«أنا مشغول جدًّا» عبارة يتفاخر بها البعض ويتباهى بكثرة المهام التي يؤديها، باعتبارها نوعًا من الجد والاجتهاد، ولكنها تحمل في الوقت نفسه بعض الآثار السلبية، فكونك مشغولًا بشكل دائم قد ينعكس سلبًا على إنتاجيتك، وهي واحدة من ضمن أسباب قد تجعلك لا تفخر بكثرة الانشغالات والمهام المتعددة التي تؤديها في وقت واحد.

1- مهام كثيرة وإنجاز بطيء

كم عدد الأيقونات التي تفتحها على جهازك الآن؟ لا تفتخر كثيرًا بكثرتها، وربما يفضل أن تكون من ست إلى تسع أيقونات في المتوسط خلال اليوم، فكثرة الأيقونات والمهام التي تؤديها في الوقت نفسه، قد يشعرك بالانشغال وكثرة المهام التي تنفذها، ولكن في الواقع فإن التقدم الذي تحققه في إنجازها بطيء!

ففي هذا  الجانب، كشفت دراسة علمية أمريكية نُشرت في مجلة «علم النفس التجريبي» أن الطلاب استغرقوا وقتًا أطول لحل مسائل الرياضيات المعقدة، عندما اضطروا إلى التنقل من مهمة لأخرى، وأكدت أن هؤلاء الطلاب كانوا أبطأ في حل المسائل من أقرانهم بنسبة تصل إلى 40%، ولم تتوقف الآثار السلبية لتعدد المهام عند هذا الحد؛ بل كشفت الدراسة نفسها آثارًا سلبية نفسية أخرى،  مثل: زيادة هرمونات التوتر، ونسبة الأدرينالين.

2- سرعة أداء وإنتاجية أقل

مع تعدد المهام والانتقال المتواصل من مهمة لأخرى قد يشعر البعض بسرعة الأداء، ولكن الانتاج النهائي للعمل قد يكون أقل، بحسب ما أكدت دراسة علمية بحثية، أجرتها جلوريا مارك الباحثة المتخصصة في الإنتاجية ودراسة المهام المتعدد وتأثير مقاطعات العمل، في جامعة «كاليفورنيا».

Embed from Getty Images

فبحسب دراسة جلوريا، فإنه عندما يُحول الأشخاص من مهمة لأخرى بشكل متكرر، فإنهم يعملون بشكل أسرع، ولكن بإنتاجية أقل نتيجة تأثيرات سلبية نتجت عن تلك المهام المتنوعة التي يؤديها؛ إذ تبين من خلال الدراسة، إنه بعد 20 دقيقة فقط من هذا العمل المتقطع، شعر المبحوثين بمستويات أعلى من الضغط بشكل كبير، بالإضافة إلى مشاعر الإحباط ، وعبء العمل، والإجهاد والتوتر.

صحة

منذ 5 سنوات
«أفضل من أي مضاد للاكتئاب».. 6 من فوائد الضحك المُثبتة علميًا

3- «صاحب بالين كذاب»

يقول أحد الأمثال الشعبية «صاحب بالين كذاب»، أي أن من يشغل ذهنه بأمرين في الوقت نفسه يفشل في كليهما، ومن الممكن بالفعل أن يفعل الإنسان نشاطين في الوقت نفسه، ولكن بأي كفاءة؟ وأي سرعة؟

وحاول الإجابة عن هذه الأسئلة باحث متخصص في هذا الشأن؛ إذ أجرى إيرل ميلر عالم الأعصاب في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا، دراسة في هذا الشأن، ورصد خلالها أدمغة المبحوثين أثناء أدائهم مهام مختلفة، ووجدوا أنه عندما تكون هناك مجموعة من المنشطات البصرية أمامك، فإن الدماغ تركز فقط على عنصر أو اثنين.

Embed from Getty Images

وإذا انشغلت بأمرين فإن انتباه الدماغ تركز عليهما بالتناوب مما يُبطئ عملها ويقلل من كفاءتها، وإذا حاولنا التركيز على الأمرين في الوقت نفسه، فإن هذا يُحمل الدماغ فوق طاقته، وقد يظهر هذا بوضوح عند محاولة كتابة بريد إلكتروني مثلًا أثناء التحدث إلى الهاتف، فيجد أن المخ عمل ببطء أكبر، ولعلك تستطيع اكتشاف أن صديقك التي تحدثه هاتفيًا،  يطلع على مثلًا على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء المحادثة، من خلال ردوده البطيئة، وشرود ذهنه.

