مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع ضد الحكومة. قمعٌ من الشرطة، وقوات الحرس الوطني التابعة للجيش. قنابل غاز مسيّلٍ للدموع (منتهية الصلاحية غالبًا) ورصاصات مميتة. 20 قتيلًا، ومئات الجرحى، وأكثر من 800 معتقلٍ حتى لحظة كتابة التقرير. تهديداتٌ من جانب قادة المعارضة باستمرار الاحتجاجات حتى إطلاق سراح المعتقلين، والسماح بدخول المُساعدات الإنسانية، وتحديد موعد انتخاباتٍ مبكّرة.

هذا هو الوضع حاليًا في دولة فنزويلا الواقعة على الساحل الشمالي لقارة أمريكا الجنوبية. وهذه 10 أشياء قد ترغب في معرفتها عن أزمتها الحالية، وكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد، من تقريرٍ نشره معهد «بروكنجز».

اقرأ أيضًا: فنزويلا .. هل انهارت شعارات «تشافيز» الشعبوية؟ 

1. من الديمقراطية إلى حكم الرجل الواحد 

منذ انتخاب الراحل هيوغو تشافيز رئيسًا لفنزويلا عام 1999، وعلى الرغم من إجراء عددٍ من الانتخابات بعدها، آخرها كان في 2015، انزلقت فنزويلا تدريجيًّا من الديمقراطية إلى حُكم الرجل الواحد، إلا أنّ العملية تسارعت وتيرتها كثيرًا بعد وفاة تشافيز وصعود نيكولاس مادورو، رئيس وزرائه، ولاحقًا نائبه، في 2013.

2. أزمة اقتصادية عاصفة 

في ثلاثة أعوامٍ فقط، خسرت فنزويلا 30% من إجمالي إنتاجها المحلي، ووصل معدّل التضخّم السنوي إلى 1,000%. تولّد هذا الانحدار السريع عن أعوامٍ من سوء الإدارة الاقتصادية، وانخفاض أسعار النفط في 2014، الذي تعتمد عليه فنزويلا  في صادراتها بشكلٍ شبه كامل. ولّد هذا المنحدر الاقتصادي العاصف أزمةً إنسانية، إذ تواجه البلاد نُدرةً في الغذاء والدواء والسلع الأساسية؛ بل يذهب التقرير إلى أن أغلب الفنزويليين لا يقدرون على ثمن ثلاث وجباتٍ يوميًّا.

وبالطبع تصاعد السخط الشعبي على الحكومة، وتحوّل الشعب تجاه الأحزاب المعارضة، إذ تُشير استطلاعات الرأي إلى أن المعارضة ستربح في أي انتخاباتٍ وطنية مُقبلة بسهولة.

3. عراقيل المحكمة العليا 

شهدت الانتخابات التشريعية في 2015 نصرًا مؤزرًا للمعارضة الفنزويلية، مُسيطرين على البرلمان الوطني بثُلثي المقاعد، إلا أن المحكمة العُليا الموالية لمادورو والحزب الاشتراكي الموحّد نجحت في إبطال كل التشريعات التي دفعت بها المعارضة، على أُسسٍ دستورية واهية.

اقرأ أيضًأ: احتجاجات فنزويلا .. هل هو انقلاب جديد؟ 

4. تأجيل الانتخابات 

في 2004 حاولت المُعارضة عزل تشافيز عن طريق استفتاء على بقائه، وهو حقٌّ مكفول في الدستور الفنزويلي، إلا أنّ المحاولة باءت بالفشل. كررت المُعارضة محاولتها في 2016 ضدّ الرئيس مادورو، ونجحت في البداية في تخطّي العديد من العراقيل التي وضعتها اللجنة الوطنية للانتخابات، لكن القضاء تدخّل في النهاية وألغى العملية الانتخابية تفاديًا لخسارة مادورو شبه المؤكدة.

جدّدت الأزمة السياسية الحالية اهتمام المجتمع الدولي، وجرت مُحادثات بين المعارضة والحكومة مدعومة من الفاتيكان. إلا أنّها لم تتمخض عن الكثير؛ لم يوافق النظام على إجراء الاستفتاء، بل إن الانتخابات الإقليمية، والتي كان من المقرر إجراؤها في 2016 أجّلتها الحكومة إلى أجلٍ غير مسمّى.

