نشرت جوليا بيلوز مقالًا على موقع «ڤوكس» يناقش أحدى الأفكار الرائجة في فصل الشتاء. فمع انخفاض درجة الحرارة في هذا الوقت من العام، تبدو الأطعمة الغنية والمريحة في فصل الشتاء مناسبة تمامًا. ولكن بينما نستلقي وبطوننا ممتلئة بالوجبات الشتوية الثقيلة، قد نحلم أيضًا بطريقة سريعة لحرق تلك السعرات الحرارية الزائدة.
إحدى الأفكار التي تروج هي أن كل ما عليك القيام به هو ممارسة التمارين الرياضية في الخارج في البرد لحرق المزيد من السعرات الحرارية. يمكنك العثور على هذا التصور في المجلات والصحف وربما في صندوق البريد الإلكتروني الخاص بك تقول الكاتبة: «حصلنا مؤخرًا على بيان صحفي من الجامعة في ألباني بعنوان: التمارين الشتوية تحرق مزيدًا من السعرات الحرارية، خاصة للنساء».
تشير الكاتبة إلى أنه صحيح أن الجسم البارد يستخدم طاقة أكثر لتدفئة نفسه. ولكن للأسف، فإن التمرن في البرد ليس هو المذيب الحراري الرائع الذي يعتقده البعض. قبل أن نصل إلى السبب، دعونا ننظر إلى السبب الذي يجعل هذه الفكرة تبدو بديهية وجذابة.
يستخدم الجسم طاقة أكثر ليظل دافئًا عندما يكون باردًا
فكر أولًا في عملية تسمى ثيرموجينيسيس (thermogenesis). يولد جسمك الحرارة عندما يكون الجو باردًا (عادة عندما تكون درجة الحرارة أقل من 0 سيلسيوس ولكن يمكن أن يبدأ في درجات حرارة تصل إلى 21 درجة لشخص يرتدي ملابس خفيفة).
إحدى طرق الجسم لتوليد هي عبر الارتعاش أو الإرتجاف- حيث تنقبض وتنبسط العضلات بشكل لا إرادي لتوليد الدفء، وتدافع عن درجة حرارة جسمك (37 درجة). أو قد تبدأ بتنشيط «الدهون البنية»، وهي نوع من الأنسجة الدهنية التي تتمثل وظيفتها الرئيسية في إنتاج الحرارة. على عكس الدهون البيضاء التي تخزن الحرارة للحفاظ على دفئك، بينما تحرق الدهون البنية السعرات الحرارية لتوليد الحرارة.
Embed from Getty Images
ويوضح آرون سيبس، الباحث في مجال الأيض والدهون البنية في المعاهد الوطنية للصحة، أن «الأمر يشبه ناقلة نفط تسير على الطريق السريع مقارنة بسيارة رياضية. كلاهما لديه وقود أو دهون، لكن ناقلة النفط تخزنه لاستخدامه لاحقًا، وهذه هي الدهون البيضاء. بينما تخزن السيارة الرياضية الوقود لحرقها، وهذه هي الدهون البنية. وعملية تكسير هذه الدهون لإطلاق الحرارة وتدفئتك تسمى الـthermogenesis غير المرتجف».
كلا النشاطين الإرتجاف والدهون البنية يزيدان من إنفاقك الطاقة مما يسبب حرق المزيد من السعرات الحرارية في درجات الحرارة الباردة.
وشرح هيرمان بونزر، الأستاذ المشارك في كلية هانتر والذي يدرس علم الطاقة: «أنت لا تعرف أصلا عندما يقوم جسمك بذلك، فهي عملية تتم بالكامل تحت رادار فكرك الواعي».
يمكن لممارسة الرياضة توليد الكثير من الحرارة من تلقاء نفسها
الفكرة هي أن هذه العمليات تعمل فقط لتبقيك دافئًا عندما تكون باردًا حقًا. ولكن بمجرد البدء ممارسة الرياضة – على سبيل المثال، التزلج على الجليد – ستبدأ في توليد الحرارة من النشاط البدني. وقد يمنحك التمرين بمفرده حرارة تكفي لدرجة أن جسمك لن يحرق أي سعرات حرارية إضافية من خلال الارتعاش والدهون البنية.
يقول بونزر: «هذا هو السبب في أنك تستطيع الركض في درجات حرارة شديدة البرودة وأنت ترتدي سترة خفيفة وبنطالًا، ولكن إذا كنت جالسًا في الخارج في نفس المناخ البارد، فستحتاج إلى لبس سترة وقبعة ثقيلة، وإلا ستبدأ في الارتعاش لتبقى دافئًا».
Embed from Getty Images
وأضاف بونزر: «إن أفضل طريقة لاستخدام البرد لحرق مزيد من السعرات الحرارية هي عدم ممارسة الرياضة أثناء وجودك في الخارج. لأنك ستبدأ بالارتجاف وهذا سيحرق سعرات حرارية».
من الممكن ان تعمل أفران حرق الطاقة هذه أثناء ممارسة الرياضة. إذ يتخيل سيبس سيناريو حيث يمارس الشخص الرياضة في درجات حرارة تحت الصفر ويرتدي ملابس خفيفة بما فيه الكفاية. في هذه الحالة، لن يكفي التمرين لوحده للحفاظ على الدفء ويبدأ الثيرموجينيسيس بعمله.
لكن يقول سيبس: «حتى في هذه الحالة، فأنت تحرق فقط بضعة سعرات حرارية إضافية في أحسن الأحوال». في دراسات لسيبس وضع فيها المشاركين في غرف باردة طوال أيام، أحرقوا ما بين 150 إلى 200 سعر حراري إضافي. لكن تعلق الكاتبة قائلة مرة أخرى إن ذاك يوم كامل من البرد – ليس ساعة واحدة من النشاط في الهواء الطلق.
النشاط البدني لا يمثل سوى جزء صغير من أسباب حرق الطاقة
وبالطبع، فإن أهم شيء عليك تذكره هو إذا كنت تحاول التعويض عن الوجبات الثقيلة، فالنشاط البدني لا يشكل سوى جزء صغير من حرق الطاقة الإجمالي -بحسب الكاتبة.
هناك ثلاثة مكونات رئيسية لتحديد عدد السعرات الحرارية التي تحرقها في يوم واحد:
1- معدل الأيض الأساسي أو الطاقة المستخدمة لأداء المهمات الأساسية عندما يكون الجسم في حالة راحة.
2- الطاقة المستخدمة في تكسير الطعام.
3- الطاقة المستخدمة في النشاط البدني.
بالنسبة لمعظم الناس، يمثل معدل الأيض الأساسي 60 % إلى 80 % من إجمالي نفقات الطاقة. تكسير الطعام نحو 10 %. مما يترك 10 إلى 30 % فقط للنشاط البدني. وثيرموجينيسيس هو لاعب أصغر من ذلك بكثير، كما يقول سيبس، وعادة ما يمثل أقل من خمسة أو 10 % من إجمالي نفقات الطاقة (اعتمادا على مقدار الوقت الذي تقضيه في البرد).
Embed from Getty Images
تقول الكاتبة: «عندما سألت سيبس عما إذا كان لديه أي نصيحة حول التمارين ودرجة الحرارة، قال إنه يوصي بعدم التطرف – حتى الحرارة الشديدة. في درجات الحرارة العالية جدًا، خلال أنشطة مثل اليوغا الساخنة، فإن كل تعرق هو ببساطة فقدان ماء، وأن عملية التعرق لا تحرق السعرات الحرارية الزائدة». يختصر سيبس الكلام قائلا: «تمرن في درجة حرارة لا تتعرق فيها كثيرا».
تختم الكاتبة مقالها أنه إذا كنت تتناول وجبات كثيرة، فإن أفضل شيء يمكن عمله هو التركيز على تناول وجبات أصغر في وقت لاحق لتعويض الأكل الفائض. أما ممارسة الرياضة، وحتى في الطقس البارد، لن تكفي بمفردها.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».