من أبسط حقوق الإنسان أن يتنفس هواءً نظيفًا كي يحافظ على رئتيه بصحة جيدة، وربما يسعى من أجل تحقيق هذا الهدف إلى الانتقال من المدن الملوثة، والعيش في مناطق أخرى أقل تلوثًا. ولكن، يبدو أن الخطر يحيط بنا أينما ذهبنا.
الخطر لا يتمثل في عوادم السيارات، ودخان المصانع فحسب، بل في العديد من الأشياء الموجودة في منازلنا أيضًا؛ مثل المنتجات الكيماوية الشائعة التي قد يكون لها أثر سلبي في الصحة بشكل عام، والرئتين بشكل خاص.
في هذا التقرير، نستعرض معًا أبرز الأشياء الموجودة في منازلنا، والتي يمكن أن تضر الرئتين، وربما تؤدي إلى تلفهما.
1. منتجات التبييض ومنظفات الغسيل
يمكن أن تكون منظفات الغسيل ومنتجات التبييض، مثل الكلور والأمونيا مُهيِّجة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة، مثل الربو، أو مرض الانسداد الرئوي المزمن، ويمكن أن تسبب أيضًا الربو لدى الأشخاص الذين لم يصابوا به من قبل.
منتجات الغسيل والمبيضات تضر الرئتين
تنقسم منظفات الغسيل إلى منظفات أيونية وغير أيونية، وتستخدم لتخفيف البقع والأوساخ، وتعد المنظفات الأيونية أكثر سُمِّية، وتسبب الربو عند استنشاق كميات كبيرة منها، ناهيك عن الأعراض المصاحبة لابتلاعها مثل الغثيان والقيء، والصدمة، والتشنجات، والغيبوبة.
كما تحتوي المنظفات متعددة الأغراض على مواد كيميائية محددة تشمل الأمونيا، وأسيتات جليكول مونو بيوتيل أسيتيل، وفوسفات ثلاثي الصوديوم، وهي مواد يسبب أغلبها تهيج الجلد والعينين، والأنف والحنجرة.
كما أن المركبات العضوية المتطايرة والمواد الكيميائية الأخرى المنبعثة عند استخدام مواد التنظيف، تساهم في مشكلات الجهاز التنفسي المزمنة وردود الفعل التحسسية، والصداع.
ضع في اعتبارك أن معظم منتجات التنظيف المنزلية، والمبيدات الحشرية آمنة بشكل معقول عند استخدامها وفقًا للتوجيهات الملصقة عليها، وأن مستوى سُمِّية المنتج يعتمد على جرعة المنتج المستخدم، وطول التعرض للمنتج، لذا؛ احرص على اتباع التعليمات الخاصة بكل منتج.
كذلك، احرص على فتح النوافذ أثناء استخدام هذه المنتجات، وتجنب خلط منظفات من أنواع مختلفة معًا نهائيًّا؛ لأنها تتفاعل لتنتج غازات سامة، خاصة إذا كان أحدها يحتوي على الكلور والآخر على الأمونيا. ففي هذه الحالة، يتفاعل المكونان، وينبعث غاز الكلورامين الذي يسبب مشكلات تنفسية خطيرة، كما قد يؤدي إلى الوفاة في حال استنشاقه بكميات كبيرة.
2. طلاء الجدران الزيتي
يحتوي طلاء الجدران الزيتي على مذيبات عضوية يمكنها أن تسبب تهيجًا للعين والجلد، وغالبًا ما تطلق الدهانات موادًا كيميائية ضارة تسمى المركبات العضوية المتطايرة، عندما تفتح الطلاء أو عندما يجف اللون. يؤدي استنشاق تلك الأبخرة المتطايرة إلى الإصابة بالصداع، والغثيان والدوخة، وصعوبة في التنفس.
الأبخرة المتطايرة من الطلاء خطر على الرئتين
قد يؤدي التعرض المستمر لتلك الأبخرة إلى حدوث مشكلات في الكلى والكبد والدم. لذا، عند استخدام طلاء الجدران، تأكد من ترك مصادر الهواء كالنوافذ والأبواب مفتوحة، كذلك، احرص على ألا يوجد الأطفال الصغار في المكان حديث الطلاء لمدة 48 ساعة.
3. العفن ومزيلاته الكيميائية
يمكن أن يؤدي نمو العفن في المنزل إلى ظهور أعراض لدى الأشخاص الذين يعانون من الحساسية أو الربو، أو يسبب تهيج في الجهاز التنفسي لغير المرضى. ويظهر العفن عادةً في الأماكن ذات الرطوبة الزائدة، مثل تحت الحوض، وحول نوافذ الحمام، والجدران، والسجاد الذي تعرض للبلل.
ويعد الكلور وألكيل كلوريد الأمونيوم أبرز المواد الكيميائية الموجودة في مزيلات العفن، وقد تسبب تلك المواد مشكلات في التنفس، كما يمكن أن تسبب حرق الحلق عند ابتلاعها. لذا يحب المحافظة على نظافة المنزل وجفافه لضمان عدم نمو أي عفن.
4. ملمعات الأثاث
قد تحتوي منظفات الأثاث الخشبي على واحد أو أكثر من المواد المتطايرة ونواتج التقطير البترولية. ومن أبرز تلك المكونات التي تُدرج أسماؤها على ملصقات ملمعات الأثاث: الأمونيا، والنافتا، والنتروبنزين، والفينول. قد تسبب هذه المواد الكيميائية تهيجًا للجلد والعينين، والحلق، والرئتين، والقصبة الهوائية.
من الضروري أن تكون التهوية جيدة أثناء استخدام تلك الملمعات، كما يجب عدم خلطها مع الكلور نهائيًّا حتى إذا كان الأثاث أبيض اللون.
5. الغبار أحد أكثر مسببات الربو
يعد الغبار أحد ملوثات الهواء الشائعة، وتختلف جسيماته في الحجم، فمنها المرئي، وهناك غير المرئي. وكلما صغر حجم الجسيم، طالت فترة بقائه في الهواء. تسقط جزيئات الغبار الكبيرة من الهواء، وتشكل هذه طبقات الغبار التي يمكن رؤيتها في أشياء مثل الأثاث وسجاد الأرضيات. ووفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن عث الغبار (حشرات دقيقة تلازم وجود الغبار على الأسرَّة والسجاد) أحد أكثر مسببات الربو شيوعًا.
يمكن للسجاد حبس الغبار والأتربة وعث الغبار، وكلها يمكن أن تؤذي الرئتين. عند تنظيف السجاد، قد تعرض الرئتين لكميات أكبر من الغبار، كما يمكن أن تسبب المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة السجاد وتركيبه مشكلات صحية أيضًا.
المشكلة الحقيقية لحظة إفراغ كيس الغبار
قد تحاول تجنب ذلك باستخدام المكنسة الكهربائية، ولكن المشكلة تتفاقم لحظة إفراغ كيس الأتربة؛ إذ تنتشر الكثير من الأتربة، مما يزيد من الكمية التي يمكن استنشاقها. تميل جزيئات الغبار الكبيرة إلى أن تبقى محبوسة في الأنف والفم عندما نتنفسها، ولكن جزيئات الغبار الصغيرة أو الدقيقة غير المرئية، من المرجح أن تتغلغل في الرئتين بعمق، بينما يمكن امتصاص جزيئات متناهية الصغر مباشرة في مجرى الدم.
عند استنشاق جزيئات الغبار الدقيقة، يبدأ العطس والسعال ونوبات الربو، وتزداد الأعراض سوءًا لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، كالربو وانسداد المسالك الهوائية المزمنة. كما أن تنفس تركيزات مرتفعة من الغبار على مدى سنوات، يقلل من وظائف الرئة على المدى الطويل، كما يساهم في التهاب الشُّعَب الهوائية المزمن.
6. المبيدات الحشرية ومعطرات الجو
يمكن أن تتسبب المبيدات الحشرية التي تكافح انتشار الصراصير أو البق، في مشكلات في الرئة إذا لم تتبع التعليمات بشكل صحيح. لذا يجب التأكد من اتباع التعليمات بدقة، مع وجود تهوية جيدة للمكان.
كذلك الأمر بالنسبة لمعطرات الجو، فقد وجدت الأبحاث الحديثة أنه حتى العطور الطبيعية في معطرات الهواء، قد تتفاعل مع غاز الأوزون الناتج من مصادر داخلية (مثل بعض أجهزة تنظيف الهواء) أو من الهواء الخارجي لتشكيل الفورمالديهايد، وهو مادة مسرطنة بشرية معروفة.
7. شموع البارافين
قد تضفي جوًّا من الرومانسية، لكن في الوقت ذاته قد تضر بصحة الرئتين، خاصة النوع الأكثر شيوعًا، المصنوع من البارافين النفطي.
يطلق شمع البارافين موادًا كيميائية في الهواء قد تزيد من خطر الإصابة بالحساسية، ومشكلات في التنفس مثل الربو، وحتى السرطان، وذلك مع الاستخدام اليومي على المدى الطويل. ومن الأفضل تقليل استخدام الشموع أو الحصول على خيارات أكثر أمانًا، مثل الشموع المصنوعة من شمع العسل أو الصويا، والتأكد من وجود تدفق هواء جيد.