نشر موقع «إضاءات» تقريرًا بعنوان «طارق العيسمي.. رجل إيران القوي في فنزويلا»، وقدم التقرير قصة الشاعرة الشهيرة مع إيراد مجموعة من أهم أبياتها. وفيما يلي نص المادة:
هناك في النصف الآخر من الكرة الأرضية، على بعد آلاف الأميال من بلاد العرب، وتحديدًا في فنزويلا، يعيش أحد أضخم التجمعات السكانية العربية في الأمريكيتين، ويحتل عدد منهم مواقع مهمة وحساسة، ويحوزون أعلى درجات النفوذ السياسي في هذا البلد اللاتيني.
وفي خضم الأزمة السياسية العاصفة في فنزويلا يتصدر الحديث عن الوزير السوري الأصل طارق زيدان العيسمي مداح، أبرز أقطاب نظام الرئيس نيكولاس مادورو، وأحد أقرب المرشحين لخلافته في منصب الرئاسة، والذي تعتبره المعارضة – المدعومة أمريكيًّا – رجل إيران في فنزويلا. شغل العيسمي الذي اعتـُبر الرجل الثاني في فنزويلا، منصب نائب رئيس الجمهورية، منذ مطلع عام 2017، وحتى منتصف يونيو (حزيران) عام 2018، وكان يـُشرف بحكم منصبه على وكالة الاستخبارات الوطنية، ومنحه مادورو صلاحيات واسعة لم تـُمنح لأحد قبله، إلى الحد الذي أثار علامات استفهام كبيرة حول سر حظوة الرجل لدى الرئيس.
فخلال فترة توليه منصب نائب الرئيس اتسعت صلاحياته لتشمل فرض الضرائب والإشراف على الشركات الحكومية، وكان الوزراء يتوجب عليهم استصدار تصاريح منه فيما يتعلق بميزانيات وزاراتهم، وبعد إنهاء فترة توليه المنصب، وبدء مادورو فترة ولاية رئاسية جديدة، تم تعيينه وزيرًا للصناعة والإنتاج الوطني، وأصبح المشرف العام على كامل الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى إدارة شركة البترول الحكومية، في بلد يمتلك أضخم احتياطي نفطي في كوكب الأرض، وأصبح نائبًا للرئيس للشئون الاقتصادية.
رجل إيران في كراكاس
لطالما تحدى النظام الفنزويلي الهيمنة الأمريكية، واتخذ مواقف حاسمة في مناصرة القضية الفلسطينية ورفض ممارسات الكيان الصهيوني، أكثر من معظم الدول العربية، منذ أيام الرئيس الراحل هوجو تشافيز، وهي السياسة التي جلبت له عداوة الغرب، لكن صعود العيسمي ورفاقه داخل الحزب الاشتراكي الحاكم بفنزويلا، وارتباطاتهم المتشعبة في دول أمريكا الجنوبية مع أعداء الولايات المتحدة شكل كابوسًا لا يطاق، بالنسبة لواشنطن وأصدقائها.
فالعيسمي أصبح همزة الوصل الرئيسية بين اشتراكيي كاراكاس وملالي طهران، وعنوانًا لحلف يحمل شعار الممانعة ضد الإمبريالية الأمريكية، ليس على الصعيد الدبلوماسي فحسب، بل أصبحت الأراضي الفنزويلية ملاذًا ومنطلقًا للحرس الثوري والميليشيات الشيعية، والتي ارتبطت بدورها بشبكة مصالح معقدة مع الجماعات المسلحة الكولومبية اليسارية الأصل، والتي تتاجر بالمخدرات، وتمتلك سجلًا كبيرًا من الصراع الدامي مع الحكومة المدعومة أمريكيًّا في كولومبيا.
وقد تعرض طارق العيسمي لعقوبات أمريكية بسبب اتهامات تتمحور حول كونه مسئول التنسيق بين كراكاس من جهة، وإيران ونظام بشار الأسد وحزب الله من جهة أخرى، فهو ينتمي إلى عائلة درزية تعيش في بلدة إمتان بجبل حوران شرق منطقة السويداء السورية، كما أن أمه من بلدة ميمس بالجنوب اللبناني.
وبحسب الاتهامات فإنه منذ تعيينه عام 2003 مسئولًا عن دائرة الجوازات ومنح الهوية في فنزويلا، وفر وثائق سفر أصلية لعناصر تابعة لحزب الله اللبناني، والميليشيا العراقية التي تحمل الاسم نفسه، وباتوا يقيمون في فنزويلا على اعتبار أنهم مواطنون محليون.
المغضوب عليهم أمريكيًّا
عندما عينه الرئيس الراحل هوجو تشافيز، وزيرًا للداخلية والعدل، في سبتمبر (أيلول) 2008 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2012، تعمقت علاقاته بالميليشيات المدعومة من إيران، وواصل منح آلاف العناصر التابعة لهم هويات فنزويلية مقابل مبالغ مالية كبيرة، وأصدر البنتاجون تقريرًا عام 2011 كشف عن وجود مكثف لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في فنزويلا، خلال فترة ولاية العيسمي. وعندما تولى منصب حاكم ولاية أراغوا، القريبة من العاصمة كراكاس، في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2012، أصبحت تلك الولاية الساحلية مرتعًا لرجال حسن نصر الله؛ إذ منح صلاحيات اقتصادية كبيرة لأعضاء الحزب هناك إلى أن تم اختياره نائبًا للرئيس في يناير (كانون الثاني) 2017، وهي المرحلة التي شهدت ذروة النفوذ الإيراني في أمريكا الجنوبية.
وفي الشهر التالي لتوليه المنصب، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوباتٍ اقتصاديةً عليه، بموجب قانون مكافحة المخدرات في الخارج، بسبب علاقته بالشبكات التي تضم عناصر من حزب الله وعصابات المخدرات الكولومبية، التي تحاربها الولايات المتحدة، خلال تنقله بين المناصب السابقة، وشملت العقوبات مصادرة حسابات بنكية منسوبة له، لكنه رفض الاتهامات ونفى ملكية تلك الأموال.