كتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، تقريرًا تناول فيه المؤشرات التي تنبئ عن نية حماس في شنِّ جولة جديدة من الحرب على إسرائيل، والاستعدادات على الجانب الإسرائيلي لمثل هذا الاحتمال.

مخطط لم يكتمل

يقول الكاتب في مستهل تقريره الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية: في أكتوبر (تشرين الأول) وقريبًا من وقت الاحتفالات اليهودية بالسنة الجديدة، وضعت خلية تابعة لحماس في الضفة الغربية أسسًا لهجوم ضخم يستهدف كلًّا من جنود الجيش الإسرائيلي والمدنيين الإسرائيليين.

الاحتلال الإسرائيلي

منذ سنة واحدة
«الجارديان»: هكذا تحولت مكتبة صغيرة قصفتها إسرائيل في غزة إلى رمز للصمود

ووفقًا للخطة، كانت حماس تعتزم زرع أعشاش قناصة مخفية في مناطق مختلفة من البلاد تهدف لقتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين ودفع الضفة الغربية إلى أتون فوضى عارمة، كما كانت حماس تنوي تفجير ما لا يقل عن أربعة متفجرات في القدس ومدن أخرى داخل الخط الأخضر؛ الخط الفاصل بين الحدود الإسرائيلية والفلسطينية.

ولو تحقق هذا السيناريو بالفعل، لأرسل الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة إلى الضفة الغربية لاعتقال أكبر عدد ممكن من المشتبه فيهم، وهو الأمر الذي كان سيفضي بلا شك إلى أعمال عنف بين الجيش الإسرائيلي والسكان الفلسطينيين، وكان هذا الهَرَج سيؤدي إلى مزيد من تداعي سمعة السلطة الفلسطينية، المتزعزعة أصلًا، وهي المنافس السياسي التقليدي لحركة حماس، وسيضع حدًّا لمسيرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس السياسية.

وتضمنت خطة حماس، وهي الأكبر من حيث نطاق التنفيذ منذ عام 2014، 60 مسلحًا، في حين كشفت السلطات الإسرائيلية عن المخطط في غضون أسابيع فقط، واعتقلت أعضاء الخلية عشية تنفيذ الخطة.

استعدادات على قدم وساق

يلفت الكاتب إلى أن هذه العملية (الفاشلة) قد نُظمت بالأساس على يد مسؤولي حماس المقيمين حاليًا في مدينة إسطنبول التركية، إلا أن قادة حماس في غزة قد لعبوا دورًا بالتأكيد في تنفيذ هذه العملية. ويبدو أن المسلحين في غزة قد اعتقدوا أن بإمكانهم تنفيذ هذه العملية دون تبعات على القطاع الفلسطيني، ويبدو أن مسؤولي حماس في غزة يعتقدون أن إسرائيل يديرها مجموعة من الحمقى الذين يريدون الحفاظ على الهدوء في القطاع بأي ثمن، وهذا الافتراض جعل حركة حماس تعتقد مخطئة أن بإمكانها اتخاذ قرار التصعيد أو وقف إطلاق النار بين الجانبين.

Embed from Getty Images

وقُدِّم لنا دليل على ذلك الأسبوع الماضي عندما أطلق أحد عناصر حماس النار على رجل إسرائيلي كان في طريقه لأداء الصلاة في البلدة القديمة في القدس وأرداه قتيلًا. وبعد مدة قصيرة من هذا الهجوم، أثنت حماس على مُنفِّذ العملية وتجاهلت الهجوم نفسه، ولم تعلن مسؤوليتها عنه. والسبب في ذلك أن حماس ترغب حاليًا في التفريق بين أنشطتها في قطاع غزة وأنشطتها في أي مكان آخر بهدف الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة.

إسرائيل بلا استعدادات

يتساءل الكاتب: ماذا عن إسرائيل؟ حسنًا، إنها تلعب دورًا يصب في مصلحة حماس؛ إذ فشلت الحكومة في الرد على الهجوم، كما فشلت في فرض أدنى العقوبات التي تعبر عن استياء إسرائيل من استدعاء حماس المستمر للعنف ضد الإسرائيليين، لا سيما في عاصمتهم الخاصة، وخلال الستة أشهر التي انقضت على النزاع بين إسرائيل والفصائل المسلحة في قطاع غزة في مايو (أيار) الماضي، لا تزال الحكومة الإسرائيلية تهنِّئ نفسها لتحقيقها «الردع» المزعوم ضد «الإرهابيين» في القطاع.

وهذا الشعور الزائف بالأمن يشبه الشعور الذي ساد إسرائيل بعد انقضاء الحرب اللبنانية الثانية عام 2006، عندما اعتقدت الحكومة أن حزب الله خسر المعركة ولم يبقَ معه سوى قليل من الصواريخ الصدئة. ولكن حماس ازدادت قوة خلال الأشهر الستة الماضية وعملت بلا كلل لتجديد مستودعات أسلحتها بعد حرب مايو، كما بدأت الحركة في استخدام أسلحة متطورة مثل الطائرات من دون طيار، وكذلك تجربة أنواع جديدة من الصواريخ، وقبل مدة وجيزة فقط، أسقط نظام الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية» الإسرائيلي طائرة من دون طيار تحمل متفجرات ملحقة بها فوق البحر الأبيض المتوسط. ومن الواضح أن غزة تستعد لحرب أخرى.

رغد العيش أم الخلاص من الاحتلال؟

يشير الكاتب إلى أنه في الوقت الذي تجري فيه هذه التحضيرات على الجانب الفلسطيني، لا تزال وزارة الدفاع والجيش يتمسكان بالاتفاق المتداعي الذي جرى التوصل إليه بعد صراع مايو بوصفه ضمانًا مستمرًّا للتهدئة بين الجانبين.

ويبدو فعلًا أن إسرائيل تعتقد جازمة أن زعيم حماس، يحيى السنوار، يريد تحسين معيشة الناس في غزة، ولذلك، فهو عازم على الحفاظ على الاتفاقية مع إسرائيل، بيد أن الهدوء الحالي يسمح للسنوار بتقوية الجناح العسكري لحماس الذي تحولت إليه غالبية تمويل المنظمات على مدى الأشهر الستة الماضية.

Embed from Getty Images

وفيما يخص السنوار، فإن تحسين معيشة مواطني غزة ليس سوى منحة تساعده في إبقاء السيطرة على القطاع وسكانه. كما أن الهدوء من وجهة نظر حماس بصفة عامة ليس سوى أداة للمماطلة تستعمله حتى تصبح جاهزة لجولة أخرى من القتال ضد إسرائيل. ومن جهة أخرى، يبدو أن المحاولات الحالية التي تقوم بها الولايات المتحدة ومصر للمصالحة بين فتح بقيادة عباس وحركة حماس من أجل تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تستطيع التوصل للاتفاق مع إسرائيل، ليس سوى أحلام تراود وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات المصرية.

ويختم الكاتب بالقول: ومع أن الشاباك قد أحبط عملية حماس، فإن هذه الخطة هي رسالة واضحة وخطيرة تعبر عن نوايا حماس، وما رد وزير الدفاع بيني جانتس ورئيس الأركان الفريق أفيف كوخافي، أو الحكومة الإسرائيلية على هذا التهديد الواضح البيِّن؟ لا أحد يملك الإجابة على ما يبدو.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد