أمس الأربعاء 5 ديسمبر (كانون الأول) 2018، نشرت لجنة البيانات الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة بالبرلمان البريطاني رسائل بريد إلكتروني مُسرَّبة من شركة «فيسبوك»، عملاق التكنولوجيا في وادي السيليكون. تكشف هذه الرسائل استراتيجية الشركة في التعامل مع منافسيها ومع خصوصية بيانات المستخدمين، وكيف تحاول بأي وسيلةٍ تسريع نمو الشركة وزيادة الأرباح. وإليك أبرز ما كشفت عنه تلك الرسائل بحسب موقع «بيزنس إنسايدر» الأمريكي.
وفقًا للموقع، سُرِّبَت تلك الرسائل على يد مطور تطبيقات يُدعَى «Six4Three»، وهو مطور يخوض معركةً قانونية ضد شركة «فيسبوك» بسبب حجبها تطبيقه الخاص بالبحث عن صور المستخدمين وهم يرتدون البيكيني.
تتضمن التسريبات مئات الصفحات من الوثائق والرسائل، ويعود معظمها إلى ما بين عامي 2012 و2015. وتوضح بالتفصيل كيف يسمح «فيسبوك» لتطبيقاتٍ من أطراف ثالثة الوصول إلى بيانات أصدقاء المستخدمين على موقع «فيسبوك». وتوفر تلك التسريبات كذلك نظرةً فريدة على الطريقة التي يناقش بها مديرو موقع «فيسبوك» استراتيجية الشركة، ومحاولات «تعجيز» الشركات المنافسة خلال فترة النمو السريع للشركة، وكيف يرى زوكربيرج أنَّ مصالح الشركة لا تتفق دائمًا مع ما هو أفضل للعالم. وجديرٌ بالذكر أنَّ الشركة واجهت في الشهور الأخيرة فضائح عديدة تتعلق بخصوصية البيانات، وتعاني تراجع معدلات الاستخدام في الأسواق الكبرى.
وإليك أبرز ما كشفت عنه تلك الرسائل والوثائق بحسب الموقع:
1- لدى الشركة قائمة بـ«المنافسين الاستراتيجيين» تمنع وصولهم لبيانات المستخدمين
وفقًا لموقع «بيزنس إنسايدر»، أشرف زوكربيرج بنفسه على وضع قائمةٍ بـ«المنافسين الاستراتيجيين» للشبكة الاجتماعية الخاصة بشركته، وكان يقرر في بعض الأحيان منع وصول هؤلاء المنافسين إلى بيانات المستخدمين القيِّمة.
إذ أوضحت مذكرةٌ بدون تاريخ نُشِرَت ضمن التسريبات أنَّ الشركات التي تنافس «فيسبوك» على المستوى الاستراتيجي كانت تُحرَم من الكثير من صلاحيات الوصول إلى بيانات المستخدمين. وأضافت الوثيقة أنَّ مارك زوكربيرج بنفسه أشرف على وضع قائمة المنافسين، وكانت طلبات تلك الشركات بالوصول إلى قدرٍ أكبر من البيانات تتطلب توقيعًا من زوكربيرج شخصيًا أو مسؤولٍ آخر من كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركة.
وعشية نشر تلك الوثائق، أعلنت شركة «فيسبوك» تخفيف القيود على تطبيقات المنافسين، في ما بدا أنَّه محاولةٌ لاستباق التسريبات.
وقالت الشركة في بيانٍ لم تنسبه لشخصٍ بعينه على موقعها: «بينينا منصة التطوير لدينا منذ سنوات لتمهيد الطريق للابتكارات في التطبيقات والخدمات الاجتماعية. وفي هذا الوقت قررنا تقييد صلاحيات التطبيقات المُطوَّرة اعتمادًا على منصتنا والتي تقدم نفس الخدمات التي نقدمها. وهذه القيود شائعة في صناعة التكنولوجيا، وكل شركة تطبق نسخةً مختلفةً منها، مثل يوتيوب وتويتر وسناب وآبل».
2- وافق زوكربيرج بنفسه على قرار «فيسبوك» لمنع تطبيق «فاين» من الوصول إلى بيانات المستخدمين على الموقع
بحسب موقع «بيزنس إنسايدر»، كان تطبيق الفيديوهات الاجتماعي «فاين» من بين الشركات التي أشرف زوكربيرج بنفسه على تقييدها.
ففي رسالة بريدٍ إلكتروني بتاريخ 24 يناير (كانون الثاني) 2013، اليوم الذي أطلقت فيه شركة «فاين» تطبيقها على نظام iOS، اقترح جاستن أوسوفسكي، نائب رئيس شركة «فيسبوك»، منع التطبيق من الوصول إلى بيانات المستخدمين على الموقع: «أطلق تويتر اليوم تطبيق فاين، الذي يسمح للمستخدمين بتصوير مقاطع فيديو قصيرة لإنتاج فيديو واحد مدته ست ثوانٍ. يمكن للمستخدمين من خلال التطبيق العثور على أصدقائهم على «فيسبوك». وما لم يكن هناك اعتراض، سنُلغي اليوم إمكانية وصول التطبيق إلى أصدقاء المستخدمين. لقد جهزنا استراتيجيةً للرد في العلاقات العامة، وسأخبر جانا بقرارنا». وردَّ عليك زوكربيرج قائلًا: «نعم. امضِ في تنفيذ الأمر».
3- محاولة الحصول على بيانات اتصالات المستخدمين دون إذنهم
وفقًا لتقرير موقع «بيزنس إنسايدر»، جرَّب «فيسبوك» عام 2015 إمكانية الوصول إلى بيانات الاتصالات والرسائل النصية الخاصة بالمستخدمين على نظام الأندرويد، لاستخدامها في تغذية خصائص مثل «People You May Know» أو «أشخاص قد تعرفهم»، مع إدراك الغضب المحتمل من المستخدمين حال معرفتهم بحدوث ذلك. ووفقًا للتسريبات، كتب مايكل ليبو، المدير بإدارة المنتجات في الموقع: «هذا أمر شديد الخطورة من وجهة نظر العلاقات العامة، لكن يبدو أنَّ فريق العمل المعني بنمو الشركة سيمضي قُدُما في تنفيذه».
وقال يول كوون، المدير بإدارة المنتجات في «فيسبوك»، إنَّ الشركة كانت تحاول العثور على وسائل للحصول على بيانات الاتصال الخاصة بالمستخدمين دون طلب إذنهم، وكتب فريق العمل المعني بنمو الشركة: «وفقًا للاختبارات الأولية، يبدو أنَّ هذا سيسمح لنا بتحديث تجربة المستخدمين دون طلب إذنهم على نظام الأندرويد».
وذكر بيان الشركة: «هذه الخاصية تسمح للمستخدمين بالموافقة على منح «فيسبوك» إمكانية الوصول إلى سجلات الاتصالات والرسائل النصية في تطبيقي «فيسبوك» لايت وماسنجر على أجهزة الأندرويد. نستخدم هذه المعلومات لفعل أشياء مختلفة، مثل توفير اقتراحاتٍ أفضل للمستخدمين للاتصال بأصدقائهم على ماسنجر، وترتيب قوائم الاتصال في ماسنجر و«فيسبوك لايت».
4- تخفيف القيود عن بعض التطبيقات المعروفة ومنحها صلاحياتٍ أكبر
يوضح تقرير موقع «بيزنس إنسايدر» أنَّه في عام 2015، أجرت شركة «فيسبوك» تغييراتٍ كبيرة على منصة تطوير التطبيقات، لكنَّها اختارت عددًا قليلًا من الشركاء وقررت منحهم صلاحياتٍ أكبر فيما يتعلق بالوصول لبيانات المستخدمين، وشملت تلك التطبيقات «اير بي إن بي» و«نتفليكس» و«ليفت».
5- اعترف زوكربيرج سرًا بأنَّ مصلحة العالم ليست بالضرورة هي مصلحة «فيسبوك»
وفقًا لموقع «بيزنس إنسايدر»، يعترف زوكربيرج صراحةً في واحدةٍ من رسائل البريد الإلكتروني المسربة أنَّ مصلحة «فيسبوك» لا تتفق دائمًا مع مصلحة مستخدميه والعالم.
ففي نقاشٍ بشأن صلاحيات تطبيقات الأطراف الثالثة في موقع «فيسبوك»، تحدث المدير التنفيذي عن أنَّ الموقع يحتاج إلى جذب المستخدمين لمشاركة المحتوى عليه بدلًا من المنصات الأخرى، حتى لو لم يكن ذلك هو الأفضل لمصلحة المستخدمين.
وكتب زوكربيرج: «هذا ربما يكون جيدًا للعالم، لكنَّه لن يكون مفيدًا لنا إلا إن أعاد المستخدمون نشر محتواهم على الموقع وساعد هذا المحتوى في زيادة قيمته. لذا، في النهاية، أعتقد أنَّ هدف الموقع، وحتى فيما يتعلق بحصول التطبيقات الأخرى على بيانات المستخدمين، هو زيادة مشاركة المحتوى من الشبكات الأخرى على فيسبوك».
6- شراء بيانات المستخدم مقابل 10 سنتات سنويًا
شهادة زوكربيرج أمام لجنة في مجلس الشيوخ عقب فضيحة تسريب بيانات ملايين المستخدمين لشركة «كامبريدج أناليتيكا».
بينما تُصِر شركة «فيسبوك» على أنَّها لم تبِع أبدًا بيانات المستخدمين، يوضح موقع «بيزنس إنسايدر» أنَّ الرسائل والوثائق المسربة تكشف أنَّ الشركة ناقشت إمكانية بيع صلاحيات الوصول لتلك البيانات.
ففي رسالة بريدٍ إلكتروني تعود إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ناقش زوكربيرج نموذجًا لجني الأرباح من المنصة يسمح للمطورين باستخدام أدوات الولوج إلى «فيسبوك» أو نشر المحتوى على المنصة مجانًا، مع دفع مقابل مادي لـ«قراءة» بيانات المستخدمين. وقدَّر زوكربيرج قيمة بيانات مستخدميه بعشرة سنتات سنويًا مقابل كل مستخدم.
وكتب زوكربيرج في هذا الشأن وفقًا للوثائق المسربة: «من الممكن أن يتضمن النموذج الأساسي الولوج إلى الموقع مجانًا دائمًا… وترويج المحتوى على «فيسبوك» مجانًا… لكنَّ الحصول على أي بيانات، حتى بيانات الأصدقاء، سيكون مقابل الكثير من المال. ربما 10 سنتات لكل مستخدم سنويًا».
وفي ردها بشأن تلك الوثائق المُسرَّبة، قالت الشركة: «درسنا طرقًا عديدة لتأسيس عملٍ مستدام مع المطورين الذين يصنعون تطبيقاتٍ مفيدة للناس. لكن بدلًا من إلزام المطورين بشراء الإعلانات، وهو الخيار الذي يخضع للنقاش في هذه الرسائل المُنتقاة من بين محادثاتنا، اتفقنا في النهاية على نموذج لا يحتاج فيه المطورون شراء الإعلانات للوصول إلى واجهات برمجة التطبيقات، واستمررنا في السماح للمطورين باستخدام منصة التطوير مجانًا».
7- التهديد الأكبر لـ«فيسبوك» من وجهة نظر المسؤولين التنفيذيين
زوكربيرج يطرح خاصية البحث في المخطط الاجتماعي لأول مرة عام 2013.
تكشف الوثائق المُسرَّبة كذلك عن وجهة نظر الشركة بشأن «التهديد الأكبر لفيسبوك»، وفقًا لتقرير موقع «بيزنس إنسايدر».
فبحسب رسالة بريدٍ إلكتروني كتبها المسؤول التنفيذي سام ليسن عام 2012 إلى زوكربيرج، هذا التهديد ليس موقعًا أو تطبيقًا منافسًا واحدًا، وإنَّما العديد من التطبيقات والمواقع.
وكتب ليسن في رسالته: «التهديد رقم واحد لـ «فيسبوك» ليس شبكةً اجتماعيةً أخرى قادرةً على التوسع، لكنَّ التهديد يكمن في تجزئة معلومات المستخدمين، والموت الذي سيلحق بالشركة على يد آلاف التطبيقات الصغيرة المستقلة عن بعضها».
وأضاف: «سيحدث هذا إمَّا لأنَّه لن يعود هناك عائد بالأساس من مركزية المعلومات والمخطط الاجتماعي (المخطط الذي تعتمد عليه «فيسبوك» ويوضح العلاقات بين الأشخاص والأشياء والأماكن …)، أو لأنَّنا نبيع أجزاء من ذلك المخطط تدريجيًا بمقابل أقل من قيمتها، وندمر في الوقت نفسه كفاءته وقيمته».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».