5. انقلاب المحكمة العُليا 

في ضربة حاسمة ضد المُعارضة، في مارس (آذار) 2017، أصدرت المحكمة العليا في فنزويلا حُكمين يجمّدان سلطات البرلمان الفنزويلي، وهو ما اعتبرته المعارضة انقلابًا من الحكومة على السُلطة التشريعية. هذا التحرّك تحديدًا كان في أعين المعارضة إعلانًا رسميًّا لتأسيس الحكم الديكتاتوري في فنزويلا. وحتى النائب العام المُوالي لمادورو صرّح في التليفزيون الرسمي بأن تحرّك المحكمة العليا غير دستوري.

6. غضبة المُجتمع الدولي 

للمرّة الأولى، تحرّكت أغلب دول الأمريكتين ضدّ قرار المحكمة العُليا في فنزويلا، ودعمت جهود المنظمة الدولية الأمريكية وأمينها العام لويس ألمارجو الهادفة إلى تطبيق الميثاق الديمقراطي بين الدول الأمريكية على فنزويلا، وفرض عقوباتٍ عليها. هذه الغضبة المحلية والدولية العارمة دفعت المحكمة العليا إلى التراجع عن قرار تجميد البرلمان، مُعيدة بعض السُلطات إليه.

اقرأ أيضًا: تجدد الاشتباكات في فنزويلا.. هل مادورو أقوى من المعارضة؟ 

7. «خونة» المُعارضة 

استجابت المعارضة بمُظاهرات سلمية حاشدة، تُطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والسماح بدخول المُساعدات الإنسانية، وإجراء انتخاباتٍ عامة مبكرة.

في المُقابل، يتّهم نظام مادورو قادة المعارضة بالخيانة والعمالة والتحريض على العنف، ويُهندس قرارات استبعاد المُرشّحين المُعارضين من الانتخابات، أبرزهم المرشّح الرئاسي المعارض إنريكه كابريليس، بينما يقبع مرشحٌ آخر محتمل، ليوبولدو لوبيز، في سجنٍ عسكري منذ أكثر من عامين؛ عقابًا على قيادته احتجاجاتٍ مُناهضة للحكومة.

8. الاعتصام والتعتيم الإعلامي 

تعهّدت المعارضة بالبقاء في الشارع حتى الاستجابة لمطالبها. وينأى مادورو ونظامه عن التفاوض حتى الآن، مفضّلين قمع المظاهرات على يد الحرس الوطني والشرطة، وميليشيات موالية للحكومة تُعرف باسم «المجموعات» colectivos.

كذلك لجأت الحكومة إلى التعتيم الإعلامي الكامل، بهدف منع المواطن الفنزويلي العادي من معرفة المستجّدات؛ لذا لجأ الفنزويليون إلى مواقع التواصل الاجتماعي، توثيقًا للقمع، وتنسيقًا للردّ.

9. نداء إلى الجيش 

وجّهت المعارضة نداءاتٍ إلى الجيش بأن يتوقف عن الدفاع عن النظام وقمع التظاهرات، وأن يدُافع عن الدستور. لكن القوات المُسلحة على ولائها لإدارة مادورو، أو على الحياد، ويرجع هذا جزئيًّا إلى خوف كبار المسؤولين في المؤسسة العسكرية والحكومة المدنية من محاكمتهم بتُهم الفساد، والاتجار في المخدرات في حالة سقوط نظام مادورو.

اقرأ أيضًأ: أمريكا اللاتينية تنعطف يمينًا نحو الولايات المتحدة خلال عام 2015 

10. الصراع مستمرّ 

تُراهن المعارضة فيما يبدو على انكسار قوات الأمن وانسحابها، أو عصيانها لأوامر القادة، مستمرّة في حشد التظاهرات يومًا بعد يوم في مواجهة القمع الأمني. والمجتمع الدولي أداة مهمّة في إثناء النظام الفنزويلي عن مساره السلطوي الحالي. لكن ينبغي على المعارضة والمجتمع الدولي، وفقًا للتقرير، البحث عن طُرقٍ يخرج بها صغار داعمي الحكومة، مدنيين وعسكريين، من الأزمة بسلام عن طريق دعم انتخاباتٍ وطنية حرّة ونزيهة.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد