قال جون هنلي، وإليانور أينج روي في مقال لهما في صحيفة «الجارديان» إنه في الأول من أبريل (نيسان)، خاطبت رئيسة وزراء سانت مارتن شعبها البالغ 41500 شخص. كانت حالات الإصابة بفيروس كورونا في ارتفاع، وعرفت سيلفيايا جاكوبس أن الجزيرة الصغيرة، التي تستقبل نصف مليون سائح سنويًّا، تتعرض لخطر كبير: إذ ليس لديها سوى سريرين في وحدات العناية المركزة.
لم ترغب جاكوبس في فرض حظر صارم، لكنها أرادت مراقبة التباعد الاجتماعي. لذلك قالت: «ببساطة، الزموا بيوتكم. إذا لم يكن لديك الخبز الذي تحبه في منزلك، فتناول البسكويت، أو الحبوب، أو الشوفان، أو حتى السردين». قد لا يكون لرئيسة الوزراء البالغة من العمر 51 عامًا الشهرة نفسها التي تتمتع بها أنجيلا ميركل أو جاسيندا أرديرن – يضيف الكاتبان – لكن رسالتها الواضحة تجسد العمل الصارم والتواصل الفعال، وأظهرت امرأة زعيمة يمكنها إنجاز المهمة.
من ألمانيا إلى نيوزيلندا، مرورًا بالدنمارك وتايوان، تمكنت النساء من إدارة أزمة الفيروس التاجي بذكاء. كما حققت الكثير من الدول التي لديها قادة رجال – فيتنام، وجمهورية التشيك، واليونان، وأستراليا – أداءً جيدًا. لكن قلة من القيادات النسائية كان أداؤها سيئًا.
قادت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا شعبها باقتدار خلال الحظر، فبعثت برسائل فيديو لطيفة تحث على «البقاء في المنزل، وإنقاذ الأرواح» من منزلها، وتقيم مؤتمرات صحفية على «فيسبوك»، وهو الوسيلة المفضلة لها. أدى إصرارها على إنقاذ الأرواح ونهجها اللطيف – بحثِّ النيوزيلنديين على رعاية جيرانهم والضعفاء، وتقديم التضحيات من أجل الصالح العام – إلى فوزها بقلوب الكثيرين، في حين أن تركيزها على المسؤولية المشتركة قد وحَّد بلدًا.
فرضت جاسيندا الحجر الصحي لمدة 14 يومًا على أي شخص يدخل البلاد منذ 14 مارس (آذار) – يشير الكاتبان – ثم أتبعته بحظر صارم بعد أسبوعين، عندما كان عدد الإصابات أقل من 150 شخصًا ولم يمت أحد بعد. سجلت نيوزيلندا 18 حالة وفاة فقط. وحاليًا، تبلغ ثقة الجمهور بحكومتها أكثر من 80%.
وفي ألمانيا، جرى الثناء على أنجيلا ميركل بسبب التدخلات المباشرة المقبولة، بعدما حذرت من أن ما يصل إلى 70% من الأشخاص سيصابون بالفيروس، وإظهار حزنها على كل حالة وفاة. بفضل الاختبارات المكثفة منذ البداية، والكثير من أسرَّة العناية المركزة، والتذكير الدوري المباشر بأن فيروس كوفيد-19 خطير – يكشف الكاتبان – سجلت ألمانيا حتى الآن أقل من 5 آلاف حالة وفاة، وهو رقم أقل بكثير من معظم دول الاتحاد الأوروبي.
ساعدت توضيحات ميركل المصورة – جرى تداول مقطع من شرحها الأساس العلمي وراء استراتيجية الخروج من إغلاق الحكومة آلاف المرات عبر الإنترنت – في رفع نسبة الموافقة العامة على معالجة المستشارة للأزمة أعلى من 70%.
في الدنمارك المجاورة، تصرفت رئيس الوزراء، ميت فريدريكسن، بالقدر نفسه من الحزم؛ إذ أغلقت حدود الدولة الإسكندنافية في 13 مارس، ثم أتبعت ذلك بإغلاق جميع رياض الأطفال والمدارس والجامعات، وحظر تجمع أكثر من 10 أشخاص. يبدو أن هذا الحسم قد أنقذ الدنمارك من أسوأ جائحة – يؤكد الكاتبان – بتسجيلها أقل من 8 آلاف إصابة و370 وفاة. وقد أشيد على نطاق واسع بخطابات فريدريكسن التي تصدر تعليمات واضحة للأمة.
بل إنها حتى تمكنت من إظهار حس فكاهي، حيث نشرت مقطعًا على «فيسبوك» عن غسلها الأطباق أثناء الغناء مع الفنان الدنماركي دودو، أنشودة الحجر التي تعرض على التلفزيون أسبوعيًّا. وقد تضاعفت معدلات تأييدها لتصل إلى أكثر من 80%.
وتحركت الرئيسة التايوانية تساي إنج-ون بسرعة مماثلة – يكشف الكاتبان – إذ فعَّلت مركز القيادة المركزي للوباء في البلاد في أوائل يناير (كانون الثاني)، وفرضت قيودًا على السفر، وإجراءات الحجر الصحي. وجرى تنفيذ تدابير النظافة، بما في ذلك تطهير الأماكن العامة والمباني.
إجمالًا، طبقت تايوان 124 من تدابير الرقابة خلال أسابيع، مما جعل الإغلاق الكامل غير ضروري. سُجلت ست وفيات فقط في البلاد، وهي الآن ترسل الملايين من الأقنعة إلى الأجزاء الأكثر تضررًا من الولايات المتحدة وأوروبا. اكتسب أسلوب تساي الحازم الاستحسان، حتى من خصومها السياسيين.
بدأت النرويج، التي سجلت 7200 إصابة و182 حالة وفاة، هذا الأسبوع في تخفيف قيودها عن طريق إعادة فتح رياض الأطفال. وقالت رئيسة الوزراء، إيرنا سولبرج، لشبكة «سي إن إن» إنها «سمحت للعلماء باتخاذ القرارات الطبية المهمة»، مضيفة أنها تعتقد أن إغلاق البلاد المبكر وعمليات الاختبار الشامل كانا جوهريين.
سيرًا على خطى فريدريكسن في الدنمارك – يقول الكاتبان – اتخذت سولبرج أيضًا خطوة غير عادية في مخاطبة أطفال البلد مباشرة، قائلة لهم في مؤتمرين صحفيين إنه «لا بأس من الخوف قليلًا». وفي الوقت نفسه، عرضت أيسلندا، تحت قيادة رئيسة الوزراء، كاترين جاكوبسوتوتير، اختبارًا مجانيًّا لجميع المواطنين، وسجلت 1800 إصابة وعشر وفيات. ولم تضطر البلاد إلى إغلاق المدارس بسبب تطبيق نظام تتبع شامل.
وتحركت أصغر رئيسة حكومة في العالم، رئيسة وزراء فنلندا، سانا مارين، بشكل حاسم لفرض حظر صارم، بما في ذلك حظر السفر غير الضروري من هلسنكي وإليها. وقد ساعد ذلك في احتواء انتشار الفيروس، لتسجل فقط 4 آلاف إصابة و140 وفاة.
ليست كل النساء اللواتي برعن في أزمة الفيروس قائدات – يستدرك الكاتبان – إذ أصبحت جونج أون، رئيسة مركز السيطرة على الأمراض في كوريا الجنوبية أيقونة وطنية، بعد الإشراف على استراتيجية «الاختبار، التتبع، الاحتواء» التي جعلت البلد نموذجًا يحتذى به في مواجهة الفيروس التاجي في العالم، مع إصابات يومية بأرقام فردية ووفيات أقل من 250 شخصًا.
عقدت جونج، التي يطلق عليها لقب «أفضل صياد فيروسات في العالم»، مؤتمرات صحفية يومية مهمة حظيت بالثناء، إلا أن نشاطها الزائد – خصصت مخبأ لعمليات الطوارئ من أجل الطعام – قد أثار القلق على صحتها.
مهما كانت الاستنتاجات التي قد نستخلصها من أداء تلك القائدات خلال الوباء – يؤكد الكاتبان – يحذر الخبراء من أنه بينما يعد «دور المرأة ضئيلًا للغاية» في البلدان التي تدير الأزمة إدارة جيدة، فإن تقسيم الرجال والنساء رؤساء الدول والحكومات إلى فئات متجانسة ليس مفيدًا بالضرورة.
أشارت كاثلين جيرسون، أستاذة علم الاجتماع في جامعة نيويورك، على سبيل المثال، إلى أنه من المرجح أن يجري انتخاب القيادات النسائية في «ثقافة سياسية حيث يوجد دعم نسبي وثقة في الحكومة – وهذا لا يظهر فرقًا واضحًا بين النساء والرجال».
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الصعب على الرجال تجنب «الطريقة التي يتوقع منهم أن يتصرفوا بها» كقادة، حسبما قالت جيرسون لموقع ذا هيل. وبما أن أفضل القادة أقوياء وحاسمون وقادرون على إظهار المشاعر، فقد تتمكن النساء «من قيادة الطريق لإظهار أن هذه الصفات ليست متضاربة، ولكنها مكملة وضرورية للقيادة الجيدة».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».