نشر موقع «ميدل إيست آي»، تقريرًا للناقد الفني ومخرج البرامج المصري جوزيف فهيم، استعرض فيه أفضل الأفلام السينمائية العربية، خلال عام 2017. وفي بداية التقرير؛ ألقى الكاتب الضوء على حال السينما العربية وعدم ثباتها الملحوظ، متتبعًا خطواتها الوئيدة خلال العام المنصرم، مقارنة بما كانت عليه في عام 2016، واقتحام العديد من الأفلام العربية آنذاك لأكبر المهرجانات السينمائية العالمية، مثل أفلام: اشتباك (Clash)، وربيع (Tramontane)، ونحبك هادي (Hedi).

وأشار التقرير إلى أنه وبرغم هذا التراجع الملحوظ؛ إلا أن الأفلام العربية لا تزال حاضرة في أسواق السينما العالمية، وتحظى باهتمام الصحافة الفنية الدولية، وذلك بفضل أزمة اللاجئين، ووصول اليمين إلى الحكم في أمريكا وأوروبا.

اقرأ أيضًا: 15 فيلمًا جديدًا من سلاسل شهيرة ينتظرهم الجمهور في 2018

ويقول التقرير أيضًا إن الأفلام العربية قد شهدت في عام 2017 استقبالًا فاترًا من قِبل المهرجانات العالمية، والصحافة الفنية على حدٍ سواء. فما بين الرغبة في الإبداع والخروج بأفكار مبتكرة، وبين المطالب الغربية بقصص سياسية معتادة؛ تمزقت السينما العربية، ورضخت في النهاية للأخيرة. مما نتج عنه؛ إنتاج فني يدور حول المواضيع المألوفة ذاتها، مثل: الحرب والنزاعات المسلحة، وقهر المرأة، وأحوال المهاجرين في المنافي، والاستغلال الجنسي بدافع الفقر.

ملصق الفيلم المصري «اشتباك» – مصدر الصورة: يوتيوب.

وفي الوقت الذي شددت فيه الرقابة قبضتها على الإنتاج الفني في المنطقة العربية، جاء الحصار المفروض على قطر من قِبل بعض الدول الخليجية، ليُقلص من فرص التمويل المتاحة. فالمنح المقدمة من معهد الدوحة السينمائي – أكثر الصناديق المموِلة للأفلام في المنطقة – صارت محظورة على صناع الأفلام في كلٍ من: الإمارات والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر، وتراقب حكومات دول الحصار عن كثب، صناع الأفلام الذين قد يقبلون التمويل القطري.

وبحسب التقرير؛ فقد عانت مصر  خلال عام 2017، من انخفاض إنتاج الأفلام المستقلة، وقلة المشاركة في المهرجانات، أكثر من غيرها، فيما واصلت السينما الخليجية محاولاتها الحثيثة في إنتاج دراما اجتماعية محلية، لكنها كانت غير ذي شأن، أما السينما التونسية التي قطعت أشواطًا كبيرة بعد ثورة الياسمين، فقد اختفت سينمائيًا خلال هذا العام، وفي الوقت نفسه؛ ظهرت الأفلام اللبنانية التي تنتهج خطًا شجاعًا، بالتطرق لموضوع شائك؛ وهو المثلية الجنسية، مثل فيلم أنتوني شدياق، «غرفة لرجل» وفيلم «عَ شفير» (Chronic) لمحمد صباح. ويقول كاتب التقرير إن فيلم «قضية 23» لزياد دويري، هو الفيلم الأكثر نجاحًا هذه السنة بالرغم من إثارته للجدل، وذلك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية، وترشحه لجائزة الأوسكار، وتصدره لشباك التذاكر اللبنانية.

وتطرق «فهيم» في تقريره أيضًا إلى السينما الفلسطينية؛ التي تسببت التوترات القائمة في المنطقة خلال العام الماضي، في إعادتها مرة أخرى بعد سُبات طويل، وتجسيدها الوجودي للاحتلال عبر ترسانتها المتنامية من المواهب الفنية المميزة. فيما أشار الكاتب إلى بزوغ نجم المخرجات، مقارنة بالعام الذي سبقه، إذ إن ثلاثة أفلام في قائمته من إخراج سيدات، في إشارة إلى مدى براعتهن السينمائية، وحساسيتهن البادية للعيان.

اقرأ أيضا: مع ختام 2017: إليكم أكثر 10 أفلام تحقيقًا للإيرادات.. فهل كانت الأفضل؟

وأشار التقرير إلى أن قائمة الأفلام العربية التي تُعد الأفضل خلال عام 2017ـ، تطرقت إلى موضوعات مألوفة؛ ألقت الضوء على بعض المخاوف السياسية والاجتماعية التي تواجه العرب اليوم، لكن بمعالجة جديدة.

