
أثناء اللعب، الفريق مع الأطفال النازحين
“فرسان التغيير”، تحت هذا الاسم تجمع فريق من تسعة شباب فلسطينيين، تطوعوا في المجال الخيري والنفسي والإنساني والإعلامي منذ ما يقارب العام، لكن أهم مهامهم التطوعية هي تلك التي تزامنت مع اندلاع الحرب على غزة تحت مسمى “الجرف الصامد”.
فأمام الخيام التي أقيمت للنازحين على أرض مجمع الشفاء الطبي، أدى هذا الفريق نشاطات متعددة بهدف دعم الأطفال والنساء من ضحايا الحرب نفسيًّا واجتماعيًّا، اقتنصت “ساسة بوست” بعض الوقت من أعضاء الفريق للحديث عن أهدافهم ومهامهم التي يؤدونها الآن، قبل أن تضع الحرب أوزارها في قطاع غزة.
دعم نفسي

آلاء أبو عمرة من فريق فرسان التغيير
واحدة من أعضاء هذا الفريق كانت آلاء أبو عمرة – 19 عامًا– وهي طالبة تدرس إدارة الأعمال، منذ عام و”أبو عمرة” وفريقها يعملون مع الأطفال في المخيمات الصيفية وأماكن اللعب في الحدائق وغيرها، وقد خضعوا لعدة دورات تأهيلية، وهذا ما ساعدهم للبدء مباشرة في الدعم النفسي لضحايا هذه الحرب.
تحاول آلاء دعم طفل جريح جاء للمراجعة الطبية مع أمه، وتنجح في نيل ثقة هذا الطفل الذي حدثها عن خوفه الشديد، ثم تعطيه لعبة صغيرة فيسعد بها، تقول آلاء إنهم رغم صعوبة الأوضاع وقلة الإمكانيات يجتهدون في التخفيف عن الأطفال، وتضيف: “لا نتركهم إلا عندما نراهم يضحكون أو يتحدثون بإيجابية عن الأوضاع”، وتتابع القول: “بالطبع الأطفال لا ينسون ما نال منهم من قذائف وصورايخ، ويذكرون دائمًا الأحداث التي مرت بهم من قصف و دمار؛ لذا فالحاجة ماسة لمواصلة الدعم النفسي لهؤلاء”.
الأطفال في وضع صعب

مؤسس فريق فرسان التغيير الشاب محمد سرحان
يقف في منتصف دائرة النشاط مؤسس فريق “فرسان التغيير” الشاب محمد سرحان، يطلب من الأطفال أداء حركات معينة تدخل ضمن ألعاب شعبية فلسطينية، أهداف هذا الفريق التي يوضحها سرحان تتمثل الآن في دعم ودمج الأطفال بغزة في أماكن النزوح أو التجمعات نفسيًّا واجتماعيًّا، يقول سرحان: “لدينا عدة أهداف في هذه المبادرة، نريد أن نسعد مئات من الأطفال الذين يعانون من ضغوط نفسية وظروف حياتية صعبة، نريد أن نرسم البسمة على وجوههم، نريد أن يشعر آباؤهم أنه من الممكن التخفيف عنهم، ورغم إدراكنا أنه من الصعب أن ننسي طفل رأى شهيد أو جريح من أهله ما أصابه من ألم، إلا أننا نحاول التخفيف لحين استقرار الأمور ومعالجة الأمر بقوة أكبر”.
ويتابع سرحان الحديث لـ “ساسة بوست”: “عندما بدأت الحرب كان بعض الشباب من هذا الفريق محاصر في خزاعة أو شرق غزة، وأنا شخصيًّا من منطقة شرق التفاح وما إن نجونا من الحصار حتى التحقنا بالعمل مع الفريق، وهدفنا مساعدة هؤلاء الأطفال”، ويواصل سرحان الحديث: “لا أعتقد أن هناك طفل في غزة لم يمر بظرف مؤلم، لكن الأطفال الأكثر ألمًا هم من رأوا في أسرهم شهداء أو جرحى أو قُصف منزلهم أو منازل محيطة بهم”.
المواقف التي مرت على هذا الشاب كثيرة، فقد أحزنه جدًّا رؤيته لطفل جريح وقد بترت قدمه، وهو لاعب “كرة قدم” موهوب، كان يحلم بأن يصبح لاعبًا مشهورًا!!
أحلام مزعجة

أم البراء
تراقب أم البراء – 33 عامًا- من فتحة صغيرة بخيمتها أبناءها الستة في ساحة اللعب التي أقامها فريق “فرسان التغيير”، براء وملك وعبد الرحمن منسجمون في اللعب فهي المرة الأولى التي يحظون بها منذ نزحوا من بيتهم الكائن في منطقة “القرم” بمخيم جباليا.
خرج هؤلاء الأبناء من مساحة مترين مربعين فرشا بالكرتون، وبالكاد توفر لهم أمهم ملابس بعد أن تركوا كغيرهم من 475 ألف نازح كل شيء في منزلهم، وهربوا بأنفسهم من هول ما يحدث في مناطق شمال قطاع غزة.
هؤلاء الأبناء الذين يعانون من “طفح جلدي” بسبب صعوبة النظافة، يعانون من وضع نفسي صعب، فأحلامهم في النزوح لا تخرج عن رؤيتهم لدبابة إسرائيلية تقترب منهم، أو يهود يقصفون بيتهم كما تقول الأم لـ “ساسة بوست”. واليوم هم حظوا ببعض الألعاب التي تهدف للدعم النفسي”.
تقول الأم: “لأول مرة يتمكنون من اللعب، دائمًا أرفض خروجهم من الخيمة بسبب القصف المتواصل على المناطق المحيطة، فأنا وزوجي رفضنا التواجد في المدارس بسبب تكرار قصفها من قبل الاحتلال”.