ترتبط الصورة الذهنية بأمريكا لدى البعض على أنها «جنة الأمن» في العالم، ولكن أرقامًا وحقائق قد تبدو صادمة، ترتبط إجمالًا بقوانين إتاحة حمل السلاح الناري هناك، تكسر تلك الصورة، من بينها أنّ 37 شخصًا يُقتل يوميًا نتيجة العنف المسلح، وأن نحو نصف المدنيين الذين يملكون السلاح في العالم يعيشون في أمريكا.
7 دول عربية تتفوق على أمريكا في مؤشر الأمان العالمي 2017
في نهاية سبتمبر (أيلول) 2017، خرج للنور مؤشر الأمان العالمي لعام 2017-2018، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يتضمَّن تصنيف 137 دولة حول العالم، ويعتمد المؤشر على عدة معايير لقياس مستوى الأمان للدولة محلّ الدراسة، تتمثل بشكل أساسي في «تكاليف أعمال الجريمة والعنف»، و«تكاليف أعمال الإرهاب»، و«معدلات الإصابة بالإرهاب»، و«معدلات القتل»، و«موثوقية جهاز الشرطة، ومدى قدرته على توفير الحماية من الجريمة».
وأظهر المؤشر تأخرًا أمريكيًا، في الترتيب؛ إذ حلّت أمريكا في المركز رقم 45 عالميًا، وكان من اللافت أيضًا تفوَّق سبع دول عربية على أمريكا، وهي: الإمارات (المركز الثاني)، وقطر (المركز الثالث)، وعُمان (المركز الرابع)، والسعودية (المركز رقم 20)، والبحرين (المركز رقم 30)، والمغرب (المركز رقم 32)، والأردن التي جاءت مباشرة فوق أمريكا في (المركز رقم 44).
اقرأ أيضًا: الإمارات ثانيًا وعُمان رابعًا.. تعرف على ترتيب بلدك في «مؤشر الأمان العالمي»
أمريكا تتصدر الدول المتقدمة في القتل بالسلاح الناري
في الوقت الذي تفوقت فيه عدد من الدولة العربية على الولايات المتحدة الأمريكية في مؤشر الأمان العالمي، تفوقت أمريكا على نظيراتها من الدول المتقدمة بفارق كبير، في عمليات القتل بالسلاح الناري، فوفقًا لدراسة موسعة أجرتها صحيفة الجارديان، وتعود لعام 2012، تدرس علاقة حمل المسدسات والأسلحة النارية بمعدلات القتل، تبين تفوق أمريكا على الدول المتقدمة.

من بين كل مليون شخص في أمريكا يُقتل بسلاح ناري29.7 شخصًا في المتوسط (المصدر: فوكس)
فوفقًا لأرقام الدراسة، من بين كل مليون شخص في أمريكا يُقتل بسلاح ناري 29.7 في المتوسط، وهو ما يساوي نحو 16 ضعف الرقم في ألمانيا (1.9 شخص في المتوسط)، ويساوي نحو ستة أضعاف الرقم في جارتها كندا (5.1 شخص في المتوسط)، وحاول عدد من الأبحاث التابعة لجامعة هارفارد، الوقوف على السبب وراء ذلك التقدم الأمريكي، وخلصت إلى أن التقدم الأمريكي في هذا الجانب يرجع ببساطة إلى أن مالكي السلاح في أمريكا أكبر بكثير من نظرائها في الدول المتقدمة.
نحو نصف المدنيين المالكين للسلاح الناري في العالم يعيشون في أمريكا!
لا يرتبط ارتفاع نسبة المدنيين المالكين للسلاح الناري في أمريكا، بالدول المتقدمة فقط، ولكن ارتفاع تلك النسبة في أمريكا ملحوظ بالنسبة لدول العالم ككل، فبالرغم من أن نسبة سكان الولايات المتحدة الأمريكية، تبلغ 4.43% فقط من نسبة سكان العالم، فإن نحو نصف المدنيين المالكين للسلاح الناري في العالم يعيشون في أمريكا؛ إذ يبلغ عدد المدنيين المالكين للسلاح الناري في العالم 644 مليونًا، 42% منهم يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية.

42% من المدنيين المالكين للسلاح الناري في العالم يعيشون في أمريكا
أكثر من واقعة قتل جماعي يوميًا في أمريكا
عقب أحد حوادث إطلاق النار الجماعية التي وقعت في أمريكا في سبتمبر 2015، قال الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما إن حوادث إطلاق النار في أمريكا «أصبحت أمرًا روتينيًا» ويبدو أن كلمات أوباما تلك تحققت حرفيًا في ذلك العام.
فمنذ بداية عام 2015، وحتى الثاني من ديسمبر (كانون الأول) من نفس العام وقعت في أمريكا 355 واقعة قتل جماعي باستخدام السلاح الناري، خلال 336 يومًا فقط، بحسب دراسة استقصائية لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وهو ما يعني في المتوسط أن أكثر من حادثة إطلاق نار تقع في اليوم الواحد داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

المصدر: واشنطن بوست
وبحسب الرسم التوضيحي الذي أوردته الصحيفة الأمريكية في تقريرها، فإن اللون الأبيض يعني عدم وقوع حوادث إطلاق نار، واللون الأصفر يشير إلى وقوع حادثة واحدة، واللون البرتقالي يشير إلى وقوع حادثتين، فيما يشير اللون الأحمر إلى وقوع ثلاث حوادث فأكثر.
ما لا يقل عن 37 شخصًا يُقتل يوميًا في أمريكا نتيجة العنف المسلح
وبلغة أرقام أكثر تحديدًا، تورد مؤسسة «Gun Violence Archive» (أرشيف العنف المسلح)، التي نشأت عام 2013، إحصاءات يومية وسنوية عن هجمات العنف المسلح في أمريكا في أعوام 2014، و2015، و2016، و2017، مستبعدةً حالات الانتحار باستخدام السلاح الناري التي تقول إنها تبلغ سنويًا 22 ألف حالة في المتوسط في أمريكا.
ومنذ بداية عام 2017، حتى يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول) منه، بلغت حوادث العنف المسلح في أمريكا: 49.934 حادثة، أسفرت عن مقتل 12.459 شخصًا، وإصابة 25.467، فيما وصلت في عام 2016 إلى 58.784 حادثة، أسفرت عن مقتل 15.080 شخص، وإصابة 30.616.
ووصلت في عام 2015 إلى 53.706 حادثة، أسفرت عن مقتل 13.502 شخصًا، وإصابة 27.039، فيما وصلت في عام 2014 إلى 51.882 حادثة، أسفرت عن مقتل 12.572 شخصًا، وإصابة 23.01. وبحساب متوسط الحوادث والقتلى والمصابين خلال ثلاثة أعوام كاملة مضت (2014، 2015و2016)، فيبلغ متوسط عدد حوادث العنف المسلح سنويًا 54.790 حادثة، يسفر عنها مقتل 13.718 وإصابة 80.668، وهو ما يعني أن هناك ما لا يقل عن 37 شخصًا يقتل يوميًا في أمريكا نتيجة العنف المسلح.
47 % من الأمريكيين مع حق حمل الأسلحة النارية
على الرغم من الخسائر البشرية الضخمة الناتجة عن امتلاك المدنيين الأمريكيين للأسلحة النارية، ذلك الحق الذي يحميه التعديل الثاني من الدستور الأمريكي، لا تزال قضية امتلاك الأسلحة النارية محل خلاف وجدل وانقسام في الأوساط الأمريكية، وكلما وقعت حادثة قتل جماعي يتجدد الحديث عنها، والجدل بشأنها.
وحاول أوباما خلال فترة ولايته مرارًا وتكرارًا فرض المزيد من السيطرة والتحكُّم في حمل السلاح في أمريكا، وقد كثّف أوباما محاولالته في النصف الأخير من العام الماضي، وبالأخصّ بعد وقوع هجوم فلوريدا، الذي كان وقتها أسوأ هجوم إطلاق نار في تاريخ أوباما، ووقع في 12 يونيو (حزيران) 2016، وأسفر عن مقتل 49 شخصًا، وأُصيب 53 آخرين داخل ملهى ليلي للمثليين في مدينة أورلاندو، ولكن محاولات أوباما باءت بالفشل في ظل السيطرة الجمهورية على أكثرية مقاعد الكونجرس.
وفي السادس من أبريل (نيسان) 2017، خرج للنور استطلاع رأي أجراه مركز بيو للدراسات، هو الأحدث من نوعه بالنسبة للمركز حتى الآن، وأظهر الاستطلاع انقسامًا أمريكيًا أيضًا بشأن قوانين حمل السلاح هناك، وأظهر أن 47% من الأمريكيين مع حق حمل الأسلحة النارية، في مقابل 51% مع فرض التحكم والسيطرة على السلاح.
ومن الممكن أن تتغير تلك الأرقام وتتجه أكثر نحو تحجيم امتلاك السلاح في أمريكا، بعد وقوع أسوأ هجوم إطلاق نار في تاريخ أمريكا على الإطلاق، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2017، الذي وقع في لاس فيجاس وأسفر عن مقتل 59 شخص وإصابة أكثر من 500 آخرين، ولكن وإن تغيرت أرقام الاستطلاعات من الصعب أن تتغير القوانين على أرض الواقع مع تمسك الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، وحزبه الجمهوري بها.