نشرت الكاتبة ديبرا سوه، الحاصلة على الدكتوراة في علم الأعصاب الجنسي والكاتبة في علم الجنس البشري، مقالًا ناقشت فيه ما ورد مؤخرًا عن قيام مهندس بشركة جوجل يُدعى جيمس دامور بكتابة مذكرة تبرر التمييز على أساس الجنس، والتي على إثرها أُقيل دامور من وظيفته.

وحملت المذكرة الداخلية التي كتبها دامور بعنوان «غرفة صدى جوجل الأيديولوجية» انتقادات لسياسة الشركة في تعيين موظفيها، وذكر أن الفجوة بين الجنسين في أعداد موظفي جوجل ليست بسبب التفرقة بل بسبب الفروقات الفطرية في اهتمامات الرجال والنساء.

وانتقدت دانييل براون، نائب رئيس جوجل المعينة حديثًا لشئون التنوع والنزاهة، المذكرة لأنها تعزز افتراضات غير صحيحة حول النوع.

اقرأ أيضًا: مترجم: قصة شاب درس 8 أشهر كاملة استعدادًا لمقابلة عمل في «جوجل».. ماذا فعل؟

عادلة ودقيقة

على الرغم من كل الانتقادات اللاذعة التي لاقتها المذكرة، ترى الكاتبة أن المذكرة كانت عادلة ودقيقة. وأشارت إلى أن الدراسات العلمية أكدت وجود اختلافات في المخ بين الجنسين، مما يؤدي إلى اختلافات في اهتمامات كل منهما وسلوكه.

جاء في المذكرة أن اهتمامات كل جنس تتأثر بعوامل وراثية، إذ إن تعرض الجنين لنسب عالية من هرمون التستوستيرون يجعله يميل إلى الاهتمام بالأنظمة الميكانيكية والوظائف المتعلقة بها، أما التعرض لنسبة منخفضة من التستوستيرون فيجعل الطفل يميل إلى العلوم الإنسانية والتواصل الإنساني بشكل عام. ووفقًا للمقال، فإن هذا هو السبب في سيطرة الرجال بدرجة ما على مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وقد ذكرت الكاتبة أن أحد الأدلة على ذلك هو الحالة التي تعرف بفرط تنسج الكظرية الخلقي للنساء، والتي تحدث بسبب تعرضهن لمستويات عالية غير معتادة من هرمون التستوستيرون في الرحم. عند ولادة الطفلة، فإنهن يصبحن أكثر ميلًا لألعاب الذكور الاعتيادية، حتى ولو شجعهن آباؤهن على اللعب باللعب الاعتيادية للفتيات مثل الدُمى. وكذلك الحال بالنسبة للأطفال الذكور الذين يميلون لللعب التقليدي للفتيات، فمن المرجح أنهم تعرضوا لمستويات من التستوستيرون أقل من المطلوب.

وذكرت الكاتبة أيضًا أن أحد الأبحاث الحديثة في علم الوراثة يشير إلى أن هرمون التستوستيرون يغير في برمجة الخلايا الجذعية العصبية، مما يؤدي لاختلافات بين الجنسين داخل المخ حتى قبل انتهاء تكوينه في الرحم. وقالت الكاتبة إن هذا يشير أيضًا إلى أن اهتماماتنا تتأثر بالتكوين الأحيائي للجسم حتى ولو حاولنا تغييرها أو توجيهها بشكل مختلف.

وقد حاول الكثيرون، بمن فيهم أحد موظفي جوجل السابقين، دحض ما جاء في المذكرة، قائلين إن الدراسات الحديثة تنفي ذلك. وفقًا للمقال، فإنه قد تم نشر دراسة في عام 2015 تشير إلى أنه لا يوجد أي فرق في المخ بين الجنسين، ولكن هذه الدراسة قد تم دحضها بأربعة أبحاث أكاديمية صدرت بعد ذلك. قام أحد هذه الأبحاث الأربعة بتحليل البيانات التي وردت في الدراسة الأصلية، وأشار إلى أنه من خلال تحليل المخ يمكن التعرف على الجنس بدقة تراوحت بين 69% و77%.

اقرأ أيضًا: «الجنس يُفسر كلّ شيء».. كيف أثارَ فرويد جدل العالم؟

تأثير البيئة والثقافة

وأوضحت الكاتبة أن وجود اختلاف في الاهتمامات بين الجنسين لا ينفي دور البيئة في تشكيل تلك الاهتمامات. لكن الادعاء بأنه لا توجد فروقات بين الجنسين، أو أن تأثير البيئة والثقافة أكبر من التأثير الأحيائي، هو أمر خاطئ.

وقد أشارت مذكرة جوجل إلى أن محاولة الوصول إلى أعداد متساوية من الجنسين العاملين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو أمر غير واقعي. وذكرت الكاتبة أن المجتمعات التي تدعم المساواة بين الجنسين بشكل أكبر سوف تشهد ازدياد الفجوة بين الجنسين في سوق العمل، إذ إن هذه المجتمعات عادة ما تمنحهما الحرية في اختيار الوظيفة حسب ميول كل منهما، والتي تتأثر بعوامل بيولوجية.

وأشار المقال إلى أن الشخصية أيضًا تتأثر بالجنس، فالنساء – في المتوسط – أكثر مساعدة للآخرين وأفضل معاملة، وفي الوقت ذاته أكثر قلقًا وأقل تحملًا للضغوط.

يحاول الكثيرون بشكل متعمد إنكار العلم، لأنهم يخشون من أن يتم استخدامه لتبرير إبقاء النساء بعيدًا عن مجال التكنولوجيا، ولكن الحقيقة هي أن التفرقة على أساس الجنس لا علاقة لها بمعرفة الحقائق، بل يتعلق الأمر بالطريقة التي يختارها الناس للتعامل مع تلك الحقائق. وترى الكاتبة أن هذا هو ما يستحق الغضب من أجله، بدلًا من إنكار حقائق بيولوجية.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد