ما زالت مظاهر العسكرية واضحة عليه، شهران فقط لم تكن فترة كافية للتحول لمدني كاملًا، فظهر وكأنه يرتدي بذلته العسكرية قائدًا للجيش المصري، ينظر بحسم، ويتحدث بقوة، والثقة ظاهرة في كلماته ووعوده، «في سنتين سيشعر المواطن بتحسن»، قالها السيسي في مايو (آذار) 2014 خلال الحملة الدعائية لانتخابات الرئاسة المصرية، ومنذ ذلك الحين وما زال المواطن المصري يحاول أن يشعر بذلك التحسن أو أي مؤشرات له.
محاولة إيصال الشعور بالثقة للمواطن دفعت الرئيس المصري للتورط في العشرات من الوعود المحاطة بفترة زمنية وتوقيتات محددة، ووعود زمنية، تورط فيها الرجل دون طلب أو دفع من أحد أو مظاهرات أو انتفاضات شعبية ليرضيها، كان دافعه فقط في نظر العديد من المراقبين استعراضًا لقوة لا يمتلكها وآمال لم تحقق، إلى أن وصل الحال بـالرئيس والمشير سابقًا منذ ساعات معدودة أن يتحدث للشعب ورجال الأعمال والجميع قائلًا: «أطالبكم بالصبر ستة أشهر فقط».
ستة أشهر فقط
«من فضلكم من فضلكم قفوا جنب بلدكم مصر ستة شهور فقط» نداء من الرئيس المصري للمواطنين ورجال الأعمال وكل الفئات المصرية، السيسي لا يجد أي أزمة في كثير من الأحيان في تحميل المواطن المصري مسؤولية ما يحدث وارتفاع الأسعار، وعادًة ما يطالب الشعب بالصبر والتحمل والجلد.
مطالبة الوقوف جانب مصر والصبر لمدة ستة أشهر جاءت يوم الأربعاء الماضي خلال افتتاح المرحلة الأولى للمزارع السمكية في محافظة الإسماعيلية، وقال إن الدولة جادة في تحركاتها، و«هننجح» أكثر في الفترة المقبلة.
ولعل أقرب مطالبة من الرئيس المصري للشعب بالتحمل وعدم الحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، كانت في المقطع الشهير له الذي تحدث فيه عن ثلاجته التي كانت فارغة من الطعام لمدة عشرة سنوات، وكان يوجد بها مياه فقط، وأثارت تلك التصريحات عاصفة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
السيسي لـ «الشعب»: اصبروا 6 شهور
السيسي ومتلازمة «عامين»
في فندق الماسة الخاص بالقوات المسلحة والذي اتخذ مقرًا للسيسي خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في 2014، بسبب الوضع الأمني لوزير الدفاع المستقيل منذ شهور، كان هناك الحوار الأول بين السيسي والإعلامي إبراهيم عيسى والإعلامية لميس الحديدي. الجميع يحاول أن يكتشف أفكار السيسي ورؤيته وأفكاره ولكن دون جدوى، واستطاع السيسي أن يصمت عشرات المرات دون تعليق علي الكثير من الأسئلة، غير أن سؤالًا واحدًا عابرًا هو «متي سيشعر المواطن بالتحسن في حياته؟» كان له رد محدد عند الرجل، وبكل قوة وحزم قال السيسي: سنتين «عامين»، علي ما يبدو أن المفاجأة أربكت كلًا من عيسي والحديدي ليعاد السؤال مرة أخرى «عامين فقط؟» ليؤكد السيسي: «عامين فقط إن شاء الله».
«العامين» كانت فترة جيدة للتعامل مع الأزمات ولكنها استمرت في حياة السيسي لشهور وعاد في سبتمبر (أيلول) 2014 أي بعد ثلاثة أشهر من انتخابه رئيسًا، ليقول: «اصبروا عليّ سنتين واشتغلوا معايا، وحاسبوني بعدها، ويا رب أكون عنوان كويس لمصر»، وبالرغم من مرور الشهور إلا أن «السيسي» ظل متمسكًا بمصطلح «عامين» وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) من نفس العام- 2014 -عاد السيسي وطالب المصريين بالصبر مرة أخري لـ«عامين»، وخلال افتتاح مشروعي مطار الغردقة الدولي والميناء البحري قال: «المصريين البسطاء اطمئنوا يا مصريين خلال عامين سترون النتائج».