وبحسب الكاتب؛ فإن أفلام القائمة التالية، استطاعت دمج العاطفة بالتجارب، والرغبة المُلحة بالإدراك الواعي، مما نتج عنه قائمة انتقائية شرسة، قادرة على التطلع إلى المستقبل، وتعويض خيبة الأمل في السينما العربية التي تتخبط في الوقت الذي تحاول فيه إثبات نفسها.

وفيما يلي قائمة بأفضل سبعة أفلام عربية عالمية، خلال عام 2017:

7. بانوبتيك (Panoptic)

تخوض صانعة الصوت السينمائي، اللبنانية رنا عيد، تجربتها الإخراجية الأولى، عبر فيلم «بانوبتيك»، والذي تستعرض فيه سيمفونية المدينة عبر أجدد البورتريهات لبيروت في الذاكرة الحديثة.

وذلك عبر استعراض مذكرات شخصية عائلية، تعكس فقدان الذاكرة الجماعي للبنان، وتوثيقًا بصريًا للمدينة التي تقبع في الخلف ولا نعرفها. ويرى الكاتب أن المخرجة استطاعت تعويض أوجه القصور المختلفة في الفيلم مثل تردد التعليق الصوتي وفقدان التركيز في بعض الأحيان، بتميزها البصري، وجديتها في الاستكشاف؛ وأن هذا الفيلم والخط الدرامي الذي ينتهجه، هو ما تحتاجه السينما اللبنانية التي تعاني من تخمة قصص الحرب الأهلية.

6. وليلي (Volubilis)

الفيلم الرابع للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، بعد «يا له من عالم رائع»، و«موت للبيع»، و«ألف شهر»، وهو عمل فني فريد من نوعه؛ يدور حول قصة حب مضطربة بين فرد أمن أخرق وخادمة تعيسة، ويشبه الميلودراما المصرية، الممزوجة بالموسيقى الكلاسيكية، والمدمجة مع النقد السياسي.

فجاءت النتيجة عملًا رومانسيًا حديثًا مبهجًا، عنيفًا، وغريب الأطوار أيضًا، يهاجم النخبة الفاسدة الحاكمة في المغرب بصرامة، وينكأ الجراح المعطوبة؛ يضم مشاهد عنيفة وأخرى طريفة. وبحسب التقرير، فإن فيلم «وليلي» فصل آخر من فصول السينما المغربية النابضة بالحياة، والتي لا يمكن التنبؤ بها.

اقرأ أيضًا: 16 فيلمًا.. إليك قائمة بأفضل أفلام 2017

5. الرحلة (The Journey)

فيلم للمخرج العراقي «محمد الدراجي»، صاحب فيلم «ابن بابل»؛ تدور أحداثه في أجواء إثارة تشويقية، بعد مرحلة صدام حسين عام 2006، حول فتاة انتحارية تتجه إلى محطة القطار من أجل تنفيذ مهمة تفجيرية، وعلاقتها بالشخصيات المختلفة التي تلتقي بها في أثناء الرحلة. وبحسب الكاتب، فإن قصة هذا الفيلم المثيرة للإعجاب، والتي تتأرجح بين الواقعية الإيطالية الجديدة، والتبسيط الهوليوودي، تُعد أفضل أفلام هذه القائمة من حيث البناء التنظيمي الكلاسيكي، إذ تتمحور حول الرمزية الإنسانية لأمة مزقتها الحرب وتسعى للعيش الطبيعي.

يُمكن القول إن الدراجي استطاع عبر التركيز على حياة العراقيين العاديين، أن يمنح هذه الأمة التي كبلها الحزن والدمار، بُعدًا إنسانيًا، نزعه عنها سيل التقارير  الإخبارية.

4. من الأغنام والرجال (Of Sheep and Men)

يستعرض هذا الفيلم الجزائري، الذي يُعد بحثًا أنثروبولوجيًا، للمخرج كريم صياد، وتدور أحداثه في حي باب الوادي في العاصمة الجزائرية، حيث معارك الأغنام؛ الحياة المهمشة، والمنافسة الذكورية السامة، والعنف المتصاعد في المجتمع الجزائري الأبوي.

وبحسب كاتب التقرير فإنَّ مسابقات الأغنام التي تدور حولها أحداث الفيلم، كناية عن الحرب الأهلية التي لا تزال أشباحها تُطارد شعبًا يعج بالأصولية ويعاني من قمع الدولة. فيما يرى أيضًا؛ أن فيلم «من الأغنام والرجال»، يُعد علامة على موهبة المخرج كريم صياد التي لا يستهان بها.

3. اصطياد الأشباح (Ghost Hunting)

الفيلم  الفلسطيني الحائز على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان برلين لعام 2017، للمخرج رائد أنضوني، والذي طال انتظاره منذ فيلمه الساحق (Fix me) عام 2009؛ والذي وُصِف بأنه سادي وباحث عن الانتباه ومليء بالأُبهة.

ويقول «فهيم» إن إثارة الجدل ليست أمرًا جديدًا على أنضوني، فالفيلم الوثائقي الفلسطيني «اصطياد الأشباح»، كان بمثابة بيان استفزازي يدور حول الصدمات النفسية الناتجة عن الأسر والاعتقال، واستخدام القوة المفرطة.

