الخط الأحمر

تسائل الكاتب الأمريكي سيمور هيرش في مقال له نشر في مجلة لندن ريفيو أوف بوكس في السابع عشر من شهر أبريل الماضي عن الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن التراجع عن القرار الذي كان قد اتخذه لتوجيه ضربة جوية للنظام السوري الذي تجاوز الخطوط الحمراء بحسب الإدارة الأمريكية عقب الهجوم الذي تعرضت له مدينة الغوطة السورية بغاز السارين وأودى بحياة العشرات من المدنيين والأطفال، مشيراً إلى أن التراجع الذي شهده موقف الرئيس الأمريكي بالتزامن مع موافقة النظام السوري على تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها من خلال اتفاق تم برعاية روسية ربما يكمن وراء الصدام الذي وقع بين العاملين في الإدارة الأمريكية والمكلفين بمراقبة النظام السوري ومدى تجاوزه “للخط الأحمر” والقادة العسكريين الذين اعتبروا أن الحرب في سوريا قد تكون غير مبررة وكارثية، في الوقت ذاته خلافًا لمواقف الرئيس الأمريكي حيال الوضع في ليبيا الذي شهد تدخلًا عسكريًا من قبل القوات الأمريكية حتى من دون الحصول على موافقة مسبقة من الكونجرس الأمريكي في عام2011.

وأشار هيرش إلى القلق الذي انتاب القيادة المشتركة للعمليات العسكرية حول الدور الذي تلعبه دول الجوار في الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا وبالأخص ما يتعلق منها بالموقف التركي الذي تطاله اتهامات بدعم جبهة النصرة إحدى المجموعات القتالية في سوريا التي يعتقد بامتلاكها إحدى الشبكات لإنتاج غاز السارين في الوقت الذي كشفت فيه الاستخبارات البريطانية عن عدم مطابقة العينات التي تم الحصول عليها من غاز السارين للمخزون الذي يملكه النظام السوري.

ونوه هيرش أيضًا إلى مواقف الحكومات الأوروبية حيال الهجوم الذي تم تعليقه من قبل الرئيس الأمريكي خاصة في المواقف البريطانية والفرنسية، مشيرًا إلى رفض البرلمان البريطاني للتدخل العسكري في سوريا في نهاية شهر أغسطس من العام الماضي في الوقت الذي ذكرت فيه صحيفة الجارديان البريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون كان قد أصدر توجيهات بنشر ستة مقاتلات في جزيرة قبرص تمهيدًا للتدخل العسكري في سوريا آنذاك بالإضافة إلى ما ذكرته صحيفة “نوفيل أوبزرفاتور” الفرنسية من أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كان قد أصدر توجيهات بدعم القوات الأمريكية في عملياتها العسكرية في شمال سوريا، بيد أن قرار الرئيس الأمريكي بتعليق العمليات العسكرية في سوريا انتظارًا لموافقة الكونجرس أثار العديد من التساؤلات بل والدهشة كذلك لدى كافة الأطراف.

وأضاف هيرش بأن مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي كان يرى بأن توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري بعد هجمات السارين في الحادي والعشرين من أغسطس استنادًا على تورط النظام السوري في استخدام الأسلحة الكيميائية سيكون بمثابة الخطأ العسكري الذي قد يفضي بدوره إلى اندلاع حرب أوسع في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما ألقى بظلال من القلق لدى القيادة المشتركة التي حثت بدورها الرئيس الامريكي أوباما على إعادة النظر من جديد في قرار الحرب في سوريا، خاصة في ظل التقارير التي بثتها الاستخبارات البريطانية حول الغاز المستخدم وعدم مطابقة العينات الخاصة به لمخزون النظام السوري.

خط الجرذان

على صعيد آخر أشار هيرش إلى ما أسماه التعاون الأمريكي التركي القطري السعودي لتقديم الدعم اللازم للمجموعات القتالية أو المتمردين في سوريا في مواجهة النظام السوري وهو الدعم الذي لم تعترف به الإدارة الأمريكيه خاصة ما يتعلق بدورها في إنشاء ما أطلقت عليه وكالة الاستخبارات الأمريكية “خط الجرذان” في إشارة إلى القناة الخلفية التي تستخدم في تمرير الإمدادات العسكرية واللوجستية إلى الأراضي السورية منذ عام 2012 حيث كان يتم تمرير الأسلحة والذخيره من ليبيا عبر الجنوب التركي وعبر الحدود في سوريا إلى المعارضة.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد