط البيئية التي قد تمثل خطرًا حقيقيًّا على الذرية القادمة من تكاثر لا جنسي. في الواقع، قد يسرع الجنس وتيرة التطور نفسها، وهي ميزة واضحة إذا كانت الظروف البيئية تتغير بسرعة أيضًا.
والدليل النهائي على فائدة الجنس هذه يأتي من الدراسات التي أوضحت كيف جرى إقناع الأنواع التي تتكاثر لا جنسيًّا لتصبح أنواعًا تتكاثر جنسيًّا. الكائنات الدقيقة أحادية الخلية البدائية عادة ما تكون جيدة مع التكاثر اللاجنسي، ولكن إذا كانت الضغوط البيئية مرتفعة، فإنها يمكن أن تتحول إلى أنواع تتكاثر جنسيًّا. يمكن أن يكون هذا الضغط البيئي أي شيء من تغيير بسيط في الطقس إلى ضربة نيزك.
الفترة المبكرة من نشأة الحياة على الأرض كانت تمثل مكانًا غير مضياف كثيرًا، حيث تتغير البيئة سريعًا في كثير من الأحيان. في هذه الظروف، يمكن أن تكون عمليات الطفرات قد وجهت الكائنات الحية للتكاثر جنسيًّا. ويمكن النظر إلى التطور من حيث المعلومات (الأشياء التي تحتاج إلى معرفتها لتكون قادرًا على البقاء). يدور التطور حول الحفاظ على المعلومات واكتساب المعلومات، وبالتالي كلما عرفت أكثر كنت كائنًا أفضل.
وبالتالي فإن التطور عملية تعلُّم، فالكائن يتعلم معلومات جديدة، خاصة في بيئة متغيرة، والكائن الحي ينقل تلك الدروس (في الحمض النووي الخاص به) إلى الجيل التالي لمساعدتهم على البقاء. يسمح الجنس بأن يحدث ذلك بكفاءة أكبر، مما يوفر طريقة أسهل لأنواع يمكنها تذكر هذه المعلومات المفيدة، والتي يجري ترميزها في جيناتها. وذلك لأن العملية الجنسية تتضمن اختيار شريك جنسي وصل في حد ذاته إلى مرحلة النضج الجنسي عن طريق اتخاذ خيارات جيدة. الجنس يعني اختيار شريك جيد، وبالتالي اختيار مستقبل أفضل لنسلك.
وجدت دراسة نشرت في عام 2015 أنه من الضروري للذكور التنافس على الإنجاب، ومن الضروري للإناث الاختيار من بين الذكور المتنافسين. الاختيار الجنسي من خلال وجود اثنين من الجنسين يحافظ على صحة السكان وحماية ضد الانقراض. يساعد هذا الاختيار في الحفاظ على التباين الوراثي الإيجابي في عدد السكان. إذ إن التنافس يعني أن يكون الفرد جيدًا في معظم الأشياء، لذلك يوفر الاختيار الجنسي مرشحًا مهمًّا وفعالًا للمحافظة على الصحة الوراثية السكانية وتحسينها.
البشر متطورون عن بقية الحيوانات جنسيًّا
يوجد بين البشر تشابهات مع الثدييات الأخرى أكثر مما تتصور. لدينا معظم الجينات نفسها، ونشعر جميعًا بمشاعر معينة، ولدينا جميعًا لغة معينة قريبة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالسلوك الجنسي، هناك الكثير من الاختلاف بين هذه الأنواع وهو ما يدل على أن عملية التطور تركت بصمتها على البشر.
وفقًا لدراسة نشرت في دورية «وقائع الجمعية الملكية»، فإن العظم الموجود في القضيب يسمح للحيوانات بقضاء وقت أطول في ممارسة الجنس، مما يترك على ما يبدو للذكور الأخرى فرصة أقل للانقضاض على الأنثى نفسها والبدء في جذبها. لكن نظرًا إلى أن البشر هم أفراد أحاديو الزواج (نظريًّا على الأقل)، لا يحتاج الرجال للقلق كثيرًا من أجل التخلص من الرجال الآخرين.
وفي حين أن معظم الثدييات تميل إلى التكاثر خلال فترة زمنية محددة من السنة، فإن البشر مستعدون للذهاب في أي وقت وفي أي مكان لممارسة الجنس. في الأنواع أخرى، تعمل مواسم التزاوج على تحسين فرص ولادة الأطفال في البيئات ذات الطقس الأمثل وتوافر الكثير من الطعام.
باستثناء الخفافيش، وإناث الفيل، وغيرها من الرئيسات، فإن البشر هم الحيوانات الوحيدة التي تحتوي على عملية الحيض. في معظم الأنواع الأخرى، يعاد امتصاص بطانة الرحم. ما تشترك فيه الحيوانات التي تحتوي على عملية الحيض هو أن هرمون البروجسترون يتحكم في سمك بطانة الرحم. بينما في الحيوانات دون حيض، يثخن الحمل نفسه البطانة. إن السيطرة على أرحامنا بأنفسنا بدلاً من استيعاب أي جنين يجعلنا أقل عرضة للحمل، مما يساعدنا في الحفاظ على مواردنا، وهو ما يدلل على أن العملية الجنسية ليس الهدف منها دائمًا الإنجاب.
عندما يتعلق الأمر بالسلوكيات، يتضح الفرق التطوري بين البشر وبقية الحيوانات. هناك مجموعة من السلوكيات التي توضح عملية التطور وتأثيرها. نحن كبشر نوع يكرس موارد هائلة وجهدًا ووقتًا للمس الأعضاء التناسلية لبعضنا البعض. معظم الحيوانات كائنات جنسية، والوظيفة الأساسية للجنس هي التكاثر. ويقدر الخبراء أن ما يصل إلى 900 مليون من أفعال الاتصال الجنسي بين الجنسين تحدث سنويًّا في بريطانيا. كل هذه الحالات ينتج منها ما نسبته 1% بيضة مخصبة أو من بين كل ألف عمل جنسي فعل واحد يؤدي لوجود طفل.
هل الإنسان هو النوع الوحيد الذي فصل الجنس عن التكاثر؟ قد يبدو الاستمتاع بالجنس تجربة إنسانية فريدة من نوعها، لكننا بالتأكيد لسنا الحيوانات الوحيدة التي تمارس الجنس غير الإنجابي. غالبًا ما يكون سلوك الحيوانات غريبًا أيضًا في هذا الموضوع، مثل بعض الدلافين والدببة، وإن كان يمكن تفسير بعض هذه الحالات بشكل بعيد عن المتعة ذاتها.