قد يتراءى للبعض أن نحو 70 عامًا كافية لترسيخ مزاعم وادعاءات الإسرائيليين بحقهم التاريخي في فلسطين، بخاصة لدى “الغرب”، والحقيقة أنّ جُزءًا من هذا الاعتقاد قد يكون صحيحًا، لكن على الجانب الآخر أيضًا، فإنّ 70 عامًا استطاعت كسر ثُنائية الغرب والشرق، أو الغرب والعرب.
ويأتي هذا في الوقت الذي تختلف فيه القضية الفلسطينية عن غيرها من قضايا التحرر الوطني، نموذج المُستعمر في القضية الفلسطينية أكثر تعقيدًا إذ يواجه الشعب الفلسطيني مُستعمرًا يزعم أنّه جاء لأرضه ووطنه الأم، الذي – بحسب زعمه – هو الساكن الأصلي له، وأن الشعب الموجود أصلًا (العرب) هُم بمثابة المُستعمر في المُقابل!
وساهمت محارق النازية في حق اليهود الأوروبيين، في تعزيز مزاعم المُستعمر الإسرائيلي، ما خلق له شبكة تعاطف دولية شعبية، أثراها دعمٌ دولي رسمي أعطى لهذا الشعب – غير المُتجانس لا عرقيًا ولا حضاريًا – شرعية امتلاك أرض ليست له، تطوّرت لاحقًا إلى عمليات سطو على كل ما على هذه الأرض: تاريخًا وتراثًا وفلكلورًا.
هذا، واستطاعت القضية الفلسطينية تجاوز البُعدين الوطني والقومي وصولًا إلى أبعد من ذلك؛ إلى البعد الأممي أو الإنساني، بأجانب ناصروها، فمنهم من قضى نحبه من أجلها، ومنهم من ينتظر.
جورج غالاوي: «فلتحيا فلسطين .. فلتحيا فلسطين»
وقفت مع العرب منذ زمنٍ طويل.
بالتحية لفلسطين ووقوفه مع العرب منذ زمن طويل؛ يُعرف السياسي البريطاني اليساري جورج غالاوي نفسه، كأحد أبرز الأوروبيين المُناصرين للقضية الفلسطينية. بل إنّ غالاوي يؤكد على أنّه حين يقول “وقفت مع العرب منذ زمن طويل”، فهو يقصد ذلك بالفعل، فمواقف السياسي البريطاني مع العرب لا تقف عند حدود القضية الفلسطينية، بل تعبر منها إلى وقوفه مع الشعب اللبناني ضد الغزو الإسرائيلي، ووقوفه مع الشعب العراقي ضد الحصار والاحتلال والحرب، ووقوفه مع شعب السودان ضد “أولئك الذين يسعون لتمزيقه إربًا”، أو كما قال.

جورج غالاوي
في 16 أغسطس عام 1954 وُلد غالاوي لعائلة أيرلندية فقيرة، كانت تسكن سقيفة المنزل، أي حجرة صغيرة تحتل الجُزء العلوي من المنزل. أسرة غالاوي كانت تقدّمية – بحسب وصفه – أي أنها وقفت في صف اليسار بطبيعة الحال بسبب انتمائها للطبقة العاملة، فضلًا عن اهتماماتها الثقافية والسياسية التي انطبعت على جورج منذ أن كان فتى صغيرًا.
وعلى خطى أمه التي كانت ناشطة في حزب العُمال البريطاني، انضم غالاوي إلى الحزب وهو في الثالثة عشرة من عمره، حتى فُصل منه بسبب موقفه الرافض لغزو العراق (2003)، حيث كانت بريطانيا شريكًا أساسيًا في الغزو، بقيادة رئيس وزرائها توني بلير، عضو حزب العُمّال.
بدأ اهتمام غالاوي بالقضية الفلسطينية وبمناصرة العرب عمومًا، منذ أن كان في العشرينات من عمره، هذا الموقف الذي قرر غالاوي اتخاذه في سن باكرة، كان انطلاقًا من رؤيته للعالم، ومواقفه الأيديولوجية المُناهضة للرجعية والإمبريالية، ودعم حركات التحرر الوطني.
يُحب جورج أن يصف نفسه كعضو في المقاومة الفلسطينية، مُنذ أن قابل شابًا فلسطينيًا في بريطانيا، أبهره بيانه في وصف “مأساة” شعبه تحت الاحتلال، ومنذ ذلك الحين، بدأ غالاوي بتؤدة السعي وراء الانخراط في أنشطة نُصرة القضية الفلسطينية، والتي بدأت بزيارة إلى بيروت قابل فيها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وبهذه المُناسبة، يُشار إلى أنّ غالاوي يفتخر بعلاقة الصداقة التي جمعته بعرفات الذي يعتبره زعيمًا وطنيًا.
من المثير للاهتمام في سيرة غالاوي المُرتبطة بالمقاومة الفلسطينية، العلاقة العاطفية التي جمعته بفتاة فلسطينية من سُكان مُخيمات اللاجئين في لبنان، تعرف غالاوي على الفتاة في ظروف صعبة، كانت لبنان تموج بالحرب الأهلية التي انخرطت فيها مُنظمة التحرير الفلسطينية، والفتاة التي أُعجب بها جورج قبل أن تربطه بها علاقة حُب؛ كانت طالبةً جامعية، كما كانت من مُقاتلات المُنظّمة. “كانت تحمل بندقية كلاشينكوف، وكُنت أقابلها يوميًا وهي عائدة من الجامعة”، يقول غالاوي، الذي أحب أن يقضي باقي حياته بين هؤلاء، لكنّ نصيحة من ياسر عرفات دفعته للعودة.
عليك أن تعود، فقد تُصبح من أهم الأصوات المناصرة لنا في العالم.. ياسر عرفات على لسان غالاوي.
بالفعل، بعد سنوات أصبح جورج غالاوي واحدًا من أهم الأصوات العالمية المُناصرة للقضية الفلسطينية، بخاصة خلال السنوات التي قضاها نائبًا في البرلمان البريطاني (ما بين عامي 1987 و2010) سواء عن حزب العمال، أو قائمة الاحترام التي شكلها بُعيد فصله من الحزب.

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات
ملامح دعمه للقضية الفلسطينية عديدة، ما بين مواقفه الرسمية في البرلمان، أو غير ذلك، بدايةً من إعلان علاقة توأمة بين مدينتي دندي البريطانية ونابلس الفلسطينية، والتي على إثرها رُفع العلم الفلسطيني لأوّل مرة في أوروبا. كذلك دعا جورج غالاوي، وشارك، في العديد من قوافل فك الحصار عن قطاع غزّة.
يفتخر غالاوي بأنّ سعيه الحثيث لنُصرة القضايا العربية، أدى إلى مواقف أُذيب فيها الجليد بين الجيران، كما حدث حين فُتحت الحدود المغربية – الجزائرية له مرّتين، ظلت قبلهما وبينهما وبعدهما مُغلقة. المرة الأولى حين عبر بقافلة إغاثة إلى العراق من بريطانيا إلى بغداد عام 1999. المرة الثانية عام 2009، حيث قاد قافلة إغاثية من لندن إلى غزّة، مرورًا أيضًا بالحدود المغربية – الجزائرية.
دعمه المُستمر، والمُستغرب في أحيانٍ كثيرة، للقضايا العربية وعلى رأسها الفلسطينية، جعل الإشاعات تحوم حوله، وكان ولا يزال أبرزها على الإطلاق إشاعة إسلامه. وفي الحقيقة لا يُمكن الجزم بشيء فيما يخص هذا الأمر، فعلى جانب ثمّة بعض ما يُستدل به على أنّ الرجل مُسلم يُخفي ذلك، كزواجه من مُسلمتين، إحداهما شيعية، أنجبت له ولدًا أسماه “زين الدين غالاوي”! مما يُستدل به أيضًا تصريحه المثير للجدل، في 2012، والذي قال فيه: “أنا صامد ومعتصم في سبيل العدالة والحق، المُسلم شخصٌ لا يخشى قوة إنسان بسيط يعيش على الأرض، المُسلم يخشى فقط حساب يوم القيامة، أنا شخصيًا لا أهتم إلا بالحساب يوم القيامة”.
على جانب آخر، يرفض غالاوي ما أسماه بـ “الأكاذيب المتعمّدة”، مُصرًا على أنّ مسألة ديانته هي مسألة شخصية لا يُحب الخوض فيها. وفيما يخص تصريحه المُثير للجدل، فقد أوضحت صحيفة الجارديان، أنه جاء في إطار حملته الانتخابية وبغرض جذب الناخبين المُسلمين للتصويت له.
كارلوس لطوف: هل هو «ناجي العلي» مرّة أُخرى؟
يُحب البعض تسميته بناجي العلي البرازيلي، على اعتبار أنّ رسوماته الكاريكاتورية تُعبّر عن همومٍ وقضايا عربية. وفي الحقيقة فثمّة مُشترك آخر يجمع بين لطوف والعليّ، وهو أنّ أعمالهم الفنية مُباشرة بدرجة كبيرة بحيث أنها تميل غالبًا إلى رسم الواقع – أو بعض مواقفه أو بعض ما ينتج عنه من مُصطلحات ومُسميات – كما هو.
وُلد كارلوس أدموندو بيزيرا دي سيلفا في بلدة سان كريستوفان الواقعة على أطراف مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، في 30 نوفمبر عام 1968. اكتسب لقب لطوف عن جده لأمّه لبنانية الأصل. كان جده هذا يُدعى نجيب لطوف، وُلد في لبنان وعاش فيها حتى عشرينات القرن الماضي (القرن العشرين)، قبل أن يُهاجر إلى البرازيل التي استوطنها وأنجب فيها أبناءه، ومنهم والدة كارلوس وتُدعى سيباستيانا ماريا أباريسيدا لطوف.

كارلوس لطوف
ولطوف كوالدته تمامًا، لا يُجيد العربية رغم أصوله القديمة، لكنه مع ذلك يُصدّر نفسه باسم لطوف ليُخبر العرب أنّه منهم بشكل أو بآخر، خاصة بعد أن قرر تبني قضاياهم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
بدأ انجذابه نحو نُصرة القضية الفلسطينية بزيارة للضفة الغربية عام 1999، تلك الزيارة التي أتبعها بأخرى لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ كانت لها أثر كبير في قراره “النضال” ضد الصهيونية والإمبريالية الغربية.
بعد زيارتي للضفة الغربية عام 1999، قررت دعم النضال لنصرة القضية الفلسطينية، خاصة بعد أن انكشف لي بشاعة السياسة الإسرائيلية والجرائم التي ترتكبها في حق هذا الشعب.. كارلوس لطوف.
يعمل لطوف لحسابه الشخصي، ورغم ذلك فإن رسوماته نالت شُهرةً واسعة، بعد أن استخدمتها العديد من المجلات والصحف الأجنبية والعربية. ومع تضخم أثر السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي، لجأ لطوف للعالم العربي تحديدًا، بنشر رسوماته عبر تلك المواقع، مُواكبًا أحداثًا هامة ومُؤثرة، بينها – على سبيل المثال لا الحصر – حروب غزّة، ثُم قضية الحصار المفروض على القطاع، وقبل ذلك حرب لبنان 2006، وقبلها غزو أفغانستان ثُمّ غزو العراق.
ومع موجة ثورات الربيع العربي ذاع صيت لطوف أكثر فأكثر، وانتشرت رسوماته في أوساط الشباب العربي خاصة الناشطين الذي رأوا أنها رُبما تُعبّر عنهم.
“النقد اللاذع” هو ما يُحب البعض توصيف أعمال لطوف به، ولعل من هُنا جاء تشبيهه بناجي العلي، رسام الكاريكاتير الفلسطيني صاحب شخصية حنظلة الشهيرة. وبصرف النظر عن اختلافك أو اتفاقك في فنّية أعمال لطوف، أو اعتبارها نقدًا لاذعًا من عدمه؛ فإنّ إسرائيل ومُؤيديها من مُنظمات تجريم مُعاداة السامية، اعتبرت أن ما يرسمه لطوف يستحق وضعه ضمن قوائم مُعادي السامية الأبرز في العالم، جنبًا إلى جنب مع المُرشد العام لجماعة الإخوان المُسلمين محمد بديع، والرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد!
مُيول لطوف اليسارية بادية ليست فقط في أعماله المُناهضة للحرب والإمبريالية التي تُعيد إنتاج الاستعمار التقليدي في أشكال مُختلفة، بعضها أكثر عُنفًا، لكنها أيضًا بادية في أسلوب حياته شديد البساطة. يعيش لطوف على ما يتسنّ له بيعه من رسومات “راديكالية” غالبًا لا تُحب الصحف دفع النقود في أغلبها ثُم توريط نفسها فيما هي في حلّ عنه. يقول لطوف إن دخله الشهري لا يتجاوز 1700 دولار، رُغم عروض جاءته من عرب بتبنيه ماديًا في مُقابل تمسكه بدعم القضية الفلسطينية والقضايا العربية بالجملة، وذلك بحسب قوله، مُؤكدًا رفضه إلا أن يعيش كما يعيش، ويعمل كما يعمل لحساب نفسه وما يعتقد فيه.
رسوماتي ليست مُخصصة لقراء الطبقة البرجوازية، فأنا لا أهتم أبدًا برأيهم، أرسم للناس في غزة، في بغداد، في أمريكا اللاتينية، أرسم للناس العاديين، للشعب.. كارلوس لطوف.
هُنا يُمكنك رؤية المزيد من رسومات كارلوس.
لكن «كارلوس الثعلب» لا بواكيَ له
في فترة ما اتفق العالم على ضرورة إلقاء القبض على إليتش راميريز سانشيز أو الثعلب كما أطلقت عليه أجهزة المُخابرات بعد أن وُجد في أمتعته أثناء القبض عليه، رواية يوم الثعلب أو يوم ابن آوى للكاتب البريطاني فريدريك فورسايت. وبعد أكثر من عشرين عامًا من المطاردة استطاعت أخيرًا أجهزة المُخابرات الفرنسية بالتعاون مع السلطات السودانية، إلقاء القبض على كارلوس أو كما كان يُسمى حركيًا وذلك في أغسطس 1994. فما هي قصّة هذا الرجل؟
البداية من ولادته في أكتوبر 1949 في فنزويلا لوالد كان ماركسيًا رغم ثرائه، ما دفعه هو إلى الانضمام للشبيبة الشيوعية منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره. استطاع كارلوس في سن صغيرة تعلم ست لغات، ساعدته لاحقًا في نشاطه الثوري الذي تأسس عليه حين التحق بالجماعات الشيوعية المُسلحة في كوبا.
كأي شيوعي صالح وقتها، انتقل كارلوس إلى موسكو للدراسة الجامعية، لكنّه لم يُكملها بعد أن تعرف على شاب جزائري كان عُضوًا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي مثّلت الجناح الماركسي في المقاومة الفلسطينية. بدوره انضم كارلوس للجبهة، ونشط في قسم العمليات الخارجية، بعد مجموعة من التدريبات التي تلقاها على يد القيادات الميدانية في الجبهة، بالإضافة إلى خلفيته العسكرية إبان وجوده في كوبا.
ومن أشهر العمليات التي خطط لها كارلوس وقاد تنفيذها، كانت عملية فيينا التي اختطف فيها وزراء النفط في الدول الأعضاء في منظمة أوبك. نُفّذت العملية في 21 ديسمبر من عام 1975، باقتحام قوة عسكرية لقاعة اجتماع الوزراء في مبنى أوبك في فيينا، وهُناك قُسّم الوزراء إلى 3 مجموعات للتفريق بينهم، واحدة تضم الوزير السعودي والثانية الإيراني والثالثة الكويتي، إذ كان مُقررًا إعدام السعودي والإيراني في بغداد، ثُم طالب مُنفذو العملية تلاوة بيان ما أسموه بـ “درع الثورة العربية” عبر قنوات التلفزيون النمساوي، وكان كارلوس الثعلب هو من تلا البيان.

كارلوس الثعلب في إحدى مُحاكماته
من بين العمليات التي نفذها مُنفردًا، مُحاولة اغتيال جوزيف سييف، الرئيس الفخري للاتحاد الصهيوني البريطاني، وأيضًا رئيس مجلس إدارة سلسلة متاجر ماركس آند سبنسر. اقتحم كارلوس منزل جوزيف، وأطلق النيران عليه، لكنّ دوي سيارات الشرطة جعلته يُسرع في الهرب. نجاة جوزيف العجيبة من العملية، كانت من أسباب شُهرة كارلوس الذي أخبر جوزيف عنه، وبات مطلوبًا في بريطانيا على الأقل.
عمليات أخرى أكثر من أن تعد نفذها كارلوس، بينها عدة عمليات في فرنسا التي يقبع في إحدى سجونها بعدة تهم تتعلق بالقتل والتهريب، فضلًا عن تخطيطه لعدد آخر من العمليات بينها عملية ميونخ الشهيرة التي اختطف فيها رياضيين إسرائيليين في مدينة ميونخ الألمانية.
وظلّ نشاط كارلوس نافذًا حتى ألقي القبض عليه في أغسطس 1994 في السودان، كانت عملية إلقاء القبض عليه مُريبة، فمن جهة صرّح كارلوس بأنّ السلطات السودانية كانت على علم بوصوله إلى البلاد، بل إنّها من رتبت دخوله لها بطريقة غير مُباشرة.
من جهة أُخرى تنفي الرواية السودانية الرسمية – التي مثلها آنذاك حسن التُرابي باعتباره زعيمًا للجبهة الإسلامية القومية التي انقلبت على حكومة الصادق المهدي، ثُم عُيّن منها عمر البشير رئيسًا للسودان – أن يكون لديها أي علم مُسبق بدخول كارلوس السودان، وتستدل على صحّة روايتها، بأنّها (أي السلطات السودانية) طلبت من كارلوس مُغادرة البلاد قبل نحو 5 أشهر من إلقاء القبض عليه، لكنّه من رفض، ويُشار إلى أنّ كارلوس نفسه لم ينف أن مثل هذا الطلب قد وصله، لكنّه يؤكد أنّ عدم تجاوبه معه كان بغرض الكشف عن نية السودان الإيقاع به، وهو الأمر الذي علمه عبر من أسماهم بـ “متعاطفين معه”.
كارلوس اختطف حرفيًا، دُبّرت عملية اختطافه على نطاق واسع من التعاون بين مُخابرات وأجهزة أمنية تابعة لعدة دول، من بينها الولايات المُتحدة الأمريكية، إذ استطاع المستشار الأمني لسفارتها في السودان، التعرف على صورة كارلوس في إحدى حفلات الزفاف، رُغم حرص الأخير على التخفي وتبديل هيأته باستمرار.
المُخابرات الفرنسية لعبت الدور الأبرز عبر سلسلة من المخبرين في كافة المناطق التي أُشيع تواجد أو مرور كارلوس عبرها، كما عملت على مُراقبة هواتف جميع من له علاقة بكارلوس وعلى رأسهم زوجته السابقة وأم أبنائه، إذ أوقعت به مُكالمة هاتفية أجراها معها من مقر إقامته السري في الخرطوم.

كارلوس وزوجته مُحامية الدفاع عنه
والآن يقبع كارلوس في إحدى سجون فرنسا بعد أن حُكم عليه بالسجن المُؤبد أو قضاء 18 عامًا من الفترة المحكوم عليه بها، ورُغم أنه قضى أكثر منها على ذمّة التحقيق، إلا أن الاستئنافات التي يُحاولها كارلوس عبر مُحاميته التي تزوّجها وهو في السجن؛ باءت جميعها بالفشل.