تبنت كل من الصحف الروسية والتركية الموقف الرسمي لبلادهما تجاه حادثة إسقاط مقاتلتي إف16 لطائرة مقاتلة روسية من طراز سوخوي24، وفي حين دافعت الحكومة التركية عن حقها في الدفاع عن سيادتها، توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام وسيكون هناك رد ما.

الصحف الروسية

صحيفة “برافدا” واسعة الانتشار وصفت إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي، وأبرزت قيام قيادة الأركان العامة بوقف كل الاتصالات التركية مع الجانب التركي كأول رد فعل على الواقعة.


صحيفة موسكو تايمز الناطقة بالإنجليزية أبرزت خبر اقتراح البرلمان الروسي بغرفتيه إلغاء الرحلات الجوية مع الجانب التركي كعقاب لأنقرة على إسقاطها الطائرة. وأشارت الصحيفة إلى إرسال نائب رئيس مجلس الدوما (مجلس النواب الروسي) وعضو حزب “روسيا فقط” نيكولاي ليفيشيف طلبًا رسميًا إلى رئيس وكالة الطيران الدولي داعيًا إلى الإلغاء الفوري لجميع الرحلات مع الجانب التركي.

وأوضح ليفيشيف أن السبب وراء هذا الطلب يكمن في “سلبية السلطات التركية تجاه تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي”، مما يؤدي لوجود خطر من إمكانية تسلل عناصر من هذا التنظيم إلى المطارات التركية وقيامهم بعمليات إرهابية ضد الطائرات الروسية.


صحيفة كوميرسانت عددت المقترحات الروسية الجاهزة كعقاب ملائم لتركيا على إسقاط الطائرة. العقوبات الجاهزة أمام البرلمان الروسي تتراوح بين تجميد العلاقات الثنائية إلى حظر استيراد المنتجات التركية.


الصحف التركية

ونشرت صحيفة جمهوريات تصريحات السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي التي قال فيها: “نحن نواجه موقفًا جديًّا وخطيرًا للغاية”. السكرتير العام أشار إلى أن مهمتم حاليًا هي تقليل الضغط والحرص على عدم التصعيد. وأشار أيضًا إلى ضرورة أن تركز روسيا على ضرب مواقع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعتبر عدوًّا مشتركًا لنا ولهم.


صحيفة خبر ترك من جانبها قالت إن التحذيرات العشرة التي أرسلتها أنقرة إلى الطائرة الروسية قبل إسقاطها تم تسجيلها بالفعل كدليل إدانة واضح للجانب الروسي. الصحيفة نشرت نص التسجيلات التي كانت بالإنجليزية والتي جاء فيها: “القوات الجوية التركية تتحدث، أنت تقترب من المجال الجوي التركي. غير اتجاهك ناحية الجنوب على الفور”.

وأوضحت التسجيلات أن الطائرة الروسية تجاهلت التحذيرات ودخلت الطائرة للمجال الجوي التركي حيث تم إسقاطها عبر طائرتين إف16 تركيتين.


وأشار موقع إن تي في إلى تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول الحادثة والتي قال فيها أن من حق تركيا حماية مجالها الجوي مثل أي دولة ذات سيادة.


الصحف العالمية

وعبرت صحيفة الغارديان البريطانية عن وجهة نظرها في الحادثة قائلةً “كونا هادئين، أنقرة وموسكو”. الغارديان أوضحت أن هذه الحادثة تبين مدى الهشاشة الموجودة بين القوى الدولية المضادة لتنظيم الدولة الإسلامية. الصحيفة وصفت الحادثة بأنها “مثيرة للأعصاب” كونها أثارت احتمالية شبح المواجهة المباشرة بين قوتين كبيرتين، القوة الأولى هي عضو في حلف شمال الأطلسي، والقوة الثانية تملك السلاح النووي. الصحيفة أشارت كيف أن الحرب السورية المعقدة من الممكن أن تمتد على نطاق واسع بشكل مفاجئ.

الصحيفة أوضحت أيضًا إلى أن الجانبين حريصان على تجنب أي تصعيد لا يمكن السيطرة عليه، وهو ما تم ملاحظته من حديث الرئيس الروسي بوتين من أنه سيتم “تحليل الواقعة” وهو مايشير للهجة أقل حدة وأكثر برودة. على الجانب الآخر فعلى الرغم من أن تركيا قد دعت لاجتماع لحلف شمال الأطلسي إلا إنها اختارت عدم تفعيل بند الدفاع المشترك لدول الحلف.

وأشارت الصحيفة إلى أن اللهجة القوية للجانبين الروسي والتركي موجهة داخليًّا على المستوى المحلي لطمأنة الشعوب والظهور بمظهر القوة أمامها، لكن هذا لا يعني وجود مخاطر إستراتيجية واضحة في الأمر.


صحيفة واشنطن بوست الأمريكية من جانبها نظرت للأمر من ناحية حلف شمال الأطلسي. الصحيفة قالت إن الحلف يواجه أزمة شرق أوسطية جديدة بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية. الصحيفة اعتبرت أن هذه الحادثة هي تصعيد خطير من المرجح أن يزيد التوتر في العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

حادثة إسقاط الطائرة جذبت الانتباه مجددًا إلى سيناريو تخشاه وزارة الدفاع الأمريكية وحلفاؤها منذ أشهر، وهو أن ينشأ تضارب نتيجة تداخل المهام الجوية فوق سوريا بين الطيران الروسي وطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.


صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ركزت على وصف واسع للحادثة، فهي ترى أن اثنتين من القوى الكبرى تدعمان فصائل مختلفة متقاتلة في سوريا، قامتا بالاشتباك الجوي المباشر مع بعضهما البعض.

التوترات الناشئة عن الحادثة أعطت إيحاءات مباشرة بالحرب الباردة، وذلك عندما رفضت روسيا ادعاءات الجانب التركي لترد أنقرة بعقد اجتماع طارئ لحلف شمال الأطلسي. بعد الاجتماع أعلن الحلف وقوفه وتضامنه مع الحليف التركي لكنه دعا في الوقت نفسه للتهدئة وعدم التصعيد.


من ناحية أخرى فقد أبدت صحيفة دير شبيغل الألمانية تشككها وتساؤلاتها عن الحادثة. الصحيفة عنونت: “فقط ثوانٍ صغيرة في الجانب الخاطئ” وذلك في إشارة إلى أن الطائرة الروسية لم تجتز المجال الجوي للجانب التركي سوى لثوانٍ، فهل يكون إسقاط الطائرة هو العقاب، الصحيفة تساءلت عن سبب إسقاط أنقرة للطائرة الروسية، فالمعلومات المتاحة حتى الآن تثير الكثير من التساؤلات.

الصحيفة تقول إن المجال الجوي السوري يشهد نشاطًا مستمرًا لطائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها من العرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما أن الطائرات التركية تنشط لضرب مواقع حزب العمال الكردستاني، وأخيرًا تدخلت روسيا للمشاركة في عمليات القصف ضد تنظيم الدولة الإسلامية على حد تعبيرها لكنها تقصف مواقع المعارضة السورية المسلحة بشكل أساسي. كل هذه الطائرات في الجو أخافت البعض لكن الخبراء أجمعوا على صعوبة أن يحدث اشتباك مباشر بين طائرات تابعة لدول من حلف الأطلسي مع طائرات روسية.

لكن هذه الحالة التي كانت شبه مستحيلة، حدثت بالفعل وبشكل غريب جعل المحللين يتساءلون عن كيفية حدوثه.



المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد