نشر موقع «ليست فيرس» الأمريكي تقريرًا أعدَّه أليكس ميلر، يستعرض فيه قائمة تضم أغرب 10 عقوبات قضائية عرفها التاريخ.
ويُمهِّد الكاتب لقائمته بالإشارة إلى أن العقوبة الجنائية في معظم دول العالم الغربي واضحة المعالم في عالمنا المعاصر؛ إذ يمكن لمعظم مَنْ ارتكبوا أي جريمة أن يتوقَّعوا العقوبة التي ستُوقَّع عليهم، والتي غالبًا ما تكون إما غرامة مالية أو مُدَد سجن متفاوتة بناءً على خطورة جرائمهم؛ ومع ذلك، لم تكن هذه حقائق بسيطة دائمًا؛ فصفحات التاريخ حُبلى بالعقوبات الوحشية، والأهم من ذلك في هذه الحالة، أنها غالبًا ما تكون عقوبات وإجراءات قانونية غريبة للغاية، وسنفحص 10 منها في السطور الآتية.
10- عباءة السكير
يبدأ الكاتب بعقوبة «عباءة السكير» الغريبة التي كانت وسيلة لعقاب مدمني الكحول الذين لا يحسنون التصرف بعد الشَّراب حتى الثمالة.
وكانت الفكرة الغريبة بسيطة للغاية؛ إذ يؤتى ببرميل خشبي ضخم وثقيل مصمم عادةً لتخزين المشروبات الكحولية، ثم تُفتح فيه الثقوب اللازمة للرأس والأطراف لتناسب المُعَاقَب، ثم يُجبر الجاني على ارتدائها لفترة طويلة أثناء السير في الشوارع المحلية، الأمر الذي يجلب عليه إذلالًا علنيًّا، وكان سكان المدينة يتصرفون بعدوانية وسخرية تجاه أولئك الذين يرتدون هذه «القمصان البرميلية».
9- أقنعة العار
ويوضح الكاتب أن ارتداء قناع غريب المظهر مصمم لجعل مَنْ يرتديه يبدو مثيرًا للسخرية فكرة لطيفة لعقاب شخص ما، وعلى هذا النحو، استُخدِم هذا العقاب لجرائم خفيفة بالقدر نفسه، وكانت تُصنع الأقنعة من المعدن البارد وتتميز بتصاميم حيوانية أو أخرى غريبة، ويُعرض عديد من هذه القطع من أغطية الرأس الآن في المتاحف.
واستُخدِمت أقنعة العار كثيرًا لمعاقبة النساء ويشار إليها أيضًا باسم «لِجام سليطة اللسان» نظرًا إلى أنها تستهدف في كثير من الأحيان معاقبة نميمة النساء المحليات، التي كانت تُعد جريمة اجتماعية، ومن الأسباب الأخرى للعقوبة خيانة الأمانة والتنصت والشراهة، والتي ستؤدي جميعها إلى قضاء الجاني فترة من الوقت مرتديًا هذه الأقنعة، والتي يُفترض أن تكون رادعًا مُهينًا له.
ومن المثير للاهتمام أن التصميمات كانت تختلف تبعًا للجريمة؛ إذ يُعاقب من يكذب بارتداء أقنعة لها أنوف أطول، على سبيل المثال، وكان الأشخاص الذين يرتدون هذه الأقنعة يُقادون في بعض الأحيان مكبلين بالسلاسل بينما يُستدعى الجمهور باستخدام جرس حتى يتمكن كثيرون من مشاهدة العرض الغريب.
8- الأشجار
يلفت الكاتب في محطته الثالثة إلى أن هذا الأسلوب في العقاب كان بشعًا للغاية؛ ما يستوجب تحذير أي قارئ حساس تجاه هذا الموضوع، بخلاف ما قد يوحي به العنوان البريء.
ينظر كثيرون إلى السرقة بوصفها جريمة مثيرة للازدراء، ولكنها ليست جريمة تستوجب واحدة من أبشع أشكال الإعدام وأكثرها غرابة في التاريخ؛ صُمِّمت تلك العقوبة واستُخدمت بكثافة في الإمبراطورية الفارسية القديمة، فقد كان يُحكم بقتل اللصوص المدانين باستخدام شجرتين.
كانت الأشجار تُثنى إلى الوراء على خلاف طبيعتها وتُثبَّت في وضعها الجديد بالحبال، ثم يُربط الجاني التعيس بتلك الأشجار، إذ يوضع الشخص بين الشجرتين وتُربط أطرافه اليسرى إلى إحداهما في حين تُربط الأطراف اليمنى إلى الأخرى، ثم تقطع الحبال التي تُثبِّت الشجرتين في وضع الانثناء، ومن ثم يُمزق جسد اللص بقوة عودة الشجرتين إلى وضعهما المستقيم.
7- جدع الأنف عند المصريين القدماء
يشير الكاتب إلى أن الوجه هو أكثر ما يُميِّز الشخص عندما نلتقيه؛ لذا ليس من المستغرب أن يكون هدفًا للعقاب الإبداعي، وهذا ما اعتقده المصريون القدماء عندما ابتكروا عقوبة جدع الأنف.
ومن شأن هذا الفعل القاسي أن يترك الضحية على قيد الحياة، ولكنه يضر إلى حد كبير بشخصيتهم وتعبيرهم عن أنفسهم.
وعلى هذا النحو، أصبح الضحايا أقل تواصلًا مع من حولهم، وفقدوا مكانتهم في المجتمع، حتى إنهم بحثوا عن الأشكال الأولى للجراحة التجميلية، وكانت العقوبة في كثير من الأحيان بسبب ممارسة الزنا، ولم يكن المصريون هم الوحيدون الذين يستخدمون هذه العقوبة؛ إذ تُبين السجلات التاريخية أن الإمبراطوريات اليونانية والرومانية والبيزنطية استخدمت تلك العقوبة، كذلك وُجدت في الحضارات الأمريكية القديمة ما قبل الكولومبية.
6– الشَّوي داخل ثور معدني
يرجح الكاتب أن تكون هذه العقوبة الأكثر بشاعة في هذه القائمة والتي يَعُدُّها البعض أبشع عقوبة في التاريخ، مشيرًا إلى ما يعرف بالثور البرونزي، وهو اختراع يوناني قديم.
يوضع الضحية داخل تمثال برونزي مزخرف على شكل ثور مجوَّف من الداخل، ثم تُشعل النار أسفله، وبذلك يُشوى الشخص داخل بطن الثور، ولجعل الأمر أكثر رعبًا، صُمم للثور صوتيات خصيصًا تجعل صراخ المُعاقب من الألم تشبه إلى حد كبير صوت ثور حقيقي، وفقًا لتقارير تاريخية.
وتفيد التقارير بأن مبتكر الجهاز وقع في نهاية المطاف ضحية لهذه الطريقة أيضًا، التي كانت تقتصر عادةً على أسوأ الجرائم، ويُقصد من استخدامها جزئيًّا ردع الناس عن ارتكاب تلك الجرائم في المقام الأول.
5- التعرية
ينتقل الكاتب إلى طريقة العقاب التي تسببت في بعض الجدل في وقتنا الحاضر؛ بسبب تطبيقها في مسلسل صراع العروش (Game of Thrones). وقد أظهر المسلسل شخصيات تُعاقب بالسير عرايا في الأماكن العامة للتكفير عن خطأهم، وهي فكرة وجدها كثير من الناس غير واقعية، وببساطة وُضعت في المسلسل لجذب الأشخاص الذين يبحثون عن موضوعات معينة تتعلق بالبالغين.
ومع أن كوْن شيء ما حقيقيًّا لا يجعله بالضرورة مناسبًا للعرض، تمامًا كما أن كوْنه زائفًا لا يجعله غير مناسب لعرضه كذلك، فإن هذا المشهد له أساس تاريخي.
في فرنسا في العصور الوسطى، أُجبر الأشخاص الذين ارتكبوا الزنا على السير عراة من أجل إذلالهم وتشويه سمعتهم، ومن الواضح أن الفعل كان يركز خاصةً على النساء، لكن الرجال الذين كانت لديهم علاقات معهن كانوا يحضرون أيضًا لنيل العقوبة ذاتها.
4- نسر الدم
ينوه الكاتب إلى أن هذه الطريقة العقابية غريبة لدرجة أن المؤرخين يزعمون أنها ربما لم تكن حقيقية، «نسر الدم» هو عقاب شعوب الفايكنج القديم الذي يحظى باهتمام بقدر ما يحظى من الجدل.
هذه الطريقة المروعة تضمنت إبقاء الضحية على قيد الحياة في حين يُشقُّ ظهره وتُكسر ضلوعه، وتُرتب أعضاء جسمه بطريقة تشبه أجنحة دموية تتدلى من ظهر شخصٍ ما.
ومع وجود سجلات تاريخية لهذه الطريقة، فإن عديدًا من المؤرخين يَعُدُّونها مروعة وقاسية ويصعب تنفيذها لدرجة أن وجودها نفسه موضع جدلٍ حادٍّ حتى يومنا هذا؛ وسواء كانت حقيقية أم لا، فهي بالتأكيد قصة مرعبة وربما تناسب الثقافة المتصورة في تلك الحقبة.
3- الوشم
ويمضي الكاتب قائلًا: تحضر اليابان في كثير من الأحيان في قوائم تتعلق بالممارسات الثقافية الفريدة من نوعها، ولها نصيب هنا أيضًا؛ والسبب لحسن الحظ، هو واحدة من أقل تلك الأساليب بشاعة في القائمة.
يبدو الحصول على وشم هذه الأيام اختيارًا شخصيًّا وجماليًّا، ومع ذلك، في فترة إيدو باليابان، كان الوشم طريقة لتمييز المجرمين للتأكد من أنه حتى لو أعيدوا إلى المجتمع، فإن الناس يعرفون تقريبًا مع مَنْ يتعاملون، مما يحرمهم من فرصة العمل أو البدء من جديد مع سجل نظيف.
ويختلف الوشم على حسب شدة الجريمة ونوعها؛ ذلك أن القتلة يتلقون علامات بارزة للغاية على رؤوسهم، بينما ينال اللصوص وشمًا بسيطًا على أذرعهم. وهذه العقوبة والصلات الحديثة بمنظمات الياكوزا هي الأسباب الأكثر ترجيحًا لوصم الوشم في اليابان حتى يومنا هذا.
2– السحق بالحجارة
وينتقل الكاتب للحديث عن عقوبة السحق بالحجارة والتي تُعرف أيضًا باسم «بيين فورت إي ديور»، وتعني «العقوبة الشديدة والصارمة» بالفرنسية، وكان الذين يرفضون الاعتراف بارتكاب جناية في ذلك الوقت يتعرضون للسحق بالحجارة حتى الموت.
كان المُعاقب يُلقى على الأرض ويُغمر بكمية من الأوزان الحجرية الثقيلة التي تزداد تدريجيًّا وتُنهي حياته ببطء وعلى نحو مؤلم.
ومن الأمثلة الشهيرة والمرعبة على ذلك جايلز كوري، وهو رجل يبلغ من العمر 80 عامًا امتنع عن تقديم التماس وحوكم فعليًّا في محاكمات السحرة السيئة السمعة في قرية سالم، لعدم رغبته في التنازل عن تجارة عائلته، وقَبِل بإعدامه بتهمة السحر.
1- إعدام الخنزير
يقول الكاتب في محطته الأخيرة إن الجريمة مفهوم يقتصر على البشر، لكن فكرة أن يُحاكم حيوان ثم ينال عقوبة قانونية هي فكرة لن يتوقعها معظم الناس سوى في الرسوم الكاريكاتورية. غير أن هذا المفهوم خطأ على نحو مُحير إذا طبقناه على التاريخ.
قد تتعرض الحيوانات التي تؤذي البشر اليوم إلى القتل الرحيم، ولكن في الماضي، كان الإجراء مختلفًا جدًّا؛ فقد أُجريت العشرات من المحاكمات الرسمية والقانونية في أنحاء أوروبا، بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر، وأسفرت عن عقوبات في حق الحيوانات.
ومن الحالات الشهيرة، إعدام أنثى خنزير لارتكاب جريمة قتل طفل صغير، ومع ذلك، فإن التفاصيل التي تجعل هذه القضية أكثر غرابة أن أبناء أنثى الخنزير المُدانة جرى تبرئتهم من تهمة التواطؤ، ويرجع ذلك إلى أنهم كانوا صغارًا للغاية؛ وقد أُدِين خنزير آخر في القرن الرابع عشر بارتكاب جريمة مروعة، وهي قتل طفل في مهده، ومن التفاصيل الغريبة الملائمة لإغلاق القضية أن الخنزير أُلبِس ملابس كما لو كان إنسانًا واقتِيد إلى حبل المشنقة لإعدامه.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».