ما أن انتهت معركة حلب ببسط النظام السوري، والقوات الموالية له، سيطرتهم على المدينة، حتى بدأت معركة أُخرى، خاضها إعلاميون مؤيدون للنظام؛ بهدف استفزاز المعارضة السورية.

من قلب الجامع الأموي، وبجوار جدار «إلى من شاركتني الحصار..أحبك»، وجدار «راجعين يا هوى»، نشروا الصور الفوتوجرافية، ومقاطع الفيديو، مع شعارات ورسائل شماتة وسخرية، وسباب. استقبل الحلبيون هذه الرسائل وسط جراحهم التي لم تندمل بعد، ثم استكملت المعركة بخروج بعض إعلاميي المعارضة إلى مناطق النظام، قبل المعركة، وبعدها.

حسين مرتضى

لبناني الجنسية وأبرز أصحاب نزعة طائفية ضد أهل السنة في سوريا، إنه الإعلامي «حسين مرتضى»، مراسل قناة «العالم» الإيرانية في سوريا.

بدأ استفزاز مرتضى أثناء معركة حلب بتصويره مقطع فيديو من أمام «الباصات الخضراء» كما تُعرف محليًا، وهي الحافلات التي تنقل سكان المنطقة لتفريغها. وقال مرتضي موجهًا حديثه للمعارضين في حلب «الباصات الخضراء في انتظاركم»، ذاكرًا أسماء بعينها لمعارضين، بينهم الداعية السلفي «عبد الله المحيسني»، والإعلامي «موسى العمر»، موجهًا حديثه مباشرة للعمر قائلًا «الذين ودعتهم البارحة أفقيًا، سنرسل لك صورهم اليوم عموديًا»، في إشارة إلى جثث مقاتلي المعارضة.

https://www.youtube.com/watch?v=s6j_I8c6B5k

وسرعان ما ظهر مرتضى في مقطع فيديو آخر، وهو على متن طائرة حربية، يتوعد فيه المعارضة بالقصف والإبادة بعد خروجهم من حلب، وأخذ يُردد، موجهًا حديثه للثوار «تجمعوا في إدلب»، مُخاطبًا القاضي الشرعي في جيش الفتح، عبد الله المحيسني «رسالتي الجديدة إلى المحيسني المهزوم، في المرحلة القادمة ستترحمون على الباصات والجرافات، وستلاحقكم هذه العصفورة (الطائرة الحربية) حيث تختبئون»، ثُم بثّ مقطع فيديو آخر من ساحة الجامع الأموي في حلب، برفقة عناصر من جيش النظام، وسط ضحكاتهم العالية.

https://www.youtube.com/watch?v=p5DQY8VGm6w

شادي حلوة

«إلى من شاركتني الحصار..أحبك»، الشعار الأشهر الذي خُطّ على جدار منزل متهدّم في حلب، من قبل زوجين؛ كان مزارًا لإعلاميي النظام، وقد عجّل كثير منهم بالتقاط الصور أمامه، وكان أوّلهم مراسل التلفزيون السوري، «شادي حلوة».

كان هدف حلوة استفزاز أهالي حلب بعد خروجهم؛ للتأكيد على أن المدينة تحت أقدام النظام وأتباعه، فقد نشر مقطع فيديو يسخر فيه من أمنية ثوار حلب بعد فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية، بشواء الكباب «شويتوا وخلصتوا كباب؟»

وتقول مصادر سورية أن حلوة كان موظفًا صغيرًا في بلدية حلب، ثم انتقل للعمل في المركز الإذاعي والتلفزيوني، ومن ثمّ التلفزيون السوري، بعد علاقة جمعتهُ بأحد أشهر إعلاميي التلفزيون السوري، وهو «جعفر أحمد».

وقال موقع «أورينت نت»: إنه «في عام 2009 جاء شادي حلوة إلى حلب، قادمًا من قطر، وقد كان متأثرًا جدًا بأسلوب فيصل القاسم، ويتحدث عنهُ في كل حواراته، مبديًا إعجابه به، زاعمًا أنه حضر له دورة في مركز الجزيرة للتدريب».

وأضاف الموقع «عملَ حلوة كمراسل صحفي في الجانب الخدمي لإذاعتين مغمورتين في حلب، سرعانَ ما تسبب بشقاقات ومشاكل داخلهما؛ مما عرضهُ للطرد، كما قامَ بأذية أحد مدراء تلك الإذاعات في وقت لاحق بحجة دعمه للثورة في الأشهر الأولى منها».

https://www.youtube.com/watch?v=qbjYbr9-PVw

ربيع كلاوندي

لحق بركب سخرية واستهزاء إعلاميي النظام السوري وحلفائه، مراسل قناة العالم الإيرانية، «ربيع كله وندي». ومن أمام الجدار الذي كتبت عليه عبارة «إلى من شاركتني الحصار.. أحبك»، قال وهو يضخك ساخرًا «هلا وينكن؟ طلعتوا على إدلب؟»

مُضيفًا «بالأخضر ركبناهن (يقصد الحافلات الخضراء).. باي باي..حلب لنا»، لينتقل لالتقاط صورة اُخرى أمام جدار «راجعين يا هوى»، قائلًا «على إدلب لاحقينكم..هذه الأرض لنا»، وبعد خروج أهالي حلب منها، نشر مقطع فيديو له، يقول فيه «خرج آخر كلب من حلب».

https://www.youtube.com/watch?v=lPN9ttBiMGo

https://www.youtube.com/watch?v=KjG7sDDxg68

وهناك من خان

لم يقتصر إلحاق الأذى بالمعارضين السوريين على إعلاميي النظام، فالصدمة الأكبر كانت في الساعات الأخيرة لإنهاء معركة حلب، فما أن لبث الحديث عن اتفاق لخروج السكان من المدينة، وحُسمت المعركة لصالح النظام وحلفائه، اكتشف المعارضون خروج عدد من الإعلاميين الذين كانوا يعملون في وسائل إعلامية تابعة لهم، إلى مناطق النظام، وذُكرت عدة أسماء لهؤلاء الإعلاميين الذين ظهروا حتى اللحظات الأخيرة كأفراد فيما يُعرف بـ«إعلام الثورة».

وسرعان ما أثيرت قضية عمالة هؤلاء للنظام خلال الفترة السابقة، وإمكانية تزويدهم للنظام بمعلومات عسكرية وأمنية تخص وضع المعارضة في الأحياء الشرقية.

وكما قال الناشط الإعلامي «عبد اللطيف نورس»: فإن «الاختراق الإعلامي والتقني كان خطيرًا»، مُؤكدًا أن «الاتهام الموجه للناشطين والإعلاميين الفارين نحو مناطق سيطرة النظام استندت فيه المعارضة إلى وقائع واضحة»، موضحًا أنه «كيف يقوم ناشط إعلامي بتسليم نفسه إلى النظام، بالرغم من معرفته بالمخاطر المحيطة به، والتي قد تؤدي إلى إعدامه أو موته تحت التعذيب؟»

تحدث «ساسة بوست» إلى أحد عناصر الجبهة الشامية، يُسمى «معتصم»، للتعليق على قضية عمالة إعلاميين كان يُفترض أنهم تابعون لـ«إعلام الثورة»، فقال «لا أتوقع أن يكون كل من خرج خائن، أعتقد أنه لضعف نفس هؤلاء خرجوا عندما علموا أن النظام سيدخل، فقاموا بتسليم أنفسهم».

لذا فإن معتصم يعتقد أنه «لا يمكن أن نحكم على الجميع بأنهم خائنون؛ فالقرار كان لضعف النفس وخوفهم بعد ما آلت إليه المعركة، خاصة أنها معركة كسر نفوس متقنة من قبل النظام وحلفائه».

وكشف معتصم عن أن الأمر لم يقتصر على إعلاميين فقط، «فهناك مقاتلون وأعضاء مجلس مدينة وأعضاء من المكاتب الأمنية للفصائل، بعضهم عميل بالأصل للنظام، وقد حدث أن سلم عضو مجلس مدينة نفسه للنظام وبحوزته نص مليون دولار، إذ إنه في خضم المعركة والقتال كان همنا سد الجبهات وسط حرب الإبادة التي كانت تستهدف حلب».

عرض التعليقات
تحميل المزيد