نشر موقع «Vox» الأمريكي تقريرًا للكاتب أليكس وارد، المختص في تغطية قضايا الأمن والدفاع الدوليين، حول كيفية تعامل جو بايدن مع التحالفات الأمريكية حول العالم في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. جاء ذلك ضمن تقرير مطول أعده الكاتب عن سياسة بايدن الخارجية في حال فوزه بالرئاسة، يترجم لكم ساسة بوست التقرير كاملًا وينشره على أجزاء متتابعة، وفيما يلي ترجمة الجزء الثاني.

يمكنك الاطلاع على الجزء الأول من هنا.

وافترض الكاتب في مستهل تقريره أنه «إذا فاز جو بايدن في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، فسيواجه مستنقعًا من الأزمات العالمية منذ اليوم الأول لرئاسته – وكانت رئاسة ترامب سببًا في وقوع أو تفاقم عديد من هذه المشكلات». 

ويرى الكاتب أن الأزمات التي تنتظر بايدن عبارة عن مجموعة ضخمة من التحديات التي يمكن أن يواجهها أي رئيس جديد. لكن الأخبار الجيدة أن بايدن رجل صنعته آلة السياسة الخارجية الأمريكية على عينها، سواء من خلال تقلده منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ لسنوات، وبوصفه – فيما بعد – شخصًا محوريًّا في إدارة باراك أوباما بصفته نائبًا للرئيس، ما يؤهله لمعرفة كيف يضع يديه على عناصر التحكم.

أما الأخبار السيئة فهي أن بايدن لم يكن دائمًا – بحسب البعض – ناجحًا على المسرح العالمي. ويدَّعي منتقدوه، ومنهم المنتمون لليسار، أنه حوَّل جهود أمريكا في العراق ما بعد الحرب إلى الأسوأ، ولم يُحقق أي إنجاز متميز في السياسة الخارجية خلاله وجوده في الكونجرس أو عندما كان الرجل الثاني في إدارة أوباما، أما آمالهم بشأن قدرته على إنقاذ الولايات المتحدة من مأزقها العالمي الذي ورطها فيه ترامب، فهي دون المستوى.

ويَخْلُص الكاتب إلى أنه إذا وجد بايدن نفسه مرة أخرى في المكتب البيضاوي في 20 يناير (كانون الثاني)، فسيكون هو المسؤول الأول عن البلاد. ومن المبالغ فيه جدًّا أن نتوقع منه حل مشاكل العالم في اليوم الأول، لكن سيتعين عليه البدء فورًا في اتخاذ خطوات مهمة لإعادة توحيد هذا العالم المنهك.

 واستدرك الكاتب قائلًا: لكن لم يتضح بعد كيف يهدف بايدن لتحقيق ذلك، إلا أن بمقدورنا أن نستخلص رؤى بايدن ومساعديه بشأن السياسة الخارجية من خلال تصريحاته العديدة وسجلِّه السابق الطويل بصفته نائبًا للرئيس. وسنحاول فيما يلي استعراض الأسلوب المحتمل لبايدن لمعالجة أهم تحديات السياسة الخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة في الوقت الراهن.

ثقة حلفاء أمريكا بها تتناقص شيئًا فشيئًا

يذكر الكاتب أن الرؤساء الأمريكيين من الديمقراطيين والجمهوريين، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانوا متشابهين تقريبًا في استخدامهم للقوة الأمريكية لتأمين ما يُسمى بـ«النظام الدولي الليبرالي» والحفاظ عليه. وكان الهدف من ذلك تعزيز التجارة الحرة والديمقراطية الليبرالية وتزويد أمريكا بأسواق لبيع البضائع إلى الدول التي تقيم معها تحالفات ضد الخصوم. وهذه الاستراتيجية الكبرى ساعدت أمريكا عمومًا في الحفاظ على مكانتها باعتبارها قوة متفوقة عالميًّا. 

