رغم أن التصريحات الهجومية لقائد شرطة دبي السابق المثير للجدل ضاحي خلفان ضد قطر في الآونة الأخيرة ليست جديدة، إلا أن الأزمة التي فجرتها تصريحاته عبر حسابه على تويتر في 31 ديسمبر الماضي التي قال فيها إن قطر هي الإمارة الثامنة للإمارات العربية المتحدة، مطالبًا بضمها إلى إمارة أبوظبي، مدعيًا أنها كانت جزءًا من مشيخة أبوظبي في السابق، وملقيًا باللوم على الاستعمار الذي فرق بين أبناء الشعب الواحد، مناشدًا الإخوة فى قطر “ساخرًا” بقوله: “أعيدوا دوحتنا إلينا الله يخليكم”.
أثارت تصريحات ضاحي خلفان جدلاً كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا بين الناشطين والمدونين القطريين الذين تراوحت ردودهم بين الغضب والسخرية، لكن المضمون الأهم الذي ركزت تغريداتهم عليه هي أن دولة الإمارات العربية المتحدة – التي تأسست رسميًّا عام 1971 – ظلت طوال تاريخها تُعرف بسواحل عُمان أو إمارات ساحل عُمان أو إمارات الساحل المهادن “المتصالح” التابعة تاريخيًّا لمنطقة عُمان.
وهذه مثال لتغريدات النشطاء القطريين للرد على تصريحات ضاحي خلفان مطالبين إياه بضم دولته لسلطنة عمان باعتبارها جزءًا تاريخيًّا منها.
[c5ab_embed_twitter url=”https://twitter.com/Mshael1/statuses/450694748584808448″ ]
[c5ab_embed_twitter url=”https://twitter.com/OmarObeidi/statuses/450682344345976832″ ]
[c5ab_embed_twitter url=”https://twitter.com/1212Wa/status/451411505381011457
” ]
[c5ab_embed_twitter url=”https://twitter.com/ABK_alsuwaidi/status/450594290582843392″ ]
ظل الجدل مقتصرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى جاء الفيلم التسجيلي الذي أذاعته قناة الجزيرة الوثائقية تحت عنوان “سواحل عُمان” ليثير الجدل من جديد هذه المرة على مستويات أكثر رسمية؛ حيث كتب الصحفي السعودي المعروف ورئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط سابقًا، طارق الحميد، مقالاً في جريدة الشرق الأوسط انتقد فيه عرض الجزيرة للفيلم الذي وصفه بأنه إساءة لدولة الإمارات ليست صادرة من ناشط أو مدون وإنما من مؤسسة كبرى بحجم الجزيرة تُدار من قبل مسئولين حكوميين من العائلة المالكة في قطر وهو الأمر الذي وصفه بكونه يهدد المصالحة الخليجية، بل ويهدد مستقبل الخليج ككل.
الأمر لم يقف عند هذا الحد فالوزير الإماراتي أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية ولشؤون المجلس الاتحادي، كان أحد أبرز المعلقين على الفيلم؛ حيث قام بمشاركة مقال طارق الحميد عبر حسابه على تويتر معلقًا عليه بتساؤل حول الأسباب التي تدفع لعدم طي صفحة الخلاف؟
وحين اطلعنا على الوثائقي المثير للجدل وجدنا أنه لا يحمل أي صبغة تاريخية أو سياسية بقدر ما يهدف إلى رصد حياة الناس على الساحل العُماني والأنشطة التي يشتغلون بها، ولكن يبدو أن الحولة السياسية المزعومة للاسم كانت كفيلة بأن تثير حفيظة المسئولين في دولة الإمارات.
من جانبه رد الكاتب فراس نموس – على موقع الجزيرة نت – في مقال عنونه باسم “فوبيا الكاتب والوزير”، معلقًا على ما أسماه “فوبيا ساحل عمان”، واصفًا موقف الصحفي طارق الحميد والوزير أنور قرقاش بأنه سقوط في فخ العنوان لأن الوثائقي لم يتعرض لأي نقاشات تاريخية أو جغرافية أو سياسية؛ حيث اقتصر مضمون الفيلم على رصد حياة الناس في المنطقة وأوجه نشاطهم، كما اتهم صادق محمد، الصحفي القطري في جريدة الراية، طارق الحميد بإثارة الفتنة وإشعال الخلافات عبر ترويج الأكاذيب.
كان الرد القطري الأوحد إلى الآن هو ما كتبه ناصر آل خليفة، سفير قطر السابق، فى حسابه على تويتر؛ حيث طالب الحميد وقرقاش بالاعتذار عما وصفه بالتزييف الذي قاما به والذي يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.
الإمبراطورية العُمانية
حكمت الإمبراطورية العمانية على مدار تاريخها مناطق واسعة فى شبه جزيرة العرب – بل وفي إفريقيا في بعض عصورها – منذ عهود ما قبل الإسلام وحتى الانتداب البريطاني حتى عهود دولة اليعاربة – بعد طرد الاحتلال البرتغالي – التي حكمت الامبراطورية العمانية التي تشمل “عمان الحالية وما يعرف بإمارات الساحل العمانى والبحرين”، كما امتدت الإمبراطورية العمانية في شرق إفريقيا في الصومال وزنجبار.
وورثت الدولة البوسعيدية ومؤسسها أحمد بن سعيد “1741م” دولة اليعاربة؛ حيث وسع سلطانه في إفريقيا، واستمرت الحال ذلك حتى بداية عهد السيد سعيد بن سلطان (1806-1856 م) والذي قام في عام 1828 م بقيادة حملة عسكرية إلى شرقي إفريقيا فكانت بذلك أول زيارة له إلى زنجبار، وكانت نتيجة هذه الزيارة أن أُعجب السيد سعيد بهذه الجزيرة وفي عام 1832 م اتخذ قراره التاريخي بجعل زنجبار عاصمة ثانية للشطر الإفريقي من إمبراطوريته، وذلك إدراكًا منه للأهمية التجارية والإستراتيجية لهذه الجزيرة.
انقسمت الإمبراطوية العُمانية إلى قسمين بعد وفاة السلطان سعيد بن سلطان، سلطان عمان وزنجبار؛ حيث آل الشطر العُماني إلى ابنه ثويني وآل الشطر الإفريقي إلى ابنه ماجد، ونشبت الحرب بينهما حتى عُرضت المشكلة للتحكيم واستدعى الأمر تشكيل لجنة تحقيق سنة 1861 م برئاسة اللورد كاننج، ووافق الأخوان على أن تكون توصيات اللجنة ملزمة للطرفين وانتهت اللجنة إلى اتخاذ قرار – على سياسة فرق تسد – يقضي بتقسيم الإمبراطورية العمانية إلى جزأين منفصلين آسيوي وإفريقي، وساعدت ظروف التنافس الاستعماري الأنجلو- فرنسي ساعد عُمان على البقاء دولة مستقلة، حيث تم التأكيد على استقلال عُمان بالبيان الفرنسي البريطاني أو ما عُرف بـ”التصريح الثنائي” الذي أصدرته الدولتان في مارس 1862 م والذي نص على أن ملكة بريطانيا وإمبراطور فرنسا يؤكدان على اهمية بقاء عُمان دولة مستقلة.
تمت إعادة تقسيم المنطقة بعد نهاية الانتداب البريطاني عام 1968؛ حيث آلت السلطنة في عمان إلى قابوس بن سعيد عام 1970 بعد انقلابه على والده سعيد بن تيمور، وهو صاحب أطول فترة حكم من بين الحكام العرب – على قيد الحياة- تبع ذلك إعلان توحد إمارات الساحل ونشوء دول الإمارات والبحرين.
سواحل عُمان.. كيف تأسست دول قطر والإمارات؟
تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة المعاصرة جزءًا من الإقليم الذي عُرف تاريخيًّا باسم “عمان” وذكره كثير من المؤرخين والكتاب العرب وغيرهم، والذي يشمل حاليًا سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومن هذا المنطلق فإن تاريخ الدولة المعاصرة يدخل في إطار التاريخ العُماني والعربي الشامل، وقبل ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة كانت المنطقة تسمى مشيخات الساحل العماني، ثم أَطلق عليها الاستعمار ساحل القرصان، ثم تغير هذا الاسم ليصبح مشيخات الساحل المهادن.
خضعت هذه المنطقة بأكملها “تشمل عمان وإمارات الساحل السبع التي شكّلت دولة الإمارات فيما بعد وقطر والبحرين” للانتداب البريطاني حتى عام 1968؛ حيث أعلنت بريطانيا عن رغبتها بالانسحاب من جميع محمياتها ومستعمراتها في شرق المتوسط، وهو ما دفع حاكم إمارة أبو ظبي الشيخ زايد آل نهيان إلى طرح فكرة الوحدة على حاكم إمارة دبي للنقاش، وكانت الفكرة تشمل اتحادًا يجمع الإمارات التسع (أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القوين والفجيرة ورأس الخيمة وقطر والبحرين).
تأسيس دولة الإمارات
فشلت محاولة توحيد الأقاليم التسع، وأعلنت كل من قطر والبحرين عن استقلالهما معلنتين عن سيادة كل منهما على أراضيها، وتم الاعتراف بهما عربيًّا ودوليًّا، وبقيت لكن مشكلة الإمارات السبع، وقد حاول قطبا الاتحاد، الشيخ زايد والشيخ راشد، مرة أخرى ضم الإمارات السبع إلى بعضها. غير أن تلك المحاولة كان مصيرها الفشل أيضًا. فقرر الشيخان أن يشكلا اتحادًا ثنائيّا وكلفا عدي البيطار، المستشار القانوني لحكومة دبي، بكتابة الدستور، وعند إتمامه تتم دعوة حكام الإمارات الباقية للاجتماع، وفي هذا الاجتماع يقررون الانضمام إليه إذا شاؤوا.
تم إقرار دستور الإمارات الاتحادي بشكل مبدئي مساء يوم 1 ديسمبر عام 1971، وفي صباح اليوم التالي 2 ديسمبر اجتمع حكام الإمارات السبع بقصر الضيافة في دبي، ووافق أربعة من حكام الإمارات الخمس المتبقية مشاركة إمارتي أبوظبي ودبي في هذا الاتحاد في حين لم يوافق حاكم رأس الخيمة في حينها، ووقع حكام أبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة وأم القوين وعجمان على الدستور مانحين الشرعية لقيام الاتحاد بينهم والاستقلال عن بريطانيا.
تأسيس دولة قطر
فشلت محاولة توحيد الإمارات التسع وأعلنت دولة قطر استقلالها رسميًّا في 3 سبتمبر عام 1971، والحقيقة أن عدة عوامل إقليمية حالت دون انضمام قطر للاتحاد الإماراتي أهمها قلق المملكة العربية السعودية؛ حيث إن اتصالاً قويًّا بين الإمارات وقطر من شأنه تكوين اتحاد قوي ربما يهدد قوة السعودية وسيطرتها على الخليج، الأمر الذى يفسر اعتراض السعودية علي إنشاء جسر بحري بين الإمارات وقطر عام 2005.
ومن أجل أن يحصل الشيخ زايد على اعتراف سعودي بدولته “الإمارات” اضطر للقبول ببعض الشروط السعودية التى كان أهمها الحصول على ساحل بطول حوالي 50 كم يفصل بين قطر والإمارات وكذلك امتلاك حقل شيبة والذي يمتد جزء منه داخل أراضي الإمارات، وفي مقابل ذلك تنازلت السعودية عن واحة البريمي وأقرت بتبعيتها لمنطقة عُمان التاريخية “الإمارات وسلطنة عمان”، وتقع محافظة البريمي الآن ضمن حدود سلطنة عمان على الخط الفاصل بينها وبين أبوظبي.