نشر موقع «لايف ساينس» تقريرًا أعدَّه جافين نيوسهام، صحافي متخصص في الرياضة والصحة واللياقة البدنية، سلَّط فيه الضوء على فائدة الميلاتونين للمساعدة على الاسترخاء ومن ثم التخلص من اضطرابات النوم والتخلص من الأرق وتحسين جودة النومبشكل عام.
استهل الكاتب تقريره بالقول إن بعضنا يحتاج إلى قليلٍ من المساعدة للنوم بعمق من وقت لآخر، ولذلك يلجأ عدد من الناس إلى المكملات الغذائية لمساعدتهم على الاسترخاء في المساء. ويُعد الميلاتونين أحد أشهر هذه الوسائل المساعدة على النوم، لكن ما مدى فاعلية الميلاتونين في حل مشكلات النوم؟
وقد طرحنا هذا السؤال على مايكل جيه بريوس، عالم النفس الإكلينيكي وزميل الأكاديمية الأمريكية لطب النوم، والذي أجاب قائلًا إن: «الأمر يتوقف على عدة عوامل، مثل هل يعاني المريض من نقص في الميلاتونين؟ وهل أُجريت للمرضى التحاليل اللازمة؟ فإذا كان الأمر كذلك، وحصل المريض على الجرعة المناسبة من الميلاتونين، عندئذ يمكن القول إن الميلاتونين فعَّال جدًّا. ومع ذلك، يجب دائمًا أن نتذكر أن الميلاتونين ليس مهدئًا ولكنه عامل مساعد قوي».
هرمون طبيعي
يوضح التقرير أن الميلاتونين هرمون يُفرَز في جسم الإنسان بصورة طبيعية استجابة للظلام، وتُفرزُه الغدة الصنوبرية في دماغ الإنسان، وتتمثل وظيفته الأساسية في المساعدة على تحفيز النوم وجعله طبيعيًّا. وسوف ترتفع مستويات الميلاتونين في المساء قبل أن تبلغ ذروتها في الساعات الأولى من الصباح، وتنخفض مرةً أخرى خلال ساعات النهار. لكن ليست هذه وظائف الميلاتونين فحسب، إذ أظهرت الدراسة، التي أجراها قسم البيولوجيا الخلوية والهيكلية في جامعة تكساس الأمريكية في عام 2014، أن الميلاتونين أحد مضادات الأكسدة الممتازة، والتي تساعد على حماية صحة خلايا جسم الإنسان ودماغه.
بيد أن بريوس أوضح أن هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض مستويات الميلاتونين، مثل تقدم الإنسان في العمر بوصفه سببًا أساسيًّا لانخفاض مستويات الميلاتونين، إذ يبدأ إفراز الميلاتونين، من سن 40 إلى 45 عامًا، الموجود في جسم الإنسان في الانخفاض انخفاضًا طبيعيًّا. وخلُصت الأبحاث، التي أجرتها مجموعة دراسة الأرق التابعة لجمعية النوم الإسبانية أن أي شخص يبلغ من العمر 70 عامًا لديه 10% فحسب من إنتاج الميلاتونين لدى الأطفال قبل سن البلوغ، وهي المرحلة التي تكون فيها مستويات إفراز الميلاتونين في أعلى مستوياتها.
وأضاف بريوس: «لا يمكن للشخص أبدًا أن يفقد الميلاتونين تمامًا، لكن مع تقدمنافي العمر يمكن أن تنخفض مستويات إفرازه. وقد يتغير أيضًا الوقت المستغرق لإفرازه في الجسم».
عوامل مؤثرة في الميلاتونين
يلفت التقرير إلى أن مستويات إفراز الميلاتونين يُمكن أن تتأثر بعدة عوامل، بعضها تحت سيطرة الإنسان نفسه وبعضها الآخر ليس كذلك. وتشمل هذه العوامل، العمر، ومستويات التوتر، والأدوية، وأنماط النوم غير المنتظمة الناتجة من العمل بنظام الورديات، والبيئة المحيطة بالإنسان كذلك. وفي كثير من الأحيان، يُمكن للضوء داخل المنازل وخارجها أن يمنع مستويات الميلاتونين لدينا من الارتفاع ارتفاعًا طبيعيًّا، ويمكن أن يتسبب ذلك في اضطراب أنماط النوم. كما أن الضوء الأزرق الصادر من أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية يمكنه أن يُؤدي أيضًا إلى تعطيل إفراز الميلاتونين إذا استُخدمت هذه الأجهزة قبل النوم.
وفي بعض الحالات، يصبح تناول مكملات الميلاتونين هو الخيار الوحيد لبعض الأشخاص لاستعادة مستويات إفراز الميلاتونين لمكافحة الأرق والاستغراق في النوم بصورة أفضل. ويكون ذلك في صورة عدد من الأنماط والأشكال، والتي تتضمن السوائل والحبوب وحتى الأقراص القابلة للمضغ. ومع ذلك، يُفضَّل استشارة الطبيب قبل تناول هذه المكملات، وتقليص سقف توقعاتنا بشأن ما قد يفعله الميلاتونين لكي تستغرق في النوم. وصحيحٌ أن الميلاتونين يمكن أن يكون فعَّالًا، ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه المكملات ليست حلًّا سحريًّا ولن تساعد في «علاج» اضطرابات النوم الأخرى، مثل انقطاع النفس أثناء النوم. وليس هناك ثمة دليل واضح يشير إلى أن تناول الميلاتونين يُحسِّن جودة النوم أو نوعيته. يقول بريوس: «فكًّر في المكملات على أنها مُنظم للنوم، وليست بادئة النوم».
ووفقًا للنتائج التي توصلت إليها الدراسة الاستقصائية الحديثة، التي نشرتها مجلة «الجمعية الطبية الأمريكية» بعد فحص المسح الوطني بشأن الصحة والتغذية التي جمعت في الفترة بين عامي 1999 و2018، ووجدت الدراسة أن البالغين في الولايات المتحدة كانوا يتناولون أكثر من ضعف كمية الميلاتونين التي كانوا عليها قبل عقد من الزمان.
ثلاث فئات تنفعهم مكملات الميلاتونين
يفيد التقرير بأن مكملات الميلاتونين قد تساعد بعض الأشخاص، الذين يعانون من اضطراب النوم، في استعادة درجة من الحياة الطبيعية لأنماط النوم. وجرت العادة أن الأشخاص الذين يستفيدون بصورة أكبر عند تناول ميلاتونين إضافي ينقسمون إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى: إذا كان الشخص مسافرًا ويُعاني من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، فيمكن أن تساعده جرعة من الميلاتونين على العودة إلى المسار الصحيح عندما يتعلق الأمر بالنوم.
أما الفئة الثانية: ففي حالة العمل بنظام الورديات، وخاصة إذا كانت بالتناوب بين الليل والنهار، والذي يمكن أن يؤدي إلى عدم تزامن إيقاع الساعة البيولوجية وإفراز الميلاتونين، ولذلك، يمكن أن تساعد مكملات الميلاتونين في خداع الجسم ليتوهم أن وقت النوم قد حان، حتى لو كان ضوء النهار بالخارج ساطعًا.
وأخيرًا، الفئة الثالثة: إذا كان الشخص يعاني من نقص في إفراز الميلاتونين، ومن ثم فإن الجرعة الصحيحة من مكملات الميلاتونين يُمكن أن تكون فعَّالة جدًّا. يوضح بريوس قائلًا: «إذا كان الشخص يتناول الميلاتونين على شكل أقراص، فإنني أوصي بتناول 0.5 مجم إلى 1.5 مجم قبل 90 دقيقة من الدخول في النوم. وإذا كان يتناول الميلاتونين على شكل سوائل، فعليه أن يتناول الجرعة نفسها ولكن قبل نصف ساعة من موعد النوم».
علامات نقص الميلاتونين
ينوه التقرير إلى أن علامات نقص الميلاتونين تتضمن الشعور بالإرهاق أثناء النهار، وصعوبة التركيز وقوة الذاكرة، والقلق والاكتئاب، وصعوبة النوم لفترة طويلة، والشعور «بالدوار» في الصباح. فإذا كنت قلقًا من احتمال إصابتك بنقص الميلاتونين، يمكنك إجراء اختبار لقياس مستويات الميلاتونين عند الطبيب، أو من خلال استخدام وسائل الاختبار المنزلية المنتشرة كذلك. وبصفة عامة، يكون النقصان أكثر عندما يتعلق الأمر بتناول مكملات الميلاتونين، ولكن هناك بعض الاعتبارات التي يجب مناقشتها مع أخصائي طبي قبل البدء في تناول المكملات.
وإذا كان المريض بنقص الميلاتونين سيدة حامل أو تخطط للحمل أو مُرضِعة، فيجب عليها ألا تتناول مكملات الميلاتونين. كما ينبغي أن يتوقف هؤلاء، الذين يتعاطون مضادات الاكتئاب، عن تناول مكملات الميلاتونين لأنها يمكن أن تزيد أعراض الاكتئاب سوءًا. ويُشدد بريوس على أنه «يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف والأشخاص الذين خضعوا لعملية زرع أعضاء ومرضى السكري التفكير مرتين في تناول مكملات الميلاتونين، لأنها يُمكن أن يكون لها آثار جانبية سلبية. وأنا لا أُوصي بها أبدًا أي شخص يقل عمره عن 18 عامًا».
وعلاوةً على ذلك، لا يخفى على أحد أن مكملات الميلاتونين ترفع ضغط الدم، بما في ذلك هؤلاء الذين يتناولون بالفعل أدوية للسيطرة على ضغط الدم المرتفع. وقد تشمل الآثار الجانبية لمكملات الميلاتونين أيضًا الصداع والغثيان والدوخة. وإذا كنتَ من الأشخاص الذين يتناولون مكملات الميلاتونين، فاحذر قيادة المركبات أو تشغيل الآلات بعد تناولها.
ويختتم الكاتب تقريره بالقول إنه إذا كان الميلاتونين يُحدث فرقًا في جودة النوم وأن الشخص لا يعاني من أي ردود فعل سلبية، فسيكون من الآمن تناوله كل ليلة لمدة تصل إلى شهرين. لكن تذكر، أنه ينبغي عليك التوقف عن تناوله إذا لم يكن فعَّالًا، وهذا ما ستعرفه في غضون أسبوعين من تناولك للمكملات.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».