الهاتف الذكي يبدو مصطلحًا مألوفًا عربيًا، أما «المنزل الذكي» فهو مصطلح جديد وأقل شيوعًا، فماذا يعني المنزل الذكي؟ وما مدى انتشاره عالميًا وطبيعة اقتصاداته وعائداته؟ وما وضع المنازل الذكية في العالم العربي؟ هذه الأسئلة التي قد تتبادر إلى ذهنك عن المنازل الذكية؛ نحاول الإجابة عنها في التقرير التالي.
ما هو المنزل الذكي؟
يعني المنزل الذكي باختصار، التحكم في المنزل من خلال الإنترنت، فالمنزل الذكي هو ذلك المنزل المتربط بأجهزة متصلة مع بعضها في المنزل، وتؤدي بعض الأنشطة والمهام التي تستهدف توفير الوقت والمال والجهد، فالمنزل الذكي يحتوي على العديد من الأجهزة الإلكترونية المختلفة والمدمجة مع بعضها البعض، والتي تعمل عن طريق الإنترنت بلوحة تحكم مركزية؛ يمكن أن تتوفر في الهاتف الذكي عن طريق التطبيقات المختلفة التي يديرها للأجهزة.
ومن خلال المنزل الذكي وأجهزته يمكنك مراقبة المنزل مثلًا، أو التحكم عن بعد في أبوابه أو أصواته أو إضاءته، ودرجة حرارته ومصادر تهويته، وتنتشر المنازل الذكية الأمنية بشكل أكبر، والتي ترتبط بالأغراض الأمنية ومراقبة المنزل والحفاظ عليه، وبالإضافة إلى هذا القطاع من المنازل الذكية، هناك المنازل الذكية المرتبطة بإدراة الطاقة، والثالثة المرتبطة بالترفيه.
سوق المنازل الذكية.. الحاضر والمستقبل
يُقدر سوق المنازل الذكية بعشرات المليارات من الدولارات؛ وهو سوق متصاعد ويمكنه التضاعف خلال سنوات قليلة؛ إذ بلغت صناعة المنازل الذكية في العالم نحو 24.1 مليار دولار في عام 2016، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم هذا السوق خلال ست سنوات ليصل في عام 2022، إلى 53.45 مليار دولار.
وخلال 10 سنوات من عام 2008، وحتى عام 2017، مضت أرقام الاستثمارات في تكنولوجيا المنازل الذكية في مؤشر تصاعد، وارتفعت لما يقترب من خمسة أضعاف؛ إذ بلغ عدد الاستثمارات عام 2008، 19 استثمارًا، ليقفز هذا الرقم عام 2017، إلى 92، نحو ثلثهم في مجال أمن وسلامة المنازل (حوالي 27 استثمارًا).
دول العالم التي تحتضن شركات المنازل الذكية الناشئة، المصدر: bcg
وتُترجم تلك الاستثمارات إلى شركات نائشة متخصصة في المنازل الذكية بالمئات وربما الآلاف في العالم، ففي أكبر سبع دول حاضنة لشركات المنازل الذكية الناشئة لعام 2018 يوجد 1023 شركة، أكثر من نصفهم في الولايات المتحدة الأمريكية التي تصدّرت الترتيب باحضتانها 628 شركة منازل ذكية ناشئة، بفارق كبير يعادل أكثر من ستة أضعاف عن أقرب منافسيها الصين التي تحتضن 103 شركة، ثم بريطانيا التي حلّت ثالثًا بـ88 شركة، ثم كندا بـ57 شركة، ثم الهند بـ51 شركة، ثم ألمانيا بـ50 شركة، فيما حلّت فرنسا سابعًا بـ46 شركة.
الأمن والسلامة.. أهم أهداف المنازل الذكية
ويبرز بين سوق المنازل الذكية المتضخم، سوق المنازل الذكية الأمنية، المرتبطة بإجراءات الأمن والسلامة، الذي من المتوقع أن ينمو خلال العامين المقبلين ليصل حجمه بحلول عام 2021 إلى 22 مليار دولار، ثم يرتفع إلى أكثر من 28 مليار دولار، مع حلول عام 2023.