4- نوم أقل إنتاجية أقل

مع كثرة الشعور بالانشغال يهمل البعض في حصوله على النوم الجيد ويقلص من ساعات نومه الطبيعية، ويعتبر ذلك مؤشر على كثرة الانتاجية والاجتهاد، ولكن هذه الأسطورة في الواقع  تُكلف اقتصاديات الدول مليارات الدولارات، بل وقد يؤدي اضطراب النوم لزيادة معدل الوفيات، بحسب دراسة بحثية متخصصة.

ففي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)  من عام 2017،  أجرت مؤسسة «راند أوروبا» للدراسات والأبحاث، دراسة عن التكلفة الاقتصادية لاضطرابات النوم، والنوم غير الكافي، على اقتصاديات خمسة من أقوى الدول اقتصاديًا على مستوى العالم، وهم أعضاء بمنظمة « التعاون الاقتصادي والتنمية»، وأظهرت الدراسة خسائر اقتصادية فادحة نتيجة اضطراب النوم للعاملين في الدول محل الدراسة، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا.

علوم

منذ 4 سنوات
ليس وقتًا ضائعًا من عمرك.. 5 دراسات علمية تثبت إمكانية التعلم خلال «النوم»

وبلغت الخسائر الاقتصادية مجتمعة للنوم غير الكافي، في الدول الخمس محل الدراسة، 630.6 مليار دولار، وتراوحت نسبة الخسائر الاقتصادية تلك من 1.35% إلى 2.92% من الناتج القومي العام للدولة محل الدراسة، ولم تقتصر النتائج السلبية للنوم غير الكافي على الخسائر الاقتصادية فقط، وإنما امتد لخسائر «بشرية» أيضًا؛ إذ يتسبب النوم غير الكافي في  خفض متوسط عمر مواطني الدول محلّ الدراسة بشكلٍ عام، وأفادت الدراسة بأن من ينامون أقل من ست ساعات يوميًا في المتوسط، يزيد معدل وفياتهم بنسبة 13% بالمقارنة بمن ينامون من سبع  إلى تسع ساعات يوميًا في المتوسط، وتقل تلك النسبة لتصل إلى 7% بالنسبة للأفراد الذين ينامون من ست  إلى سبع ساعات يوميًا في المتوسط.

5- الانشغالات الوهمية تكلف كثيرًا

ليست كل الانشغالات جدية وحقيقية ولكن منها ما يمكن اعتباره بـ«انشغالات وهمية» وبالأخص تلك المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي، فكثرة مواقع التواصل الاجتماعي الذي تفتحها على هاتفك الذكي، والإشعارات التي لا تتوقف وتدخلك في دوامة من الانشغالات والردود المرتبطة بالعمل وغيرها غير المرتبطة بالعمل؛ تشتت انتباهك بنسبة كبيرة، فهؤلاء الذين يعملون وبجانبهم هواتفهم الذكية مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يزيد شعورهم بانشغال قد يكون «وهميًا» وعديم الجدوى، ويؤثر سلبًا في كفاءة عملهم وإنتاجيتها.

فوفقًا لدراسة علمية من مؤسسة طبية دولية تعود لنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، فإن إشعارات الهاتف الذكي وتنبيهاته التي تقاطعك، يمكنها أن تؤثر في  كيمياء الدماغ، فهاتفك الذي بجانبك والذي يضيء ويصدر أصواتًا بين الحين والآخر عندما تأتيه إشعارات، يؤدي إلى تشتيت الانتباه عن المهمة التي تنفذها، ويؤدي إلى ما يُسمى بـ«تكلفة تحول» الانتباه.

والذي يعني بعبارات أكثر وضوحًا، أنه عندما يأتي مشتّت مثل إشعار الهاتف الذكي، فإننا نحوّل انتباهنا من المهمّة التي ننفذها، ونتشتّت بالإشعار، وبعد ذلك نعود مرة أُخرى للمهمة التي كنا ننفّذها، وهو أمر مكلّف لقوّة الدماغ وانتباهه، وكذلك الوقت الذي نستغرقه في عملية التحويل تلك. «نحن نعتقد أن الإشعارات تشتّت وتعيق كفاءة الذهن بنسبة تصل إلى نحو 40%»، هذا ما قاله سكوت بيا، الطبيب النفسي في مؤسسة «كليفلاند كلينيك» الطبية الأمريكية.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد