هجر الفلسطينيون ديارهم بعد نكبة عام 1948م، دون أن يحمل الكثير منهم جوازات سفرهم الصادرة عن حكومة الانتداب البريطاني عام 1924.
واستقبلتهم الشعوب العربية المجاورة بالترحاب والتعزيز، ثم بدأت أمور استقرارهم “المؤقت” تتطلب وجود وثائق رسمية، ليحمل الفلسطينيون في مصر وسوريا ولبنان والعراق “وثائق لاجئين”، وهي وثيقة سفر تُمنح لللاجئين في بلد غير موطنهم الأصلي بغرض السماح لهم بالسفر وتُستخدم في بعض الأحيان كوثيقة إثبات شخصية؛ حيث صدر قرار في عام 1955 من قِبَل الجامعة العربية يمنع الدول العربية من السماح للفلسطيني بالجمع بين جنسيتين عربيتين حفاظًا على هويته.
أما بقية الدول العربية فلا يوجد بها ما يُسمّى بوثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين، والسبب اعتبار الفلسطينيين الموجودين هناك هم مواطنون لدول أخرى كالأردن ومصر وسوريا أو لبنان، وتعتبر الأردن البلد العربي الوحيد الذي منح المواطنة الكاملة لجميع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه وذريتهم.
أما في جزئي الوطن (الضفة الغربية وقطاع غزة) فقد حمل أهالي الضفة الغربية الجواز الأردني، بينما حمل الفلسطينيين في قطاع غزة وثائق مصرية.
أما أهل الأراضي المحتلة عام 48 الذين لم يتركوا أرضهم فأصبحوا مواطنين في الدولة العبرية منذ بداية تأسيسها، بينما الفلسطينيون في القدس والجولان فيملكون إقامة دائمة فقط دون الجنسية الإسرائيلية.
وفي الغرب حصل الكثير من الفلسطينيين على طلبات هجرة ثم استطاعوا الحصول على جنسية البلد التي هاجروا إليها.
جواز فلسطيني
إثر توقيع اتفاقية “أوسلو” وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 حصل سكان الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يحملون الهوية الإسرائيلية على “جواز فلسطيني” لتسهيل حركتهم، ولم يحظَ بهذا الجواز اللاجئون في الوطن العربي لأنه لم يعترف بالسلطة الفلسطينية كدولة في الجمعية العمومية، ثم بعد رفع مستوى التمثيل في الجمعية العمومية إلى دولة بصفة مراقب، ازداد التمثيل السياسي لفلسطين وأصبحت في أغلب الدول سفارات فلسطينية تمارس أعمالها بنحو نظامي، لكن السلطة بقيت عاجزة حتى عن استبدال اسم “السلطة الفلسطينية” في جواز السفر الفلسطيني بـ”دولة فلسطين” بسبب الضغط الإسرائيلي بعدم التعامل مع ذلك الجواز وعدم السماح للمواطنين بمغادرة الأراضي الفلسطينية للخارج.
وينقسم جواز السفر الفلسطيني – الذي أظهره دليل “Henley & Partners” كخامس أسوأ جواز سفر خلال عام 2013 – إلى نوعين من جوازات السفر هما :جواز سفر عادي، وهو جواز السفر الذي يعطى للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويحتوي على رقم هوية، أما النوع الآخر فهو جواز السفر للاجئين الفلسطينيين ويعطي للاجئي سوريا ولبنان والأردن والعراق وبعض الدول العربية وهو يصدر عن المؤسسات المسئولة عن سفر الفلسطينيين في هذه الدول.
الوثيقة المصرية
عندما وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها في الفترة ما بين عامي 1948م و1967م لم تمنح الفلسطينيين في “قطاع غزة” الجنسية المصرية كما فعلت الأردن وإنما مُنِحوا وثائق سفر مصرية لا تعطيهم حق الإقامة في مصر ومن أراد الدخول إلى مصر من حملة الوثائق المصرية يجب عليه الحصول على تأشيرة أولاً.
ويحق للاجئين الفلسطينيين في مصر الحصول على وثيقة سفر سارية لمدة عام أو خمس سنوات، وتصدر وثائق السفر لهؤلاء الذين لجؤوا إلى مصر عام 1948.
وثيقة السفر المصرية الممنوحة للفلسطينيين لا تُخوِّل لصاحبها العودة إلى مصر دون تأشيرة عودة سارية، والتي يجب الحصول عليها عادة قبل مغادرة مصر.
ومنذ أزمة الخليج، في بداية التسعينيات، وما تبعها من هجرة قسرية للفلسطينيين من الكويت، وقد كان ما يزيد على 5000 نسمة منهم يحمل وثائق سفر مصرية، أصبح تجديد تصاريح الإقامة في مصر أكثر صعوبة من ذي قبل، وكثير من دول العالم لا تعترف بالوثيقة المصرية وهذا ما يسبب حرجًا وضيقًا لصاحبها عند السفر وكثيرًا ما ترفض إدخاله وهذا الحال يختلف من فترة إلى فترة وحسب الوضع السياسي.
الوثيقة اللبنانية
تعتبر لبنان اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا مباشرة إلى لبنان في أعقاب النكبة في الأعوام 1947-1949 فقط مواطنين قانونيين، ويُعتبر التسجيل مع الأونروا في العام 1950 أو على الأقل مع جمعيات الصليب الأحمر قبل أيار 1950 قانونًا أساسيًّا للإقامة القانونية بها، وقد تم منح هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين القانونيين وثائق لاجئين من قبل جامعة الدول العربية.
هذه الوثائق سارية المفعول في الأساس لمدة خمس سنوات وقابلة للتجديد، أما بالنسبة للاجئي 1948 الذين لم يسجلوا مع الأونروا سواء لأسباب شخصية أو بسبب المتطلبات المحددة في تعريفها للاجئين, فقد حصلوا على بطاقة إقامة ووثيقة سفر سارية المفعول لمدة سنة وقابلة للتجديد، وفيما يخص الفلسطينيين الذين هاجروا إلى لبنان بعد حرب 1967 أو بعد نزاع الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية الذي حدث في العام 1970-1971 فلم يتم منحهم أوراقًا ثبوتية وعليه أصبحوا تحت التهديد الدائم بالترحيل.
وتفرض هذه الوثيقة على حاملها ضرورة الحصول على تأشيرة عودة أو وضع تأشيرة ذهاب وعودة قبل السفر من لبنان إلى خارجه، وبالطبع هذه القيود داخليًّا وخارجيًّا حولت حياة حامل هذه الوثيقة إلى جحيم.
الوثيقة السورية
تُصدِر الحكومة السورية نوعين من وثائق السفر هما: وثيقة سفر خاصة للاجئين الفلسطينيين، تُصرَف للفلسطينيين الذين نزحوا إلى سوريا إبان حرب 1948 ويتم منحها من وزارة الداخلية (إدارة الهجرة والجوازات) والبعثات الدبلوماسية السورية في الخارج، ووثيقة عبور؛ تصرف للمواطنين وحملة وثيقة اللاجئين الفلسطينيين ويتم منحها من البعثات الدبلوماسية السورية في الخارج وذلك لتسهيل وصولهم من مكان وجودهم إلى الأراضي السورية عند فقدان جواز أو وثيقة سفر اللاجئين الفلسطينيين خارج الأراضي السورية.
وتُعتبر الوثيقة السورية الأفضل كونها تُعطي بعض الامتيازات لحاملها أكثر من الوثيقة اللبنانية والمصرية، فحامل الوثيقة السورية له حق العودة إلى سوريا دون تأشيرة عودة، على عكس وثيقة السفر الممنوحة للفلسطينيين من قبل مصر والتي لا تخوِّل لصاحبها العودة إلى مصر دون تأشيرة وكذلك وثيقة السفر الممنوحة من لبنان والتي أصبح على حاملها ضرورة الحصول على تأشيرة عودة أو وضع تأشيرة ذهاب وعودة قبل السفر من لبنان إلى خارجه.
ورغم ذلك ما زال يسجل معاناة على حاملها خاصة بعد الثورة السورية، ففي الأردن على سبيل المثال لَقِيَ اللاجئ القادم من سورية معاناة كبيرة حسب شهادات الهاربين من جحيم الحرب هناك؛ حيث يتعرضون دومًا لمعاملة قاسية على الحدود الأردنية.
الوثيقة العراقية
منح الفلسطينيون بالعراق وثيقة سفر بعد أن كان وجود الفلسطينيين منذ 1948 حتى 1958 بدون أي وثيقة تعريفية بهم، وفي عهد عبد الكريم قاسم تم إصدار أول وثيقة سفر للفلسطينيين في العراق.
ويصنف الفلسطينيون في العراق إلى ثلاثة أقسام، أولهم: الفلسطيني الذي دخل العراق وأقام فيه منذ عام 1948 ولغاية 1950 وهم الذين انطبق عليهم التعريف العراقي للاجئ وهؤلاء تمتعوا بحقوق لم يتمتع بها باقي الفلسطينيين في العراق، وثانيهما: الفلسطيني الذي دخل العراق بعد 1967 بجوازات سفر أردنية ولم يتمتع هؤلاء بحقوق من سبقهم، أما القسم الثالث فهم الفلسطينيون الذين قدموا إلي العراق بعد أحداث الخليج في1991، وهم من حملة الوثائق المصرية الذين كانوا مقيمين في الكويت، وهؤلاء هم الأسوأ حظًّا.
وبعد احتلال العراق عام 2003 أُنشِئَت وزارة المهجرين والمهاجرين، وكان اللاجئون الفلسطينيون في العراق هم إحدى الفئات التي ترعاهم هذه الوزارة، وتملكت هذه الوزارة كل الملفات التي كانت موجودة في وزارة العمل والشئون الاجتماعية – مديرية شئون الفلسطينيين في النظام السابق- وأصبح كل فلسطيني لا يملك ملفًّا في هذه الوزارة لا يُعَدُّ من فلسطينيي عام 1948 الذين تطبق عليهم القوانين العراقية التي صيغت لهذه الفئة.
وتؤهل الوثيقة العراقية اللاجئ الفلسطيني للسفر خارج العراق متى شاء شرط أن يحصل على تأشيرة مغادرة وعودة من مديرية الإقامة التي تمنحه سماحًا بالمغادرة خلال عشرة أيام من تاريخ منحه التأشيرة والعودة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور، وأي جهة تمنحه فيزا يستطيع أن يذهب لها.
ويعود سبب عدم حصول الاستقرار القانوني للاجئين الفلسطينيين في العراق – رغم وجود الأرضية المناسبة متمثلة في القانون 202 لعام 2001 – يعود إلى عدم احترام القانون وعدم تطبيقه على الجميع من دون تمييز، إضافة إلى الجو العام في العراق والكاره للوجود الفلسطيني نتيجة التحشيد الذي يقوم به الطائفيون في العراق.