سبقت شهادة «جيمس كومي» مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق أمام مجلس الشيوخ الأمريكي لأول مرة حول عزله من قبل الرئيس دونالد ترامب بيوم واحد، تغريدة للرئيس الأمريكي يكشف فيها عن هوية الرجل الذي اختاره ليرأس «إف. بي. آي».

يستكشف التقرير التالي هوية مرشح ترامب الجديد لقيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وتبعات الشهادة التي  اتهمت إدارة ترامب بـ«الكذب»، وأكدت تدخل روسيا في الانتخابات، بينما تلت تلك الجلسة العلنية جلسة مغلقة، لم تخرج تسريبات أو تكهُّنات بشأنها.

اقرأ أيضًا: «Vox»: شهادة جيمس كومي.. ما الذي نتوقعه بعد جلسة استماع مدير «إف بي آي» السابق؟

من هو «كريستوفر راي» مرشح ترامب لإدارة «إف. بي. آي»؟

عبر حسابه على موقع تويتر، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة يُذيع فيها للشعب الأمريكي هوية الرجل الذي سيترأس مكتب التحقيقات الفيدرالي: «سأسمي كريستوفر راي، الرجل ذا السجل الذي لا تشوبه شائبة، ليكون مدير FBI المقبل، التفاصيل لاحقًا».

[c5ab_tweet c5_helper_title=”” c5_title=”” link=”https://twitter.com/realDonaldTrump/status/872419018799550464″ ]

وجاء إعلان ترامب هوية المرشح الجديد لشغل هذا المنصب، قبيل  يومٍ من إدلاء جيمس كومي الذي أقاله مطلع مايو (أيار) الماضي، بشهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ حول «تدخل روسيا» في انتخابات 2016 الرئاسية، واحتمال «التواطؤ» مع حملة ترامب.

«كريستوفر راي»، 50 عامًا، يندرج من خلفيةٍ قانونية، فهو خرِّيج كلية القانون في جامعة ييل الشهيرة عام 1992. عمل محاميًا في مكتب «كينغ أند سبولدنغ»، إذ ترأس وحدة تمثل الكيانات والأفراد في القضايا الجنائية، وتلك المتعلقة بتطبيق الأنظمة من الموظفين، وحل الخصومات المدنية، وإجراء التحقيقات الداخلية في الشركات.

وخدم راي خلال فترة رئاسة الرئيس الجمهوري «جورج بوش» الابن، إذ شغل منصب مساعد وزير العدل ما بين عامي 2003 و2005، تلك الفترة التي كان مُكلفًا خلالها بالقسم الجنائي في الوزارة؛ حيث عمل بشكلٍ وثيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وتبلورت سيرته الذاتية خلال عمله مساعدًا لوزير للعدل، في معالجة فضائح احتيال الشركات، فضلًا عن كونه عضوًا في فريق مكافحة احتيال الشركات، التي أشرف من خلالها على تحقيقات كبيرة تتعلق بالنصب والاحتيال، من بينها قضية متعلقة بشركة «إنرون» العملاقة للطاقة.

الرئيس الأمريكي ورئيس «إف. بي. آي».. كيف تسير العلاقة بينهما؟

يعيِّن الرئيس الأمريكي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في منصبه الذي يستمر فيه مدة 10 سنوات، ويوافق مجلس الشيوخ على التعيين. 10 سنوات هي المدة التي حددها الكونجرس الأمريكي في قانون 94 -503، والذي حدَّدَ فترة واحدة لرئاسة المكتب – 10سنوات- والذي يتبع وزارة العدل الأمريكي.

صلاحية الرئيس الأمريكي في تعيين رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي، لا يعني إحكام السيطرة عليه، أو إخضاعه له، إذ نشأت خصوصية بين كلا المنصبين تتضمَّن عدم تدخل الرئيس سياسيًّا في عمل الجهاز، وهو الأمر الذي ينكشف في ندرة حالات التدخل من جانب أي رئيس أمريكي لعزل رئيس هذا الجهاز الاستخباراتي.

السلطات الواسعة التي يتمتَّع بها المحققون داخل «إف. بي. آي»، تُظهرها وقائع عديدة، دالة على سلطات المُحققين داخل هذا المكتب على البيت الأبيض. مثل الشروع في تحقيقٍ جديد بشأن استخدام «هيلاري كلينتون» للبريد الإلكتروني عندما كانت وزيرةً للخارجية، قبل حوالي 11 يومًا من موعد الانتخابات، وأيضًا واقعة حملة التحقيقات الواسعة حول مزاعم علاقة حملة ترامب الانتخابية بروسيا، والتي ما تزال تبعاتها سارية إلى الآن.

«فضيحة ووترغيت»،  قضية تجسس داخلي في أمريكا بدأت أحداثها سنة 1972، وانتهت باستقالة الرئيس  «ريتشارد نيكسون» سنة 1974، هي الأخرى واقعة دالة على حجم الصلاحيات التي يتمتَّع به محققو «إف. بي. آي».

الرئيس نيكسون في خطابه الأخير

في قضية التجسس الشهيرة، أدَّى قيام مساعدين للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بالتجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس لحزب نيكسون الجمهوري – المكاتب التي تعرضت للتجسس تقع في مجمع ووترغيت الواقع في واشنطن- نتج عنه استقالة الرئيس الأمريكي عام 1974 ليكون الرئيس الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الذي يقدِّم استقالته حتى الآن. وتوصَّل محققو مكتب التحقيقات الفيدرالية لأدلة تورط وإدانة للرئيس الأمريكي، الذي سعى للتحايل على ذلك بإقالة المدعي الخاص، الذي يحقق في «فضيحة ووترغيت».

هل تكفي شهادة «كومي» لعزل «ترامب»؟

أدلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس كومي بشهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي لأول مرة حول عزله من قبل الرئيس دونالد ترامب. الشهادة اتهمت إدارة ترامب بـ«الكذب»، وأكدت تدخل روسيا في الانتخابات، بينما تلت تلك الجلسة العلنية جلسة مغلقة، لم تخرج تسريبات أو تكهُّنات بشأنها.

حسب تحليل  لـ«جوليان زيليزر» أستاذ في التاريخ والشؤون العامة بجامعة برينستون،  منشور على موقع «سي. إن. إن» «فالأدلة التي سيجمعها مولر (الذي يحقق في حادثة كومي وترامب)، وقدرته على الحصول على شهادات قوية، ستكون محورية لنجاحه، خصوصًا أن المعلومات المسربة تكشف بالفعل صلاتٍ مالية محتملة بين روسيا ومسؤول آخر في البيت الأبيض لم تُكشف هويته».

اقرأ أيضًا: «واشنطن بوست»: 7 معلومات مهمة في شهادة جيمس كومي الاستثنائية بشأن ترامب

وأوضح أنّ: «هذه المهمة تحتاج إلى تحلي مولر بالفطنة السياسية. إذ يواجه رئيسًا عدائيًّا، قام بالفعل بمهاجمته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحاول أن يرسم صورة عنه بأنَّه الشخصية الرئيسية في عملية (مطاردة ساحرات) حزبية ذات أبعاد تاريخية».

من جانبه، يقول محمد الجوهري، الباحث في معهد «أتلانتك كاونسل» بالعاصمة الأمريكية «واشنطن» في تصريحاتٍ خاصة لـ«ساسة بوست»: أن شهادة كومي، اليوم، ليست كافية لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موضحًا أنه لو هناك إمكانية ستكون فقط مع استمرار تسريبات تدين الرئيس قانونيًّا، وليس سياسيًّا فقط، وذلك في الجلسات المغلقة.

كومي أثناء إدلائه بشهادته

حسب الدستور الأمريكي، فإجراءات عزل الرئيس تتمُّ حال ثبوت اتهاماتٍ مُحددة كالخيانة العظمى، وإعاقة سير العدالة، وهي ما تتبعها موافقة بأغلبية الثلثين داخل الكونجرس بغرفتيه مجلس الشيوخ، ومجلس النواب. وتابع «الجوهري» أن إجراءات عزل الرئيس الأمريكي لا تتوقف على الإجراءات القانونية فقط، ولكن تخضع كذلك للمساومات داخل الكونجرس الأمريكي، الذي يلعب دورًا رئيسيًّا في عملية العزل، متسائلًا: «هل سيتمكن الكونجرس بتشكيلته التي تحظى بأغلبية الجمهوريين في غرفتيه من القيام بهذا الأمر، إذا أثبتت التحقيقات أن الروس تدخلوا لتغيير سير الانتخابات، وكان بعلمه؟».

أخيرًا، يعتقد «الجوهري» أنّ أغلبيَّة الجمهوريين بالكونجرس، ليست مؤيدة لفكرة عزل الرئيس، وأن الأمر مرتبط بمكاسب سياسية يتحقق منها الحزب بوجود ترامب رئيسًا، فعزل رئيس جمهوري سيضر بصورة الحزب بشكلٍ كبير، لكن هناك قيادات أخرى داخل الحزب الجمهوري، خصوصًا رئيس مجلس الشيوخ، ورئيس مجلس النواب، تعتقد أنّ عدم اتخاذ إجراء مناسب حيال ترامب حال ثبوت التهم عليه سيضر بصورة الحزب ضررًا أكبر، خصوصًا أن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس ستكون  في 2018.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد