على مدار تاريخ الإنسان حاول التحكم وإيجاد وسائل منع الحمل حين يريد، بداية من استخدام خلطات عشبية قديمة وصولًا إلى حبة واحدة يوميًا، وأجهزة توضع في الرحم، مثل اللولب، واعتمدت الرغبة في منع الحمل على عوامل اجتماعية، ودينية، إذ ارتبطت وسائل منع الحمل قبل القرن العشرين، بالعلاقات الجنسية غير المشروعة من وجهة نظر المجتمع، فلم يكن متاحًا قبل ذلك بمنع الحمل بين المتزوجين. وكانت أولى وسائل منع الحمل هي مقاطعة الجماع في الأوقات التي يصبح فيها جسد المرأة مستعدًا للحمل.
وسائل منع الحمل في العصور القديمة
استخدمت النساء وسائل غريبة لمنع الحمل، بدءًا من فرك روث التمساح على عنق الرحم، وتبين السجلات القديمة استخدام وسائل منع الحمل في مصر في 1850 قبل الميلاد، وتدور معظم الطرق حول تغطية فم الرحم بمادة لزجة، تمنع وصول الحيوان المنوي إليه. واستخدمت النساء أيضًا العسل، وكربونات الصوديوم، والعسل، وأوراق الأكاسيا، التي تمتلك صفات طبيعية قاتلة للحيوانات المنوية، والوبر لنفس الغرض.
منع الحمل من روما إلى الصين
استخدم المينويون، والمصريون، والرومان مادة السيلفيوم، وسيلةً طبيعية لمنع الحمل، وكانت النساء تضع صوفًا منقوعًا في عصير النبات في المهبل لمنع الحمل، أما سورانوس وهو طبيب نسائي عالج النساء في روما القديمة كتب أن النساء يجب أن تحبس أنفاسها عندما يقذف الرجل، وتجذب نفسها بعيدًا، وأن تنهض على الفور، وتجلس القرفصاء. وقد شربت النساء الصينيات الرصاص، والزئبق، بالرغم من آثاره السيئة على الجسم، كانوا يشربوا هذه المواد بكمية تكفي لمنع الحمل، ولا تقود للوفاة.
منع الحمل في العصور الوسطى
عندما بدأت المسيحية في الصدارة في معظم أنحاء العالم الغربي حدث شيء غريب، اتُهمت النساء اللواتي يمتلكن معرفة بوسائل منع الحمل بالسحر، وكانوا يحرقن أحياء. لكن ذلك لم يثن البعض عن استخدام وسائل منع الحمل العشبية، لكن المعرفة وتوثيق وسائل منع الحمل انخفضت بشكل كبير.
ومع قمع وسائل منع الحمل للنساء، انتشرت وسائل منع الحمل للرجال وهي الواقي الذكري. وإن كان بعض الرجال يشكون الآن من أن الواقي الذكري يقلل الإحساس، ففي القرن السابع عشر استخدم كازانوفا الواقي الذكري المصنوع من أمعاء، وقرون الحيوانات. وقد صورت رسومات في الكهوف الفرنسية الواقيات الذكرية، ويقدر عمرها من 12 إلى 15 ألف عام، وتظهر في مصر القديمة وترجع إلى 3 آلاف عام.
قانون كومستوك ومنع الحمل
بدأت أبحاث حبوب منع الحمل في خمسينيات القرن الماضي، وفي هذا الوقت كانت معلومات النساء عن وسائل منع الحمل ضئيلة، وذلك بسبب قوانين كومستوك التي صدرت عام 1873 وتفيد بأن وسائل منع الحمل غير أخلاقية، ويحظر الترويج لها. ومخترع هذا القانون كان يدعي أنتوني كومستوك، وهو من سكان نيويورك، وقد خدم في سلاح المشاه أثناء الحرب الأهلية، وكان مسيحيًا متدينًا، وساءه أن المدينة تمتلئ بالبغاء، وزود الشرطة بمعلومات لمداهمة تجار الجنس، ورأى أن موانع الحمل تعزز الفساد، والشهوة.
منع الحمل جريمة فيدرالية
قدم كومستوك في عام 1872 قانونًا لمكافحة الفحش، وصاغ قانونًا لمنع وسائل منع الحمل، وأصدر الكونجرس قانونًا أسماه قانون كومستوك، وصف موانع الحمل بأنها فاحشة، وغير مشروعة، وأصبح نشر وسائل منع الحمل عبر البريد جريمة فيدرالية. وهذه القوانين قيدت الناس، وجعلتهم يواجهون الغرامة، والسجن. فقد كان المتزوجون يواجهون أحكامًا بالسجن إذا استخدموا وسائل منع الحمل.
مارجريت سانجر ودفاع عن منع الحمل
كل منع يقابله مقاومة، هكذا ظهرت المدافعة عن منع الحمل، مارجيت سانجر، ناشطة، وممرضة أمريكية، أخذت على عاتقها مقاومة وتحدي قانون كومستوك، لكن ذلك تسبب في اعتقالها عام 1916 لإنشائها أول عيادة لتحديد النسل في أمريكا، لتعلن حق النساء في منع الحمل، لكنها فتحت الأبواب لاستخدام وسائل منع الحمل، وصدر في عام 1918 قرار يسمح للنساء باستخدام وسائل منع الحمل لأغراض علاجية. ثم عُدلت قوانين كومستوك في عام 1936 لتتيح للأطباء توزيع موانع الحمل عبر الولاية.
منع الحمل في أوروبا
كانت الفكرة السائدة في أوروبا حتى القرن الثامن عشر هي قبول أي حمل، لكن انتشرت وسائل منع الحمل خلال القرن التاسع عشر، وبالتدريج أصبحت ممارسة شائعة، على الرغم من معارضة الكنيسة والسلطات السياسية، وهذه السياسات التي أدانت منع الحمل، تكيفت في النهاية، لكن حتى اليوم ما زالت أوروبا منقسمة في قضية الإجهاض. وكان الواقي الذكري مخصص لنخبة معينة بسبب تكلفته، وتشير التقارير أن 16% فقط من الأزواج الإنجليز استخدموا وسائل منع الحمل الميكانيكية، قبل عام 1910، وكانت الأساليب الأساسية لمنع الحمل هي الانسحاب، والامتناع الدوري عن ممارسة الجنس.
منع الحمل في العالم الإسلامي
عرف العالم الإسلامي منذ قرون طويلة تحديد النسل، فيشير الكتاب المسلمون مثل الرازي، وابن سينا إلى طرق مختلفة لمنع الحمل. ولا يوجد موقف واحد في التاريخ الإسلامي لمنع الحمل.
كيف وصلنا إلى حبوب يومية لمنع الحمل؟
اعتمدت الأبحاث في القرن العشرين على توقيت الإباضة، ودور الهرمونات الأنثوية في التكاثر، وتطورت طرق منع الحمل، بناءً على الفروق في درجة حرارة الجسم على مدار الشهر، ثم ظهرت حبوب منع الحمل اليومية في الأسواق في عام 1956، ثم تطورت وسائل منع الحمل، لتتضمن أجهزة تدخل داخل الرحم وهي اللولب، وذلك في ستينيات القرن الماضي، وذلك عندما أصبحت الأجهزة البلاستيكية المرنة متاحًا، وفي أوائل القرن العشرين أيضًا حدث أمر آخر وهو التعقيم لأسباب تحسين النسل.
موانع حمل للرجال
الخطوة الثورية الأخرى في مجال منع الحمل، هي وسائل منع الحمل للرجال، ووسائل منع الحمل للرجال تتضمن استخدام الواقي الذكري، والتعقيم، بقطع القناة المنوية، وهو ينقسم إلى تعقيم دائم، لا يمكن عكسه، لكن هناك وسيلة أخرى حديثة، لكنها ما زالت تحت التجارب وهي التعقيم المؤقت باستخدام (vasalgel) وتتضمن هذه الطريقة حقن مادة هلامية في الأسهر، أو القناة المنوية، يمكنها منع الحمل لمدة 10-15 عامًا، وهي عملية عكسية، فيمكن استعادة القدرة على الانجاب بحقنة أخرى، وقد جُرب المنتج على الفئران، والأرانب، والبابون.