ومثلما تفوقت الولايات المتحدة الأمريكية في عدد شركات المنازل الذكية الناشئة التي تحتضنها، أظهرت تفوقًا أيضًا في المنازل الذكية الأمنية خصوصًا، وهو أكبر مجال للمنازل الذكية، وبرز التفوق الأمريكي سواء كان في حجم إيرادات المنازل الذكية الأمنية أو نسبة انتشارها.
فتصدرت أمريكا العالم في إيرادات المنازل الذكية الأمنية في عام 2018، بتعديها 5 مليار دولار، ووصولها 5474 مليون دولار، بفارق أكثر من خمس أضعاف عن الصين أقرب منافسيها، بإيرادات تبلغ 1038 مليون دولار، أمريكا والصين فقط هما من تخطى حاجز المليار دولار، إذ تلتهما بريطانيا بـ514 مليون دولار، ثم ألمانيا بـ495 مليون دولار، ثم جاءت فرنسا خامسًا بـ428 مليون دولار.
أكثر دول العالم في المنازل الأمنية الذكية المصدر:statista
ومن بين الدول الخمس السالفي الذكر، تصدرت أمريكا أيضًا نسبة انتشار المنازل الذكية الأمنية بـ15%، تلتهًا بريطانيا بـ8%، ثم ألمانيا بـ5%، ثم الصين التي جاءت نسبة انتشارها 1%، رغم زيادة الإيرادات لما هو أكثر من مليار دولار.
ماذا عن المنازل الذكية في العالم العربي؟
غاب الحضور العربي عن البلاد التي انتشر فيها المنازل الذكية، فذلك المصطلح ليس مألوفًا كثيرًا في العالم العربي، وللتعرف أكثر على وضع المنازل الذكية في العالم العربي، تواصل «ساسة بوست»، مع محمود، مؤسس إحدى الشركات العربية الناشئة في مجال المنازل الذكية.
وخلال مشاركته مع «ساسة بوست» أكد محمود عدم انتشار المنازل الذكية عربيًا، مُفرقًا بين نوعين منهما: الأول يتعمد على البنية التحتية للمنزل، والذي يُراعى منذ تأسيس المنزل ووضع أساساته؛ بأن يكون المنزل ذكيًا بتكنولوجيات تدعم المنازل الذكية، أم النوع الثاني فيكون خلاله المنزل عاديًا في بنيته الأساسية لكن يزود بأجهزة ذكية تغطي مهام ذكية بسيطة مثل شراء «أمازون أليكسا» أو منظم لدرجة الحرارة، وهي أجهزة متوافرة بأسعار جيدة ولكن تحتاج لثقافة «اعمله بنفسك»» للاقتراب أكثر نحو فكرة المنازل الذكية، بحسب محمود.
وبحسب محمود يندر استخدام النوع الأول عربيًا لعدم وجود بنية تحتية مناسبة، جرى مراعتها عن تأسيس المنزل، والاعتماد الأكبر عربيًا في الفترة القادمة سيكون على النوع الثاني بإضافات ذكية لمنازل عادية في بنيتها الأساسية.
وبشكل عام قسّم محمود أنظمة البيوت الذكية من حيث الوظيفة إلى أربعة أقسام، وهي: أنظمة الإنارة وملحقاتها، وأنظمة المكيفات والتحكم بالطقس، وأنظمة الحماية والأمان (وتشمل المراقبة بالكاميرات وحساسات الحركة والتحكم في إغلاق الأبواب وفتحها)، و أنظمة الصوتيات والمرئيات.
وحول مستقبل انتشار المنازل الذكية في العالم العربي، يرى محمود أنه «سيظل قليلًا» في الفترة المقبلة؛ «باستثناء الأنظمة التي تمس حاجة حقيقية، مثل أنظمة الأمان والأنظمة المساعدة على توفير الطاقة مثل منظمات الحرارة».