المسؤولون الإسرائيليون يشعرون بالقلق من أن الضغط المتزايد على السعودية سوف يُضعِف التحالف الإقليمي ضد إيران.

كتبت لاهاف هاركوف، مراسلة الشؤون الدبلوماسية في صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية، تحليلًا حول الضغوط الأمريكية الأخيرة على السعودية، والمتمثلة في رفع السرية عن التقرير الاستخباراتي الخاص بمقتل خاشقجي. ويرى المسؤولون الإسرائيليون أن ذلك من شأنه إضعاف التحالف الإقليمي ضد إيران، كما يضعف علاقة الرياض بإسرائيل؛ إذ ربما يشعر السعوديون أن تل أبيب غير قادرة على الدفاع عنهم في واشنطن.

وتشير الكاتبة في مستهل تحليلها إلى أن تقرير إدارة بايدن بشأن مقتل جمال خاشقجي الذي صدر يوم الجمعة لافت للنظر؛ ليس فقط بسبب ما تطرق إليه، ولكن أيضًا بسبب ما لم يتطرق إليه على حد سواء.

يبدأ تقرير الاستخبارات الأمريكية المؤلَّف من أربع صفحات بالقول: «تشير تقديراتنا إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على تنفيذ عملية في مدينة إسطنبول التركية لاعتقال الصحافي السعودي جمال خاشقجي أو قتله».

بغض النظر عن قائمة أسماء الأشخاص المتورطين، الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات، يمكن تلخيص محتويات التقرير بسهولة في جملتين، بحسب مراسلة «جيروزاليم بوست».

عربي

منذ سنتين
الترجمة الكاملة لنص التقرير الأمريكي حول اغتيال خاشقجي وتداعياته

المتورطون في مقتل خاشقجي مقربون من ولي العهد

ينتمي جميع الأشخاص المعروف أنهم متورطون في قتل خاشقجي إلى منظمات لها علاقات وثيقة مع محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، ومن غير المرجح أن يتخذوا مثل هذه الإجراءات المتطرفة دون موافقته. بالإضافة إلى ذلك قمع الأمير المعارضين منذ توليه السيطرة على أجهزة الأمن والاستخبارات السعودية في عام 2017، واعتبر خاشقجي بمثابة تهديد.

كانت هذه المعلومات متاحة بسهولة للجمهور على مدار العامين الماضيين، ولم يكن أي شخص مهتم بحاجة إلى تقرير من مدير الاستخبارات الوطنية لمعرفة ذلك. وهذا يطرح السؤال: لماذا رفعت السرية عن هذا التقرير الذي يوفر تفاصيل متناثرة في هذا التوقيت تحديدًا؟

أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن بالفعل نواياه تجاه السعوديين خلال حملته الانتخابية. وبتركيزه على مقتل خاشقجي على وجه الخصوص، بالإضافة إلى دور المملكة في الحرب الأهلية في اليمن، سلط بايدن الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، والتي يصفها تقرير «جيروزاليم بوست» بأنها «لا تعد ولا تحصى وجديرة بالاستنكار».

أوبك +- بايدن يوجه ضربة رمزية للرياض.. ماذا يعني ذلك لإسرائيل؟

محمد بن سلمان ولي العهد العسودي

تضيف المراسلة: بالطبع، من المؤسف أن الأنظمة في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم ترتكب انتهاكات غير معقولة لحقوق الإنسان، لكن يبدو أن المملكة نالت قدرًا كبيرًا من ازدراء بايدن.

ويشير التقرير إلى أهمية هذا القرار بالنظر إلى مدى قرب إدارة ترامب من السعوديين، ومحمد بن سلمان على وجه الخصوص، حتى عندما أصبح واضحًا أن الأمير كان مسؤولًا شخصيًا عن العديد من تلك الانتهاكات.

السعودية وإيران وانتهاكات حقوق الإنسان

وتنوه المراسلة بأن التركيز على الانتهاكات السعودية، على عكس تلك التي يمارسها النظام الثيوقراطي العنيف على الجانب الآخر من الخليج – في جمهورية إيران الإسلامية – هو أحد أعراض التغيير الآخر لسياسة إدارة ترامب، المتمثل في أن بايدن يسعى للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.

لأمد طويل كانت السعودية وإيران خصمين يسعيان للهيمنة، أو على الأقل القيادة، في المنطقة. وواجه وكلاء السعودية وإيران بعضهم البعض في اليمن، وكانت إيران وراء الهجمات على حقول النفط السعودية، من بين هجمات أخرى.

يبدو أن إدارة بايدن لم تزل تقف إلى جانب السعوديين، لكنها تتراجع علنًا إلى حد كبير جدًا. يؤكد ذلك مسؤول كبير قال لـ«رويترز» يوم الجمعة: «الهدف هو إعادة التقويم وليس القطيعة. هذا بسبب المصالح المهمة التي نشترك فيها معهم».

تقرير شحيح التفاصيل

تقرير مدير الاستخبارات الوطنية شحيح التفاصيل الذي صدر في نهاية هذا الأسبوع هو نوع من التبرير الرمزي لإعادة المعايرة، والتي من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة عن تفاصيلها في الأيام المقبلة. لقد بدأوا بالفعل بالعقوبات على المسؤولين، ولكنهم لم يصلوا إلى حد فرضها على محمد بن سلمان نفسه.

تضيف المراسلة: إسرائيل تراقب بحذر. لقد أصبحت العلاقات السعودية – الإسرائيلية أكثر تقاربا في السنوات الأخيرة، لدرجة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التقى سرًا بمحمد بن سلمان في السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وتمضي الكاتبة إلى هذه العلاقات تعمقت، مثل علاقات إسرائيل الرسمية الآن مع الإمارات والبحرين، على الرغم من المحظورات الإقليمية ضد الارتباط بالدولة اليهودية؛ بسبب مخاوف الدول المشتركة بشأن التهديد الإيراني – النووي وغير النووي – واستعداد إسرائيل لاتخاذ موقف ضد طهران.

ومع ذلك لم تؤت العلاقات ثمارها أبدًا، فعلى الرغم من أن كلًا من السعودية والإمارات يقودها ولي عهد يتطلع إلى التحديث والانفتاح الأكبر، إلا أن المملكة لم يزل يتصدر قيادتها الملك سلمان الذي يعلو محمد بن سلمان، ويتبنى الملك وجهة النظر العربية الأكثر تقليدية تجاه إسرائيل.

حديث عبر الهاتف بشأن تحركات بايدن

ومع ذلك أفادت «هيئة البث العامة الإسرائيلية (KAN)» هذا الأسبوع أن مسؤولين إسرائيليين وسعوديين تحدثوا عبر الهاتف عدة مرات في الأسابيع الأخيرة لمناقشة تحركات إدارة بايدن نحو العودة إلى الصفقة الإيرانية وزيادة تركيزها على انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان.

يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من أن الضغط المتزايد على السعوديين، وكذلك على مصر، سيضعف التحالف الإقليمي ضد إيران في وقت تظهر فيه الولايات المتحدة استعدادًا أقل لمواجهة نظام آيات الله. مصدر قلق آخر هو أن الرياض لن تشعر بالرغبة في تعزيز علاقتها بإسرائيل أو حتى الحفاظ عليها إذا لم يساعدهم الإسرائيليون في واشنطن.

غير أن هناك احتمالًا آخر؛ فخلال إدارة أوباما، التي كانت متساهلة حقًا مع إيران، قويت علاقات إسرائيل مع دول الخليج، وهو ما قربهم من بعضهم البعض لحماية أنفسهم ضد طهران التي لم يكن سلوكها الخبيث مقيدًا، والتي لم يُمنع مشروعها النووي، بل جرى تأجيله فحسب بموجب اتفاقية 2015.

اتفاقية أكثر صراحة

تتابع المراسلة: لكي نكون منصفين، تقول إدارة بايدن إنها لن ترفع العقوبات حتى تعود إيران إلى الامتثال لقيود التخصيب المنصوص عليها في الاتفاقية النووية، وأنها تريد الضغط من أجل التوصل إلى صفقة أكثر صرامة من شأنها معالجة عورات الاتفاقية القديمة، والتي أشارت إليها إسرائيل في ذلك الوقت وتحققت في السنوات التالية.

الوقت هو الذي سيحدد ما إذا كان هذا سيحدث، على الرغم من أن رفع القيود المفروضة على الدبلوماسيين الإيرانيين لدى الأمم المتحدة والإفراج المحتمل عن الأموال الإيرانية من بنوك كوريا الجنوبية لا يبعث برسالة مشجعة بشكل خاص إلى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

دولي

منذ سنتين
«نيويورك تايمز»: من الأفضل أن تحظى السعودية بولي عهد لا يقطع أوصال الصحافيين

وتختتم الكاتبة تحليلها بالقول: في مثل هذا الوضع قد يستمر السعوديون والإسرائيليون في التقارب بدافع مواجهة العدو الإيراني المشترك، ولو أن ذلك سيكون بمثابة مصدر ارتياح ضئيل صغيرة مقارنة بحالة الخذلان التي ستحدث إذا اختارت الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، استرضاء آيات الله الذين يسعون إلى تدمير الدولة اليهودية.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد