اتّخذت المفوضية الأوروبية اليوم الثلاثاء قرارًا تاريخيًا، مُطالبة شركة «آبل» Apple بدفع ضرائب تقدّر بـ13 مليار يورو إلى الحكومة الأيرلندية. ليس مستغربًا تصريح شركة التكنولجيا الأمريكية أنها ستستأنف على القرار، لكنها لن تكون وحدها في ذلك، بل ستنضم إليها أيرلندا.
القرار، سواءً تمّ تنفيذه أم لا، ستكون له آثاره على الدول والشركات الأوروبية بلا شك. تقريرٌ بصحيفة الجارديان البريطانية يشمل كل ما قد تودّ معرفته عن قرار الاتحاد الأوروبي ضد واحدة من أكبر الشركات في العالم؛ أسبابه، وملابساته، ونتائجه التي ربّما تحدث تغيرًا كبيرًا في وجه الاقتصاد الأوروبي وصناعة الضرائب.
لماذا؟
لأن المفوضية الأوروبية وجدت أن شركة آبل قد انتفعت من قرارات ضريبية منحتها إياها أيرلندا قبل عقود، سمحت للشركة بتحويل ثلثي أرباحها العالمية من خلال شركات مسجّلة في أيرلندا، تدفع ضرائب أقل من 1%، وهو ما قلّص بشكل هائل الضرائب التي كانت الشركة لتدفعها في نظامٍ ضريبي أقل تساهلًا من النظام الأيرلندي.
لكن السبب الرئيس ليس التساهل الضريبي نفسه، وإنما قصر هذا التساهل على شركة آبل دونًا عن منافسيها، وهو ما وُجد إخلالًا بقوانين الاتحاد الأوروبي الاقتصادية التنافسية، وبالتالي كان قرار المفوضية بإلزام آبل بدفع ضرائبها للحكومة الأيرلندية بأثر رجعي، عن نشاطها الاقتصادي في العقود الماضية.
هل حقًا أيرلندا لم تعد ملاذا ضريبيًا آمنًا؟
لطالما انتقدت الدول الأوروبية الأخرى، والولايات المتّحدة كذلك، النظام الضريبي الفضفاض في أيرلندا، والذي يساعد الشركات على تكديس أرباحها خارج بلادها الأمّ، وبعيدًا عن متناول سلطاتها الضريبية. الهيكل الضريبي، والمعروف باسم «الأيرلندي المزدوج»، تستخدمه شركات من ضمنها جوجل، وفيسبوك، ومايكروسوفت، وبالطبع آبل. صحيحٌ أنّه يجري إلغاؤه تدريجيًا الآن، لكن أيرلندا أمنّت إعفاءات بديلة من الضرائب بهدف منع انتقال الشركات الكبرى إلى دولٍ أخرى.
إن لم يتم رفض القرار في الاستئاف، ستُرسل أيرلندا «فاتورة ضخمة» لآبل.
لماذا ستستأنف أيرلندا على قرار الاتحاد الأوروبي؟
13 مليار يورو هو مبلغ كبير، أكبر بقليل من الإنفاق الحكومي السنوي الأيرلندي على الصحة، ويمثل تقريبًا ثلث عائد أيرلندا الكلي من الضرائب في 2015؛ 45.6 مليار يورو.
لكن المبلغ الذي سيحقق فائدة لا شك فيها على المدى القريب بالنسبة لأيرلندا قد يكون له آثار بعيدة المدى على سمعتها، بصفتها واحدة من أكثر الأماكن جذبًا للشركات العالمية ومن ضمنها جوجل وفيسبوك، والتي تجد نفسها الآن في مرمى نيران المفوضية.
أمضت المفوضية الأعوام الأربعة الماضية تفتش عن صفقات ضريبية مماثلة مع الشركات الكبرى، والتحقيق فيما إذا كانت تمثل دعمًا غير قانوني من الدولة، مثل صفقة آبل، ومن ضمنها قرارات ضريبية لصالح فيات وستاربكس قضت المفوضية بالفعل بعدم قانونيتها.
هل يمكن لآبل دفع المبلغ للحكومة الأيرلندية؟
بالتأكيد. المجموعة التكنولوجية تملك احتياطيًا نقديًا يقدّر بأكثر من 230 مليار دولار، أكثر من 90% منها خارج الولايات المتّحدة تفاديًا للضرائب، ناهيك عن قيمتها السوقية والتي تساوي 570 مليار. المبلغ – 13 مليار يورو – يمثل أكثر من ربع أرباح العام الماضي، والتي بلغت 53.4 مليون دولار.
لذا فالقرار – في حالة دفع الضرائب المتأخرة – لن يكون له أثر ملموس على تمويل المجموعة، أو إنفاقها على الأبحاث والتطوير.
إلى أين ستتجه الشركات العملاقة الآن؟
ليس الوطن بالتأكيد. آخر مكان قد تود أن تنقل الشركات الأمريكية أرباحها إليه هو الولايات المتّحدة، والتي معدّل الضرائب بها واحد من الأعلى في العالم: 35%. هم يفضلون دفع الضرائب في أوروبا بدلًا من أمريكا، حتى مع مطاردات بروكسل المستمرة.
يلفت التقرير النظر إلى المملكة المتحدة المنفصلة حديثًا عن الاتحاد الأوروبي. وزير المالية البريطاني السابق، جورج أوزبورن، كان قد تعهد بأن يجعل بريطانيا الدولة الأكثر تنافسية في مجموعة العشرين، فيما يتعلق بضرائب الشركات الكبرى، واضعًا خطة طريقٍ ستقلل معدل الضرائب على الشركات الكبرى إلى 17%.
من الصعب معرفة ما إذا كان خليفته، فيليب هاموند، سيغير هذه الخطة أم لا. لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء بريكست يفتح الباب أمام صفقات خاصة للشركات الدولية أملًا في اجتذاب استثماراتهم إلى المملكة المتحدة.
لكن هذه التحركات، وفقًا للتقرير، يمكن أن تجعل من بريطانيا تبدو أكثر وأكثر كملاذ ضريبي، وهو ما قد يعيق الدول الأخرى عن الدخول في علاقات تجارية مفتوحة معها.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».