وافق البرلمان الفرنسي على القانون الذي قدمه النائب «جان باتيست مورو» في البرلمان؛ بحيث يمنع القانون استخدام مصطلحات الأطباق الحيوانية في وصف الأطباق النباتية، وكان النائب الذي كان امتهن مهنة الفلاحة من قبل، قد اقترح حظر استخدام بعض المصطلحات الفرنسية مثل «فيليه»، والتي تعني قطعة من لحم البقر المخلية من العظام، أو الأسماك المخلية من الشوك، وكلمة «بايكون»، والمقصود بها لحم الخنزير المقدد، فضلًا عن كلمات مثل «برجر» على الأطباق النباتية؛ حيث إنه بموجب هذه المادة أصبح محظورًا بموجب القانون استخدام هذه المصطلحات لوصف الأطباق النباتية التي لا تحتوي على اللحم.

وقد برَّر النائب تقديمه للقانون بأن تسمية الأطباق النباتية بمسميات اللحوم هو أمر مُضلِل، ويعتبر عرضًا تسويقيًا، بحيث يعطي انطباعًا للمستهلك وكأنه يستهلك اللحم، ومن يخالف هذا الأمر سيتعرض لعقوبة تتمثَّل في دفع غرامات تصل إلى 300 ألف يورو.

القانون الذي وافق عليه البرلمان الفرنسي قد يشكل تضييقًا على النباتيين في فرنسا بشكلٍ أكبر من التضييق الموجود حاليًا ضدهم بالفعل. وفيما يلي، يحاول «ساسة بوست» البحث لاستنتاج أصعب الدول للعيش فيها بالنسبة للنباتيين؛ سواء كانوا سياحًا أو مواطنين.

فرنسا.. رغم انخفاض معدل استهلاك اللحوم

تعتبر فرنسا من أسوأ الدول بالنسبة للنباتيين؛ حيث إن نسبة الحصول على أطباق نباتية 100% في المطاعم الفرنسية ضعيفة للغاية؛ فربما لا تجد في غالبية المطاعم أي أطباق نباتية، وإن وجدت فسيكون غالبًا طبقًا واحدًا ضمن قائمة الطعام بأكملها، والذي عادةً ما يكون سلطة. ربما يكون الأمر أسهل نسبيًا في المدن الكبرى مثل باريس وليون؛ حيث يمكنك التصرُّف والتسوُّق من أجل الحصول على طبق نباتي مثالي، ولكن الأمر في بقية المدن صعب للغاية؛ خاصةً في ظل عدم قدرة الفرنسيين على التكيُّف مع الأعداد المتزايدة من النباتيين في السنوات الأخيرة؛ حيث إن معدل استهلاك اللحوم في فرنسا انخفض بنسبة 15% في الفترة بين عامي 2003 و2010.

الأمر الآخر الخاص بفرنسا هو ذلك المتعلِّق بحبهم الشديد للزبدة؛ حيث إن هناك من يطلقون على الفرنسيين أن عروقهم يجري فيها زبدة وليس دمًا، وذلك كنايةً عن حب الفرنسيين الشديد للزبدة، وكثرة تناولها من قِبلهم؛ حيث تستخدم الزبدة في فرنسا في صناعة المعجنات، والصلصة، وتوضع على مختلف أنواع الخضروات والسلطات، الأمر الذي يجعلهم لا يشعرون بأنها شيء يفكرون في إضافته أم لا؛ فعادةً إن طلبت وجبة نباتية في أحد المطاعم، فربما ينتهي بك الحال بطبق من الكوسة المضاف إليها البيض والجبن والزبدة.

أمَّا من ناحية الدولة نفسها، وإلى جانب القانون الحديث الذي أقره البرلمان الفرنسي بمنع وحظر استخدام المصطلحات المتعلقة باللحوم على الأكلات والأطباق النباتية، فقد سبق تطبيق تشريع من هذا النوع على منتجات الألبان؛ حيث نصَّ الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية في 14 يونيو (حزيران) 2017 على أن مصطلحات «الحليب»، و«الكريمة»، و«الجبن»، هي مصطلحات تُطلق بصفة حصرية على المنتجات المشتقة من الحليب من أصل حيواني.

صحة

منذ 6 سنوات
غير النباتي والحيواني.. «للبروتين مصادر أخرى» فأيهم أفضل في قيمته الغذائية؟

وبالإضافة إلى ذلك، فقد سبق وحظرت الحكومة الفرنسية الأطباق النباتية في المدارس؛ حيث أعلنت الحكومة أن هذا القرار نابعًا من قلقها حول المتطلبات الغذائية للأطفال، ومشيرةً إلى أن الأكلات النباتية لا يمكنها أن تمثل التغذية الأفضل للأطفال، أي أن الحكومة فرضت تقديم اللحوم من قِبل مقاصف المدارس إلى حوالي 6 ملايين طفل فرنسي، وهو ما أدى إلى خروج تظاهرات في عدة أنحاء في فرنسا، تدعو الحكومة إلى إلغاء هذا المرسوم، وهو الذي صدر في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

اليابان.. لا شيء يخلو من السمك

قد تظن أن طبفًا من شوربة الفول الصويا هي أكلة نباتية بامتياز، أو تظن أن صحنًا من «النودلز» الشهيرة هي وجبة نباتية مثالية، ولكن ليس هذا هو الأمر في اليابان؛ فعليك أن تكون حريصًا بشدة إن كنت نباتيًا عند طلب أي وجبة قد تظن أنها نباتية وأنت في اليابان؛ فتقريبًا كل الأطباق اليابانية تعتمد بشكلٍ رئيسي على السمك؛ وحتى لو لم تحتو الأطباق نفسها على السمك، فإن مكوناتها تعتمد بشكلٍ رئيسي على السمك، بدايةً من الصلصة، ووصولًا إلى التوابل نفسها التي توضع على مختلف الأطعمة.

ومن هنا تعتبر اليابان واحدة من أسوأ الدول بالنسبة للنباتيين؛ ربما تأتيك تلك اللحظة الرائعة التي تشعر فيها بالأمان عند تناولك الخبر؛ حيث تعتبر نفسك أخيرًا استطاعت أن تحافظ على ميولك الغذائية النباتية، ولكن ذلك الشعور لن يدوم طويلًا قبل أن تجد أجزاءً من السمك بينما تأكل الخبر؛ فهو أيضًا لم يخل من الأسماك.

(النودلز اليابانية)

وعلى الرغم من ذلك، فإن اليابان لا تخلو من المطاعم النباتية، ولكنك عزيزي النباتي لن تجدها بسهولة؛ فإن وجدتها فإنك حقًا في أمان هذه المرة؛ فهي تقدم الأطباق نباتية بنسبة 100%، فيمكنك اختيار أي طعام عشوائي من قائمة الطعام بكل راحة.

ومن أجل البقاء في المناطق الآمنة، عليك أن تتعلم بعض الكلمات من اللغة اليابانية من أجل التعبير عن ميولك الغذائية، وعن رغبتك في تناول الأكل النباتي فقط، والتعبير عن حقيقة أنه لا يمكنك تناول الأسماك، أو اللحوم ومشتقَّاتها المختلفة، قد يكون ذلك صعبًا بعض الشيء، ولكن لا بد منه.

إسبانيا.. «مطعمان فقط للنباتيين في برشلونة»

ليس ببعيدٍ عن جارتها فرنسا، الأكثر صعوبة على النباتيين؛ مجتمعيًا، وحكوميًا، فإن الوضع ليس أفضل بكثير في الجارة إسبانيا، ولكنه بالتأكيد أفضل من فرنسا؛ فعلى الأقل هناك زيت الزيتون الذي يستخدم أكثر من الزبدة في معظم الحالات. ولكن في معظم الأحيان تعتبر إسبانيا من الدول الأقل تصالحًا مع النباتيين بشكلٍ عام؛ حيث يعتبر الإسبان أن الدجاج أكلة نباتية، والأسماك أيضًا.

وفي حالة توافر أي أنواع من الأكل النباتي الصالح للنباتيين؛ فإن الاختيارات هناك محدودة للغاية؛ حيث يحكي ستيف فرانكل؛ أحد النباتيين أنه واجه صعوبة بالغة في إيجاد الطعام عندما مكث لمدة سبعة أسابيع في مدينة برشلونة؛ حيث وجد خلال تجوله في جميع أنحاء المدينة كلها مطعمين فقط يقدمان الأطعمة النباتية، غير أنه لم توجد أي مطاعم أو مقاهٍ أخرى تقدم هذه الأطعمة؛ وبالتالي فكان عليه تحضير الوجبات الخاصة به في المنزل، وهو ما يمثل صعوبة بالغة بالنسبة لسائحٍ جاء للمكوث لبضعة أسابيع فقط. وعلى كلٍ، ففي حالة استعدادك للقيام بإعداد طعامك بنفسك، فستجد العديد من الخضروات، والفواكه، والأرز، ولبن الصويا، موجودة في المحال التجارية.

(شوربة «الجازباشو» النباتية)

وبإلقاء نظرة على الأطباق الرئيسية في المطبخ الإسباني، فستجد أن غالبية الأطعمة الإسبانية يدخل في تحضيرها شوربة لحم الخنزير، أو لحم الخنزير نفسه، بالإضافة إلى الدجاج، أو الأرانب المقلية، وفي حالة محاولة طلب أي طبق نباتي في غالبية المطاعم الموجودة في المدينة، فسينتهي بك الحال بالحصول على طبق سلطة خضروات مع شريحة لحم خنزير.

وبالتالي، فإنه من أجل الحصول على أفضل نتائج دون حصول أي أضرار، فعليك أولًا أن تسأل عن مكونات الأطباق المختلفة؛ بحيث تختار الأطباق التي تناسب ميولك الغذائية، مثل البطاطا، والسبانخ على سبيل المثال، بالإضافة إلى إمكانية حصولك على طبق من شوربة «الجازباشو» التي تقدم في الطقس الدافئ، وهي عبارة عن حساء بارد معد من الطماطم المصفاة وزيت الزيتون والبهارات تنثر عليه مكعبات الخبز والخيار المقطع والبصل والطماطم.

الأرجنتين.. لا أحد يتقبل النباتيين في بلد اللحوم

الأمر مختلف قليلًا في الأرجنتين؛ حيث إنه من السهل عليك إيجاد أطعمة مختلفة خالية من اللحوم، ولكن الأمر الصعب هو ذلك المتعلِّق بتقبُّل المواطنين الأرجنتينيين لهذا الأمر من عدمه؛ حيث تتكيف غالبية الثقافات الغربية الأوروبية مع تزايد أعداد النباتيين في العالم في الوقت الحالي، في ظل إيمان أكبر بقضية وقف قتل الحيوانات، وأنظمة التغذية المختلفة التي تعتمد بشكلٍ رئيسي على النباتات فقط.

ولكن الأمر في بعض دول الجنوب العالمي، مثل الأرجنتين، مختلف بعض الشيء؛ حيث إن مستويات تقبل هذه المجتمعات للنباتية والنباتيين ضعيفة للغاية؛ خاصةً في ظل اعتبار الأرجنتين أحد أكثر دول العالم استهلاكًا للحوم؛ حيث إنها جاءت في المركز 17 عالميًا ضمن تصنيف 177 دولة كأكثر آكلي اللحوم في العالم؛ بمعدل استهلاك وصل إلى ما يقارب 92 كيلو سنويًا من اللحوم للمواطن الأرجنتيني الواحد.

(تربية الأبقار في الأرجنتين)

وفي الوقت الذي يعتبر فيه الأرجنتينيون تناول اللحوم الحمراء هو هدية من الرب؛ فإنك إن شرحت فكرة كونك لا تتناول اللحوم، أو أنك نباتي في الأرجنتين، فإن الأسئلة تُصوَّب عليك من كل حدب؛ حيث يتساءل الجميع إن كنت بخير أو أن هناك ثمة أمرٍ ما، وهو ما قد يتطور إلى الأسوأ بعد ذلك.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هناك أيضًا أرجنتينيين نباتيين، ولكنهم عادةً لا يعيشون في الأرجنتين؛ حيث تحكي كاثرين جلينداي، التي اعتنقت النباتية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، أنها قابلت أرجنتينيين وآخرين من دول نامية أخرى، يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتنقون النباتية، إلا أنهم ذكروا أنه لطالما كان الوضع في بلدانهم القديمة مرتبط بالوضع الاجتماعي؛ حيث يرمز عدم تناول اللحوم إلى الفقر، وبالتالي كان الناس يأكلون اللحوم متى استطاعوا، حتى يظهروا في وضعٍ اجتماعيٍ جيد.

المصادر

تحميل المزيد