نشر موقع «المنتدى الاقتصادي العالمي»، بالتعاون مع موقع «ذا كونفرسيشن» الأسترالي تقريرًا سلَّطا فيه الضوء على العوامل الأربعة التي تسهم في زيادة مخاطر إصابة أي شخص بمرض كوفيد-19، حتى بعد تلقي اللقاح المضاد للمرض. وشارك في إعداد التقرير كل من رانو بارال، باحثة زائرة في جامعة إيست أنجليا، وسياران جرافتون كلارك، باحث في كلية طب نورويتش بجامعة إيست أنجليا، وفاسيليوس فاسيليو، كبير المحاضرين في طب القلب والأوعية الدموية بجامعة إيست أنجليا.
نقاط موجزة
- صحيحٌ أن الأشخاص المُلقَّحين أقل عرضة للدخول إلى المستشفى إذا أصيبوا بمرض كوفيد-19، موازنةً بالأشخاص غير المُلقَّحين، ولكن تظل احتمالية الإصابة بالمرض ممكنة.
- توصلت بعض الدراسات والأبحاث التي أُجرِيت في المملكة المتحدة إلى أن نحو 0.2% من الأشخاص (أي ما يعادل شخصًا واحدًا من كل 500 شخص) يتعرضون لعدوى الاختراق والإصابة بمرض كوفيد-19 بسبب إحدى الطفرات الفيروسية حتى بعد تلقيهم جرعات اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد بالكامل.
- إن العوامل التي تسهم في زيادة مخاطر إصابة أي شخص بمرض كوفيد-19 تتضمن نوع اللقاح والوقت الذي مر منذ تلقي آخر جرعة لأي نوع من اللقاحات المضادة لكوفيد-19.
يستهل الباحثون تقريرهم بالإشارة إلى أنه بعد مرور أسبوعين من تلقي الجرعة الثانية من اللقاح المضاد لكوفيد-19، ستكون التأثيرات الوقائية للتطعيم في أعلى مستوياتها. وفي هذه المرحلة، يصبح الشخص محصَّنًا تحصينًا كاملًا. وإذا استمرت إصابة الشخص بمرض كوفيد-19 بعد هذه المرحلة، فهذا يعني أنه قد يكون أحد الذين تعرضوا لعدوى «الاختراق» بسبب الطفرات الفيروسية.
وبصفة عام، تكون عدوى الاختراق مماثلة للإصابة العادية بمرض كوفيد-19 في الأشخاص غير المُلقَّحين، غير أن هناك بعض الاختلافات. وفي هذا التقرير سوف نُلقي الضوء على العوامل التي تزيد من خطر إصابة أي شخص بالمرض، وضرورة الانتباه لهذه العوامل حتى بعد الحصول على جرعات اللقاح المضاد لكوفيد-19.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بمرض كوفيد-19
يستشهد التقرير بإحدى الدراسات البحثية التي أُجريت على أعراض كوفيد-19، والتي خلُصت إلى أن الأعراض الخمسة الأكثر شيوعًا لعدوى الاختراق هي الصداع، وسيلان الأنف، والعطس، والتهاب الحلق، وفقدان حاسة الشم. وتُعد بعض هذه الأعراض هي نفسها التي يعاني منها الأشخاص غير المُلقَّحين. فإذا لم يكن الشخص قد حصل على اللقاح المضاد لكوفيد-19، فإنه سيعاني من الأعراض الثلاثة الأكثر شيوعًا وهي الصداع والتهاب الحلق وسيلان الأنف.
بيد أن أكثر الأعراض شيوعًا بين الأشخاص غير المُلقَّحين هي الحمى والسعال المستمر. لكنَّ هذين العرَضَين «التقليديين» لمرض كوفيد-19 يُصبحان أقل شيوعًا بمجرد تلقي الشخص جرعات اللقاح. ووجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من عدوى الاختراق هم أقل عرضة بنسبة 58% للإصابة بالحمى مُوازنةً بالأشخاص غير المُلقَّحين. ولذلك، فقد وصفت الدراسة الإصابة بمرض كوفيد-19 بعد الحصول على اللقاح على أنه شعور يُماثل الإصابة بنزلة برد تصيب كثيرًا من البشر.
ويضيف التقرير أن الأشخاص المُلقَّحين أقل عرضة للدخول إلى المستشفى إذا أصيبوا بمرض كوفيد-19. ومن المحتمل أيضًا أن يُصابوا بأعراض أقل خلال المراحل الأولى من المرض وتقل احتمالية إصابتهم بكوفيد-19 لمدة طويلة. وتكمن أسباب كون حدة المرض أخف عند الأشخاص الملقَّحين في أن اللقاحات، إذا لم تكن حائط صد أمام الإصابة بالمرض، تؤدي على ما يبدو إلى التقليل من وجود جزيئات الفيروس في أجسامهم. ومع ذلك، يظل إثبات ذلك أمرًا ضروريًّا.
وينقل التقرير النتائج التي توصَّلت إليها الدراسات والأبحاث في المملكة المتحدة أن نحو 0.2% من الأشخاص (أي ما يعادل شخصًا واحدًا من بين كل 500 شخص) يتعرضون لعدوى الاختراق، والإصابة بمرض كوفيد-19 بسبب إحدى الطفرات الفيروسية حتى بعد تلقيهم التطعيمات الكاملة المضادة لفيروس كورونا المستجد، لكن لا يعاني كل الأشخاص من حدة المخاطر نفسها. ويبدو أن هناك أربعة عوامل تسهم في تحديد مدى الوقاية التي تمنحك إياها اللقاحات المضادة لكوفيد-19.
1- نوع اللقاح
يُلفت التقرير إلى أن العامل الأول هو نوع اللقاح الذي حصل عليه أي شخص، وحجم الانخفاض في المخاطر النسبية التي يحققها كل نوع من أنواع اللقاحات. ويُعد الانخفاض في المخاطر النسبية مقياسًا لمدى تأثير اللقاح في الحد من خطر إصابة شخص ما بكوفيد-19 موازنةً بأي شخص غير محصَّن باللقاح المضاد للمرض.
وأثبتت التجارب السريرية أن لقاح موديرنا يُقلل من خطر إصابة الشخص بأعراض كوفيد-19 بنسبة 94%، بينما يُقلل لقاح فايزر من هذا الخطر بنسبة 95%. أما تأثير لقاحي جونسون آند جونسون وأسترازينيكا فهي أقل تأثيرًا؛ إذ يُقلل اللقاحَان من هذا الخطر بنسبة 66% و70% على الترتيب (على الرغم من أن الوقاية التي يُوفرها لقاح أسترازينيكا من الواضح أنها ترتفع إلى نسبة 81% في حالة زيادة طول المدة بين الجرعتين).
2- الوقت الذي مر منذ تلقي اللقاح
يستدرك التقرير موضحًا أن هذه الأرقام لا تعبر تمامًا عن الحقيقة. وأصبح من الواضح على نحو متزايد أن طول المدة الزمنية التي مرت منذ تلقي اللقاح تُعد أحد العوامل المهمة التي تسهم أيضًا في زيادة خطر الإصابة، مما أدَّى بدوره إلى زيادة حدة النقاشات الدائرة بشأن تقديم جرعات منشطة من اللقاحات لمن سبق لهم التطعيم.
وتشير الأبحاث المبكرة، التي لا تزال محل التقييم (لم يراجعها علماء آخرون حتى الآن)، إلى أن الوقاية التي يمنحها لقاح فايزر تتناقص شيئًا فشيئًا خلال الأشهر الستة التي تأتي بعد الحصول على جرعات اللقاح. وتشير نسخة أخرى من بحث محل التقييم في إسرائيل إلى النتيجة نفسها. ومن السابق لأوانه معرفة ما الذي يحدث لفاعلية اللقاح بعد مرور ستة أشهر فيما يتعلق باللقاحات المزدوجة الجرعة، ولكن من المرجح أن تنخفض فعالية اللقاحات شيئًا فشيئًا.
3- السلالات المتحورة
ينتقل التقرير إلى عامل ثالث مهم يُسهم في زيادة خطر الإصابة بكوفيد-19 وهو السلالات المتحورة من فيروس كورونا المستجد التي يتعرض لها أي شخص. ورصدت تجارب اللقاحات على الشكل الأصلي لفيروس كورونا المستجد إلى حد كبير حدة الانخفاض في مخاطر الإصابة المذكورة آنفًا. لكن عند تعرض الشخص لسلالة ألفا، أشارت البيانات الواردة من «هيئة الصحة العامة في إنجلترا» إلى أن جرعتين من لقاح فايزر تمنح الشخص وقاية أقل بعض الشيء، مما يُقلل من خطر الإصابة بأعراض كوفيد-19 بنسبة 93%.
أما إذا أصيب الشخص بسلالة دلتا، فإن بيانات الدراسة تشير إلى أن مستوى الوقاية انخفض أكثر من ذلك، إلى نحو 88%. وعلى المنوال ذاته، انخفضت النِّسب التي يحققها لقاح أسترازينيكا أيضًا في الحد من خطر الإصابة بأعراض كوفيد-19. وأكدَّت إحدى الدراسات الحديثة التي أُجرِيت على أعراض كوفيد-19 كل هذه النتائج. إذ خلُصت إلى أنه في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع بعد تلقي جرعة فايزر الثانية، تقل احتمالية إصابتك بأعراض كوفيد-19 بنحو 87% عند الإصابة بسلالة دلتا من فيروس كورونا، وتنخفض هذه النسبة إلى 77% بعد نحو أربعة إلى خمسة أشهر.
4- جهاز المناعة
يختتم الباحثون تقريرهم بتسليط الضوء على العامل الرابع الذي قد يُسهم في زيادة خطر الإصابة بكوفيد-19، مؤكدين أهمية تذكُّر أن الأرقام الواردة أعلاه تُشير إلى متوسط الحد من المخاطر عبر مجموعة سكانية. وتعتمد مخاطر الإصابة لأي شخص على مستويات مناعته الشخصية وعدة عوامل أخرى تتعلق به (مثل مدى تعرضه للإصابة بالفيروس، والذي تحدده طبيعة عمله).
ويُوضِّح التقرير أن صلاحية المناعة تنخفض عادةً مع التقدم في العمر. وربما تُؤدي الحالات الطبية الطويلة الأمد أيضًا إلى إضعاف استجابتنا للقاح. ولذلك، قد يعاني كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة من مستويات أقل من الوقاية التي يسببها اللقاح ضد كوفيد-19، أو قد تتناقص وقايتهم بسرعة أكبر.
وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الأكثر ضعفًا من الناحية الطبية قد حصلوا على لقاحاتهم أولًا، ربما منذ أكثر من ثمانية أشهر، وهو الأمر الذي قد يزيد من خطر تعرضهم لعدوى الاختراق بسبب تناقص الوقاية.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».