في الأسابيع المقبلة، من المخطط أن تنظّم إسرائيل فعاليات ضخمة لما يسمّيه الاحتلال بـ«تحرير يهودا والسامرية ومرتفعات الجولان والقدس»، وتلك هي نتائج حرب إسرائيل في يونيو (حزيران) عام 1967، أو كما تعرف لدى العرب بـ«النكسة». أو كما يسمّيها الكاتب جوناثان كوك في مقاله بـ«ميلاد الاحتلال». الاحتفال الرئيسي سيُقام في مستوطنة جوش عتصيون، التي تقع في جبل الخليل إلى الجنوب من القدس.
اقرأ أيضًا: «هآرتس»: انتصار إسرائيل في 1967 أصبح نكبة عليها
«دونم دونم»
يقول جوناثان في تقريره إن اليوبيل تذكرة مهمة للإسرائيليين الذين لم يعاصر أغلبهم ما قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتبدو لهم السيادة الإسرائيلية على الفلسطينيين قانونًا من قوانين الطبيعة.
ويضيف الصحافي المقيم في إسرائيل، إن المستندات التي عُثر عليها في الأرشيف الإسرائيلي الشهر الجاري تكشف أن الهدف الأول لإسرائيل عقب استيلائها على القدس الشرقية في 1967 كان خِداع المجتمع الدولي.
حينها، تلقّى سفراء إسرائيل أوامر من وزارة الخارجية تأمرهم بتسمية الاستيلاء الإسرائيلي غير القانوني على القدس الشرقية بـ«الاندماج المحلي»، زاعمين أنّ هدفهم تسهيل إيصال الخدمات الأساسية إلى الشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من إدراك الإسرائيليين أن نجاح مثل هذه المناورة غير محتمل، خاصة بعد إصرار الولايات المتّحدة على تجنّب إسرائيل أي تحرّكات من جانبٍ واحد، نجحت إسرائيل خلال أشهر في إخلاء آلاف الفلسطينيين من البلدة القديمة في القدس، وتدمير منازلهم، في حين تغافلت واشنطن وأوروبا عن تلك التحركات.
يقول جوناثان إن واحدة من شعارات الصهيونية المفضّلة في بداياتها كانت «دونم دونم، عنزة عنزة» (الدونم هو وحدة قياس لمساحة الأرض استعملها العثمانيون). يقصدون بذلك الشعار أن الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين سيتمّ عن طريق تدمير المنازل منزلًا منزلًا، وتدمير قطعان الحيوانات قطيعًا قطيعًا، وإبعاد الفلسطينيين ببطء عن أراضيهم، بهدف «تحريرها» وإعدادها للاستعمار اليهودي. بهذه الطريقة يُمكن أن يظل صوت المجتمع الدولي خافتًا.
ويُمكننا أن نرى النتيجة بعد خمسين عامًا. توغّل الاستيطان إلى حدٍّ يجعل حل الدولتين أضغاث أحلام لا يمكن تحقيقها.
اقرأ أيضًا: وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق: لماذا نحتاج الإسلام السياسي؟
صفحة جديدة
لأكثر من ربع قرنٍ، علّقت اتفاقية أوسلو «جزرة» نجحت في تشتيت المجتمع الدولي، في حين تمكّنت إسرائيل من زيادة عدد المستوطنين أربعة أضعاف.
الآن، الخطة ذاتها تعود في صورة جديدة. اختار ترامب الذكرى الخمسين ليُرسل المبعوث الأمريكي جيسون جرينبلات، بهدف إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
واستجاب نتنياهو، إثباتًا لـ«حسن النوايا»، بالكشف عن المخطط الاستيطاني القادم. قال نتنياهو إنه سيقتصر على المستوطنات المنشأة سابقًا، أو المناطق المجاورة، أو الأراضي القريبة من المستوطنات اعتمادًا على جغرافية المناطق. لكن منظمة شالوم أخشاف الإسرائيلية («السلام الآن» بالعبرية) قالت إن المخطط يُعطي للمستوطنين ضوءًا أخضر «للبناء في كل مكان».
اقرأ أيضًا: مترجم: حرب إسرائيل الكبرى القادمة
إزاء هذا، هز البيت الأبيض كتفيه، وخرج بيانٌ يقضي بأن المستوطنات ليست «عائقًا في وجه السلام»، مُضيفًا أن التزامات الإسرائيليين تجاه المستوطنات الإسرائيلية السابقة ستُعتبر لاغية. يقول جوناثان إن إسرائيل تسعى إلى فتح صفحة جديدة بعد عقودٍ من التغييرات الإسرائيلية الصغيرة التي سلبت الفلسطينيين أراضيهم وحقوقهم.
ورغم أن الوضع ليس مبشرًا، سيلتقي قادة مصر والأردن بترامب هذا الشهر من أجل جولة جديدة من المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، ويُقال إن البيت الأبيض يستعد للترحيب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
لقد مرّ منذ زمنٍ بعيد وقت الاعتراف بأن إسرائيل أنشأت نظام تفرقة عنصرية يخدم هدفها نحو التطهير العرقي التدريجي. وبينما ينصب تركيز الولايات المتحدة والأردن ومصر على المهمة المستحيلة بهدف خلق خارطة سلامٍ إقليمية جديدة، ستتمتع إسرائيل بحريتها مرة أخرى في الاستيلاء على الدونمات والعنزات، عنزة عنزة.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».