Embed from Getty Images

هذا باختصار هو العالم الذي يريد بايدن استعادته وحمايته. وفي خطاب ألقاه في المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير 2017، قال بايدن «على مدى العقود السبعة الماضية، قادت الخيارات التي تبنيناها – وخاصة الولايات المتحدة وحلفاءنا في أوروبا – عالمنا إلى مسار واضح. وفي السنوات الأخيرة، أصبح واضحًا أن الإجماع الداعم لهذا النظام يواجه ضغوطًا متزايدة داخليًّا وخارجيًّا. ولا بد أن نتحرك فورًا للدفاع عن النظام الدولي الليبرالي».

ويؤكد بايدن أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي الحفاظ على مجموعة التحالفات الأمريكية وتعزيزها والتي تُمثل قلب هذا النظام، وهو ما طرحه في خطاب السياسة الخارجية في يوليو (تمّوز) 2019، عندما قال «إن أمن أمريكا وازدهارها وأسلوب حياتها يتطلب تكوين شبكة أقوى من الشركاء والحلفاء الذين يعملون معنا. وستركز أجندتنا للسياسة الخارجية على عودة أمريكا إلى المقدمة من جديد، والعمل مع حلفائنا وشركائنا لحشد التحرك العالمي ضد التهديدات العالمية». 

ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم الكيفية التي يُفكر بها بايدن في كل أزمة عالمية تقريبًا، حسبما يقول الخبراء. يقول مساعد سابق لبايدن: «بالنسبة لبايدن، لا يمكن حل أي مشكلة ما لم ينخرط أصدقاء أمريكا في أوروبا وشرق آسيا وغيرهما بالكامل في حلها…».

وهذا ما أكده بايدن بنفسه في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز في يناير، عندما قال: «إن العمل التعاوني مع الدول الأخرى التي تشاركنا قيمنا وأهدافنا لن يجعل الولايات المتحدة تبدو بلهاء، بل إنه يجعلنا أكثر أمانًا ونجاحًا. كما أن مشاركة المسؤوليات العالمية مع الشركاء الراغبين يعزز من قوتنا…». 

أوروبا.. استمع للحلفاء

يبدو أن الحديث عن إعادة العلاقات الأمريكية مع الحلفاء أسهل من التطبيق على أرض الواقع – على حد قول الكاتب – لذا يتعين على بايدن إعادة بناء الثقة المفقودة، خلال عهد ترامب، مع الحلفاء لا سيما في أوروبا. تقول ميرا راب هوبر، عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، «من الحكمة ألا تؤكد على أي أجندة محددة في البداية، وبدلًا من ذلك تُنسق المؤتمرات مع الحلفاء في أوروبا وآسيا وتبدأ في الاستماع إلى ما يرونه أكبر التهديدات العالمية لدولهم». 

 إسرائيل

ونوَّه الكاتب إلى أن بايدن ربما يحتاج أيضًا إلى إعادة التفكير بشأن حلفاء أمريكا وتحديد من هم بالضبط. وأكد بايدن مرارًا على أن التزام أمريكا تجاه إسرائيل سيكون «صارمًا» خلال إدارته، لكن المقربين منه يقولون إنه سيمارس ضغوطًا أشد على نتنياهو لم يمارسها رؤساء سابقون، وهذا ما أوضحه أحد مساعدي بايدن السابقين عندما قال: «طالما أن حكومة إسرائيل تتجه أكثر نحو اليمين، فسوف تنشأ خلافات، لكن هذا لن يقِّوض الدعم الأمريكي لأمن إسرائيل».

السعودية

أما المملكة العربية السعودية، فهي الحليف الآخر الذي تحت المجهر، والتي أصبحت في عهد ترامب أقرب إلى الولايات المتحدة مما كانت عليه منذ عقود، بيد أن عديدًا من الديمقراطيين، وخاصة التقدميين، يشككون في الحكمة والأخلاقيات من وراء مثل هذا الدعم الأمريكي القوي للمملكة العربية السعودية، بالنظر إلى انتهاكاتها المتعددة لحقوق الإنسان – مثل مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي والحرب السعودية في اليمن.

ويختم الكاتب حديثه عن التحالفات بالقول: «إن هذا كله يعني أن بايدن سيضطلع بالمهمة الضخمة المتمثلة في منع انهيار هيكل التحالف الأمريكي، وإيجاد طريقة لتكوين تحالفات أقوى، وتغيير الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الأصدقاء المزعجين في نفس الوقت».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد