اعتبرت صحيفة التليجراف البريطانية، في مقال لها للكاتب بيتر أوبرني، أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والذي أسفر عن مقتل أكثر من ألفي شخص قد أفضى إلى وأد المبادرة الأمريكية لإقرار التسوية النهائية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وكان وليم هيج، وزير خارجية المملكة المتحدة، قد حذر في وقت سابق من عام 2012 من أن التباطؤ في إحراز أي تقدم في مفاوضات السلام من شأنه أن يجعل من حل إقامة الدولتين أمرًا مستحيلًا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي لا يزال فيه بنيامين نيتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يمضي في طريقه نحو بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بطريقة غير شرعية، فإن حل إقامة الدولتين، الذي شكل أساسًا لجميع الجهود التي بذلت لإقرار السلام في الشرق الأوسط، سيبقى على حافة الانهيار، ولن يكون هناك من بديل سوى إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد تضمن إنشاء كيان جديد يمتد من البحر المتوسط وحتى نهر الأردن في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهو ما يعني أن الغالبية العظمى من السكان ستكون من العرب.
وأضافت الصحيفة بأن إقامة الدولة الفلسطينية أحادية الجانب من شأنه أن يضع القادة الإسرائيليين، الذين يزعمون بأن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، في وضع مؤلم. وبحسب الصحيفة أيضًا، فإن بإمكان القادة الإسرائيليين أن يبقوا موالين للديمقراطية بشرط التخلي عن هوية إسرائيل اليهودية. تلك الهوية اليهودية التي ستلقي بإسرائيل في حال الاحتفاظ بها في غياهب الدولة العنصرية التي لا تضمن أية حقوق أساسية كحق التصويت سوى لليهود فقط.
وفي الوقت الذي شككت فيه الصحيفة من قدرة الكيان الإسرائيلي القائم على هوية يهودية من البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة، فإنها أكدت أيضًا على أنه سيفقد الشرعية الدولية، وقد يمكنه الاستمرار فقط محليًا عن طريق القوة. وبالرغم من ذلك فإن تصريحات بنيامين نيتنياهو الأخيرة تشير إلى عزمه على قيادة البلاد نحو ذلك الاتجاه.
ونقلت الصحيفة عن السير فنسنت فين، القنصل العام السابق للملكة المتحدة بالقدس، ما ذكره بإحدى مقالاته بأن بريطانيا لديها مسؤولية وصفها بالفريدة تجاه القضية الفلسطينية، مضيفًا بأنه وكما مهدت بريطانيا لنشأة الدولة الإسرائيلية الحديثة من خلال وعد بلفور الذي صدر في عام 1917، فقد بات عليها أن تفعل ذات الشيء وأن تتحمل مسؤولياتها تجاه استقلال الشعب الفلسطيني وحماية مصالحه كما هو الحال مع إسرائيل منذ أكثر من ستين عامًا.
وشددت الصحيفة إلى أن الحاجة أصبحت ملحة للمضي قدمًا في دفع المفاوضات بين الطرفين خاصة في أعقاب انهيار مباردة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، للتسوية النهائية والحرب الأخيرة في غزة. أضف إلى ذلك المخاوف التي تنتاب كلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من تداعيات الفشل في التوصل إلى تسوية نهائية. فمن جانب، بات الفلسطينيون بحاجة إلى التشجيع خاصة في ظل المخاوف من اللجوء إلى السلاح بدلًا من المفاوضات كسبيل نحو التسوية. ومن جانب آخر، فإن شبح الدولة الفلسطينية أحادية الجانب يلقي بظلال من القلق لدى الجانب الإسرائيلي خاصة وأن انضمام الدولة الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية سيفتح الباب أمام محاكمات بحق الجنود الإسرائيليين على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وطالبت الصحيفة دايفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، بأن يحذو حذو 134 دولة في دعمهم لإقامة الدولة الفلسطينية. وأرجعت تراجع كاميرون، الذي وصفته بالضعيف، عن دعم الدولة الفلسطينية إلى مخاوفه من ردود فعل الولايات المتحدة. وعبرت الصحيفة عن قلقها من أن تفضي تلك المواقف البريطانية إلى تراجع وتلاشي الدور البريطاني في منطقة الشرق الأوسط خاصة في ظل الإذعان البريطاني لما تقوله الولايات المتحدة وكذا إسرائيل.
وتابعت الصحيفة بقولها أن النهج الذي يتبناه كاميرون لا يراعي حتى المصالح الحقيقية لإسرائيل. فبقاء إسرائيل آمنة مرهون بالأساس بعلاقاتها الجيدة مع دول الجوار وهو ما يضعنا أمام مسؤولية منح الكرامة للفلسطينيين.