فلقد استعان المخرج بسجناء فلسطينيين حقيقيين، سبق أن اعتقلوا في سجن «المسكوبية» بالقدس، من أجل تصوير الفيلم الذي استوحى أحداثه من المسرح البرازيلي للمضطهدين، ليلعبوا دور سجانيهم، ويُحاكوا ما مروا به من أهوال في هذا السجن سيئ السمعة.

اقرأ أيضًا: 4 أفلام وثائقية قد تغنيك عن «كورس» في القضية الفلسطينية!

ويقول الكاتب إن الخيط الفاصل بين الواقع والخيال قد تلاشى في هذا الفيلم الإبداعي متعدد الطبقات، الذي لا يوفر إجابات سهلة للأسئلة الصعبة المطروحة. وجدير بالذكر أنَّ هذا الفيلم ذا «التوهج الشيطاني» أفضل الأفلام العربية الوثائقية لعام 2017.

2. حصن المجانين (Le Fort des Fous)

وصف النقاد فيلم المخرجة الجزائرية الفرنسية ناريمان ماري «حصن المجانين» بأنه تحدٍّ صعب؛ إذ استطاعت مزج الخيال بالواقع بشكل لا يمكن تمييزه، ودمجت بين تقاليد السينما وفن الفيديو، من أجل تقصي الإرث الدموي الاستعماري الذي تعرضت له الجزائر في الماضي؛ وتعد ماري أيضًا أفضل مخرجة تجريبية في المنطقة بأسرها.

وعُرض الفيلم للمرة الأولى في الدورة الرابعة عشرة من معرض الفن الألماني المرموق «دوكيومنتا»، قبل أن يحصل على قوس مهرجان لوكارنو بسويسرا.

وميزة هذا الفيلم غير القابل للتصنيف – بحسب كاتب التقرير – أنه مقسم إلى ثلاثة أجزاء؛ تجمع بين ذكريات المستعمرين الفرنسية المسجلة، والسياسات العالمية المعاصرة والمثيرة للإزعاج. أما النصوص المكتوبة، والارتجالية، وإعادة تمثيل اللقاءات، فنُسجت بسلاسة في سرد مجزأ، مستعيرة عناصر من المسرح، لاستكشاف الطبيعة المراوغة للذاكرة، وإنشاء التاريخ والأثر المدمر للإمبريالية.

اقرأ أيضًا: أفضل 10 أفلام وثائقية في عام 2017.. لتشاهدها وتستمتع بها

1. واجب (Wajib)

لا تكشف الأفلام السابقة للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، مدى الروعة التي عليها فيلمها الأخير «واجب»، والذي يمكن اعتباره إعلانًا عن المرحلة المقبلة في مسار السينما الفلسطينية.

 فعلى عكس أفلامها السابقة، مثل: لما شِفتك، وملح هذا البحر، اللذين كانا محملين بمزيج من العظة القومية الصارخة والثقيلة، ومشاكل الحبكة البنائية، جاء فيلم «واجب»، والذي يدور في أجواء دراما عائلية شبه مثالية، ليتلافى الأخطاء السابقة للمخرجة، ويستبدل بالنبرة الصاخبة للدراما، أخرى ذات دقة ملموسة، مما أتاح لثيمات العمل أن تتطور بشكل طبيعي طوال الحبكة القصصية.

وتدور أحداث الفيلم عبر رحلة تجمع بين الأب (والذي قام بدوره الممثل المخضرم محمد بكري) والابن ( الممثل صالح بكري)، من أجل تسليم دعوات زفاف ابنة الأول وأخت الثاني. لتصطدم برجماتية الأب المضطرب، الذي كان مقاتلًا سابقًا في منظمة التحرير الفلسطينية، بمثالية الابن الساذج والذي يعمل معماريًا؛ فتنكشف أسرار العائلة.

ويقول كاتب التقرير إنه وخلافًا لأفلامها السابقة، فإن فيلم «واجب» – الذي فاز بجائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل في مهرجان دبي السينمائي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، يتخلله شعور بالاستسلام، وأن الحماس القتالي قد تم استبدال الأخطار الأخلاقية وعدم اليقين به.

ويقول كاتب التقرير جوزيف فهيم، إنه سرعان ما ندرك أن محاولة البقاء على قيد الحياة والنجاة قد تكون أعظم أعمال المقاومة التي قام بها الأب طيلة حياته.

ويختتم الناقد الفني تقريره بالقول إن «واجب» هو العمل الفني الأكثر نضجًا للمخرجة على الإطلاق، إذ إنه بانوراما نزيهة، استطاعت تصوير الطبقة الفلسطينية الوسطى بحق، عن طريق الممثلين «بكري»، اللذين استطاعا بتناغمهما وكاريزماهما الطاغية، جعل الفيلم مناسبًا لكل الأعمار.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد