ذكر تقرير نشرته شبكة «بلومبرج» الأمريكية، وشارك في إعداده الكاتبان الاقتصاديان: «كيفين هاملين» و«يينان تشاو»، أن الاقتصاد الصيني يواجه مع بداية عام 2018، ما يُطلِق عليه القادة الصينيون: «السنوات الثلاث العجاف»، إذ يتحتم عليه أن يصارع ثالوثًا من المخاطر المحدقة بثاني أقوى اقتصاد في العالم، والتي تتمثل في: الدين الداخلي، والفقر، والتلوث الناتج من الصناعة. وذلك دون وضع خطر ارتفاع أسعار الفائدة، وتهديدات الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة في الاعتبار. ففي الوقت الذي تبوأت فيه الصين موقع قوة، بسبب نموها الاقتصادي المتسارع خلال العام الماضي، والذي يُعد الأول منذ 2010، إلا أنه من المتوقع أن يتباطأ هذا التسارع مع بداية 2018. ولا ترى حكومة «شي جين بينج» بأسًا في أداء اقتصادي أكثر تواضعًا، في حال التمكن من إحراز تقدم في مجابهة هذه المخاطر.
ويرى كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في «أي إتش إس ماركت» بسنغافورة، «راجيف بيسواس»، أن المخاطر التي تواجه الاقتصاد الصيني، أحد المخاطر الرئيسية التي تلقي بظلالها على توقعات النمو العالمي في العام الجديد، مع الأخذ في الاعتبار أن منطقة المحيط الهادي وآسيا بالتحديد، عُرضة لموجات صادمة من التباطؤ في النمو الاقتصادي.
وفيما يلي استعراض لبعض أهم المجالات، التي قد تعمل على دفع عجلة النمو الاقتصادي، أو تزيد من اضطرابات السوق.
المخاطر المالية
جدد الحزب الشيوعي الصيني مؤخرًا، تعهده بمراقبة أي مخاطر مالية ومنعها؛ واصفًا إياها بأنها التحدي الأكبر خلال السنوات الثلاث القادمة، ومع انفتاح النظام المالي على الشركات الأجنبية؛ فمن المتوقع أن تصل نسبة الدين الداخلي إلى إجمالي الناتج المحلي نحو 320% بحلول عام 2022.
وترى المدير العام لشركة أبحاث آسيا- أنالتيكا في هونج كونج؛ «بولين لونج»، أنه حتى الآلة الدعائية الصينية، تعترف بهذه المشكلة الخطيرة، وأن بكين لا تتوقع وجود «حل» قبل أقل من ثلاث سنوات. وتضيف لونج أن المشكلة الأساسية هي «عدم الاستقرار المالي»، وأنه إذا تم العمل على ذلك، فإنه سيُحرر الضغوط على تدفقات رأس المال، ويقلل من التعقيدات الناجمة عن تخفيض الديون، وضعف البنوك الصغيرة.
تباطؤ الإنشاءات والبُنى التحتية
بحسب «فردريك نيومان»، المدير العام والرئيس المشارك لبحوث الاقتصاد الآسيوي في «إتش إس بي سي القابضة» للخدمات المصرفية في هونج كونج، فإن تشديد اللوائح المالية والبيئية من أجل كبح الديون الداخلية في 2018، قد تؤدي إلى حدوث رجّة تؤثر في مجال الإسكان والبُنى التحتية. ويشدد نيومان على أن التباطؤ في مجال الإنشاءات أكثر من المتوقع، قد يؤثر في نطاق واسع في نشاط القطاعات الناشئة، التي ليست قوية بما فيه الكفاية لتوفير غطاء داعم، مؤكدًا أن قطاع الإنشاءات هو الصدع الأكبر الذي قد يزلزل الاقتصاد الصيني.
الحرب التجارية
يرى «ديفيد لوفينجر»، منسق العلاقات الأمريكية الصينية السابق بوزارة الخزانة الأمريكية، والذي يشغل حاليًا منصب محلل اقتصادي في مجموعة «تي سي دابليو»، أن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأخير، بشأن استراتيجية الأمن القومي، يتجه نحو التحول إلى «النزعة الحمائية»، وأن هذا يعني أن عام 2018 قد يشهد قيودًا على الواردات. ونوه لوفينجر إلى أن النزعة الشعبوية الصينية التي لا يمكن تجاهلها، قد تُجبر السياسيين الصينيين على الرد بالمثل.
أسعار الفائدة على الدولار والتخفيضات الضريبية
«إذا رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة وخفض الضرائب، بصورة أكبر مما تتوقعه الأسواق، معتمدًا على نسبة النمو البالغة 3.2%، فإن ذلك قد يمنح الدولار الأمريكي دفعة ثانية، ليضع اليوان الصيني وتدفقات رأس المال تحت الضغط مرة أخرى»، وِفقًا لما يراه «جورج ماجنوس»، الأستاذ المساعد في مركز الصين بجامعة أوكسفورد، والمستشار السابق في مجموعة «يو بي إس» للمشورة المالية والخدمات المصرفية.
أما إذا بدأ الاحتياطي الأمريكي في قطع مسافات طويلة، ودخل الدولار إلى سباق المضاربة Bull Run (فترة من الزمن ترتفع فيها أسعار الأسهم والسندات في الأسواق المالية)، فإن ذلك سيتسبب في مشاكل جمّة، طبقًا لرأي كريستوفر بالدينج، الأستاذ المشارك في مدرسة «إتش إس بي سي» للأعمال في جامعة بكين.
مناوشات كوريا الشمالية والولايات المتحدة
بحسب «تشو نينج»، مدير المعهد الوطني للبحوث المالية، في جامعة تسينغهوا ببكين؛ فإن التوتر المحتدم بين الولايات المتحدة، وكوريا الشمالية، إذا تصاعد إلى حد المواجهة، فإن من شأنه أن يتسبب في عواقب وخيمة وبعيدة المدى، ليس على الاقتصاد الصيني وحسب؛ بل على منطقة آسيا والمحيط الهادي بأكمله.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».