يتناول المقال ردود أفعال الحكومة و الصحافة الألمانية بعد واقعة مقتل أسرة فلسطينية تحمل الجنسية الألمانية أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة و كيف يرى أبناء هذه الأسرة الذين مازال بعضهم مقيما في ألمانيا الإتحادية أن موقف الحكومة الألمانية مخز و مخيب للآمال .

ينتظر الأشقاء كيلاني حتى الآن رد فعل أو تصريحا من جانب الحكومة الألمانية ردا على مقتل والدهم و عائلته حيث لقي والدهم و زوجته و أبناؤهم الخمس بجانب ثلاثة من أشقاء الزوجة حتفهم خلال غارة جوية إسرائيلية استهدفت الأحياء السكنية في قطاع غزة و تم القصف أثناء تجمعهم مع بعض من أفراد عائلتهم لتناول طعام الإفطار سويا على سطح منزلهم خلال أحد أيام شهر رمضان الكريم . يقول رمسيس كيلاني الإبن الأكبر 22 عاما و أخته ليلى أنهم لم يحصلوا حتى الآن على تصريح أو حتى خطاب تعزية و أنهم يشعرون بخيبة أمل عميقة.

درس الأب إبراهيم الكيلاني 53 عاما في جامعة سيجين الألمانية و تزوج من صديقته ألمانية الجنسية و عمل بعدها كمهندس معماري في أحد أكبر المكاتب الهندسية في المقاطعة إلى أن توفي صاحب المكتب و تم غلقه بعدها و باءت محاولاته للعمل كمهندس مستقل بالفشل. بعدها بعدة سنوات انفصل عن زوجته و يقول رمسيس عن والده أنه أصبح يشعر أنه لم يعد له مستقبل أو هدف في ألمانيا .

عاد الأب إبراهيم الكيلاني إلى غزة و سرعان ما اشتهر و أصبح مطلوبا في الكثير من المشاريع الهندسية. يحكي الإبن أن والده كان دائما ما يخبره بأن الشمس قليلا ما تسطع في ألمانيا و هو تعبير دارج كناية عن عدم حبه للمعيشة في ألمانيا .استقر الأب و وضع جذوره مرة أخرى في أرض فلسطين و أصبح يشعر بتحسن أحواله .

بعد عودة والدهم قبل 14 عاما إلى منزل والديه في فلسطين، تزوج للمرة الثانية و أسس عائلته الجديدة هناك و على الرغم من ذلك لم ينقطع الاتصال بينه و بين أولاده من زوجته الأولى في ألمانيا حتى لحظة ذهابه عن عالمهم .لأسباب عديدة لم ير ولداه المقيمان في ألمانيا أباهما منذ سنوات عديدة و لكنه حادثهما قبل الواقعة بيوم واحد مطمئنا إياهما و أكد لهما أنها لا ينبغي أن يقلقا.

يحكي الإبن أن والده قد قام هو و زوجته و أولاده الخمس الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 12 سنة بتغيير مكان سكنهم خوفا من الغارات الإسرائيلية و يضيف: لقد علمت بنبأ وفاة والدي من أمي و أختي اللتين أتيتا بالسيارة لمقابلتي و أنا في طريقي إلى العمل .و يقول استقبلت أختي رسالة على الفيسبوك من مهندس صديق يعمل مع والدنا يوضح الواقعة و به لينك لأحد المواقع العربية الذي يحتوي على قائمة بأسماء القتلى و فيديو قصير يوضح محاولات إنقاذهم و انتشال جثثهم .

  1. مواطنون درجة ثانية

 

يحكي الإبن أنه في أواخر يوليو أصبح خبر مقتل عائلة ألمانية في غزة معروفا و منتشرا و مع ذلك تجاهلته وسائل الإعلام المختلفة. على الرغم من امتلاك جريدة الBILD الألمانية الشهيرة صورا للعائلة إلا أنها لم تنشر الواقعة في حين أن ذات الجريدة قامت مؤخرا بنشر صور لجميع الجنود الإسرائليين الذين لقوا حتفهم أثناء العدوان على غزة.

و يرى كيلاني الإبن أن الحكومة الألمانية تتبنى هي الأخرى نفس تلك المعايير المزدوجة. و يستطرد قائلا أنه بعد حادثة مأساوية مماثلة – تحطم طائرة فرنسية في منطقة الساحل الإفريقي أواخر يوليو الحالي التي لقيت فيها أسرة ألمانية مكونة من أربعة أفراد حتفها – أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعربت عن أسفها و قدمت التعازي علنا لأسرة الضحايا .و يؤكد على كلامه بواقعة أخرى بعد إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية في شرق أوكرانيا التي لقي فيها أربعة أشخاص يحملون الجنسية الألمانية مصرعهم و طالبت فيها المستشارة بضرورة توضيح ملابسات الحادث و هددت بوتين الرئيس الروسي بتشديد العقوبات على روسيا في حالة ثبوت مسؤوليتها عن الحادث .ثم أوضح أنهم لم يحصلوا حتى الآن على الأقل على إشعار رسمي من الشرطة بوفاة والدهم و هو المعتاد عليه في مثل هذه الحالات .

يرى رمسيس كيلاني أن هذا دليل على أن ليس كل المواطنين سواء في ألمانيا . الضحايا الألمان الذين ينحدرون من أصول ألمانية و لا يمتلكون أي خلفيات عرقية مهاجرة أخرى هم في المرتبة العليا و ذوو أولوية.

هذه التجربة سيحولها رمسييس كيلاني إلى معترك السياسة قائلا أن الموضوع لا يدور حول إظهار التعاطف بل يصل إلى إلقاء اللوم على الحكومة الألمانية بسبب إرسالها للأسلحة و بيعها لإسرائيل التي تستخدمها في قتل الأبرياء و يؤكد إبن ال 22 ربيعا أنه سيتحرك في هذا المجال قائلا ” لا أريد أن تمر عائلات أخرى بمثل ما مررنا به ” .

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد