كان العام 2014، نقطة تحول في تاريخ فنزويلا، التي يعتمد أكثر من 90% من اقتصادها على مبيعات النفط الخام. منذ ذلك العام، شهدت المناطق الغربية في البلاد، احتجاجات واسعة أرجع منظموها أسباب اندلاعها إلى المشاكل الأمنية.
من بين أبرز الأسباب وراء انجرار فنزويلا إلى أزمة عميقة منذ 2014، اعتماد الاقتصاد بشكل كبير على النفط الخام، وتعرض موارد البلد لضربة ثقيلة مع انخفاض أسعار النفط العالمية. كذلك، لم تكن المواقف الأمريكية تجاه فنزويلا، بريئة من ظهور التأثيرات السلبية التي عانتها البلاد، خاصة على الاستثمارات الأجنبية.
تعد فنزويلا من أغنى دول العالم من حيث الموارد الباطنية، ويشكّل النفط الخام، أكثر من 90% من عائدات صادرات البلاد، ونتيجة لتدهور اقتصادها منذ 2014، جراء انخفاض أسعار النفط الخام من 112 دولارًا للبرميل إلى متوسط 27 دولارًا مطلع 2016، قبل صعوده لاحقًا، فإن ذلك أدى إلى تقلّص الإيرادات العامة.
وأدى غلاء أسعار المنتجات الرئيسة التي تعتمد على الاستيراد، وانهيار قيمة العملة المحلية، إلى تقليص القوة الشرائية للشعب، فيما تجاوزت نسبة التضخم مستوى مليون بالمائة، وتدنى الناتج الإجمالي المحلي لفنزويلا إلى 93.3 مليار دولار في 2018، بعد أن كان يبلغ 234.4 مليار دولار في 2013. أما الدخل القومي للفرد الفنزويلي، فتقلص إلى 3 آلاف و300 دولار بحلول نهاية العام الماضي، بعد أن كان قد وصل إلى 7 آلاف و869 دولارًا في 2013.
وبدأ اقتصاد البلاد في الانكماش بشكل متواصل منذ 2013، إلى أن انكمش بنسبة 18% العام الماضي، بعد أن وصلت نسبة النمو إلى 1.3 خلال 2013، وبالنسبة للتضخم، تجاوزت نسبتها خلال سنوات مستوى مليون بالمائة، ما أدى إلى تضاعف أسعار المنتجات كل 19 يومًا، وسط توقعات لصندوق النقد الدولي، بأن يبلغ التضخم 10 ملايين بالمائة بحلول نهاية 2019.
جميع هذه العوامل، أدت بطبيعة الحال إلى ارتفاع نسب البطالة، إلى أن وصلت إلى 34.3% العام الماضي، فيما كانت 7.3% خلال 2013، ورغم الخلافات الكبيرة القائمة بين فنزويلا والولايات المتحدة، فإن الأخيرة تحتل المرتبة الأولى ضمن قائمة البلدان المستوردة من فنزويلا، وكذلك المصدّرة إليها أيضًا.
ويبلغ نصيب واشنطن من صادرات فنزويلا 34.8% من مجمل صادراتها النفطية، فيما تصل حصتها من وارداتها إلى 25.4% من إجمالي واردات فنزويلا. وفي ظل الظروف الاقتصادية السيئة، تراجعت عائدات الصادرات الفنزويلية خلال السنوات الأخيرة، إلى مستوى 29.2 مليار دولار في 2017، أي أنها تقلصت بنسبة 66.8% مقارنة مع 2013.
وتشكل صادرات النفط الخام 88.3% من صادرات البلاد، فيما تبلغ حصة النفط المكرر 11.7%، وكلاهما تتصدران قائمة الصادرات. وبالنسبة لواردات فنزويلا، يتصدرها النفط المكرر والمحروقات، بنسبة مئوية تصل إلى 20% من مجمل الواردات بقيمة ملياري دولار، تليها الآلات وأجهزة الكمبيوتر بنسبة 13%.
بحسب معطيات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تتصدر فنزويلا دول العالم من حيث احتياطيات البترول، عبر امتلاكها احتياطيًّا يُقدّر بـ302.8 مليار برميل من النفط، فيما يبلغ الاحتياطي المعروف من البترول للمملكة العربية السعودية 262.2 مليار برميل.
وضمن إطار الخطوات المتخذة لإحياء الاقتصاد، قررت فنزويلا اعتبارًا من مطلع سبتمبر (أيلول) 2018، مضاعفة الحد الأدنى للأجور 34 مرة عما كانت عليه من قبل، وتشهد فنزويلا توترًا متصاعدًا، إثر إعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو، نفسه «رئيسًا مؤقتًا» للبلاد الأربعاء الماضي، وإعلان الرئيس الحالي نيكولاس مادورو قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، متهمًا إياها بتدبير محاولة انقلاب ضده.
فيما سارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الاعتراف بزعيم المعارضة رئيسًا انتقاليًّا، وتبعته دول هي: كندا، وكولومبيا، وبيرو، والإكوادور، وباراغواي، والبرازيل، وشيلي، وبنما، والأرجنتين، وكوستاريكا، وغواتيمالا ثم بريطانيا. وبالمقابل أيدت كل من تركيا وروسيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو، الذي أدى قبل أيام اليمين الدستورية رئيسًا لفترة جديدة من ست سنوات.