يكاد يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما الوحيد الذي قال إن توقيع الاتفاق النووي مع إيران أوقف مخاطر انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط.
فالغالبية ترى أن توقيع هذا الاتفاق يعني بدء سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط بمشاركة من تركيا والسعودية ومصر وجميع أعداء إيران، وكانت أول هذه التصريحات المنافية لما توقعه أوباما قد أكدها مسئولون أمريكيون منهم السفير الأمريكي السابق جون بولتون الذي قال: “الدول الأخرى في المنطقة لن تقف مكتوفة الأيدي، ولهذا فإن سباق التسلح النووي جار بالفعل”، كما تحدث الحليف رئيس دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن أن “الاتفاق سيطلق شرارة السباق النووي في الشرق الأوسط”.
ومع الإشارة إلى أن الكمية الأكبر من السلاح النووي تقع حاليًا في روسيا والولايات المتحدة، إذ يمتلكان معًا 93٪ مما يمتلكه العالم كله، وبخروج إيران من قائمة الدولة التي تسعى لامتلاك الأسلحة النووية ينتظر أن تنضم عدة دول لسباق تسلح بالنووي جديد. ومن هذه الدول:
السعودية
أول الدول التي رُجح عقب توقيع الاتفاق تسريعها نحو التسلح النووي هي المملكة العربية لسعودية، وذلك لخشية السعودية من أن يتيح الاتفاق النووي بين الغرب وإيران تحررًا من الضغوط الدولية والعقوبات لتقدم مزيدًا من الدعم لحلفائها في اليمن لشن حروب بالوكالة.
الرئيس السابق لجهاز المخابرات السعودية الأمير تركي الفيصل قال ذلك عندما بوضوح عندما صرح بأن “التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي قد يدفع دولا أخرى في المنطقة لبدء تطوير وقود ذرّي، والسعودية وغيرها من الدول التي ستسعى للحصول على الحق نفسه.“، وكانت صحيفة “ديلي تلجراف” قد أكدت أن السعودية بدأت مساعي للحصول على سلاح نووي في 2013، وذكر في تقرير لهذه الصحيفة أن السعودية أنشأت قاعدة سرية لصواريخ أرض ـ أرض، مع قدرة على إطلاق صواريخ على “إسرائيل” وإيران.
في هذا النطاق، كشفت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية أن السعودية اتخذت قرارًا إستراتيجيًا بشأن شراء أسلحة نووية من باكستان، وقالت الصحيفة إن هذه الخطوة من قبل السعودية، التي مولت جزءًا كبيرًا من البرنامج النووي لإسلام آباد على مدار العقود الثلاثة الماضية، جاءت بسبب غضب الدول العربية بعد اتفاق الإطار، حيث تخشى هذه الدول من أن يتيح لعدوها اللدود “إيران” تطوير قنبلة نووية.
ويشير المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي أن السعودية ستحاول بجدية الحصول على سلاح نووي، وأضاف: «الأمر مثل الهند وباكستان. فقد ظل الباكستانيون يقولون على مدى سنوات إنهم لا يريدون القنبلة، ولكن إذا حصلت عليها الهند، فإنهم سيحصلون عليها». وقال خاشقجي: «أنا متأكد من أن السعودية جاهزة لتحمل أي ضغوط، فسيكون موقفها أخلاقيًّا. إذا تملك الإيرانيون والإسرائيليون القنبلة، فلا بد أن نتملكها».
تركيا
رغم كثرة المخاوف التي أثيرت بسعي دولٍ خليجية وعربية لامتلاك سلاحٍ نوويّ بعد الاتفاق النووي، حاولت تركيا استبعاد نفسها من تلك المخاوف، حيث عملت كي ينظر إليها كإحدى ركائز التوازن في منطقة الشرق الأوسط مع إيران.
يؤكد رئيس هيئة التخطيط في وزارة الدفاع الألمانية ما بين عامي 1982 و 1988 هانز ريله أن هناك مؤشرات قوية على سعي تركيا إلى إنتاج قنبلة نووية سرًا، وذلك في ظل انشغال العالم ببرنامج إيران النووي، وربما يفسر هذا عدم انخراط الأتراك وإبداء تخوفهم من نووي إيران.
ويبين ريله في مقال له في صحيفة “دي فيلت” الألمانية أن الاستخبارات الألمانية تنصتت على المسؤولين الأتراك على مدى سنوات طويلة، ورأى في نتائج تحرياتها مؤشرات “قوية” على سعي تركيا لامتلاك القنبلة النووية، ويدلل ريله على ما قال بعدة مؤشرات، منها أن تركيا وقعت عام 2011 اتفاقا مع شركة “روس أتوم” الروسية لبناء مفاعل نووي كبير على بعد 300 كيلومتر من المدينة الساحلية أنطاليا بقيمة 15 مليار دولار، وألحقته باتفاق آخر قيمته 17 مليار يورو مع شركة يابانية – فرنسية. وأشار الكاتب إلى أن الاستخبارات الألمانية أفادت بأن رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان “أمر عام ٢٠١٠ ببناء منشآت لتخصيب اليورانيوم سرًا”.وأفادت التقارير الاستخباراتية بامتلاك تركيا لعدد كبير من أجهزة الطرد المركزية يعتقد أنها أتت من باكستان.
من جهتها، زعمت المجلة الإسرائيلية “ISRAEL DEFENSE” أن أحد أهم المؤشرات على توجه الأتراك لتطوير سلاح نووي؛ هو سعيهم لتطوير منظومات صاروخية قادرة على حمل رؤوس نووية. وتستند المجلة إلى تصريحات منسوبة إلى البرفسور يوسال التنبساك، المدير السابق للمركز التكنولوجي التركي، أكد فيها أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمر في عام 2011 بتطوير خطة لإنتاج الصواريخ البالسيتية يصل مداها إلى 2500 كيلومتر، وزعم التنبساك أن أردوغان معني بتطوير صواريخ عابرة للقارات يصل مداها إلى 10000 كيلومتر. ونقلت المجلة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ادعاءات تشير إلى توجه أنقرة لتطوير برنامج فضاء خاص بها. وتنطلق المصادر العسكرية من افتراض، مفاده بأن الدول التي تسعى لتطوير برنامج فضاء هي الدول التي لديها رغبة في الحصول على سلاح نووي.
مصر
رغم إعرابها عن أملها بأن يحول الاتفاق النووي الإيراني دون حدوث سباق تسلح في الشرق الأوسط، إلا مصر دخلت نطاق الدول التي أشير إلى أنها ستسعى بعد توقيع الاتفاق النووي إلى التسليح النووي.
فقبل توقيع هذا الاتفاق حذرت دولة الاحتلال الإسرائيلي من جهود مصر في هذا النطاق ردًّا على هذا الاتفاق، حيث حذر مدير الشئون السياسية والعسكرية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد من إمكانية توصل مصر لامتلاك السلاح النووي في الفترة المقبلة، بل أكد على امتلاك مصر بالفعل للمعرفة والموارد التي تؤهلها لتحقيق قدرات نووية. حسب ما جاء في صحيفة “جيروسالم بوست” الإسرائيلية.
وقال القيادي السابق بالمخابرات الإسرائيلية (الموساد) في مؤتمر عقد بمعهد السياسة والإستراتيجية في هرتسليا: “بمجرد حصول إيران على السلاح النووي ستطور مصر سلاحها الخاص بها، وستشتري السعودية نظيرًا له من باكستان”.