قد يجيد الوالدان التعامل مع ارتفاع عابر لدرجة حرارة جسم صغيرهم ويجدون أنه لا داعي لزيارة الطبيب، إلا أن ذلك الوحش المخادع يمكن ألا يكون مجرد عرض عابر، بل ناقوس خطر لأمراض تعرقل مسيرة حياة الطفل ويصاب على إثره بمرض مزمن يعاني معه الطفل طوال حياته.
في أقرب الأمثلة المنتشرة حاليًا، نجد التهاب الكبد الذي يستهدف الأطفال من عمر شهر إلى 16 سنة وتختلط أعراضه مع الكثير من الأمراض، فتجد من بين أعراضه (الإسهال وارتفاع درجة الحرارة وآلام المعدة). للحظات الأولى قد تنخدع الأم وتعتقد أنه أحد أدوار التهاب الحلق الذي يتسبب في صديد وآلام المعدة وعليه تتدهور الحالة مع الدواء الخطأ، من هنا على كل أم الوقوف على أعراض لا يجب عليها التهاون معها أو الاعتماد فقط على العلاج المنزلي.
الأعراض نفسها لكن أمراضًا مخيفة تقف وراءها
وجد أطباء الطوارئ في عدد من المشافي العالمية أن هناك عددًا من الأعراض لا مجال للتغافل عنها أو الاعتماد فيها على العلاج المنزلي فقط ويجب الإسراع إلى الطبيب، فيوضح ألفريد ساكيتي، رئيس طب الطوارئ في مركز «Our Lady of Lourdes» الطبي في كامدن، نيوجيرسي، والمتحدث باسم الكلية الأمريكية لأطباء الطوارئ متوجهًا للوالدين: «لا حرج في زيارة غرفة الطوارئ التي لا تؤدي إلا إلى الطمأنينة وسط اختلاط الأعراض الطبية».
وفيما يلي نقف على أبرز الأعراض الطبية المتشابهة والتي لا يمكن التساهل في التعامل معها وما تخفيه وراءها.
1- لا تنخدع في ارتفاع الحرارة فقد يصل بطفلك إلى غرفة العمليات
عليك أولًا معرفة أن ارتفاع درجة حرارة الجسم، إشارة جيدة إلى أن جسم الطفل وجهازه المناعي بخير، فهي جزء من طريقة الجسم للدفاع عن نفسه ضد العدوى، كذلك عليك معرفة أن أدوية الحرارة تعمل فقط على معالجة العرض الظاهر وليس سبب الحمى.
كما أن هناك حدودًا في التعامل المنزلي معها فإذا تخطت درجة الحرارة 38 درجة دون انخفاض يفضل الذهاب بالطفل إلى الطوارئ خلال 48 ساعة من ارتفاع حرارته حدًّا أقصى. كذلك إذا قلت درجة حرارة الجسم عن 35 درجة مئوية يكون مؤشرًا خطرًا يحتاج إلى تدخل طبي.
يكاد يكون ارتفاع درجة حرارة الطفل أحد أشهر الأعراض الطبية التي تصيب الأطفال؛ وفي حال الأطفال أقل من شهرين يجب التوجه مباشرة إلى الطوارئ، لكن الخطورة تقل في الأطفال الأكبر، ويتحدد ذلك تبعًا للأعراض المصاحبة لذلك الارتفاع في درجات الحرارة، وفقًا لأندرو أديسمان، رئيس قسم طب الأطفال التنموي والسلوكي في مركز ستيفن وألكسندرا الطبي للأطفال في نيويورك.
فمن التطورات الخطرة التي قد تتسبب بها الحرارة المرتفعة حدوث نوبات التشنجات، والتي تأتي بسبب نشاط كهربائي سريع وغير منسق في الدماغ وارتفاع حرارة الدماغ. ويمكن أن تتسبب في تصلب وارتعاش في الذراعين والساقين وفقدان الوعي. يُعرف هذا بالتشنج الحموي وهو شائع جدًّا عالميًّا ويتطلب تواصلًا سريعًا مع أرقام الطوارئ بشكل خاص إذا استمرت أكثر من خمس دقائق، أو إذا كان لدى الأطفال صعوبة في التنفس. وقد يحدث الأسوأ وتؤثر تلك النوبات في القوى العقلية والجسدية للطفل مدى الحياة في حال التعامل الخاطئ معها.
وهناك عدد من الأخطاء يجب ألا تقع فيها إذا ارتفعت درجة حرارة طفلك، حتى لا تقوده لغرفة العمليات مثل:
- إعطاء الأسبرين للأطفال دون سن 16 سنة.
- الجمع بين الإيبوبروفين والباراسيتامول يجب أن يكون بإشراف طبي، إذ إن له عواقب وخيمة.
- إعطاء الباراسيتامول لطفل أقل من شهرين.
- إعطاء إيبوبروفين لطفل أقل من 3 أشهر أو وزنه أقل من 5 كجم.
- إعطاء إيبوبروفين للأطفال المصابين بالربو.
2- آلام الرأس والصداع قد تقود إلى الوفاة!
قد يكون الصداع مجرد عرض عابر بسبب الحساسية أو قلة النوم، ومشكلات في الرؤية أو مشاهدة التلفزيون أو الموبايل لفترة طويلة. ويمكن علاج الصداع في تلك الحالات من خلال مسكنات الألم، مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين، وذلك بعد استشارة الطبيب. مع العلم أنه يفضل زيارة الطبيب مباشرة في حال كان الطفل الذي يشكو من الصداع، أقل من أربع سنوات، إذ إنه من غير الطبيعي إصابتهم بالصداع في تلك السن.
لكن عليك مراقبة طفلك فقد يكون خطرًا في حالة أن صاحبته أعراض معينة مثل ظهور بعض العلامات الحمراء على الجلد، أو القيء، وفقدان التوازن، أو عدم وضوح الرؤية، أو الضعف، وكذلك تصلب الرقبة. في تلك الحالات عليك التوجه مباشرة إلى الطبيب لأنه قد يكون علامة على مرض التهاب السحايا الجرثومي أو في حالات نادرة: أورام الدماغ السرطانية.
والتهاب السحايا عبارة عن التهاب يصيب الغشاء المحيط بالدماغ والحبل الشوكي وينتج عادة من عدوى، ويمكن أن يكون مهددًا لحياة الطفل ويقوده للوفاة في حال التعامل الخاطئ معه، وتشمل علامات الالتهاب الرئيسية الصداع، والتهاب الرقبة وتيبسها، والقيء، وعدم القدرة على النظر إلى الضوء الساطع. وقد يصاحبه طفح جلدي لا يختفي عند الضغط على الجلد.
3- القيء الحميد والقيء القاتل.. لا تستخف بهذا العرض
القيء كغيره من الأعراض المنتشرة بين الأطفال بعضها يكون خطيرًا أو حميدًا. فمع الرضع قد يكون ارتجاع مريء ويمكن علاجه مع متابعة الطبيب، وتقل حدته كلما كبر الطفل، أما مع الأطفال الأكبر سنًّا فقد يكون بسبب طعام زائد، أو التهاب المعدة والأمعاء، والمعروف أيضًا باسم (إنفلونزا المعدة) وهو التهاب حميد، لكن عندما لا يستطيع الطفل الاحتفاظ بكميات صغيرة من السوائل، فذلك إشارة إلى الجفاف، وهو خطر شديد يهدد حياة الطفل.
تشمل علامات الجفاف انخفاض إنتاج البول، أو غرق العينين، أو النعاس الشديد، أو جفاف الشفاه، أو إذا كان طفلك يتقيأ بشكل متكرر وكان عمره ستة أشهر أو أقل هنا يجب الذهاب إلى الطبيب أو المشفى فورًا حتى يتلقى السوائل من خلال الوريد لإنقاذ حياته.
وفي حال كان الطفل يتقيأ دمًا فهذه إشارة لأمراض خطيرة ويجب الذهاب به للطوارئ، كذلك إذا كان القيء يحتوي على مادة الصفراء – مادة صفراء مخضرة – أو يحتوي على دم يشبه القهوة المطحونة، وذلك للتأكد من أنه لا يعاني من حالة تهدد حياته مثل الأمعاء المسدودة.
4- الإسهال.. عرض لما هو أكبر من عدوى معوية
العرض المرافق عادة للقيء هو الإسهال، ويكون السبب الشائع وراءه علة في المعدة، ويمكن أن يتوقف من تلقاء نفسه بمجرد انتقال الفيروس، لكن المهم مراقبة الطفل ففي حال عدم توقف الإسهال، قد يصيب الطفل الجفاف وهنا عليك الذهاب إلى غرفة الطوارئ بشكل خاص إذا كان يصاحبه ألم شديد في المعدة، أو إذا كان الطفل يغلبه النعاس وغير قادر على البقاء مستيقظًا، كذلك إذا كان هناك دم في البراز فيمكن أن يكون علامة على التهاب القولون التقرحي ومرض كرون، وهما حالتان مزمنتان يمكن علاجهما بمجرد تشخيصهما.
5- كيف تميز بين الطفح الجلدي الحميد والخطير؟
يمكنك التمييز بين الطفح الجلدي العرضي الآمن وبين الذي يتطلب زيارة الطبيب، من خلال الضغط على موضع الاحمرار، فإذا زال بمجرد الضغط عليه فهو حميد وسيمر، لكن إذا كان لا يزول؛ هنا يجب التوجه فورًا للطوارئ، إذ يمكن أن يشير إلى حالة طبية طارئة مثل التهاب السحايا أو تعفن الدم، خاصة عندما يكون مصحوبًا بارتفاع درجات الحرارة.
ويمكن أن يظهر هذا النوع من الطفح الجلدي أيضًا على الوجه بعد نوبات عنيفة من السعال أو القيء، ولا يكون خطرًا في تلك الحالة إذا كان في منطقة واحدة فقط، ويفضل مراجعة الطبيب في كلتا الحالتين.