غزة في عدوان الجرف الصامد

غزة في عدوان الجرف الصامد

رغم عدم حضورها مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي انعقد يوم الثاني عشر من أكتوبر الحالي في مصر إلا أن هذا “الإخراج البروتوكولي” لا يعني أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تكن حاضرة بأجندتها في هذا المؤتمر، فدولة الاحتلال التي برر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عدم دعوتها للمؤتمر بالخوف من انسحاب دول الخليج، معنية وحريصة على ما سماه وزير خارجيتها “الإعمار المدني لغزة”.

ونتيجة هذا الموقف الإسرائيلي الذي قد يستغربه البعض سمحت قوات الاحتلال الأمس بدخول مواد البناء إلى غزة بعد أن توسطت الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق بينها وبين والفلسطينيين، فقد كشف موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني، عن وجود “تفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول شروط إعادة إعمار غزة، وأن الإعمار مستحيل من دون مشاركة إسرائيل فيه”.

وتكررت التصريحات الإسرائيلية التي تظهر حرص دولة الاحتلال على تسهيل عملية إعمار غزة، فوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قال: “إسرائيل مهتمة بإعادة تأهيل وبناء المناطق السكنية المدنية في غزة مع ضرورة التأكيد على آليات إدخال المواد ورصد وصولها لأهدافها ومعرفة الأموال التي ستدخل”، مضيفًا في تصريحات لصحيفة “هآرتس” العبرية أنه “من المستحيل أن يُعاد بناء غزة دون أن تشارك أو تتعاون “إسرائيل” في ذلك”، وتابع القول: “العتاد سيمر عن طريق حواجزنا الحدودية. وواضح للجميع أنه من دون تعاون إسرائيلي يستحيل التقدم”.

انطلاقة جديدة لإسرائيل

يقول الكاتب علي حيدر أن الغائب الأكثر حضورًا في مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة، كان إسرائيل. بل اعتبر الكاتب أن دولة الاحتلال هي التي وضعت مبادئ المؤتمر وضوابطه، لضمان أن يكون وفق إيقاع وآلية، تضمن بموجبهما إسرائيل عدم استفادة المقاومة أيضًا من المواد المفترض دخولها إلى القطاع .

ويذكر حيدر في مقالة بعنوان (إسرائيل “الغائب الأكثر حضورًا” في “مؤتمر القاهرة”) أن أحد أسباب موافقة الاحتلال على هذا المؤتمر هو قلقها من أن يؤدي استمرار الواقع القائم في القطاع إلى إعادة التوتر الأمني في الجبهة الجنوبية للدولة العبرية، ويضيف: “إن أصل ومسار إعادة الإعمار سيكونان بما يضمن تعزيز التهدئة، وفق المفهوم الإسرائيلي، وخاصّة أن المطالب الأساسية للشعب الفلسطيني ليست ضمن جدول أعمال هذا المؤتمر، ولا مشروطة به”.

ويتطرق حيدر إلى الاتفاقات التي سبقت المؤتمر وضمنت أيضًا عودة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وقال أنها تمثل انطلاقة جديدة تراهن إسرائيل وعدد من الدول العربية على أن تؤدي إلى تطويق وتحجيم المقاومة في قطاع غزة.

ويشير الكاتب في مقاله الذي نشر في “الأخبار” اللبنانية أن قوة حضور إسرائيل في المؤتمر أوجبت التمهيد له ببلورة ضمانات للسقف الذي تشترطه إسرائيل لما يمكن أن يصدر عن المؤتمر. وتقديم تبريرات لغيابها الشكلي. ويعتقد الكاتب أن لدى إسرائيل مطامع في أن يكون مؤتمر إعادة الإعمار مدخلًا لاستئناف المفاوضات بعد عودة السلطة إلى القطاع.

أهداف سياسية

تؤكد دعوة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى “تجديد الالتزام بتحقيق السلام في الشرق الأوسط”، أن مؤتمر إعادة الإعمار يحمل في طياته أهدافًا سياسية كما يؤكد حرص الشركات الإسرائيلية وتسابقها على الإعمار إلى وجود مطامع اقتصادية لدي الإسرائيليين، وحسبما يؤكد المفكر المصري محمد عصمت سيف الدولة أن “المضمون هو اختراق غزة، والعنوان إعادة الإعمار”، ويضيف سيف الدولة المستشار السابق للرئيس المصري المعزول محمد مرسي: “هم يريدون السلطة التي نجحت في نزع سلاح المقاومة في الضفة الغربية أن تكرر ذات المهمة في غزة، ويتابع القول خلال حواره مع جريدة “فلسطين”: هذا الكلام يذكّرنا بمؤتمر دولي تم عقده تحت عنوان صُناع السلام في شرم الشيخ سنة 1996، ولكن مهمته الرئيسة كانت التصدي للعمليات الاستشهادية التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف الإسرائيليين”، لافتًا إلى أن “كلمات الوفود بما فيهم عباس كانت رسالة واحدة، وقالها الرئيس المصري، إن هناك محورين أو شرطين للإعمار، الأول تهدئة دائمة، والآخر عودة السلطة الشرعية لغزة”.
من جهته يعتقد مساعد وزير الخارجية الأسبق الدكتور محمود العجرمي أن كيري أعطى إشارات الدول المشاركة بأن الإعمار يجب أن يحوطه عملية تسوية ناجحة ونهائية، ويتفق العجرمي تمامًا مع القول بأن هناك سيناريوهات معدة لما يجري خلف كواليس المؤتمر، وهي وفق قوله “اختراق غزة بحصان طروادة المال وإعادة الإعمار، بنقل النموذج الرديء للضفة الفلسطينية، التي تعاني الأمرّين من الاحتلال، والتعاون الأمني معه”.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد