في أوائل القرن السابع عشر، دعمت اكتشافات العالم الإيطالي غاليليو غاليلي Galileo Galilei مفهوم النظام الشمسي، الذي تدور فيه جميع الكواكب بما فيها الأرض حول نجم مركزي (الشمس). كانت تلك الفكرة تسمى في ذلك الوقت نظرية مركزية الشمس وكانت فكرة ثورية حينها؛ إذ كان يعتقد معظم الناس أن الأرض هي مركز الكون، ومنذ ذلك الحين، تعلمنا الكثير عن نظامنا الشمسي وما يكمن وراءه، باستخدام التلسكوبات الأرضية والمركبات الفضائية والنماذج الرياضية.
تَشكّل نظامنا الشمسي قبل حوالي 4.5 مليار سنة، من سحابة كثيفة من الغاز والغبار النجمي، ويتكون النظام الشمسي عادةً من نجم مركزي ومجموعة من الأجرام التي تدور حوله، بما فيها من كواكب وأقمار وكويكبات ومذنبات ونيازك.
وقد تحتوي النظم الشمسية على أكثر من نجم مركزي، فتُسمى بالنظم ثنائية النجوم إذا كانت تملك نجمين، أو الأنظمة متعددة النجوم إذا كانت تملك ثلاثة نجوم أو أكثر. تضم مجرة درب التبانة التابع لها نظامنا الشمسي، عشرات المليارات من الأنظمة الشمسية على الأرجح، والتي تحتضن أعدادًا هائلة من النجوم والكواكب.
يتألف نظامنا الشمسي من الشمس (نجمنا المركزي)، وما يدور حولها من الكواكب الثمانية وأقمارها الطبيعية، والكواكب القزمة وأقمارها الصناعية، فضلًا عن الكويكبات والمذنبات وجسيمات لا تُحصى من الكتل الصخرية. نتناول في هذا التقرير قصة كل كوكب من الأعضاء الثمان، الذين يُشكلون مجموعتنا الشمسية.
عطارد.. الكوكب الأسرع
أصغر كواكب المجموعة الشمسية وأقربها إلى الشمس، سُمّي ميركوري Mercury في اللاتينية نسبة لإله التجارة والسفر الروماني، ونظير إله التجارة اليوناني هيرميس Hermes رسول الآلهة إلى البشر؛ نظرًا لكونِه يتحرك بسرعة عبر السماء.
أطلق عليه العرب عطارد نسبة إلى طَارد وعَطرَدَ، أي المُتتابع في سيره وسريع الجري، ومنه جاء اسم عطارد الذي يرمز إلى سرعة دوران الكوكب الكبيرة حول الشمس. يبلغ قطره حوالي 4880 كيلومتر، وتبلغ كُتلته 0.055 من كتلة الأرض، ويتم دورته حول الشمس خلال 88 يومًا تقريبًا.
كان غاليليو غاليلي أول من رصد عطارد، بواسطة التلسكوب في القرن السابع عشر، ويظهر عطارد بشكل متألق عندما يراه الناظر من الأرض، ويشبه قمر الأرض في شكله؛ حيث يوجد على سطحه عديد من الفوهات الصدمية والمناطق السهلية الناعمة.
Embed from Getty Images
(كوكب عطارد)
يُعد عطارد أحد الكواكب الصخرية الأربعة في المجموعة الشمسية (عطارد، والزهرة، والأرض، والمريخ)، وتُماثل هيئته الصخرية كوكب الأرض، ولا يملك أقمارًا طبيعية أو غلافًا جويًا. يمكن أن تصل درجات الحرارة على سطحه إلى 430 درجة مئوية، ولأن الكوكب لا يملك غلافًا جويًا للاحتفاظ بهذه الحرارة، يمكن أن تنخفض ليلًا إلى 180 درجة مئوية تحت الصفر.
وقد زارت عطارد مركبتان فضائيتان، هما مارينر 10 Mariner 10 و ماسنجر MESSENGE. كانت مارينر 10 أول مركبة فضائية تزور الكوكب، وحلقت إليه ثلاث مرات بين عامي 1974 و1975. قامت خلال رحلاتها الثلاث بالتقاط أول الصور القريبة من سطح عطارد، التي أظهرت صور كثير من الفوهات الصدمية على سطحه، وكشفت العديد من تضاريس سطحه الجيولوجية، كما تمكنت من تحديد 45% من ملامح سطح الكوكب.
لاحقًا أطلقت وكالة ناسا بعثة ماسنجر في عام 2004، وقدمت في يناير (كانون الثاني) عام 2008 صورًا جديدة ذات جودة عالية، لبعض التضاريس التي لم تتمكن بعثة مارينر 10 من رصدها، وأخذت منذ ذلك الحين أكثر من 250.000 صورة تُغطي الكوكب بأكمله.
الزهرة.. كوكب الجمال والجحيم
ثاني أعضاء المجموعة الشمسية والجار الأقرب إلينا، يُطلق عليه توأم الأرض لكونه أكثر الكواكب شبهًا بها؛ إذ تُمثل كتلته 0.815 مرة كتلة الأرض، ويبلغ قطره 0.949 مرة قطر كوكبنا، كما أن كثافته قريبة جدًا من كثافة الأرض. سُمي فينوس Venus نسبةً لآلهة الحب والجمال في الرومانية القديمة، ربما لكونه الأكثر لمعانًا في سماء الليل بعد القمر.
يُسجل تاريخ الفضاء أن أول مسبار أطلقه الإنسان لاستكشاف بقية كواكب المجموعة الشمسية، كان تجاه كوكب الزهرة الذي يُعادل ضغطه الجوي 92 مرة مثيله على الأرض. يحبس غلافه الجوي السميك والمكون في الأغلب من غاز ثاني أكسيد الكربون، وسحب من حمض الكبريتيك، الحرارة بداخله ناتجًا عنها ظاهرة الاحتباس الحراري؛ ما يجعله الكوكب الأكثر سخونة في نظامنا الشمسي.

كوكب الزهرة. المصدر: https://pixabay.com/en/venus-surface-hot-heat-planet-11022/
تصل درجات الحرارة على سطح الزهرة إلى 470 درجة مئوية، وهي درجات تكفي لإذابة الرصاص؛ الأمر الذي يجعل الوضع على سطحه أشبه بالجحيم. يعتقد العلماء أن درجة حرارة سطح الزهرة، كان من الممكن أن تكون دون 100 درجة مئوية إذا لم يمتلك غلافه الجوي، وهو السبب الرئيس في ارتفاع درجة حرارة الكوكب؛ نتيجة الغازات الدفيئة التي تسوده، وليس نتيجة قرب الكوكب من الشمس كما قد يعتقد البعض.
يبلغ اليوم (الوقت الذي يستغرقه الكوكب كي يدور حول نفسه مرة واحدة) على سطحه 243 يومًا أرضيًا، في حين تعادل السنة (الوقت الذي يستغرقه الكوكب كي يكمل دورة واحدة حول الشمس) عليه 225 يومًا على الأرض.
نعم، اليوم على سطح الزهرة أطول من العام، وهو أطول يوم على سطح كوكب في نظامنا الشمسي؛ ذلك لكون مداره حول الشمس وطريقة دورانه حول نفسه مختلفة عن بقية الكواكب. يدور كل من الزهرة وأورانوس فقط حول أنفسهم من الشرق إلى الغرب بخلاف بقية الكواكب، ويرجع طول اليوم على سطح الزهرة إلى طريقة دورانه الخلفية تلك والمُعاكسة لاتجاه مداره حول الشمس.
لا يملك الزهرة أقمارًا طبيعية، كما لا تدور حوله حلقات، وتُظهر خرائط التضاريس على سطحه وجود تضاريس مختلفة، تشمل سلاسل جبلية كبيرة، إلى جانب الوديان وعشرات الآلاف من البراكين. تبلغ قمة أعلى جبل على كوكب الزهرة، في سلسلة جبال ماكسويل مونتيس Maxwell Montes حوالي 11 كيلومترًا، شبيهة بجبل إيفرست Everest أعلى قمة على الأرض.
الأرض.. الكوكب الأم
ثالث كواكب المجموعة الشمسية، وأكبر الكواكب الصخرية حجمًا. في حين تحمل جميع كواكب المجموعة أسماء آلهة رومانية وإغريقية، إلا أنه الوحيد الذي يرجع اسمه إلى كلمة إنجليزية/ألمانية تعني الأرض.
يُعد الكوكب الوحيد الذي يدعم الحياة وتتوافر عليه كل سبل الحياة. يتكون غلافه الجوي من 78% نيتروجين، و21% أكسجين، و1% من غازات أخرى مثل الأرجون وثاني أكسيد الكربون والنيون. يؤثر الغلاف الجوي على مناخ الأرض على المدى الطويل، والطقس المحلي على المدى القصير، كما يحمينا من تأثيرات أشعة الشمس الضارة، وأيضًا النيازك التي يحترق معظمها في الغلاف الجوي قبل أن تتمكن من ضرب السطح.
يوجد على سطح الأرض البراكين والجبال والوديان، كما في المريخ والزهرة. يُسمى بالكوكب الأزرق؛ إذ تُغطي المحيطات حوالي 70% من سطح الكوكب، ويبلغ متوسط عمق هذه المحيطات حوالي أربعة كيلومترات، وتحتوي على 97% من مياه الكوكب.
تختبئ غالبية براكين الأرض أسفل هذه المحيطات، فيُعد بركان ماونا كيا Mauna Kea في هاواي على سبيل المثال أطول من جبل إيفرست، إذا تم قياسه من القاعدة التي يقع معظمها تحت الماء إلى القمة. تقع أطول سلسلة جبال على الأرض أيضًا تحت الماء، أسفل المحيط القطبي الشمالي والمحيط الأطلسي، وتُعد أطول بأربع مرات من جبال الأنديز، وسلسلة جبال روكي، والهيمالايا مُجتمعة.
تُكمل الأرض دورة حول نفسها خلال 23.9 ساعة أرضية، وتستغرق 365 يومًا وربع اليوم لإكمال دورة واحدة حول الشمس، وتُعد الكوكب الوحيد الذي يملك قمرًا طبيعيّا واحدًا فقط، وقمرنا هو ألمع وأكثر جرم سماوي مألوف بالنسبة لنا في سماء الليل، فضلًا عن كونه مسؤولًا عن جعل الأرض موطنًا رحبًا؛ إذ يُساهم في ثبات تمايل كوكبنا، جاعلًا المناخ أقل تغيرًا على مدى آلاف السنين.
يقع القمر بعيدًا عن الأرض أكثر مما يتخيل معظمنا؛ إذ يبعد عنها بمتوسط 384400 كيلومتر ما يعني أنه بإمكان 30 كوكب بحجم الأرض شغل هذه المسافة بينهما.
المريخ.. الكوكب الأحمر
رابع كواكب المجموعة الشمسية والمُلقب بالكوكب الأحمر؛ حيث تظهر الصخور والتربة والسماء عليه باللون الأحمر أو الوردي. يبدو المريخ بهذا اللون نتيجة تفاعل الحديد في تربته السطحية، مع كمية الأكسجين المتاحة على الكوكب مما جعلها تصدأ.
سُميّ مارس Mars نسبة إلى إله الحرب الروماني، ربما بسبب لونه الأحمر الدموي، كما أسمته عدة حضارات أسماء مشابهة نتيجة لونه المميز، مثل المصريين القدماء الذين أطلقوا عليه Her Desher التي تعني الأحمر.
يبلغ حجمه نصف حجم الأرض تقريبًا، وتبلغ كتلته 0.107 من كتلة الأرض. يملك غلافًا جويًا رقيقًا جدًا، يتألف في الغالب من ثاني أكسيد الكربون المكون الرئيسي له، بالإضافة إلى النيتروجين والأرجون، يليها الأكسجين والماء بنسب ضئيلة.

كوكب المريخ. المصدر: https://pixabay.com/p-11012/?no_redirect
يبلغ متوسط درجة الحرارة المسجلة على سطح المريخ 63° مئوية تحت الصفر، مع درجة حرارة قصوى تبلغ 20° مئوية وحد أدنى 140°مئوية تحت الصفر، ويُقدر طول اليوم على سطحه بـ24.6 ساعة أرضية، ويُكمل دورة حول الشمس كل 687 يومًا أرضيًّا.
يدور حوله قمران طبيعيان هما فوبوس Phobos وديموس Deimos، ويحتوي فوبوس على حفر وأخاديد عميقة على سطحه، بالإضافة إلى ذلك، يمتلك المريخ بعض التضاريس المتنوعة والمثيرة للاهتمام أكثر من أي كوكب أرضي آخر، على سبيل المثال جبل أوليمبوس مونس Olympus Mons الذي يُعد أكبر جبل في النظام الشمسي. يبلغ ارتفاعه نحو 22 كم، ويبلغ قُطر قاعدته أكثر من 500 كم تُعادل مساحة ولاية ميسوري الأمريكية.
يُقدر متوسط الضغط على سطحه حوالي سبعة مللي بار فقط (أقل من 1٪ من ضغط الأرض)، لكنه يختلف اختلافًا كبيرًا مع الارتفاع؛ إذ يتراوح من حوالي تسعة مللي بار في أعمق البقع على سطحه إلى حوالي واحد مللي بار عند الجزء العلوي من أوليمبوس مونس.
قبل استكشاف الفضاء، كانت هناك بعض التكهنات بكون المناطق المشرقة والمظلمة على سطح المريخ رُقعًا من الغطاء النباتي، وأخرى بوجود مياه على سطحه في المناطق القطبية، وكان المريخ المرشح الأفضل لاستضافة حياة بعد الأرض، لكن عندما حلقت مركبة الفضاء مارينز Mariner 4 نحو المريخ في عام 1965، جاءت صور سطحه الحفري القاتم صادمة للكثيرين؛ إذ بَدى المريخ فيها كوكبًا ميتًا.
مع ذلك، أظهرت البعثات اللاحقة أن المريخ كوكب معقد يحمل العديد من الألغاز التي لم تُحل بعد، ومن أهمها ما إذا كان المريخ يملك الظروف المناسبة لدعم أشكال الحياة الصغيرة التي تُسمى الميكروبات.
المشتري.. مَلِك المجموعة الشمسية
كوكب المشتري الغازي العملاق، هو خامس كواكب المجموعة الشمسية وأكبرها حجمًا. يُعد أكثر اتساعًا من الأرض بـ11 مرة، كما تتجاوز كتلته كتلة جميع الكواكب والأقمار في المجموعة الشمسية، ومنه جاء اسم جوبيتر Jupiter نسبةً إلى ملك الآلهة الرومانية القديمة.
لا يملك المشتري سطحًا حقيقيًا بسبب طبيعته الغازية، إذ أن الكوكب في الغالب عبارة عن دوامات من الغازات والسوائل؛ لذلك لا تستطيع مركبة فضائية أن تجد مكانًا للهبوط على سطح المشتري، أو التحليق خلاله دون أن تلحقها الأضرار. يرجع هذا إلى درجات الحرارة والضغوط القاسية عميقًا داخل الكوكب، الكفيلة بأن تسحق وتُذيب وتُبخر المركبات الفضائية التي تحاول الطيران داخل الكوكب.

كوكب المشتري. المصدر: https://c1.staticflickr.com/3/2087/2468480803_b983ef9015_z.jpg?zz=1
يتكون غلافه الجوي في الغالب من الهيدروجين والهليوم، ويُشبه بدرجة كبيرة الغلاف الجوي للشمس. تظهر على سطحه البقعة الحمراء العظيمة Great Red Spot التي تُعد إحدى العلامات البارزة على سطح الكوكب، وهي عاصفة عملاقة حجمها أكبر من حجم الأرض اندلعت منذ مئات السنين.
لدى المشتري أقصر يوم في النظام الشمسي؛ حيث يُعادل يوم واحد على سطحه حوالي عشرة ساعات أرضية فقط، في حين تعادل السنة عليه حوالي 12 سنة أرضية، ويدور حوله 53 قمرًا، مؤكد الوجود بالإضافة إلى 16 قمرًا افتراضيًا (يُعتقد بوجوده لكن دون إثبات علمي)، ما يجعل المجموع الكلي 69 قمرًا وهو أكبر عدد من الأقمار يملكه كوكب في نظامنا الشمسي.
ينصب أغلب اهتمام العلماء على أربعة منها تحديدًا تُسمى أقمار غاليليو، أكبر أربعة أقمار للمشتري اكتشفها غاليليو غاليلي في عام 1610، وهم (أوروبا، وكاليستو، وجانيميد، وإيو). يُعد قمر جانيميد أكبر قمر في المجموعة الشمسية، ويُعد أيضًا المجال المغناطيسي للمشتري فريدًا من نوعه؛ فهو أكبر مجال مغناطيسي في المجموعة الشمسية، ويمتد لعدة ملايين من الكيلومترات كافية للحفاظ على أقماره الكثيرة.

البقعة الحمراء العظيمة وأقمار غاليليو. المصدر: https://pixabay.com/p-11012/?no_redirect
فضلًا عن هذا، تدور حول المشتري ثلاث حلقات مثل كوكب زحل، اكتشفتها سفينة الفضاء فوياجر 1 Voyager 1، التابعة لوكالة ناسا في عام 1979، لكنها حلقات خفيفة جدًا من الصعب رؤيتها، تتكون من الغبار والأحجار الصغيرة.
كانت بعثات بايونير 10 و 11 وفوياجر 1 و 2 أول من يُحلق نحو المشتري في السبعينيات، ثم أرسلت ناسا بعدها بعثة غاليليو إلى مدار العملاق الغازي، التي أسقطت مسبارًا في غلافه الجوي. أخذت بعثة كاسيني Cassini كذلك صورًا مفصلة للمشتري في طريقها إلى كوكب زحل المجاور، كما فعلت بعثة نيو هورايزنز New Horizons في طريقها نحو بلوتو وحزام كايبر، ومؤخرًا أرسلت بعثة جونو Juno، التي وصلت إلى نظام المشتري في يوليو (تموز) عام 2016.
زُحل.. الكرة الذهبية
سادس كواكب المجموعة الشمسية، وأبعد الكواكب التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. يُعد ثاني أكبر كوكب في نظامنا الشمسي بعد المشتري، سُميّ ساتورن Saturn نسبةً إلى إله الزراعة والثروة عند الرومان، وفي العربية اُشتق الاسم من الجذر زَحَل بمعنى تنحّى وتباعد، نظرًا لبُعده في السماء.
تُزينه مجموعة من الحلقات الجميلة التي تجعل منه كوكبًا فريدًا من نوعه، صحيح أنه ليس الكوكب الوحيد الذي تُحيط به حلقات من الجليد والصخور، إلا أن حلقات الكواكب الأخرى لا تُضاهي روعة وتعقيد حلقات زحل.
زُحل أيضًا كوكب غازي عملاق يُشبه في تكوينه كوكب المشتري، يتكون في الأغلب من الهيدروجين والهيليوم. يُحيط به غلاف جوي من العواصف والسحب المكونة من الجليد المائي وبلورات ومُركبات الأمونيا، الموجودة في طبقات متعاقبة يبلغ سمكها عشرات الكيلومترات. يرجع لون الكوكب الأصفر والبني الفاتح، إلى مزيج بلورات الأمونيا الصفراء تلك في غلافه الجوي العلوي.
Embed from Getty Images
(كوكب زحل)
قد يكون من الصعب تصور هذا، لكن زحل يُعد الكوكب الوحيد في نظامنا الشمسي الذي يقَل كثافة عن الماء، فيُمكن لهذا العملاق الغازي أن يطفو في حوض استحمام، إذا توافر حوض بحجمه الهائل ذاك بالطبع؛ حيث يفوق حجم زحل حجم الأرض 764 مرة، وتفوق كتلته كتلة الأرض 95 مرة.
يدور زحل حول نفسه في نفس اتجاه الأرض من الغرب إلى الشرق، لكنه يفعل ذلك أسرع منها بكثير ليُصبح طول اليوم على سطحه 10.7 ساعة أرضية فقط، وفي حين تبدو الأيام على زحل قصيرة إلا أن السنوات ليست كذلك، حيث يستغرق الكوكب 29 سنة أرضية ليُكمل دورة واحدة حول الشمس.

نظام حلقات وأقمار كوكب زحل. المصدر: https://photojournal.jpl.nasa.gov/jpeg/PIA03550.jpg
تُعد حلقات زحل من أروع التكوينات في المجموعة الشمسية، وتتكون بشكل رئيسي من الجليد المائي الذي يُقدم عرضًا مذهلًا، عندما تعكس ضوء الشمس الساقط عليها. تتراوح حلقات زحل بين الحُليقات بالغة الصغر إلى الحلقات الكبيرة، ويُقسّم هذه الحلقات فجوات متعددة كبيرة وصغيرة.
سُميت الحلقات والفجوات والتقسيمات بالحروف الأبجدية، حسب ترتيب اكتشافها وتيمنًا بأسماء علماء. يبلغ عدد أكبر الحلقات الرئيسية ستة حلقات هم A وB وC وD وG وE، وتُسمى أكبر الفجوات فاصل كاسيني Cassini Division.
ويدور حول زحل 53 قمرًا مؤكدًا وتسعة أقمار افتراضية، يُعد قمر تيتان Titan أكبر الأقمار التابعة لكوكب زحل، والقمر الوحيد في المجموعة الشمسية الذي يملك غلافًا جويًا خاصًا به.
يليه قمر ريا Rhea باعتباره ثاني أكبر الأقمار التابعة لزحل، ويمتلئ هذا القمر الجليدي بالفوهات البركانية والجروف الجليدية. قمر إنسيلادوس Enceladus أحد أقمار زحل الجليدية أيضًا، الذي يُرجح تواجد كتلة من المياه السائلة تحت سطحه، مثل قمر المشتري أوروبا.
علاوة على ذلك، يُعد زحل موطنًا لبعض المناظر الطبيعية الأكثر إثارة في نظامنا الشمسي، من الشقوق الضخمة على سطح إنسيلادوس التي تقذف سحبًا من بخار الماء في الفضاء، إلى بحيرات الميثان على سطح تيتان، ويظل نظام زحل حاملًا العديد من الأسرار ومصدرًا غنيًا للاكتشاف العلمية.
أورانوس ونبتون.. العملاقان الجليديان
أورانوس ونبتون، سابع وثامن كواكب المجموعة الشمسية على الترتيب، يتشابهان في تركيبِهما الذي يختلف عن تركيب العملاقين الغازيين (المشتري وزحل)؛ لذلك يُصنفهما الفلكيون تحت مُسمى عملاق جليدي. سُميّ Uranus نسبة إلى إله السماء عند الإغريق، بينما يرجع اسم Neptune إلى إله البحر عند الرومان.
يُعد أورانوس ثالث أضخم كوكب في مجموعتنا الشمسية، وأول كوكب يُكتشف بمساعدة التلسكوب عندما اكتشفه لأول مرة عالم الفلك ويليام هرشل William Herschel في عام 1781. يبلغ حجمه 63 مرة حجم الأرض، وتعدل كتلته 14.5 مرة كتلة الأرض، كما تتكون معظم كتلة الكوكب (80% أو أكثر) من المواد الجليدية من المياه، والميثان، والأمونيا. مع هذا، يملك كثافة منخفضة تجعل منه ثاني أقل كواكب المجموعة كثافة بعد زحل.
Embed from Getty Images
(كوكب أورانوس)
يشبه تكوين غلافه الجوي تركيب غلاف كل من المشتري وزحل؛ حيث يتركب بشكل أساسي من الهيدروجين والهيليوم، لكنه يحتوي على نسبة جليد أعلى مثل جليد الماء والميثان والأمونيا. يرجع اللونان الأخضر والأزرق الظاهران على الكوكب، إلى وجود غاز الميثان في غلافه الجوي. يمتص الميثان الطيف الأحمر من الضوء المرئي؛ فلا ينعكس سوى الضوء الأزرق والأخضر مما يُضفي على أورانوس لونه المميز.
يدور أورانوس حول نفسه من الشرق إلى الغرب، ما يجعله الكوكب الثاني بعد الزهرة الذي يدور في عكس اتجاه دوران معظم الكواكب. يُعادل اليوم على سطحه حوالي 17 ساعة أرضية، في حين تُعادل السنة 84 سنة أرضية.
ولدى أورانوس 27 من الأقمار المعروفة، والتي تتفرّد بكونها تحمل أسماء شخصيات روائية من أعمال وليام شكسبير William Shakespeare وألكسندر بوب Alexander Pope، على خلاف معظم أقمار الكواكب الأخرى، التي أخذت أسماءها من الأساطير اليونانية والرومانية.
يُعد تيتانيا Titania أكبر أقمار أورانوس وقد يكون نشطًا جيولوجيًا، ومن أبرز أقماره أيضًا ميراندا Miranda الذي يُعد سطحه من أكثر الأسطح تصدعًا في المجموعة الشمسية، وسُميت الأماكن على سطحه بأسماء من مسرحية شكسبير (العاصفة The Tempest).
ويحيط بالعملاق الجليدي مجموعة من الحلقات الخافتة، يبلغ عددها 13 حلقة مُقسمة إلى مجموعتين داخلية وخارجية. تتكون الحلقات الداخلية في الأغلب من تسع حلقات رمادية داكنة وضيقة، في حين تضم الحلقات الخارجية نوعين من الحلقات إحداها حمراء مثل بقية حلقات الغبار في النظام الشمسي، والأخرى زرقاء مثل حلقات المجموعة E التابعة لكوكب زحل.
وقد زارت أورانوس مركبة فضائية واحدة فقط، فوياجر 2 Voyager 2 التي قطعت مسافة تتجاوز ثلاثة مليارات كيلومتر خلال رحلة استمرت تسع سنوات، تمكنت خلالها من جمع كثير من المعلومات الهامة حول الكوكب، بما في ذلك حلقاته وأقماره، ومنذ عام 1986، لم تزُر أي مركبة فضائية أورانوس البعيد، الذي ما زال يكتنفه الغموض.
نبتون.. كوكب الرياح العاصفة
رابع أضخم كوكب في مجموعتنا الشمسية، وأول كوكب يُعثر عليه من خلال التنبؤات الرياضية، وليس الملاحظات العادية للسماء. جاء اكتشاف نبتون بعد اكتشاف أورانوس بـ65 عامًا، نتيجة حسابات دقيقة بينما كان يجري تعقب أورانوس المكتشف حديثًا حول مداره، وأخذت تظهر تناقضات تتعارض بين ما كان يجري رصده، وما يتوقعه قانون جاذبية نيوتن.
قام اثنان من علماء الفلك الشباب، هما البريطاني جون كوش آدامز John Couch Adams والفرنسي أوربان لوفيريي Urbain Le Verrier، بالتساؤل عما إذا كانت هذه التناقضات سببها جاذبية السحب الخاصة بكوكب آخر غير مرئي يبعد هو الآخر عن الشمس.
وبعد إرسال توقعاتهم إلى عالم الفلك يوهان جال Johann Galle بمرصد برلين، وجه تلسكوبًا صوب المكان المتوقع لذلك الكوكب المجهول؛ ليتمكن بالفعل من مشاهدة وتسجيل الكوكب الجديد في 23 سبتمبر (أيلول) عام 1864. تلاها بعد سبعة عشر يومًا، اكتشاف تريتون Triton أكبر الأقمار التي تدور حول نبتون.
Embed from Getty Images
(كوكب نبتون وحلقاته المحيطة به)
يرجع لون نبتون الأزرق إلى غاز الميثان في غلافه الجوي كما في أورانوس، غير أن لون نبتون الأزرق أكثر حيوية وإشراقًا. يُعادل اليوم على سطحه حوالي 16 ساعة أرضية، بينما تُعادل السنة 165 سنة أرضية يستغرقها الكوكب لإكمال دورة واحدة حول الشمس.
تتمثل أهم الملامح الرئيسية التي تُميز نبتون، في العواصف الضخمة التي تظهر وتختفي في غلافه الجوي، بالإضافة إلى الرياح عالية الارتفاع التي تهب بسرعات تفوق سرعة الصوت. قد تصل شدة هذه الرياح لتُصبح أقوى بثلاث مرات من الرياح على كوكب المشتري، وأقوى بتسع مرات منها على الأرض.
كشفت زيارة فوياجر 2 إلى نبتون في عام 1989 عقب زيارتها لكوكب أورانوس، عن وجود عواصف شديدة على سطحه تُسمى البقعة المظلمة العظيمة Great Dark Spot. تُشبه هذه العواصف البقعة الحمراء العظيمة على كوكب المشتري، ويُعد نبتون موطنًا لأقوى الرياح الدائمة في المجموعة الشمسية؛ حيث تصل سرعتها إلى 2100 كيلومتر في الساعة.
ومثل أورانوس، يمتلك نبتون حلقات رفيعة تُسمى أقواسها بأسماء فرنسية جوهرية، مثل ليبيرتي وإيجاليتي وفراتيرنيتي، التي تعني الحرية والمساواة والإخاء (شعار الثورة الفرنسية). علاوة على ذلك، يمتلك نبتون 13 قمرًا معروفًا حتى الآن، أكبرها حجمًا قمر تريتون Triton الذي تبلغ درجة الحرارة على سطحه 240 درجة مئوية تحت الصفر.
ويُعد تريتون أكثر برودة وأكبر حجمًا من بلوتو Pluto، الذي كان يُعد تاسع كواكب المجموعة الشمسية، إلى أن أجمع الاتحاد الفلكي الدولي في عام 2006 على تصنيفه ضمن الكواكب القزمة Dwarf Planets، وبعدها صنفت جميع الكواكب المكتشفة حديثًا في حزام كايبر على أنها بلوتيّات/ كواكب قزمة.