ومتلازمة العامين استمرت خارج مصر وخلال لقاء عقده الرئيس المصري مع أعضاء الجالية المصرية في ألمانيا، أثناء زيارته لبرلين في يونيو (حزيران) 2015 وقال السيسي حينها: «ستشهد مصر نهضة حقيقية وستظهر آثارها بعد عامين، سنتين كمان هتلاقوا أمر عجيب حصل في مصر، وهتستغربوا حصل إزاي.. ده هيحصل بإرادة المصريين».
السيسي لـ«المصريين»: «اصبروا معايا سنتين واطمئنوا».
ضبط الأسعار في شهرين
يعد الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيش فيه أغلب الشعب المصري، أحد أهم وأكبر المشكلات التي تواجه عبدالفتاح السيسي، وظهر الرئيس المصري في عدد من المؤتمرات والكلمات مؤكدًا للشعب المصري قرب ضبط الأسعار خلال فترات زمنية محددة وقريبة، ونبدأ من يوليو (تموز) 2014، وبعد أيام من رفع أسعار عدد من السلع الأساسية التي تهم كل المواطنين، قال السيسي في خطاب متلفز في الذكرى الهجرية لانتصارات حرب أكتوبر (تشرين الأول)، العاشر من رمضان: «كان من الضروري رفع بعض السلع ونظام الدعم يستفيد منه الأغنياء على حساب الفقراء، وسنسعى لضبط الأسعار».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وخلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة قال: «بنهاية الشهر الجاري ستتدخل الدولة لتقليل الأسعار بشكل مناسب»، وعاد في نفس الشهر ليتراجع خلال افتتاح مشروعات في شرق بورسعيد قائلا: «الجميع سيلاحظ انخفاضًا حقيقيًّا في أسعار السلع الأساسية بنهاية ديسمبر».
ومع دخول العام 2016 كانت ارتفاعات الأسعار المستمرة، ومع تصاعد أزمة «تيران وصنافير» التقى السيسي بمجموعة من ممثلي مجلس الشعب والمجلس القومي لحقوق الإنسان والنقابات المهنية والعمالية وكتاب وصحفيين، كان ذلك تحديدًا مع بداية إبريل (نيسان) 2016 وقال: «لن يحدث تصعيد في الأسعار مرة أخرى، حتى لو سعر الدولار ارتفع مرة أخرى، والجيش مسؤول والدولة مسئولة عن ذلك.. هذا وعد».
وفي نهاية نفس الشهر أبريل (نيسان) وخلال كلمته المتلفزة بخصوص أعياد تحرير سيناء، طالب وقتها الحكومة والقوات المسلحة ببذل الجهود للحفاظ على الأسعار وعدم ارتفاعها حتى لو حدث تذبذب في سعر الدولار، وكلف الحكومة بحساب فرق الأسعار والتضخم الناتج عن الارتفاع، وفي سبتمبر (أيلول) 2016 وخلال افتتاح مشروع بشاير الخير في غيط العنب في محافظة الإسكندرية قال: «خلال شهرين، السلع سيتم خفضها، نتيجة زيادة المعروض، بغض النظر عن سعر الدولار، وهذا التزام من الحكومة للشعب المصري».
https://www.youtube.com/watch?v=hfLlZ75q5qI
السيسي: لن يحدث تصعيد في الأسعار بشأن السلع .. وده وعد
المشروعات الكبرى
وخلال العامين ونصف، وهي الفترة التي حكم فيهم السيسي بشكل رسمي، كانت له العديد من التعهدات، من أبرزها وبشكل سريع مشروع المليون فدان، والذي قال عنه السيسي إن التكلفة الاستثمارية لمشروع «المليون فدان» تصل إلى 150 مليار جنيه، وسيشكل استيعابًا لنحو 500 ألف نسمة، ولم يُعرف حتى الآن مصير ذلك المشروع.
بالإضافة إلى تفريعة قناة السويس التي طرحت فيها شهادات وقام العديد من المصريين بشرائها بمبالغ وصلت لنحو 68 مليار جنيه، ورغم التوقعات من مهاب مميش – رئيس هيئة قناة السويس- بوصول عائدات القناة عقب إتمام المشروع لـ100مليار دولار سنويًا إلا أن الإيرادات انخفضت في عام 2015 في القناة بعد التفريعة إلى 5.175 مليارات دولار، بنقص يصل لـ 290 مليون دولار عن عام 2014.
وتعد العاصمة الإدارية الجديدة واحدة من المشروعات العملاقة التي سوق لها السيسي، وكان من المفترض أن تظهر للنور منذ شهور ولكن لم يتحدث عنها أحد منذ ذلك، ويضاف إلى ذلك فشل المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ الذي أقيم في أبريل (نيسان) 2015، والذي تحدثت الصحف المقربة من الدولة في حينه عن مليارات ستأتي لمصر على هيئة استثمارات، ولم يرَ منها أحد شيئًا، غير المنح والقروض الخليجية.
محاولات الدولة لإقناع المصريين بتحسن الحالة الاقتصادية، لم تكن من خلال الرئيس وفقط، ولكن من خلال الصحف والإعلاميين الذين طالبوا المصريين بعدم الإنفاق، هذا بالإضافة الي إصدار تقارير حول اقتناع المصريين وقبولهم بسياسات السيسي، وفي يوليو (تموز) الماضي نشر المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» استطلاع رأي حول رأي المصريين في أداء السيسي خلال عامين وقال استطلاع الرأي أن نسبة الرضا بأداء الرئيس خلال عامين وصل لنحو 91%.
المحصلة.. أزمات اقتصادية
ويظهر دائما الرئيس المصري معجبًا بسياسته ومزكيًا لأعمال نظامه، على سبيل المثال وخلال افتتاح مشروعات في محافظة أسيوط جنوب القاهرة قال السيسي: «اللي اتعمل السنتين اللي فاتوا مش أمر هين بالنسبة لدولة واقفة بتقاتل، ولازم كل المصريين ياخدوا بالهم»، ولا تعتبر تلك اللكنة الخطابية جديدة أو غريبة على الرئيس بالنسبة للبعض، حيث أعلن الرجل سابقًا عن خشيته من الحديث عن الإنجازات خوفًا من «أهل الشر»، وفقًا لقوله، وبالنسبة للبعض فإن كلمات السيسي ومطالبته دائمًا للشعب نابعة من اقتناعه بأن الأزمة في الشعب، وأن على الشعب قبل أي مؤسسة تحمل الأعباء، ويستشهدون على ذلك بالمقطع الشهير له الذي قال فيه: «مش هناكل منكلش. هنجوع نجوع، إيه المشكلة؟ لكن بلدنا بسلام وأمان والنجاح واضح ولسه هيستمر ومش مهم، المهم نبقى كده».
«اوعوا تخافوا إحنا منكولش بس هنبني بلدنا»
محصلة كل تلك المطالبات بالصبر والوعود بالاستثمار وتحسن الظروف الاقتصادية لم تتحقق حتى الآن وفق المؤشرات الاقتصادية، وقد اعتبر محللون اقتصاديون أن الاقتصاد المصري يشهد أسوء وضع له منذ عقود، فالجنيه يهبط بقوة أمام الدولار وباقي العملات العالمية، وقد نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية في أغسطس (آب) الماضي تقرير تحت عنوان صادم: «خراب مصر.. القمع وانعدام كفاءة عبد الفتاح السيسي سيشعلان انتفاضة أخرى»، وقد أشار تقرير المجلة العالمية المتخصصة للوضع الاقتصادي في مصر معتبرةً إياه مفلسًا ويعتمد على المنح السخية من الدول الخليجية، وقد عدد التقرير أبرز السلبيات التي قام بها نظام السيسي، ولكن رجال السيسي اعتبروا التقرير محاولة لتشويه سمعة مصر قبل إقرار قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.
وشهدت (2015-2016) تراجعًا في ستة مصادر للدولار تعتمد عليهم مصر، وأعلن البنك المركزي المصري في سبتمبر (أيلول) عن عجز بلغ 2.8 مليار دولار في معاملات مصر مع الخارج خلال (2015-2016)، كما وصل الدولار الأمريكي في بعض البنوك المصرية لحوالي 19 جنيهًا.
https://www.youtube.com/watch?v=Vhq0C8lnaHY
السيسي: الحكومة ملتزمة بالسيطرة على الأسعار خلال شهرين
السيسي: المواطن سوف يشعر بتحسن خلال عامين
السيسي لـ«المصريين»: «اصبروا معايا سنتين واطمئنوا».